خبراء يشيدون بتعامل مصر الاستثنائي مع السفينة الجانحة بقناة السويس

السفينة «إيفر غيفن» لدى جنوحها في قناة السويس (رويترز)
السفينة «إيفر غيفن» لدى جنوحها في قناة السويس (رويترز)
TT

خبراء يشيدون بتعامل مصر الاستثنائي مع السفينة الجانحة بقناة السويس

السفينة «إيفر غيفن» لدى جنوحها في قناة السويس (رويترز)
السفينة «إيفر غيفن» لدى جنوحها في قناة السويس (رويترز)

أثار حادث جنوح سفينة حاويات ضخمة في قناة السويس قلقاً على التجارة الدولية وتساؤلات حول قناة السويس، هذا الممر الاستراتيجي للعالم ولمصر، إلا أن الخبراء يرون أن تداعيات ما حدث ستكون محدودة التأثير على سمعة البلاد في الشحن التجاري، مشيدين بتعامل مصر الاستثنائي مع الحادث.
في 23 مارس (آذار)، جنحت سفينة الحاويات «إم في إيفر غيفن» التي تزن حمولتها أكثر من 200 ألف طن والمملوكة لليابان، وتوقفت في عرض المجرى المائي الحيوي بالكامل؛ ما عطّل الملاحة في الاتجاهين، وتعطّل مسار التجارة العالمية بنسبة تزيد على 10 في المائة.
وبعد مخاوف من أن تستغرق عملية تعويم السفينة العملاقة الجانحة أسابيع، نجحت مصر في تحرير مؤخرة السفينة وقطْرها إلى منطقة البحيرات بعيداً عن مسار المجرى الملاحي، بعد ستة أيام من الأزمة.
وأنجزت هيئة قناة السويس المصرية العملية بسرعة نسبية على الرغم من أن المنقذين الهولنديين الذين شاركوا في جهود الإنقاذ حذروا من أن المرحلة الأخيرة ستكون «الأصعب».
وقال رئيس الهيئة أسامة ربيع في مؤتمر صحافي الثلاثاء «في أي مكان آخر في العالم، تستغرق عملية مثل هذه ثلاثة أشهر»، مضيفاً أن «99 في المائة» من العاملين في الموقع كانوا مصريين.
وقال «الرئيس عبد الفتاح السيسي أخبرني أن سمعة مصر في رقبتي أنا ورجال القناة».
وأنفقت السلطات المصرية في عهد السيسي أكثر من ثمانية مليارات دولار لتوسيع وإضافة 35 كيلومتراً (21 ميلاً) كممر ثان على الناحية الشمالية من القناة.
ونقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن رئيس تحرير «ماريتايم اكزيكيوتيف» توني ميونوز، قوله «الحكومة المصرية تعاملت بشكل جيد استثنائي مع إغلاق الممر التجاري الهام في ظل ضغط دولي كبير».
ويشير أيضاً إلى الدور المهم الذي لعبه المتخصصون الدوليون في الإنقاذ الذين عملوا جنباً إلى جنب مع المصريين.
ويستشهد ميونوز على وجه الخصوص بخبرة نيك سلوني، خبير الإنقاذ البحري الجنوب أفريقي من «ريزولف مارين» الذي عمل على كارثة السفينة السياحية «كوستا كونكورديا» عام 2012 قبالة إيطاليا.
ويقول خبير آخر، إن المساعدة الدولية كانت أساسية.
ويقول أنجوس بلير، من الجامعة الأميركية في القاهرة «كان محتماً أن يتمّ التلويح بالأعلام المحلية بعد نجاح إعادة التعويم... لكن هذا لا يقلّل من المشاركة الهولندية»، في إشارة إلى شركة الإنقاذ الهولندية «سميت سالفدج» التي كانت تعمل مع الهيئة المصرية لتحرير السفينة العالقة، بتكليف من شركة «إيفر غرين»، مالكة السفينة.
ويرى بلير وميونوز، أن توقف القناة له تأثير ضئيل أو معدوم على حصة مصر من حركة شحن البضائع على المدى المتوسط.
ويقول بلير «في جوهره، كان هذا مجرد حادث مروري، (وإن كان) حادثاً كبيراً»، مشيراً إلى أن «المطارات تتعرض لحوادث، ولكن يعاد فتح المطار في غضون ساعات إلى يوم واحد، ثم تُجرى التحقيقات لمعرفة السبب».
ويضيف «لذا لا أعتقد أن هناك ضرراً لسمعة مصر».
ويشير ميونوز إلى أن «بديل الإبحار حول أفريقيا ليس معقولاً»، مؤكداً أن «الغرض الكامل من هذه السفن الضخمة هو تقليل وقفات الموانئ والتكاليف التشغيلية».
وقال مسؤول بهيئة قناة السويس لـ«رويترز»، إن التحقيقات الرسمية في جنوح سفينة الحاويات العملاقة «إيفر غيفن» في المجرى المائي وتعطيل حركة عبور السفن لما يقرب من أسبوع ستبدأ اليوم (الأربعاء).
وكان تعطل الحركة في القناة ستة أيام قد أحدث اضطراباً في سلاسل الإمداد العالمية بعد أن انحشرت السفينة التي يبلغ طولها 400 متر بالعرض في القطاع الجنوبي من القناة التي تعد أقصر طريق بحرية بين أوروبا وآسيا.
وقالت شركة «ليث» للتوكيلات الملاحية اليوم، إن ما إجماليه 163 سفينة عبرت القناة منذ إعادة فتحها وإن عدد السفن التي تنتظر دورها في العبور يبلغ حالياً 292 سفينة.
وكان رئيس هيئة القناة أشار إلى أن من المحتمل أن تكون ظروف الطقس والرياح الشديدة والخطأ البشري قد لعبت دوراً في جنوح السفينة يوم 23 مارس. وقال في مؤتمر صحافي مساء يوم الاثنين عقب تحرير السفينة «إن الحوادث الكبيرة والجسيمة كما حصلت في السفينة الجانحة لا يمكن أن يكون سبباً واحداً للحادث، وإذا كان هناك جزء للرياح، هناك جزء أخطاء شخصية وفنية، وهو ما سيظهر في التحقيق».
وقال مصدر بالقناة ووكيل ملاحي، إن محققين صعدوا يوم الثلاثاء إلى الناقلة التي رست في بحيرة تفصل بين قطاعي القناة.
وقد أعدت هيئة القناة برنامجاً خاصاً للتعجيل بمرور القوافل لإنهاء تكدس أكثر من 400 سفينة عند مدخلي القناة الجنوبي والشمالي وفي مجراها بعد جنوح «إيفر غيفن».
وقالت الهيئة إنها تأمل عبور جميع السفن بحلول نهاية الأسبوع.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».