تأكيد أميركي على عدم وصول المساعدات الإنسانية إلى النظام السوري

واشنطن أعلنت تقديم أكثر من 596 مليون دولار في مؤتمر بروكسل

TT

تأكيد أميركي على عدم وصول المساعدات الإنسانية إلى النظام السوري

أكدت الولايات المتحدة أن المبالغ المالية التي أعلنت عنها للأزمة السورية ستكون للمساعدات الإنسانية فقط وليست لإعادة الإعمار، وأن المساعدات الإنسانية لن تصل إلى النظام السوري بل إلى المخيمات واللاجئين في الدول المحيطة أيضاً.
وأعلنت ليندا غرينفيلد السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة أمس في مؤتمر بروكسل الخامس حول «دعم مستقبل سوريا والمنطقة»، تقديم أكثر من 596 مليون دولار مساعدات إنسانية جديدة للاستجابة للأزمة السورية.
ويرفع هذا التمويل إجمالي المساعدة الإنسانية للحكومة الأميركية إلى ما يقرب من 13 مليار دولار منذ بداية الأزمة التي استمرت عقداً من الزمان، بما في ذلك ما يقرب من 141 مليون دولار لدعم الاستجابة لوباء «كوفيد - 19»، في سوريا والمنطقة.
وفي بيان لوزير الخارجية أنتوني بلينكن، قال إن هذه المساعدات الأميركية سيستفيد منها نحو 13.4 مليون سوري داخل سوريا يحتاجون إلى مساعدات إنسانية، بالإضافة إلى 5.6 مليون لاجئ سوري في تركيا ولبنان والأردن والعراق ومصر، حاثاً بقية الدول الأخرى على الحذو بهذا الاتجاه أيضاً لمساعدة الشعب السوري.
وأضاف: «واجه الشعب السوري فظائع لا حصر لها، بما في ذلك الضربات الجوية لنظام الأسد وروسيا، والاختفاء القسري، ووحشية داعش، والهجمات بالأسلحة الكيماوية، علاوة على ذلك، أدى الفساد المنهجي وسوء الإدارة الاقتصادية على يد نظام الأسد إلى تفاقم الأزمة الإنسانية الرهيبة، التي تفاقمت بفعل التحدي المتمثل في فيروس كورونا».
وفي مؤتمر صحافي عبر الهاتف أمس، قال ريتشارد أولبرايت القائم بأعمال النائب الأول لمساعد وزير الخارجية، بمكتب السكان واللاجئين والهجرة، إن كل هذا التمويل الأميركي مخصص للمساعدات الإنسانية، وليس لإعادة الإعمار، بخلاف ما يروّج له البعض وبعض الدول الأخرى، والتي وصفها بأن «لديهم حسابات مختلفة، ومساعدات أميركا إنسانية».
وفي رد على سؤال «الشرق الأوسط» خلال المؤتمر الصحافي، حول طريقة ضمان إيصال المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين داخل المناطق التي يسيطر عليها النظام السوري أو مناطق وجود القوات الروسية، وعدم استيلاء النظام السوري عليها أو التواصل معه في إيصالها، أجاب أولبرايت: «تعمل وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية في سوريا وفقاً لخطة استجابة إنسانية، وتعمل بشكل مستقل. لن تذهب أي من أنظمتنا التي نقدمها إلى الحكومة السورية، وكلها تتدفق عبر وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية».
وأضاف: «نحن نعمل على أن تذهب المساعدات الإنسانية إلى الشعب السوري، ونراقب عن كثب طريقة إيصالها، وقضايا الوصول داخل سوريا، ولا نسمح للنظام السوري بالوصول إليها وكذلك الأمم المتحدة لا تسمح لهم، لكننا أحياناً نضطر إلى مواجهة الصعوبات والوصول إلى ذلك، هذا هو التحدي الذي نواصل التعامل معه داخل سوريا، ومن المهم جداً أن نفهم أن شركاءنا، سواء كانوا من الأمم المتحدة أو المنظمات غير الحكومية هم الذين يعملون للقيام بذلك، فنحن نواصل دعم هذه الجهود». وأشار ريتشارد خلال المؤتمر الصحافي، إلى أن المساعدات الأميركية تستهدف أكثر من 12 مليون سوري الذين أجبروا على ترك ديارهم هرباً من الآثار المروعة لحملة نظام الأسد المدمرة، وتدعم المساعدات الإنسانية الأميركية مجموعة واسعة من البرامج الإنسانية للأشخاص المتضررين من الأزمة والمجتمعات التي تستضيفهم، مثل الغذاء والمأوى، والرعاية الصحية والتعليم، وسبل العيش.
وأفاد بأن المساعدة الأميركية تهدف إلى توفير الحماية والمساعدة للاجئين لدعمهم ليصبحوا معتمدين على أنفسهم، وتقديم خدمات مثل الاستشارة وبرامج الحماية الأخرى للفئات الأكثر عرضة للخطر، بما في ذلك الأطفال والنساء والأشخاص ذوو الإعاقة وكبار السن، مؤكداً أن الولايات المتحدة ستواصل ريادتها في الاستجابة الإنسانية، والدعوة إلى وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق إلى السوريين بغض النظر عن المكان الذي يرغبون فيه. وأضاف: «نحن نجدد توسيع تفويض الأمم المتحدة للوصول عبر الحدود لإيصال المساعدات الإنسانية الذي هو أمر ضروري، تماشياً مع قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، لن تقدم الولايات المتحدة أي مساعدة لإعادة الإعمار، في غياب التقدم على المسار السياسي. لا يوجد حل عسكري يحقق السلام والأمن والاستقرار لسوريا والمنطقة».
وأشار إلى أن المساعدات الإنسانية يجب أن تصل إلى السوريين في جميع المناطق، حتى تلك التي تقع في الشمال الغربي على الحدود التركية، أو التي تقع في الشمال الشرقي في مناطق سيطرة الأكراد، معتبراً أن بعض التحديات ربما تواجه الفريق الإغاثي في إيصال المساعدات، إلا أنه أمر ضروري نظراً للكثافة السكانية التي تعيش هناك.
بدوره، قال ماثيو نيمس نائب مساعد مدير مكتب المساعدة الإنسانية، بالوكالة الأميركية للتنمية الدولية، إن برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة يهدف إلى تقديم المساعدات إلى أكثر من 60 في المائة من الأشخاص الذين ليس لديهم ما يكفي من الطعام، بأعلى مستوى من الأمن الغذائي تم تسجيله في سوريا، إذ إنه من الواضح أن الوضع يزداد سوءاً، فالاحتياجات المتزايدة تجعل مساعدة الأمم المتحدة عبر الحدود أكثر أهمية لرفاهية المدنيين الذين يعتمدون على المساعدات للبقاء على قيد الحياة.
وأشار إلى أن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يعمل لإعادة التصريح بوصول الأمم المتحدة إلى الحدود، ولإعادة المعابر الحدودية الأخرى للأمم المتحدة لتقديم هذه المساعدات المنقذة للحياة، مبيناً أن إعلان أميركا تضمن ما يقرب من 310 ملايين من معرف الولايات المتحدة الأميركية هي مساعدات غذائية إضافية في سوريا والمنطقة، وسيمكن التمويل من مواصلة تقديم المساعدات المطلوبة بشكل عاجل بما في ذلك المساعدات الغذائية الطارئة، والمأوى والحصول على المياه الصالحة للشرب، وفرص كسب الدخ.
وأضاف: «يجب أن نكون قادرين على الوصول إلى السكان الذين هم في أمس الحاجة إلى هذه المساعدة، بغض النظر عن مكان إقامتهم في سوريا. سنواصل العمل مع شركائنا والجهات المانحة الأخرى للدعوة إلى الوصول دون عوائق إلى جميع أنحاء سوريا، لذلك يمكن لشركائنا تقديم المساعدة الإنسانية المبدئية إلى السكان الأكثر ضعفاً».



15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
TT

15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)

في حين يواصل المعلمون في محافظة تعز اليمنية (جنوب غرب) الإضراب الشامل للمطالبة بزيادة رواتبهم، كشفت إحصائية حديثة أن أكثر من 15 ألف طالب تسربوا من مراحل التعليم المختلفة في هذه المحافظة خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وعلى الرغم من قيام الحكومة بصرف الرواتب المتأخرة للمعلمين عن شهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول)، فإن العملية التعليمية لا تزال متوقفة في عاصمة المحافظة والمناطق الريفية الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية بسبب الإضراب.

ويطالب المعلمون بإعادة النظر في رواتبهم، التي تساوي حالياً أقل من 50 دولاراً، حيث يُراعى في ذلك الزيادة الكبيرة في أسعار السلع، وتراجع قيمة العملة المحلية أمام الدولار. كما يطالبون بصرف بدل الغلاء الذي صُرف في بعض المحافظات.

الأحزاب السياسية في تعز أعلنت دعمها لمطالب المعلمين (إعلام محلي)

ووفق ما ذكرته مصادر عاملة في قطاع التعليم لـ«الشرق الأوسط»، فإن محافظتي عدن ومأرب أقرتا صرف حافز شهري لجميع المعلمين يقارب الراتب الشهري الذي يُصرف لهم، إلا أن هذه المبادرة لم تُعمم على محافظة تعز ولا بقية المحافظات التي لا تمتلك موارد محلية كافية، وهو أمر من شأنه - وفق مصادر نقابية - أن يعمق الأزمة بين الحكومة ونقابة التعليم في تلك المحافظات، وفي طليعتها محافظة تعز.

ظروف صعبة

وفق بيانات وزعتها مؤسسة «ألف» لدعم وحماية التعليم، فإنه وفي ظل الظروف الصعبة التي يمر بها قطاع التعليم في مدينة تعز وعموم مناطق سيطرة الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، ازدادت تداعيات انقطاع الرواتب والإضراب المفتوح الذي دعت إليه نقابة المعلمين، مع إحصاء تسرب أكثر من 15 ألفاً و300 حالة من المدارس خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وقال نجيب الكمالي، رئيس المؤسسة، إن هذا الرقم سُجل قبل بدء الإضراب المفتوح في جميع المدارس، وتعذر استئناف الفصل الدراسي الثاني حتى اليوم، معلناً عن تنظيم فعالية خاصة لمناقشة هذه الأزمة بهدف إيجاد حلول عملية تسهم في استمرار العملية التعليمية، ودعم الكادر التربوي، حيث ستركز النقاشات في الفعالية على الأسباب الجذرية لانقطاع الرواتب، وتأثيرها على المعلمين والمؤسسات التعليمية، وتداعيات الإضراب على الطلاب، ومستقبل العملية التعليمية، ودور المجتمع المدني والمنظمات المحلية والدولية في دعم قطاع التعليم.

المعلمون في عدن يقودون وقفة احتجاجية للمطالبة بتحسين الأجور (إعلام محلي)

وإلى جانب ذلك، يتطلع القائمون على الفعالية إلى الخروج بحلول مستدامة لضمان استمرارية التعليم في ظل الأزمات، ومعالجة الأسباب التي تقف وراء تسرب الأطفال من المدارس.

ووجهت الدعوة إلى الأطراف المعنية كافة للمشاركة في هذه الفعالية، بما في ذلك نقابة المعلمين اليمنيين، والجهات الحكومية المعنية بقطاع التعليم، ومنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية.

آثار مدمرة

كانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) قد ذكرت منتصف عام 2024، أن أكثر من 4.5 مليون طفل في اليمن خارج المدرسة بسبب تداعيات سنوات من الصراع المسلح. وأفادت بأن شركاء التعليم يعيدون تأهيل وبناء الفصول الدراسية، ويقدمون المساعدة التعليمية للملايين، ويعملون على إعادة الآخرين إلى المدارس، وعدّت أن الاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبل الأجيال.

وتقول المنظمة إنه منذ بداية الحرب عقب انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية، خلفت الهجمات التي تعرض لها أطفال المدارس والمعلمون والبنية التحتية التعليمية آثاراً مدمرة على النظام التعليمي في البلاد، وعلى فرص الملايين من الأطفال في الحصول على التعليم.

1.3 مليون طفل يمني يتلقون تعليمهم في فصول دراسية مكتظة (الأمم المتحدة)

وأكدت المنظمة الأممية أن للنزاع والتعطيل المستمر للعملية التعليمية في جميع أنحاء البلاد، وتجزئة نظام التعليم شبه المنهار أصلاً، تأثيراً بالغاً على التعلم والنمو الإدراكي والعاطفي العام والصحة العقلية للأطفال كافة في سن الدراسة البالغ عددهم 10.6 مليون طالب وطالبة في اليمن.

ووفق إحصاءات «اليونيسيف»، فإن 2,916 مدرسة (واحدة على الأقل من بين كل أربع مدارس) قد دمرت أو تضررت جزئياً أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية نتيجة سنوات من النزاع الذي شهده اليمن.

كما يواجه الهيكل التعليمي مزيداً من العوائق، تتمثل في عدم حصول أكثر من ثلثي المعلمين (ما يقرب من 172 ألف معلم ومعلمة) على رواتبهم بشكل غير منتظم منذ عام 2016، أو انقطاعهم عن التدريس بحثاً عن أنشطة أخرى مدرة للدخل.