منظمة الصحة «تستبعد تماماً» تسرب فيروس كورونا من مختبر

رجحت انتقاله من الحيوان إلى الإنسان

نقل مصاب بكورونا إلى أحد مستشفيات ووهان بعد تفشي الوباء العام الماضي (أ.ب)
نقل مصاب بكورونا إلى أحد مستشفيات ووهان بعد تفشي الوباء العام الماضي (أ.ب)
TT

منظمة الصحة «تستبعد تماماً» تسرب فيروس كورونا من مختبر

نقل مصاب بكورونا إلى أحد مستشفيات ووهان بعد تفشي الوباء العام الماضي (أ.ب)
نقل مصاب بكورونا إلى أحد مستشفيات ووهان بعد تفشي الوباء العام الماضي (أ.ب)

خلص تقرير مشترك لخبراء منظمة الصحة العالمية وآخرين صينيين إلى أن انتقال فيروس كورونا إلى الإنسان عبر حيوان فرضية «محتملة إلى محتملة جداً»، في مقابل «استبعاد تام» لفرضية تسرّب الفيروس من مختبر.
وبحسب النسخة النهائية للتقرير الذي حصلت «وكالة الصحافة الفرنسية» على نسخة منه، شدّد الخبراء الذين قال بعضهم إنهم لم يكن لديهم المجال الكافي للعمل بحرية خلال فترة الأسابيع الأربعة لإقامتهم في الصين، على «ضرورة إجراء تحقيقات أخرى تشمل نطاقاً جغرافياً أكبر»؛ وذلك نظراً لما كتب عن دور حيوانات أليفة كوسيط في نقل الأمراض المستجدة.
ووفقاً لوكالة أنباء «أسوشييتد برس»، فقد وضع الباحثون أربعة سيناريوهات عن أصل «كورونا».
وكان انتقال العدوى من الخفافيش إلى البشر من خلال حيوان آخر على رأس قائمة الاحتمالات، حيث قالوا إنها فرضية «محتملة جداً».
أما انتقال الفيروس من الخفافيش إلى البشر مباشرة فقد وصفها الخبراء بأنها فرضية «محتملة»، في الوقت الذي أكدوا فيه أن الانتشار من خلال المنتجات الغذائية المجمدة «أمر ممكن، ولكنه غير مرجح».

واستبعد الباحثون تماماً فرضية تسرّب الفيروس من مختبر.

وتم تأخير إصدار التقرير مراراً وتكراراً؛ مما أثار تساؤلات حول ما إذا كان الجانب الصيني يحاول تحريف الاستنتاجات لمنع إلقاء اللوم بخصوص ظهور الوباء وتفشيه على بكين.

يأتي نشر التقرير المشترك الذي طال انتظاره ولم تكن استنتاجاته مفاجئة، بعد 15 شهراً على ظهور أولى الإصابات بـ«كوفيد - 19» في ووهان في نهاية ديسمبر (كانون الأول) 2019.


ومذّاك أوقعت الجائحة أكثر من 2.7 مليون وفاة في العالم، وألحقت ضرراً بالغاً بالاقتصاد الدولي.
وفي حين يتواصل تزايد الإصابات بالفيروس جراء متحوّرات أكثر قدرة على التفشي وربما أكثر فتكاً رغم حملات التلقيح المتسارعة، تتراوح تدابير الدول بين تشديد الإغلاق أو تخفيفه.
في إنجلترا حيث عاودت المدارس فتح أبوابها في الثامن من مارس، بدأت المرحلة الثانية من خطة تدريجية لتخفيف قيود الإغلاق، بالسماح بتجمّع ستة أشخاص كحد أقصى في الهواء الطلق وكذلك بممارسة الرياضة، مع الدعوة إلى اليقظة تحسباً من متحوّرات فيروسية لا تزال البلاد بمنأى منها.
ويؤكد تقرير الخبراء الاستنتاجات الأولية التي قدّموها في التاسع من فبراير (شباط) في المدينة الصينية التي ظهر فيها الفيروس للمرة الأولى.


ولن تحول استنتاجات التقرير دون تجدد الاتهامات لمنظمة الصحة العالمية باسترضاء الصين، ويقول مراقبون إن الخبراء لم يكن لديهم المجال الكافي للعمل بحرية خلال فترة الأسابيع الأربعة لإقامتهم في ووهان.
واجهت البعثة التي عُد عملها بالغ الأهمية لتعزيز فرص التصدي لأي جائحة جديدة قد يشهدها العالم وكُلفت تحديد كيفية انتقال الفيروس إلى الإنسان، صعوبات في الوصول إلى الصين التي ترددت كثيراً في السماح لهؤلاء الخبراء العالميين متعددي الاختصاصات، من الأوبئة إلى علم الحيوان، بدخول أراضيها.


وفي نهاية المطاف سمحت السلطات الصينية للخبراء بالعمل على أراضيها لفترة امتدت بين 14 يناير (كانون الثاني) و9 فبراير.
ويرجّح الخبراء النظرية العامة للانتقال الطبيعي للفيروس من مصدره الحيواني وهو على الأرجح الخفافيش، إلى الإنسان عبر حيوان وسيط لم يتم تحديده بعد.
ويعتبر التقرير أن فرضية الانتقال المباشر من الحيوان المصدر (أو الخزان) إلى الإنسان «ممكنة إلى مرجّحة. ولم يستبعد الخبراء نظرية الانتقال عبر اللحوم المجلّدة، وهي النظرية التي ترجّحها بكين، معتبرين أن هذا السيناريو (ممكن)».
ويوصي التقرير بمواصلة الدراسات على قاعدة هذه الفرضيات الثلاث، ويستبعد في المقابل إمكان أن يكون الفيروس انتقل إلى الإنسان جراء حادث في مختبر.
وكانت إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب اتّهمت معهد ووهان للفيروسات الذي يجري أبحاثاً حول مسببات أمراض خطرة بالتسبب بتسريب الفيروس، عمداً أم عن غير عمد.

وفي التقرير، أشار الخبراء إلى أنهم لم يدرسوا فرضية التسريب العمد، واعتبروا أن التسرّب جراء حادث مختبر «مستبعد تماماً».
وخلص الخبراء في تقريرهم إلى أن دراسات سلسلة الإمداد لسوق هوانان (وغيرها من أسواق ووهان) لم تؤدِ إلى إيجاد «أدلة على وجود حيوانات مصابة، لكن تحليل سلاسل الإمداد وفّر معلومات» مجدية لدراسات لاحقة محددة الأهداف، خصوصاً في مناطق مجاورة.
ويدعو الخبراء إلى «عدم إهمال المنتجات الحيوانية المصدر القادمة من مناطق تقع خارج نطاق جنوب شرقي آسيا».
ويوصي التقرير بإجراء تحقيقات «في مناطق أوسع نطاقاً وفي عدد أكبر من البلدان».
وشددت منظمة الصحة على ضرورة التحلي بالصبر من أجل الوصول إلى أجوبة على التساؤلات المطروحة.
أنشئت البعثة بموجب قرار تبنّاه أعضاء منظمة الصحة العامة في 19 مايو (أيار) 2020. كلّف الخبراء «تحديد المنشأ الحيواني للفيروس وطريق انتقاله إلى الإنسان (...) عبر مهمات علمية وتنسيق ميداني».

 


مقالات ذات صلة

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

آسيا أحد أفراد الطاقم الطبي يعتني بمريض مصاب بفيروس كورونا المستجد في قسم كوفيد-19 في مستشفى في بيرغامو في 3 أبريل 2020 (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

قالت منظمة الصحة العالمية إن زيادة حالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي الشائعة في الصين وأماكن أخرى متوقعة

«الشرق الأوسط» (لندن )
صحتك جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

فيروس مدروس جيداً لا يثير تهديدات عالمية إلا إذا حدثت طفرات فيه

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.