قبل ستين عاماً وفي 12 أبريل (نيسان) 2021، أصبح رائد الفضاء السوفياتي يوري غاغارين أول رجل ينطلق إلى الفضاء، ويكمل مداراً واحداً حول الأرض في 108 دقائق. وقد وظّف الاتحاد السوفياتي السابق، هذا العمل الفذّ -الذي جعل غاغارين بطلاً قومياً– في عملية انقلاب دعائي كبير في أثناء «الحرب الباردة».
في صباح ذلك اليوم عام 1961، تمت مساعدة الملازم في سلاح الجو السوفياتي، يوري ألكسييفيتش غاغارين، في ارتداء بدلة فضاء برتقالية وتم نقله إلى الموقع رقم 1 في «ميدان تجارب الصواريخ في تيوراتام» -الذي أصبح لاحقاً «مركز بايكانور للإطلاق الفضائي»- في السهوب المقفرة في جمهورية كازاخستان.
تم تثبيت الرائد الفضائي الأول داخل كبسولة «فوستوك» التي تعني «الشرق» -الصغيرة المستديرة في الجزء العلوي من صاروخ R - 7 ICBM (صاروخ باليستي عابر للقارات) بوزن 280 طناً، المصمَّم لنقل قنبلة نووية- وفي الساعة 9.06.59 صباحاً، ارتفع من منصة الإطلاق، مع صرخة «بويخالي - Poyekhali» التي تعني «هيا بنا»!
وبعد ما يزيد قليلاً على ثلاث دقائق، انفصل الداعم الأساسي للصاروخ وشُغّلت المرحلة النهائية، مما دفع كبسولة غاغارين «فوستوك» إلى مستوى سرعة يتحدى الجاذبية 6000 متر في الثانية. ثم وبعد تسع دقائق من الرحلة، وصلت المركبة إلى المدار.
ويتذكر مهندس الأبحاث ميخائيل ماروف، حديث غاغارين بهدوء: «أستطيع أن أرى الغيوم. أستطيع أن أرى كل شيء. إنه (شيء) جميل»، كما قال لمركز التحكم في المهمة.
وبعد مرور ستين عاماً، ستخضع الاحتفالات بـ«ليلة يوري» -كما أصبح يوم 12 أبريل معروفاً في جميع أنحاء العالم- للقيود وسط جائحة فيروس «كورونا». وقد خططت وكالة الفضاء الروسية «روسكوزموس» لإجراء مناقشة في الأمم المتحدة مع الأميركيين حول مستقبل برامج الفضاء المشتركة.
وسرّعت رحلة غاغارين التاريخية المنافسة في حقبة الحرب الباردة، حيث أصبح آلان شيبرد من وكالة «ناسا» الفضائية الأميركية، ثاني رجل في الفضاء، بعد ثلاثة أسابيع فقط من الرائد الروسي.
توصلت دراسة جديدة إلى نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات على كوكب الأرض مشيرة إلى أن نظرية «تبلور العقيق المعدني» الشهيرة تعتبر تفسيراً بعيد الاحتمال للغاية.
«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
قبل بضع سنوات، وجدت شانون فالور نفسها أمام تمثال «بوابة السحاب (Cloud Gate)»، الضخم المُصمَّم على شكل قطرة زئبقية من تصميم أنيش كابور، في حديقة الألفية في شيكاغو. وبينما كانت تحدق في سطحه اللامع المرآتي، لاحظت شيئاً، كما كتب أليكس باستيرناك (*).
وتتذكر قائلة: «كنت أرى كيف أنه لا يعكس أشكال الأفراد فحسب، بل والحشود الكبيرة، وحتى الهياكل البشرية الأكبر مثل أفق شيكاغو... ولكن أيضاً كانت هذه الهياكل مشوَّهة؛ بعضها مُكبَّر، وبعضها الآخر منكمش أو ملتوٍ».
تشويهات التعلم الآلي
بالنسبة لفالور، أستاذة الفلسفة في جامعة أدنبره، كان هذا يذكِّرنا بالتعلم الآلي، «الذي يعكس الأنماط الموجودة في بياناتنا، ولكن بطرق ليست محايدة أو موضوعية أبداً»، كما تقول. أصبحت الاستعارة جزءاً شائعاً من محاضراتها، ومع ظهور نماذج اللغة الكبيرة (والأدوات الكثيرة للذكاء الاصطناعي التي تعمل بها)، اكتسبت مزيداً من القوة.
مرايا الذكاء الاصطناعي مثل البشر
تبدو «مرايا» الذكاء الاصطناعي مثلنا كثيراً؛ لأنها تعكس مدخلاتها وبيانات التدريب، مع كل التحيزات والخصائص التي يستلزمها ذلك. وبينما قد تنقل القياسات الأخرى للذكاء الاصطناعي شعوراً بالذكاء الحي، فإن «المرآة» تعبير أكثر ملاءمة، كما تقول فالور: «الذكاء الاصطناعي ليس واعياً، بل مجرد سطح مسطح خامل، يأسرنا بأوهامه المرحة بالعمق».
النرجسية تبحث عن صورتها
كتابها الأخير «مرآة الذكاء الاصطناعي (The AI Mirror)»، هو نقد حاد وذكي يحطِّم عدداً من الأوهام السائدة التي لدينا حول الآلات «الذكية». يوجه بعض الاهتمام الثمين إلينا نحن البشر. في الحكايات عن لقاءاتنا المبكرة مع برامج الدردشة الآلية، تسمع أصداء نرجس، الصياد في الأساطير اليونانية الذي وقع في حب الوجه الجميل الذي رآه عندما نظر في بركة من الماء، معتقداً بأنه شخص آخر. تقول فالور، مثله، «إن إنسانيتنا مُعرَّضة للتضحية من أجل هذا الانعكاس».
تقول الفيلسوفة إنها ليست ضد الذكاء الاصطناعي، لكي نكون واضحين. وسواء بشكل فردي، أو بصفتها المديرة المشارِكة لمنظمة «BRAID»، غير الربحية في جميع أنحاء المملكة المتحدة المكرسة لدمج التكنولوجيا والعلوم الإنسانية، قدَّمت فالور المشورة لشركات وادي السيليكون بشأن الذكاء الاصطناعي المسؤول.
نماذج «مسؤولة» ومختبرة
وهي ترى بعض القيمة في «نماذج الذكاء الاصطناعي المستهدفة بشكل ضيق والآمنة والمختبرة جيداً والمبررة أخلاقياً وبيئياً» لمعالجة المشكلات الصحية والبيئية الصعبة. ولكن بينما كانت تراقب صعود الخوارزميات، من وسائل التواصل الاجتماعي إلى رفاق الذكاء الاصطناعي، تعترف بأن ارتباطها بالتكنولوجيا كان مؤخراً «أشبه بالوجود في علاقة تحوَّلت ببطء إلى علاقة سيئة. أنك لا تملك خيار الانفصال».
فضائل وقيم إنسانية
بالنسبة لفالور، إحدى الطرق للتنقل وإرشاد علاقاتنا المتزايدة عدم اليقين بالتكنولوجيا الرقمية، هي الاستفادة من فضائلنا وقيمنا، مثل العدالة والحكمة العملية. وتشير إلى أن الفضيلة لا تتعلق بمَن نحن، بل بما نفعله، وهذا جزء من «صراع» صنع الذات، بينما نختبر العالم، في علاقة مع أشخاص آخرين. من ناحية أخرى، قد تعكس أنظمة الذكاء الاصطناعي صورة للسلوك أو القيم البشرية، ولكن كما كتبت في كتابها، فإنها «لا تعرف عن التجربة الحية للتفكير والشعور أكثر مما تعرف مرايا غرف نومنا آلامنا وأوجاعنا الداخلية».
الخوارزميات والعنصرية وعدم المساواة
في الوقت نفسه تعمل الخوارزميات المدربة على البيانات التاريخية، بهدوء، على تقييد مستقبلنا بالتفكير نفسه الذي ترك العالم «مليئاً بالعنصرية والفقر، وعدم المساواة، والتمييز، وكارثة المناخ».
«كيف سنتعامل مع تلك المشكلات الناشئة التي ليست لها سابقة؟»، تتساءل فالور، وتشير: «مرايانا الرقمية الجديدة تشير إلى الوراء».
الاعتماد على السمات البشرية المفيدة
مع اعتمادنا بشكل أكبر على الآلات، وتحسينها وفقاً لمعايير معينة مثل الكفاءة والربح، تخشى فالور أننا نخاطر بإضعاف عضلاتنا الأخلاقية أيضاً، وفقدان المسار للقيم التي تجعل الحياة تستحق العناء.
مع اكتشافنا لما يمكن أن يفعله الذكاء الاصطناعي، سنحتاج إلى التركيز على الاستفادة من السمات البشرية الفريدة أيضاً، مثل التفكير القائم على السياق والحكم الأخلاقي، وعلى تنمية قدراتنا البشرية المتميزة. كما تعلمون. وهي تقول: «لسنا بحاجة إلى هزيمة الذكاء الاصطناعي. نحن بحاجة إلى عدم هزيمة أنفسنا».