«نخبة المسافرين الدائمين» تسبب معظم الأضرار المناخية للطيران

طائرة تستعد للهبوط في مطار هيثرو بلندن (رويترز)
طائرة تستعد للهبوط في مطار هيثرو بلندن (رويترز)
TT

«نخبة المسافرين الدائمين» تسبب معظم الأضرار المناخية للطيران

طائرة تستعد للهبوط في مطار هيثرو بلندن (رويترز)
طائرة تستعد للهبوط في مطار هيثرو بلندن (رويترز)

تتسبب «أقلية من نخبة المسافرين» الدائمين في معظم الأضرار المناخية الناتجة عن انبعاثات الطيران، وفقاً لمؤسسة خيرية بيئية، بحسب صحيفة «الغارديان».
يُظهر التقرير، الذي يجمع البيانات من البلدان التي لديها أعلى انبعاثات للطيران، نمطاً عالمياً لمجموعة صغيرة تقوم بنسبة كبيرة من الرحلات الجوية، في حين أن العديد من الأشخاص لا يسافرون على الإطلاق.
يقول التقرير إن 12 في المائة من الناس في الولايات المتحدة سافروا بنسبة 66 في المائة من جميع الرحلات، بينما في فرنسا 2 في المائة سافروا نصف الرحلات. في الصين، شغلت 5 في المائة من الأسر 40 في المائة من الرحلات، وفي الهند استقل 1 في المائة فقط من الأسر 45 في المائة من جميع الرحلات.
كان من المعروف بالفعل أن 10 في المائة من الأشخاص في إنجلترا قاموا بأكثر من نصف جميع الرحلات الجوية الدولية في عام 2018. ووجدت دراسة عالمية نشرتها صحيفة «الغارديان» في نوفمبر (تشرين الثاني) أن الأشخاص الذين يتسببون في «انبعاثات فائقة»، أي الذين يستقلون الطائرات بشكل متكرر ويمثلون 1 في المائة فقط من سكان العالم، يتسببون بنصف انبعاثات الكربون من الطيران في عام ،2018 ما يقرب من 90 في المائة من سكان العالم لم يقوموا برحلات جوية طوال ذلك العام.
وتسبب جائحة فيروس «كورونا» في خفض عدد الرحلات الجوية، لكن نشطاء يخشون أن تؤدي عمليات الإنقاذ الحكومية لشركات الطيران إلى عودة القطاع إلى اتجاه النمو الذي كان عليه قبل انتشار الوباء.
من المحتمل أن المجموعة التي أنتجت التقرير الجديد تطالب بإدخال ضريبة المسافر الدائم، حيث تفرض ضرائب قليلة على الرحلة الأولى في العام أو لا تفرض أي ضريبة على الإطلاق، وبالتالي فهي لا تعاقب على الإجازات العائلية السنوية. لكن الرسوم تتزايد بعد ذلك لكل رحلة إضافية.
وقالت أليثيا وارينجتون، مديرة الحملات في جمعية «بوسيبيل»: «إذا تُركت الانبعاثات من الصناعات الملوثة مثل الطيران دون رادع، فإنها تهدد بتدمير المناخ».
وتابعت: «يوضح هذا التقرير أنه في حين أن المجتمعات الأكثر فقراً تعاني بالفعل من آثار ارتفاع درجة حرارة المناخ، فإن فوائد أنماط الحياة عالية الكربون لا يتمتع بها إلا قلة. إن الضريبة التصاعدية على الطيران ستعامل الطيران المتكرر على أنه عادة ترتبط بالرفاهية».
قال ليو موراي، مدير في «بوسيبيل»، إن هناك «جهودا يائسة من قبل السياسيين لإعادة الطيران إلى مسار نموه السابق الذي كان (يحرق الكوكب) من خلال إعطاء الأموال العامة لشركات الطيران».
وأضاف موراي «يعتبر السفر الجوي سلوكاً ضاراً بشكل فريد، حيث ينتج عنه انبعاثات في الساعة أكثر من أي نشاط آخر، باستثناء اندلاع حرائق الغابات. لذا، فإن استهداف سياسة المناخ على الأقلية من النخبة المسؤولة عن معظم الأضرار البيئية الناجمة عن الرحلات الجوية يمكن أن يساعد في معالجة مشكلة المناخ دون إبعاد الوصول إلى الخدمات الأكثر أهمية والأكثر قيمة التي يوفرها السفر الجوي للمجتمع».
وقال فينلي آشر، مهندس طيران سابق تحول إلى ناشط مناخي: «كمهندس يعمل على تكنولوجيا الطائرات المستقبلية، أدركت بسرعة أن تطوير التكنولوجيا يتحرك ببطء شديد مقارنة بالنمو في الحركة الجوية. الطريقة الوحيدة لتقليل الانبعاثات من القطاع في الوقت المناسب هي سياسة الحكومة للحد بشكل عادل من الطلب على الرحلات الجوية. دون ذلك، لن يساعدنا أي قدر من التكنولوجيا».
وتُظهر البيانات الواردة في التقرير أن الولايات المتحدة والصين والمملكة المتحدة لديها أعلى انبعاثات وطنية من الطيران في عام 2018 بينما كان للمواطنين البريطانيين والأستراليين أعلى نسبة انبعاثات للفرد من الطيران، بعد السكان في سنغافورة وفنلندا وآيسلندا.
وقال مايكل جيل، المدير التنفيذي لاتحاد النقل الجوي الدولي، الذي يمثل شركات الطيران في العالم: «لقد أثبتت الضرائب أنها طريقة غير فعالة لمعالجة الانبعاثات. يجب أن ينصب التركيز بدلاً من ذلك على الوسائل العملية للتخفيف من تأثير ثاني أكسيد الكربون في الطيران، مع الاستمرار في تمكين الناس من السفر لأغراض مثل العمل».


مقالات ذات صلة

أميركا وأوروبا ودول أخرى ترفع التمويل المناخي للدول النامية إلى 300 مليار دولار

الاقتصاد رجل يحمل حقيبة سفر بالقرب من مدخل مكان انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ COP29 في باكو (رويترز)

أميركا وأوروبا ودول أخرى ترفع التمويل المناخي للدول النامية إلى 300 مليار دولار

وافق الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى خلال قمة الأمم المتحدة المعنية بتغير المناخ (كوب29) على زيادة عرضها لهدف التمويل العالمي إلى 300 مليار دولار

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد سيارات تُحضر بعض الوفود إلى مقر انعقاد مؤتمر «كوب 29» في العاصمة الأذرية باكو (رويترز)

«كوب 29» يشتعل في اللحظات الحاسمة مع اعتراضات من كل الأطراف

سيطر الخلاف على اليوم الختامي لـ«كوب 29» حيث عبرت جميع الأطراف عن اعتراضها على «الحل الوسطي» الوارد في «مسودة اتفاق التمويل».

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد مفوض الاتحاد الأوروبي للعمل المناخي فوبكي هوكسترا في مؤتمر صحافي على هامش «كوب 29» (رويترز)

«كوب 29» في ساعاته الأخيرة... مقترح يظهر استمرار الفجوة الواسعة بشأن تمويل المناخ

تتواصل المفاوضات بشكل مكثّف في الكواليس للتوصل إلى تسوية نهائية بين الدول الغنية والنامية رغم تباعد المواقف في مؤتمر المناخ الخميس.

«الشرق الأوسط» (باكو)
بيئة أظهرت الدراسة التي أجراها معهد «كلايمت سنترال» الأميركي للأبحاث أنّ الأعاصير الـ11 التي حدثت هذا العام اشتدت بمعدل 14 إلى 45 كيلومتراً في الساعة (رويترز)

الاحترار القياسي للمحيطات زاد حدة الأعاصير الأطلسية في 2024

أكدت دراسة جديدة، نُشرت الأربعاء، أن ظاهرة الاحترار المناخي تفاقم القوة التدميرية للعواصف، مسببة زيادة السرعة القصوى لرياح مختلف الأعاصير الأطلسية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد رجل يقف بجوار شعار مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ «كوب 29» في أذربيجان (رويترز)

«أوبك» في «كوب 29»: التحول المتوازن في مجال الطاقة مفتاح الاستدامة العالمية

قال أمين عام «أوبك» إن النفط والغاز الطبيعي «هبة من الله»، وإن محادثات الحد من الاحتباس الحراري يجب أن تركز على خفض الانبعاثات وليس اختيار مصادر الطاقة.

«الشرق الأوسط» (باكو)

مصر: الكشف عن صرح معبد بطلمي في سوهاج

المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
TT

مصر: الكشف عن صرح معبد بطلمي في سوهاج

المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، السبت، عن اكتشاف صرح لمعبد بطلمي في محافظة سوهاج (جنوب مصر). وذكرت البعثة الأثرية المشتركة بين «المجلس الأعلى للآثار» في مصر وجامعة «توبنغن» الألمانية أنه جرى اكتشاف الصرح خلال العمل في الناحية الغربية لمعبد أتريبس الكبير.

وعدّ الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، الدكتور محمد إسماعيل خالد، هذا الكشف «النواة الأولى لإزاحة الستار عن باقي عناصر المعبد الجديد بالموقع»، وأوضح أنّ واجهة الصرح التي كُشف عنها بالكامل يصل اتساعها إلى 51 متراً، مقسمة إلى برجين؛ كل برج باتّساع 24 متراً، تفصل بينهما بوابة المدخل.

ولفت إسماعيل إلى أنّ الارتفاع الأصلي للصرح بلغ نحو 18 متراً، وفق زاوية ميل الأبراج، ما يضاهي أبعاد صرح معبد الأقصر، مؤكداً على استكمال أعمال البعثة في الموقع للكشف عن باقي المعبد بالكامل خلال مواسم الحفائر المقبلة، وفق بيان للوزارة.

جانب من صرح المعبد المُكتشف (وزارة السياحة والآثار)

بدوره، قال رئيس «الإدارة المركزية لآثار مصر العليا»، ورئيس البعثة من الجانب المصري، محمد عبد البديع، إنه كُشف عن النصوص الهيروغليفية التي تزيّن الواجهة الداخلية والجدران، خلال أعمال تنظيف البوابة الرئيسية التي تتوسَّط الصرح، كما وجدت البعثة نقوشاً لمناظر تصوّر الملك وهو يستقبل «ربيت» ربة أتريبس، التي تتمثّل برأس أنثى الأسد، وكذلك ابنها المعبود الطفل «كولنتس».

وأوضح أنّ هذه البوابة تعود إلى عصر الملك بطليموس الثامن الذي قد يكون هو نفسه مؤسّس المعبد، ومن المرجح أيضاً وجود خرطوش باسم زوجته الملكة كليوباترا الثالثة بين النصوص، وفق دراسة الخراطيش المكتشفة في المدخل وعلى أحد الجوانب الداخلية.

وقال رئيس البعثة من الجانب الألماني، الدكتور كريستيان ليتز، إنّ البعثة استكملت الكشف عن الغرفة الجنوبية التي كان قد كُشف عن جزء منها خلال أعمال البعثة الأثرية الإنجليزية في الموقع بين عامَي 1907 و1908، والتي زُيّن جانبا مدخلها بنصوص هيروغليفية ومناظر تمثّل المعبودة «ربيت» ورب الخصوبة «مين» وهو محوط بهيئات لمعبودات ثانوية فلكية، بمثابة نجوم سماوية لقياس ساعات الليل.

رسوم ونجوم تشير إلى ساعات الليل في المعبد البطلمي (وزارة السياحة والآثار)

وأضاف مدير موقع الحفائر من الجانب الألماني، الدكتور ماركوس مولر، أنّ البعثة كشفت عن غرفة في سلّم لم تكن معروفة سابقاً، ويمكن الوصول إليها من خلال مدخل صغير يقع في الواجهة الخارجية للصرح، وتشير درجات السلالم الأربع إلى أنها كانت تقود إلى طابق علوي تعرّض للتدمير عام 752.

يُذكر أنّ البعثة المصرية الألمانية المشتركة تعمل في منطقة أتريبس منذ أكثر من 10 سنوات؛ وأسفرت أعمالها عن الكشف الكامل لجميع أجزاء معبد أتريبس الكبير، بالإضافة إلى ما يزيد على 30 ألف أوستراكا، عليها نصوص ديموطيقية وقبطية وهيراطيقة، وعدد من اللقى الأثرية.

وعدَّ عالم الآثار المصري، الدكتور حسين عبد البصير، «الكشف عن صرح معبد بطلمي جديد في منطقة أتريبس بسوهاج إنجازاً أثرياً كبيراً، يُضيء على عمق التاريخ المصري في فترة البطالمة، الذين تركوا بصمة مميزة في الحضارة المصرية». وقال لـ«الشرق الأوسط» إنّ «هذا الاكتشاف يعكس أهمية أتريبس موقعاً أثرياً غنياً بالموروث التاريخي، ويُبرز تواصل الحضارات التي تعاقبت على أرض مصر».

ورأى استمرار أعمال البعثة الأثرية للكشف عن باقي عناصر المعبد خطوة ضرورية لفهم السياق التاريخي والمعماري الكامل لهذا الصرح، «فمن خلال التنقيب، يمكن التعرّف إلى طبيعة استخدام المعبد، والطقوس التي مورست فيه، والصلات الثقافية التي ربطته بالمجتمع المحيط به»، وفق قوله.

ووصف عبد البصير هذا الاكتشاف بأنه «إضافة نوعية للجهود الأثرية التي تُبذل في صعيد مصر، ويدعو إلى تعزيز الاهتمام بالمواقع الأثرية في سوهاج، التي لا تزال تخفي كثيراً من الكنوز».