إليسا تختار الـ«بودكاست» للتواصل مع محبيها

الحب والوطن والطفولة من الموضوعات المقبلة التي ستتطرق إليها

تحصد إليسا نسبة استماع عالية من خلال حلقات الـ«بودكاست» التي تقدمها عبر «أنغامي»
تحصد إليسا نسبة استماع عالية من خلال حلقات الـ«بودكاست» التي تقدمها عبر «أنغامي»
TT

إليسا تختار الـ«بودكاست» للتواصل مع محبيها

تحصد إليسا نسبة استماع عالية من خلال حلقات الـ«بودكاست» التي تقدمها عبر «أنغامي»
تحصد إليسا نسبة استماع عالية من خلال حلقات الـ«بودكاست» التي تقدمها عبر «أنغامي»

تطول لائحة المشاهير الذين اختاروا الـ«بودكاست» ليطلوا عبره على محبيهم. عادة ما تتمحور سلسلة الـ«بودكاست» على مضيف واحد أو أكثر، يشاركون في نقاش حول موضوع معين. أحياناً تحمل اعترافات أو سيرة حياة وموضوعات أخرى مختلفة. مشاهير كثر اختاروا هذه الوسيلة الإلكترونية المرتكزة على المسموع وليس على المرئي، ليطلوا من خلالها على متابعيهم. ومن بين هؤلاء بيل غايتس وكايت هادسون والأمير هاري وزوجته ميغان ماركل وميشيل أوباما وألك بالدوين وأوبرا وغيرهم.
وفي لبنان اختارت الفنانة إليسا البودكاست، عبر تطبيق «أنغامي» الإلكتروني لتتوجه إلى متابعيها على وسائل التواصل الاجتماعي. وبذلك تكون أول فنانة عربية تستخدم الـ«بودكاست» وتتطرق عبره إلى موضوعات جريئة. وضمن حلقات وصل عددها لغاية اليوم ثمانية من أصل 12 قدمت إليسا اعترافات وآراء شخصية. ناقشت موضوعات اجتماعية تهم المرأة والرجل معاً. تحدثت في آخرها عن مشكلة التنمر وسبقها أخرى، كالصحة النفسية والدين. روت قصصاً عن أغانيها، كما خصصت للمرأة في يومها العالمي حلقة كاملة.
وبرهنت إليسا مرة جديدة بأنها امرأة متصالحة مع نفسها، تعرف تماماً ماذا تريد وكيف تصل إلى أهدافها. تعرّف مستمعها إلى معاناتها وقوتها في مواجهة مشكلاتها لوحدها. فتحت المجال أمامه ليعيد التفكير بحساباته وينطلق في الحياة من جديد على طريقتها. وبجرأة سلسة وشجاعة متناهية أخذت المبادرة، قالت كلمتها ومشت. في حلقتها عن التنمر الذي عانت منه الأمرين، كانت ساخرة أحياناً وملتزمة حيناً آخر.
فهي عانت من التنمر في حياتها الشخصية وخلال مشوارها الفني. وفي الحلقة التي تناولت فيها قصص أغنيات أدتها، تعرّف المستمع إلى إليسا وراء الكواليس. وكيف كان ذكاؤها بالفطرة وعبر تجاربها سيد المواقف. وخلاصة الحلقات الثمانية التي قدمتها حتى اليوم، مساء كل أربعاء، أوصلت إليسا رسالة مهمة جدا لمحبيها. هي أن الهروب من مشكلة هو خطأ جسيم، ولذلك عليهم أن يتحدوا ويتحدثوا عنها، كي لا تسكنهم وتشكل عقدة عندهم.
في الحلقات المقبلة ستتحدث إليسا عن موضوعات تلامسها عن قرب أو حتى تسكنها في الأعماق. فموضوع الوطن ولبنان ستخصص له حلقة كاملة. كذلك ستتحدث عن الحب وبعض من تجاربها معه. ومن الموضوعات الأخرى التي ستتطرق إليها الطفولة والأشخاص الذين وقفوا وراء نجاحاتها المهنية والشخصية.
وتقول الإعلامية كريستين حبيب، رئيسة التحرير ومسؤولة مواقع التواصل الاجتماعي في تطبيق «أنغامي»، عن هذه التجربة التي واكبتها بتفاصيلها مع إليسا: «الفكرة تعود إلى إدي مارون المؤسس الشريك والرئيس التنفيذي لـ(أنغامي). وبدأ في دراستها منذ الصيف الفائت. تحمست إليسا للفكرة، سيما وأنها فنانة طليعية تتقدم على غيرها من حيث توقعاتها لخططها المستقبلية (Avant gardiste)». وهل حملت هذه التجربة المخاطرة والتحدي لتطبيق «أنغامي»؟ ترد حبيب في سياق حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «بودكاست إليسا يعد أول محتوى أصلي يبث من خلال التطبيق. نعم المخاطرة كانت حاضرة خصوصاً أن الناس في لبنان والعالم العربي غير مطلعين كفاية على الـ(بودكاست) بشكل عام، ويجهلونه ولكن النتيجة كانت رائعة».
تقدم تطبيق أنغامي باقتراحات عديدة حول الموضوعات التي يمكن أن تتناولها إليسا من خلال هذه التجربة. ومع فريق تألف من إليسا وفريقها الخاص وأنغامي جرى اختيار موضوعات لـ12 حلقة. «القرار الأول والأخير حول المحتوى كان يعود لإليسا» توضح كريستين حبيب. وتتابع: «هي فنانة تهتم بكل تفاصيل عملها إلى حدّ الشغف. واكتشفت لديها حس الاحترافية، وتمسكها في تقديم الأفضل وعلى المستوى المطلوب. كما أنها مجتهدة جداً، وتتمتع بطاقة كبيرة تخولها البحث والتدقيق والاطلاع في آن».
قد يعود النجاح الكبير الذي حققته إليسا في هذه التجربة السمعية المتمكنة منها، إلى علاقتها الوطيدة مع الميكروفون واستوديوهات التسجيل. ولكن أظهرت حرفية ملحوظة في لعب دور المذيع والمحاور معاً. فجذبت المستمع بتلقائيتها وعفويتها وفي طريقة طرحها لكل موضوع بانسيابية. وتعلق كريستين حبيب: «في البداية فكرنا في إمكانية حضور مقدم يحاور إليسا، ولكن فيما بعد رسى الأمر على أن تحكي وتتناول الموضوعات وحدها».
لم تروِ إليسا تجاربها أو تتطرق إلى موضوعات جريئة، من باب افتعال السبق الفني. فمن يستمع إليها وإلى كيفية احترافها أسلوباً عفوياً، يبرز معالم شخصيتها الحقيقية كامرأة متصالحة مع نفسها، يعرف تماماً أنها تقول الأمور بشفافية من دون وجود أي خلفية ومصلحة تجارية معينة.
«تجرأ تحلم» هو عنوان حلقة الـ«بودكاست» لإليسا اليوم. وتتحدث فيها عن أهمية تحقيق كل شخص لحلمه انطلاقاً من تجربتها الشخصية.
خطط مستقبلية يتضمنها برنامج «أنغامي» على صعيد الـ«بودكاست». فهذا التطبيق دخل العالمية بعدما أصبح أول شركة عربية تدرج على مؤشر «Nasdak». وعن هذه الخطط تقول كريستين حبيب: «الـ(بودكاست) يعتبر من المشاريع الأساسية للتطبيق. وهناك أفكار كثيرة يجري العمل عليها، وسترى النور قريباً في هذا الإطار. لن تكون مقيدة أو مقتصرة على نجوم فن أو أسماء مشاهير، بل ستتوسع لتشمل شرائح مختلفة من الناس في لبنان وخارجه».
وبحسب حبيب، فإن أرقام نسب الاستماع التي حققتها إليسا عبر أنغامي كانت كبيرة جداً، مقابل وسيلة تواصل كانت غير معروفة منذ فترة وجيزة عند المستمع العربي. ولا شك أن هذه التجربة لإليسا حمّست نجوماً كثيرين للقيام بمثلها.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».