استحداث لجنة لـ«متابعة تنفيذ اللقاحات» ينذر باشتباك حول الصلاحيات في لبنان

رئيس «اللجنة العلمية الوطنية لإدارة ملف لقاح (كورونا)» الدكتور عبد الرحمن البزري (الوكالة الوطنية)
رئيس «اللجنة العلمية الوطنية لإدارة ملف لقاح (كورونا)» الدكتور عبد الرحمن البزري (الوكالة الوطنية)
TT

استحداث لجنة لـ«متابعة تنفيذ اللقاحات» ينذر باشتباك حول الصلاحيات في لبنان

رئيس «اللجنة العلمية الوطنية لإدارة ملف لقاح (كورونا)» الدكتور عبد الرحمن البزري (الوكالة الوطنية)
رئيس «اللجنة العلمية الوطنية لإدارة ملف لقاح (كورونا)» الدكتور عبد الرحمن البزري (الوكالة الوطنية)

يدور خلاف صامت في لبنان بين رئيس «اللجنة الوطنية للقاحات» الدكتور عبد الرحمن البزري، ورئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، على خلفية استحداث الأخير لجنة جديدة لـ«متابعة تنفيذ اللقاحات» أوكل رئاستها إلى مستشارته للشؤون الصحية الدكتورة بترا خوري، وتضم؛ إضافة إليها، 15 عضواً؛ معظمهم من مستشارين وأطباء عاملين في وزارة الصحة والقطاع العام. وكان استجاب لرغبته الوزير حمد حسن، وبادر إلى إصدار قرار بهذا الخصوص يوم الجمعة الماضي، رغم أنه يلقى تحفظاً من البزري والبنك الدولي الذي يفضل؛ كما أبلغ المعنيين، عدم تعدد اللجان.
وفي المعلومات التي توافرت لـ«الشرق الأوسط» من مصادر وزارية متعددة الأطراف، أن البزري على موعد غداً (الثلاثاء) مع الوزير حسن لينقل إليه الأسباب الكامنة وراء تحفظه على استحداث لجنة موازية للجنة التي يرأسها، والتي تلتقي مع تحفظات البنك الدولي الذي ينسق مع البزري ويتوليان معاً مراقبة تنفيذ اللقاحات التي استوردها لبنان بعد حصوله على قرض من البنك الدولي خصص قسماً منه لتغطية التكلفة المالية لاستيراد اللقاحات، وبالتالي لا مبرر لوجود لجنة رديفة برئاسة خوري التي هي في الأساس عضو في اللجنة الوزارية المشكّلة برئاسة دياب لمكافحة انتشار وباء فيروس «كورونا» والعمل على استيعابه لمنع تفشيه كما هو حاصل الآن بخلاف ما كان يتوقعه بعض أعضائها.
وبحسب المعلومات، فإن التحفظات المحلية والأممية على تشكيل اللجنة تنطلق من الملاحظات التي توصل إليها عدد من الوزراء الأعضاء في اللجنة الوزارية ومعها عدد من المستشارين؛ ومنهم من يتصرف على أساس أنهم «سوبر وزراء»، فيما يجهل مراقبو أداء اللجنة الأسباب التي حالت دون إشراك رئيس اللجنة النيابية للشؤون الصحية النائب عصام عراجي وأعضاء باللجنة في اجتماعات اللجنة الوزارية.
وقد يكون استبعاد عراجي؛ الطبيب الاختصاصي في قسم القلب، يعود لأسباب سياسية بسبب انتمائه إلى «تيار المستقبل» وأن التذرُّع بالفصل بين السلطات لا أساس له، خصوصاً أن اللجنة تضم هذا الكم العددي الذي لا مبرر له ومن بين أعضائها من لا يملكون المؤهلات العلمية الطبية؛ فالمستشارة الصحية للرئيس دياب كانت وراء ممارسة أقصى الضغوط في اجتماعات اللجنة الوزارية لدفعها إلى اتخاذ القرار «الملغوم» الذي قضى بفتح البلد على مصراعيه في الفترة الزمنية الممتدة بين عيدي الميلاد ورأس السنة بذريعة أن هناك ضرورة للعودة مؤقتاً عن الإقفال التام لإعادة تحريك العجلة الاقتصادية.
ولقيت دعوتها التأييد المطلوب من دياب ورئيس الجمهورية ميشال عون الذي لم يبدِ اعتراضاً فحسب؛ وإنما تجاوب مع طلب الهيئات الاقتصادية التي كانت على تواصل معه وتعهدت في حينها بالالتزام بتطبيق الإجراءات والتدابير، خصوصاً في المطاعم والملاهي الليلية - وبعضها أقام حفلات غنائية بمناسبة حلول أعياد رأس السنة - لمنع تفشّي وباء فيروس «كورونا» ومنع انتشاره.
وتردد أن الوزراء حمد حسن ورمزي مشرفية وعماد حب الله ومعهم نائب رئيس الحكومة وزيرة الدفاع الوطني زينة عكر كانوا من المعارضين لإعادة فتح البلد، محذّرين من الارتدادات السلبية المترتبة على تنفيذ القرار، والتي ستدفع حتماً إلى ارتفاع منسوب المصابين بـ«كورونا» بشكل تعجز معه المستشفيات عن استقبال هذا الكم العددي من المصابين.
وتبيّن فور انتهاء عطلة الأعياد أن عدد المصابين والوفيات ارتفع بشكل جنوني بخلاف ادعاء من كانوا وراء قرار إعادة فتح البلد بأن ارتفاع الأعداد جاء بعد الانفجار الذي حصل في مرفأ بيروت، خصوصاً أن المعترضين ومعهم عراجي كانوا حذّروا سلفاً من اضطرار السلطات المعنية لاحقاً إلى اتخاذ قرار بإقفال البلد لشهرين لاستيعاب ألوف المصابين في ظل عدم قدرة المستشفيات على تأمين الأسرّة لهم لتلقّيهم العلاج.
كما تبيّن أن دياب لم يأخذ بالمحاذير التي أثارها الوزراء المعترضون على قرار إعادة فتح البلد، وتولى الاتصال بعدد من أعضاء اللجنة لإقناعهم بدعم القرار الذي لم يكن مدروساً وكان بمثابة دعسة ناقصة تولّت خوري تسويقها، مما أثار حفيظة أحد الوزراء الذي اضطر للانسحاب من الاجتماع احتجاجاً على الاتصال بما تسمى «مرجعيته السياسية» طلباً لإقناعه بتبديل موقفه بخلاف قناعته التي أملت عليه تحكيم ضميره برفض القرار خوفاً من إقحام البلد في فلتان صحي؛ وهذا ما حدث.
ويبقى السؤال: هل من مبرر لهذه الازدواجية في متابعة تنفيذ اللقاحات باستحداث لجنة موازية برئاسة خوري، وبالتالي؛ فإن المخرج يكون بإلحاقها بـ«اللجنة الوطنية للقاحات» لئلا يرتد التضارب في الصلاحيات سلباً على المهام الموكلة إليهما، ولئلا يضطر الرئيس دياب للتدخل شخصياً لفض النزاعات بين اللجنتين، خصوصاً أنه كان تدخّل سابقاً لإصلاح ذات البين بين خوري وعدد من الوزراء الأعضاء في اللجنة الوزارية.



حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).