نجحت جهود تحريك السفينة البنمية الجانحة بقناة السويس «إيفر غيفن»، التي حبست أنفاس العالم لمدة ستة أيام سدت المجرى الحيوي. وتحيي تلك الأنباء الآمال في إعادة فتح أحد أكثر الممرات المائية ازدحاماً في العالم قريباً أمام طابور طويل من السفن التي تنتظر العبور.
وكانت سفينة الحاويات العملاقة التي يبلغ طولها 400 متر وتزن 224 ألف طن انحرفت عن مسارها الثلاثاء الماضي. وظلت السفينة «إيفر غيفن» شاهقة الارتفاع متوقفة بشكل عرضي في المجرى الملاحي للقناة، ومصطدمة بحافة اليابسة، في حدث تعتبر تداعياته بالغة الأهمية بالنسبة للاقتصاد العالمي.
وكانت السفينة العملاقة قد وصلت من عرض البحر إلى موقف أشبه بـ«عنق الزجاجة» في ممر القناة، وسدت «إيفر غيفن» وهي بعرض 59 متراً وارتفاع 60 متراً مع حمولتها القناة بالقرب من مدينة السويس؛ مما أدى إلى قطع حركة الملاحة تماماً بين البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر، في الاتجاهين.
* أسباب الحادث
في حين عُزي الحادث في البدء إلى الرياح القوية المصحوبة بعاصفة رملية، قال رئيس هيئة قناة السويس اللواء أسامة ربيع في وقت لاحق، إن الظروف المناخية القاسية لم تكن السبب الوحيد الذي جعل السفينة تغوص في أرض القناة.
وأشار السبت إلى احتمال وجود خطأ بشري أو فني وراء ذلك أيضاً.
أما أفراد الطاقم البالغ عددهم 25 فرداً، فقد خرجوا سالمين من الحادث، وفقاً لشركة «برنهارت شولته شيبمنجمنت»، التي تؤمّن الإدارة الفنية للسفينة ومقرها في سنغافورة. ولم يُسجل أي تلوث أو تلف في البضائع الموجودة داخل أكثر من 20 ألف حاوية.
* 12 % من تجارة العالم
ودشنت القناة عام 1869، وشهدت منذ ذلك الحين مراحل عدة من التوسيع والتحديث. وأدى شقها إلى تقليص المسافات بشكل كبير بين آسيا وأوروبا، بنحو ستة آلاف كيلومتر بين سنغافورة وروتردام على سبيل المثال.
وأغلقت القناة في الماضي خاصة خلال أزمة السويس عام 1956 عندما أغرقت السلطات المصرية عدداً من السفن.
ويمر عبر القناة، وفقاً للخبراء، ما يقرب من 12 في المائة من التجارة البحرية الدولية. وذكرت هيئة قناة السويس، أن ما يقرب من 19 ألف سفينة عبرت القناة في عام 2020.
* تداعيات الحادث
ونتيجة للحادث الأخير، هناك أكثر من 400 سفينة، بينها سفن شحن تنقل الماشية والنفط الإيراني تنتظر على طرفي القناة الاثنين، وفقاً لرئيس الهيئة.
تسبب الإغلاق في تأخير تسليم النفط والسلع الأخرى؛ مما أثر على أسعار الذهب الأسود التي ارتفعت في أواخر الأسبوع الماضي. لكن الخبراء يؤكدون أن المخزونات كافية وهناك مصادر أخرى للإمداد.
ولكن بعض الدول تأثرت بصورة ملموسة، مثل سوريا التي أعلنت السبت أنها بدأت تقنين توزيع المحروقات بسبب تأخير تسليم شحنة تنتظرها.
* خسائر طائلة
من جهتها، شددت الهيئة على أن مصر تخسر ما بين 12 و14 مليون دولار (10 إلى 11.8 مليون يورو) في اليوم بسبب الإغلاق، بينما تقدر مجلة «لويدز ليست» المتخصصة، أن سفينة الحاويات تعطل كل يوم مرور بضائع بقيمة نحو 8.1 مليار يورو.
وذكرت شركة التأمين «أليانز»، أن كل يوم من التعطيل «يمكن أن يكلف التجارة العالمية ما بين ستة وعشرة مليارات دولار».
وقالت وكالة «فيتش» للتصنيفات الائتمانية، إن سد واحدة من أكبر سفن الحاويات في العالم لقناة السويس قد يكبّد قطاع إعادة التأمين مئات الملايين من اليورو.
واختار العديد من عمالقة النقل البحري، مثل شركة «مايرسك» الدولية و«سي إم إيه - سي جي إم» الفرنسية تحويل بعض السفن إلى طريق رأس الرجاء الصالح - وهو التفاف قد يصل إلى 9000 كيلومتر - أو سبعة أيام أخرى على الأقل من الملاحة.
* محاولات تعويم يومية
أعلنت هيئة قناة السويس، الخميس، أن حركة الملاحة البحرية «متوقفة مؤقتاً»، في حين قالت الشركة التي تم تكليفها «بإنقاذ» السفينة، إن الأمر سيستغرق «أياماً أو حتى أسابيع».
فشلت أول عملية إنقاذ نفذت الجمعة. وفي اليوم التالي، قال ربيع، إن السفينة «تحركت 30 درجة يميناً ويساراً» للمرة الأولى، في حين أكد أنه «مؤشر جيد».
لكن التطور الأهم سُجل في ساعة مبكرة من صباح الاثنين، عندما أعلن اللواء بحري ربيع، أن السفينة وضعت بنسبة «80 في المائة في الاتجاه الصحيح»، مضيفاً أن عملية التعويم التي بدأت فجر الاثنين شاركت فيها أكثر من 10 قاطرات عملاقة نجحت في «تعديل مسار السفينة وابتعاد مؤخرة السفينة عن الشط بمسافة 102 متر بدلاً من 4 أمتار».
وقالت هيئة القناة، إن «مناورات إعادة التعويم» ستستأنف عندما يزيد تدفق المياه مرة أخرى بفعل حركة المد في القناة في الساعة 11:30 بالتوقيت المحلي (09:30 بتوقيت غرينتش)».