المنفي يترأس أول اجتماع عسكري... وحفتر يجري مناورات «ضخمة»

فرنسا تعيد فتح سفارتها في طرابلس... وتؤكد «وقوف الاتحاد» إلى جانب السلطة الليبية الجديدة

صورة وزعها مكتب المنفي للاجتماع العسكري الأول من نوعه له في طرابلس
صورة وزعها مكتب المنفي للاجتماع العسكري الأول من نوعه له في طرابلس
TT

المنفي يترأس أول اجتماع عسكري... وحفتر يجري مناورات «ضخمة»

صورة وزعها مكتب المنفي للاجتماع العسكري الأول من نوعه له في طرابلس
صورة وزعها مكتب المنفي للاجتماع العسكري الأول من نوعه له في طرابلس

ترأس محمد المنفي، رئيس المجلس الرئاسي الليبي، أمس، اجتماعاً في العاصمة طرابلس، هو الأول من نوعه لمجلسه، باعتباره القائد الأعلى للجيش الليبي. بينما أجرى الجيش الوطني، بقيادة المشير خليفة حفتر، مناورات عسكرية «ضخمة» في شرق البلاد، هي الأولى منذ تولى المنفي السلطة.
وقال المنفي في بيان وزعه مكتبه الإعلامي إن «الاجتماع الأول من نوعه له، بوصفه القائد الأعلى للجيش الليبي، عقد بمقره في قاعدة طرابلس البحرية، بحضور الفريق محمد الحداد، رئيس الأركان العامة للجيش الموالي لحكومة الوحدة، وبعض المسؤولين القانونيين والماليين، وبحث الملفات ذات العلاقة بالتنظيم والإدارة».
وانتقدت وسائل إعلام محلية وصف المنفي، ولاحقاً نائبه عبد الله عبد اللافي، الفريق الحداد باعتباره رئيس الأركان العامة للجيش الليبي، مشيرة إلى «تعارض ذلك مع مهام اللجنة العسكرية المشتركة، التي تضم القوات الموالية للحكومة والجيش الوطني، والمعروفة باسم (5 + 5)، ولكون الوصف لم يستند إلى أي تكليف رسمي بهذا الخصوص».
في المقابل، أجرت وحدات من الجيش الوطني، بقيادة المشير حفتر وفي حضوره مناورات عسكرية ضخمة بالمنطقة الشرقية، وذلك للمرة الأولى من نوعها منذ تولي السلطة التنفيذية الجديدة في ليبيا.
وشارك حفتر في المناورات، التي نفّذها «اللواء 106 مجحفل»، فيما وصفه بأكبر مناورة عسكرية استخدمت فيها الذخيرة الحية لرفع الكفاءة القتالية للأفراد، والوقوف على الجاهزية والاستعدادات الكاملة للعمليات العسكرية.
وشهد حفتر تنفيذاً عملياً لنجاح قوات الجيش الوطني في التصدي لهجوم معادٍ باستخدام الطائرات والمدفعية. وقال في بيان وزعه اللواء أحمد المسماري، الناطق الرسمي باسمه، إنه حضر اليوم الختامي للتمرين التعبوي على مستوى كتيبة دبابات «اللواء 106 مجحفل»، بمشاركة رؤساء أركان الجيش وبعض رؤساء هيئاته، وعدد من ضباط وقادة الوحدات المستقلة.
وأثنى حفتر على الضباط والجنود المشاركين في التمرين، ونجاح الوحدات في تنفيذ المهام والواجبات، التي اعتمدت في الخطة التعبوية العامة للتمرين، مؤكداً ضرورة رفع المستوى القتالي للتمارين التعبوية من كتيبة إلى لواء، ومن لواء إلى فرق عسكرية.
إلى ذلك، قال «لواء الصمود»، الذي يقوده صلاح بادي، المطلوب محلياً ودولياً بتهمة ارتكاب جرائم حرب، والمحسوب على جماعة «الإخوان»، إن «مسلحين مجهولين اغتالوا أحد قياداته، المدعو محمد دمونة، بعد اقتحام منزله فجر أمس في العاصمة طرابلس، وتصفيته خلال نومه، وإصابة اثنين من مرافقيه».
ووصف اللواء، الذي يعد من أبرز الميليشيات المسلحة في مدينة مصراتة (غرب)، دمونة بالقائد الميداني، مشيداً بدوره في الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بنظام العقيد الراحل معمر القذافي.
من جهة أخرى، أشاد يان كوبيتش، رئيس بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، خلال اجتماعه أمس بعماد السايح، رئيس المفوضية العليا للانتخابات، بالجهود الدولية والوطنية، التي أسهمت في تحقيق وحدة ليبيا وسيادتها واستقرارها، مثمناً رؤية الأطراف السياسية نحو المسار الانتخابي. كما أكد كوبيتش الدور المناط بالمفوضية في المرحلة المقبلة، وما سيترتب عليها من التزامات وطنية.
وجاء الاجتماع على الرغم من اتجاه حكومة «الوحدة»، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، إلى تعيين رئيس جديد للمفوضية، بدلاً من السايح. لكن محمد حمودة، الناطق باسم الحكومة، قال في المقابل إن «تغيير شاغلي المناصب السيادية، بما في ذلك مفوضية الانتخابات، لن يؤثر على أداء العمل داخل المؤسسات».
وخلال اجتماع آخر لرئيس البعثة الأممية مع رئيس المجلس الأعلى للقضاء، المستشار محمد الحافي، أكد الطرفان ضرورة قيام السلطة الانتقالية الجديدة، بإنفاذ الاستحقاقات المنوطة بها، والمدرجة بخريطة الطريق.
من جانبه، استغل خالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة، محادثات أجراها مع كوبيش للتأكيد على وضع مجلسه الدستوري، في أولوية اهتماماته للوصول إلى إجراء الانتخابات في موعدها المحدد، في 24 ديسمبر (كانون الأول) المقبل.
ونقل عن المبعوث الأممي تأكيده تطابق الرؤى بين الأمم المتحدة، والمجتمع الدولي مع المجلس الأعلى للدولة، بشأن المسارات المطروحة، وضرورة إجراء الانتخابات في موعدها، مشيراً إلى أنهما ناقشا أيضاً اتفاق مجلسي النواب والدولة في منتجع الغردقة المصري مؤخراً، وتصويت الأخير بالموافقة على ما جاء في الاتفاق، وإحالته إلى مجلس النواب.
وفى تطور لافت للانتباه، أعادت فرنسا فتح سفارتها المغلقة في العاصمة طرابلس، منذ عام 2014، فيما أكدت سفيرتها، بياتريس لوفرابير دوهيلين، عقب وصولها بالمناسبة «اعتزامها العمل بكل قوة لتعزيز العلاقات مع السلطات الليبية والشعب الليبي».
ونقلت وكالة الأنباء الليبية، الموالية لحكومة الوحدة، عن دوهيلين أن المحادثات، التي أجراها المنفي في باريس، واجتماعه مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وزيارة وزير الخارجية الفرنسي جان لودريان مؤخراً إلى طرابلس، رفقة نظيريه الألماني والإيطالي، أتاحت المجال للتأكيد على التوافق في وجهات النظر، خصوصاً فيما يتعلق بمسائل الأمن في المتوسط، وشمال أفريقيا ومنطقة الساحل.
وبعدما لفتت إلى تأكيد لودريان على وقوف «الاتحاد الأوروبي» إلى جانب السلطة التنفيذية الجديدة، ومساعدتها في مواصلة التحول الديمقراطي، الذي ينتظره الليبيون، وصولاً إلى الانتخابات المقررة في ديسمبر المقبل، وتطبيق وقف إطلاق النار الكامل، بما في ذلك مغادرة المقاتلين الأجانب للتراب الليبي، باعتبارها مسألة جوهرية، جددت هيلين عزم بلادها على دعم ليبيا من أجل إيجاد الاستقرار والوحدة والسيادة بشكل دائم، والوقوف إلى جانب الليبيين لمواجهة وباء «كورونا».



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.