عالم تركي يندد باحتجازه «رهينة» في بلاده لمنعه من العودة إلى فرنسا

سُجن بتهمة «الإرهاب»

عالم الرياضيات التركي تونا ألتينيل (أ.ف.ب)
عالم الرياضيات التركي تونا ألتينيل (أ.ف.ب)
TT

عالم تركي يندد باحتجازه «رهينة» في بلاده لمنعه من العودة إلى فرنسا

عالم الرياضيات التركي تونا ألتينيل (أ.ف.ب)
عالم الرياضيات التركي تونا ألتينيل (أ.ف.ب)

أُوقف عالم الرياضيات التركي تونا ألتينيل، الذي يدرس في جامعة فرنسية، في تركيا وسُجن بتهمة «الإرهاب» قبل أن تتم تبرئته، غير أنه محتجز منذ حوالي عامين في بلاده إذ ترفض السلطات إعادة جواز سفره.
وأبلغ ألتينيل، وكالة الصحافة الفرنسية التي التقته في منزله في إسطنبول، «إنني رهينة الدولة التركية».
ويعد وضع العالم البالغ من العمر 55 عاماً، المعروف في الأوساط الأكاديمية بأعماله حول المنطق الرياضي ونظرية الزمر، رمزاً للقمع الذي تمارسه السلطات التركية ضد الأوساط الأكاديمية وتلك المؤيدة للأكراد، والذي اشتد بعد محاولة الانقلاب على الرئيس رجب طيب إردوغان عام 2016.
وتأتي قضية ألتينيل في ظل توتر حاد بين أنقرة وباريس، حتى لو أن الدولتين العضوين في الحلف الأطلسي تسعيان للتهدئة منذ أسابيع.
وبدأ كابوس العالم الذي يدرس في جامعة «كلود بيرنار» في ليون بوسط شرق فرنسا، حيث كان يقيم منذ 25 عاماً، في مايو (أيار) 2019، حين أبلغ أثناء قضائه عطلة في تركيا، بمنعه من مغادرة البلاد لاتهامه بـ«الانتماء إلى منظمة إرهابية».
واعتقل وجرت محاكمته بتهمة نشر «الدعاية الإرهابية» لمشاركته في اجتماع لجمعية كردية في فرنسا قام خلاله بمهام الترجمة. وأطلق سراحه في يوليو (تموز) 2019 وتمت تبرئته في يناير (كانون الثاني) 2020.
وفيما ظن أن بإمكانه العودة إلى ليون و«استئناف حياته» بعد إسقاط التهم عنه، منع مراراً من استعادة جواز سفره «بدون أي تبرير».
وعلم في نهاية المطاف أن تحقيقاً آخر لم يكن على علم به إطلاقاً، فتح بحقه، واستنتج أن العرقلة على ارتباط به.
غير أن ألتينيل كان مصمماً على استعادة جواز سفره «لأن هذا حقي»، فقاضى السلطات، إلا أن شكواه كانت تحال من محكمة إلى أخرى ومن لجنة إلى أخرى.
ورأى العالم في ذلك «منطقاً لا يرحم» هو منطق «الآلة الإدارية التي تسعى لإغراق الناس وسحقهم بالبيروقراطية».
وقال: «تعود إلى ذهني في غالب الأحيان عبارة (أشبه بروايات كافكا) حين أتكلم عن المسألة مع أصدقائي».
ويرى في منعه من مغادرة الأراضي التركية شكلاً من «العقاب» على التزامه التام من أجل حقوق الإنسان والقضية الكردية.
ووقع في 2016 مع حوالي ألفي أستاذ جامعي آخرين من أتراك وأجانب عريضة تطالب بوقف العمليات العسكرية في جنوب شرقي تركيا، حيث غالبية كردية، ما تسبب بملاحقات بحقه أفضت إلى تبرئته أيضاً.
وقال: «الدولة التركية تمنع المعارضين الذين يزعجونها من مغادرة البلاد... إنه إقرار بأن البلد سجن، وهذا محزن بعض الشيء».
وأوضح أنه استبعد منذ البداية فكرة الخروج من تركيا سراً على غرار ما فعله بعض الأتراك هرباً من السلطات.
وأكد: «معركتي ليست من أجل إنقاذ نفسي فحسب، بل أريد أن تكون هناك إفادة للمجتمع»، مشيراً إلى أن محاكمته على سبيل المثال أتاحت تسليط الضوء على دور القنصلية التركية في ليون التي تقوم بـ«وضع بيانات أمنية عن الناس» تفشي بها إلى أنقرة.
لكن رغم الصعوبات، يعتبر ألتينيل أنه «محظوظ» نسبياً، إذ لا يزال يتقاضى راتبه بصفته موظفاً في الدولة الفرنسية.
كما أنه يعول على «دعم خارق» من زملائه في فرنسا الذين نظموا معه في منتصف مارس (آذار) حملة على مواقع التواصل الاجتماعي تحت شعار «جواز سفر لتونا».
غير أنه يخشى أن «ينتهي به الأمر طي النسيان» بالنسبة للسلطات الفرنسية.
وفي انتظار التوصل إلى حل، استأنف العالم أبحاثه وعمد إلى دراسة اللغة الكردية بعدما بدأ ذلك في السجن بمساعدة معتقلين آخرين كان يدرسهم في المقابل الإنجليزية والفرنسية.
ويروي مبتسماً: «ما زلت أكتب لهم رسائل من 15 إلى 20 صفحة، فألقنهم دروساً بهذه الطريقة».
ورغم توصيات أقربائه بلزوم الحذر، يواصل ألتينيل المشاركة بانتظام في تظاهرات في إسطنبول، رافضاً «الرقابة الذاتية».
ويوضح: «إذا فرضت على نفسي قيوداً، فهذا سيعني أن استهداف الدولة لي تغلب علي»، مؤكداً: «أرفض ذلك».


مقالات ذات صلة

نقابات ترفع شكوى لمنظمة العمل الدولية بشأن معاملة إسرائيل لعمال فلسطينيين

المشرق العربي عمال فلسطينيون يعبرون من شمال غزة للعمل في إسرائيل (أ.ف.ب)

نقابات ترفع شكوى لمنظمة العمل الدولية بشأن معاملة إسرائيل لعمال فلسطينيين

رفعت عشر نقابات عمالية عالمية شكوى، الجمعة، لمنظمة العمل الدولية تتهم فيها إسرائيل بأن معاملتها للعمال الفلسطينيين منذ بدء حرب غزة تنتهك معاهدة عالمية.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شؤون إقليمية جثمان عائشة نور إزغي ملفوفاً بعلم تركيا ومحمولاً على أعناق الجنود لدى وصوله إلى إسطنبول الجمعة (موقع ولاية إسطنبول)

تركيا شيّعت جنازة عائشة نور إزغي وتعهّدت بمحاسبة قتلتها الإسرائيليين

شيّعت تركيا، السبت، جنازة الناشطة الأميركية - التركية عائشة نور إزغي إيغي التي قُتلت برصاص جنود إسرائيليين خلال مظاهرة سلمية منددة بالاستيطان بالضفة الغربية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية جنود أتراك يحملون جثمان الناشطة عائشة نور ملفوفاً بعَلم تركيا لدى وصوله إلى مطار إسطنبول - الجمعة (وسائل إعلام تركية)

تركيا استقبلت جثمان الناشطة الأميركية عائشة نور أيغي لدفنها بمسقط رأسها

استقبلت تركيا جثمان الناشطة الأميركية من أصل تركي، عائشة نور أزغي أيغي، التي قُتلت برصاص جنود إسرائيليين خلال مظاهرة سلمية مندّدة بالاستيطان في الضفة الغربية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي أثناء إلقاء كلمته بالجامعة العربية الثلاثاء (الخارجية التركية)

مصادر لـ«الشرق الأوسط»: لا تأثير لانسحاب المقداد أثناء كلمة فيدان على التطبيع مع دمشق

تجاهلت تركيا التعليق على مغادرة وزير الخارجية السوري، فيصل المقداد، قاعة اجتماع وزراء الخارجية العرب، أثناء إلقاء وزير خارجيتها هاكان فيدان كلمته.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أوروبا تصطف الفتيات الأفغانيات في المدرسة الابتدائية بعد عودتهن من العطلة الصيفية في قندهار بأفغانستان في 8 سبتمبر 2024 (إ.ب.أ)

الأمم المتحدة تندد بقانون «بغيض» يحدّ من حقوق النساء في أفغانستان

وصف مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان (الاثنين) القانون الذي صدر أخيراً في أفغانستان ويحد بشكل أكبر من حقوق المرأة والمجتمع بأنه «بغيض».

«الشرق الأوسط» (جنيف)

وكالة استخبارات أوروبية: برنامج سري روسي لتصنيع مسيّرات عسكرية بالصين

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال تفقده مصنعاً للمسيّرات في مدينة سانت بطرسبرغ الأسبوع الماضي (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال تفقده مصنعاً للمسيّرات في مدينة سانت بطرسبرغ الأسبوع الماضي (رويترز)
TT

وكالة استخبارات أوروبية: برنامج سري روسي لتصنيع مسيّرات عسكرية بالصين

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال تفقده مصنعاً للمسيّرات في مدينة سانت بطرسبرغ الأسبوع الماضي (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال تفقده مصنعاً للمسيّرات في مدينة سانت بطرسبرغ الأسبوع الماضي (رويترز)

أفاد مصدران من وكالة استخبارات أوروبية، ووثائق راجعتها وكالة «رويترز»، بأن روسيا وضعت برنامجاً للأسلحة في الصين لتطوير وإنتاج طائرات مسيّرة هجومية بعيدة المدى لاستخدامها في الحرب ضد أوكرانيا.

وتطور شركة «آي إي إم زد كوبول» التابعة لشركة صناعة الأسلحة الروسية المملوكة للدولة «ألماز-أنتي»، وتجري اختبارات الطيران لنموذج جديد لطائرة مسيّرة تسمى «جاربيا-3» (جي3) في الصين بمساعدة متخصصين محليين، وفقاً لإحدى الوثائق، وهي تقرير أرسلته «كوبول» لوزارة الدفاع الروسية في وقت سابق من العام يحدد عملها.

وأبلغت «كوبول» وزارة الدفاع في تحديث لاحق أنها قادرة على إنتاج طائرات مسيّرة، بما في ذلك طائرات «جي 3»، على نطاق واسع في مصنع بالصين ليتسنى نشر الأسلحة في «العملية العسكرية الخاصة» في أوكرانيا، وهو المصطلح الذي تستخدمه موسكو للحرب.

ولم ترد «كوبول» و«ألماز-أنتي» ووزارة الدفاع الروسية على طلبات للتعليق.

وقالت وزارة الخارجية الصينية للوكالة إنها ليست على دراية بمثل هذا المشروع، مضيفة أن البلاد لديها إجراءات رقابة صارمة على تصدير الطائرات المسيّرة.

وقال فابيان هينز، الباحث في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، وهو مؤسسة فكرية دفاعية مقرها في لندن، إن تسليم طائرات مسيّرة من الصين إلى روسيا، إذا تأكد، سيكون تطوراً مهماً. وأضاف: «إذا نظرت إلى ما يُعرف أن الصين سلمته حتى الآن، فقد كان في الغالب سلعاً مزدوجة الاستخدام، مكونات ومكونات فرعية يمكن استخدامها في أنظمة الأسلحة. هذا ما وردت تقارير عنه حتى الآن. لكن ما لم نره حقاً، على الأقل بشكل علني، هو عمليات نقل موثقة لأنظمة أسلحة كاملة».

ومع ذلك، قال سامويل بينديت، الزميل البارز المساعد في مركز الأمن الأميركي الجديد، وهو مؤسسة فكرية مقرها واشنطن، إن بكين ستتردد في الانكشاف على العقوبات الدولية بمساعدة آلة الحرب في موسكو، وإن هناك حاجة لمزيد من المعلومات لإثبات أن الصين تستضيف إنتاج طائرات مسيّرة عسكرية روسية.

وعبَّر مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض عن قلقه البالغ إزاء تقرير «رويترز» عن برنامج الطائرات المسيّرة، الذي قال إنه يبدو حالة عن شركة صينية تقدم مساعدات فتاكة لشركة روسية تخضع لعقوبات أميركية.

وقال متحدث إن البيت الأبيض لم ير أي شيء يشير إلى علم الحكومة الصينية بمثل هذه الصفقة، لكن بكين تتحمل مسؤولية ضمان عدم تقديم الشركات مساعدات فتاكة لروسيا لتستخدمها قواتها.

وأوضحت تقارير شركة «كوبول» لوزارة الدفاع الروسية أنه يمكن للطائرة «جي 3» أن تقطع مسافة تقدر بنحو ألفي كيلومتر بحمولة 50 كيلوغراماً. وفُرضت عقوبات أميركية على شركة «كوبول» في ديسمبر (كانون الأول) 2023.

وأفادت التقارير بأنه تم تسليم عينات من الطائرة وبعض نماذج طائرات أخرى مصنوعة في الصين إلى «كوبول» في روسيا لإجراء مزيد من الاختبارات عليها، بمشاركة خبراء صينيين مجدداً.

ولم تكشف الوثائق هويات المتخصصين الصينيين في الطائرات المسيّرة المشاركين في المشروع الذي أوردته، ولم يتسن للوكالة تحديد هوياتهم.

وكشفت وثيقتان منفصلتان راجعتهما «رويترز»، وهما فاتورتان أرسلتهما إلى «كوبول» في الصيف شركة روسية، قال مصدرا المخابرات الأوروبيان إنها تعمل وسيطاً مع الموردين الصينيين، عن أن «كوبول» تسلمت 7 طائرات عسكرية مسيّرة مصنوعة في الصين، بما في ذلك طائرتان «جي 3»، في مقرها الرئيسي بمدينة إيجيفسك الروسية.

ولم تحدد الفاتورتان، التي تطلب إحداهما الدفع باليوان الصيني، تواريخ تسليم، كما لم تحدد الموردين في الصين.

وقال مصدرا الاستخبارات إن تسليم عينة من الطائرات المسيّرة إلى «كوبول» لهو أول دليل ملموس عثرت عليه وكالتهما على تسليم طائرات مسيّرة كاملة مصنعة في الصين إلى روسيا منذ بدء حرب أوكرانيا في فبراير (شباط) 2022.

وطلبا عدم كشف هويتيهما، ولا وكالتهما؛ بسبب حساسية المعلومات. كما طلبا حجب بعض التفاصيل المتعلقة بالوثائق، بما في ذلك تواريخها الدقيقة.

وعرض المصدران على الوكالة 5 وثائق في المجمل، بينها تقريران من شركة «كوبول» لوزارة الدفاع في النصف الأول من العام والفاتورتان، لدعم ما ذكراه عن وجود مشروع روسي في الصين لتصنيع طائرات مسيّرة لاستخدامها في أوكرانيا. ولم ترد أنباء من قبل عن هذا البرنامج.

ولم تقدم تقارير «كوبول» للوزارة مواقع أكثر دقة للأماكن المتصلة بالمشروع. كما لم يتسن للوكالة تحديد ما إذا كانت وزارة الدفاع قد أعطت الشركة الضوء الأخضر للمضي قدماً في الإنتاج المتسلسل المقترح.

ودأبت بكين على نفي تزويد الصين أو الشركات الصينية لروسيا بأسلحة لاستخدامها في أوكرانيا، قائلة إن البلاد لا تزال محايدة.