الوضع في مأرب يفرض نفسه على «قائمة أولويات» أجندة ليندركينغ

بدأ جولته بمسقط ثم التقى الحكومة اليمنية في الرياض

الوضع في مأرب يفرض نفسه على «قائمة أولويات» أجندة ليندركينغ
TT
20

الوضع في مأرب يفرض نفسه على «قائمة أولويات» أجندة ليندركينغ

الوضع في مأرب يفرض نفسه على «قائمة أولويات» أجندة ليندركينغ

فرض التصعيد العسكري المستمر الذي تواجهه محافظة مأرب اليمنية نفسه على قائمة الأولويات التي ناقشها المبعوث الأميركي الخاص إلى اليمن تيموثي ليندركينغ الذي يجري جولته الثالثة في المنطقة منذ تعيينه في منصبه مطلع فبراير (شباط) الماضي، وذلك بالدفع إلى تسوية سياسية تنهي الأزمة الإنسانية والاحتقان السياسي في اليمن.
وخلال الأيام الأربعة الماضية، بدأ ليندركينغ جولته إلى المنطقة بزيارة سلطنة عمان، إذ يُتوقع أنه التقى خلال تلك الزيارة وفداً حوثياً هناك. وفي تلك الأثناء، انضم إليه المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن مارتن غريفيث أيضاً بالذهاب إلى مسقط. وبعد ذلك، التقى المبعوثان الرئيس اليمني منصور عبد ربه هادي، ورئيس الوزراء اليمني معين عبد الملك، وأخيراً وزير الخارجية اليمني أحمد بن مبارك، في العاصمة السعودية الرياض.
وفي تغريدة لمكتب الشرق الأدنى التابع لوزارة الخارجية الأميركية على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، أكد أن الأزمة الإنسانية والقتال المستمر في محافظة مأرب كان على قائمة الأولويات في المواضيع التي ناقشها المبعوث الأميركي ليندركينغ مع وزير الخارجية اليمني أحمد بن مبارك، مع الإشارة إلى ضرورة وقف إطلاق النار، والسماح للمساعدات الإنسانية والمنظمات الإغاثية الدولية بالعمل على إيصال تلك العينات، وإنهاء الصراع في اليمن.
وحول زيارة المبعوث الأميركي إلى عمان، أكدت جالينا بورتر، نائبة المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الأميركية، أن المبعوث الخاص تيم ليندركينغ سافر إلى مسقط (عاصمة عمان)، الأسبوع الماضي، التي كانت المحطة الأولى له في رحلته الإقليمية الثالثة منذ تسلمه منصبه، وهناك التقى مع المسؤولين الحكوميين العمانيين، بيد أنها لم تؤكد ما إذا كان قد التقى بالحوثيين أم لا.
وأشارت جالينا، خلال المؤتمر الصحافي الأسبوع الماضي، إلى أن زيارة الدبلوماسي الأميركي المخضرم ليندركينغ إلى منطقة الخليج تأتي بالتنسيق مع المبعوث الخاص للأمم المتحدة مارتن غريفيث. ومرة أخرى، «ستكون هذه مناقشة مشتركة مستمرة حول جهودنا الدولية لتعزيز السلام، ووقف دائم لإطلاق النار في اليمن، والوصول إلى اتفاقية سلام شاملة، وكذلك لمعالجة جهود الأزمة الإنسانية الأليمة في البلاد».
وعلى الرغم من عدم نفي أو تأكيد الخارجية الأميركية لقاء ليندركينغ مع الحوثيين، فإن ليندركينغ قال عند عودته من جولته الثانية إلى واشنطن إنه «سيعود إلى المنطقة مرة أخرى عندما يريد الحوثيون الحديث»، وذلك في إشارة إلى أنه التقاهم المرة الثانية، ويرغب في لقائهم للمرة الثالثة، وهو ما دفعه إلى زيارة عمان، بصفتها أول محطة له الأسبوع الماضي.
وتأتي أهمية محافظة مأرب الاستراتيجية التي تشهد قتالاً مستمراً بين الحكومة الشرعية وجماعة الحوثي من حقول النفط فيها، وأهميتها في الداخل اليمني لفرض سيطرة كلا الفريقين. وبحسب تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية نشر الأسبوع الماضي، فإن القتال العنيف في شمال البلاد حول مدينة مأرب الاستراتيجية أقام حاجزاً جديداً، وزاد من صعوبة إيصال المساعدات هناك، وهو ما جعلها تفرض نفسها في الحوارات والمناقشات كافة التي يجريها المبعوثان الخاصان الأميركي والأممي حول الأزمة اليمنية.
ونقلت الوكالة عن مصدر دبلوماسي غربي قوله إن المبادرة التي أعلن عنها ليندركينغ (وقف إطلاق النار) معلقة فعلياً حتى تنتهي المعركة المحتدمة خارج مدينة مأرب، مشيراً إلى أن الحوثيين يلقون بكل ما لديهم في القتال من أجل اقتحام عاصمة المحافظة الغنية بالنفط، ويتكبدون خسائر فادحة يرونها ثمناً يستحق الدفع، في مقابل آخر معقل في الشمال ما زال في أيدي الحكومة.
وقال المصدر المطلع على جهود الأمم المتحدة إن المعركة «تعيق بدء المفاوضات (...) لأن الحوثيين يريدون معرفة المدى الذي يمكنهم الذهاب إليه»، مشيراً إلى أن الهدف هو أن يتبع وقف إطلاق النار إجراءات لفتح مطار صنعاء، وتخفيف القيود على ميناء الحديدة (الممر الرئيسي للمساعدات)، ثم الاستئناف السريع لمحادثات السلام.
يذكر أن الدول الغربية الأوروبية (حكومات فرنسا وألمانيا وإيطاليا وبريطانيا)، ومعهم أميركا، قد أدانوا في بيان مشترك، في 10 مارس (آذار) الحالي، الهجمات الحوثية المتواصلة على مدينة مأرب، والتصعيد الكبير للهجمات التي شنها الحوثيون، وادعوا ارتكابها ضد السعودية. كما أن هجومهم الحازم على مأرب يفاقم الأزمة الإنسانية التي وصفوها بـ«الحادة بالفعل».
وأكدت حكومات الدول الغربية الخمس التزامها بالجهود الدبلوماسية المتجددة لإنهاء الصراع في اليمن، وذلك بدعم المبعوث الخاص للأمم المتحدة، ودعم السعودية وسلطنة عمان والمجتمع الدولي، لتقديم «أفضل أمل» لإنهاء هذه الحرب. كما حث البيان جماعة الحوثي على اغتنام هذه الفرصة للسلام، وإنهاء التصعيد المستمر.


مقالات ذات صلة

اتهامات للحوثيين بارتكاب 13 ألف انتهاك حقوقي في البيضاء خلال عشر سنوات

العالم العربي جانب من المؤتمر الصحافي الذي عقد بمحافظة مأرب عن انتهاكات جماعة الحوثي في البيضاء (سبأ)

اتهامات للحوثيين بارتكاب 13 ألف انتهاك حقوقي في البيضاء خلال عشر سنوات

كشف تقرير حقوقي يمني عن توثيق نحو 13 ألف انتهاك لحقوق الإنسان في محافظة البيضاء (وسط اليمن) ارتكبتها ميليشيا الحوثي خلال السنوات العشر الأخيرة

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم العربي المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ خلال أحدث إحاطاته أمام مجلس الأمن (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة لـ«الشرق الأوسط»: غروندبرغ ملتزم بالوساطة... والتسوية اليمنية

في أعقاب فرض عقوبات على قيادات حوثية، أكد مكتب المبعوث الأممي التزامه بمواصلة جهوده في الوساطة، والدفع نحو تسوية سلمية وشاملة للنزاع في اليمن.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي الحوثيون يحكمون قبضتهم على مناطق شمال اليمن ويسخرون الموارد للتعبئة العسكرية (أ.ب)

عقوبات أميركية على قيادات حوثية

فرضت الولايات المتحدة عقوبات جديدة أمس على سبعة من كبار القادة الحوثيين المتحالفين مع إيران في اليمن.

علي ربيع (عدن)
المشرق العربي الأمم المتحدة تخطط للوصول إلى 12 مليون يمني بحاجة إلى المساعدة هذا العام (إ.ب.أ)

انعدام الأمن الغذائي يتفاقم في 7 محافظات يمنية

كشفت بيانات أممية عن تفاقم انعدام الأمن الغذائي في 7 من المحافظات اليمنية، أغلبها تحت سيطرة الجماعة الحوثية، وسط مخاوف من تبعات توقف المساعدات الأميركية.

محمد ناصر (تعز)
المشرق العربي الشراكات غير العادلة في أعمال الإغاثة تسبب استدامة الأزمة الإنسانية في اليمن (أ.ف.ب)

انتقادات يمنية لأداء المنظمات الإغاثية الأجنبية واتهامات بهدر الأموال

تهيمن المنظمات الدولية على صنع القرار وأعمال الإغاثة، وتحرم الشركاء المحليين من الاستقلالية والتطور، بينما تمارس منظمات أجنبية غير حكومية الاحتيال في المساعدات.

وضاح الجليل (عدن)

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.