حكايات أقرب إلى الخيال عن فاعلية الأعشاب الطبية التي يعرضها عليك الباعة في أسواق مدينة عدن القديمة، التي لا تزال تحافظ على حضورها وتجذب السكان والزائرين إليها رغم انتشار المجمعات التجارية الحديثة والكبيرة في أرجاء المدينة. وإلى جانب أنك تلامس عبق التاريخ فإنك تجد مختلف أنواع البهارات وأدوات التجميل التقليدية والحديثة، والأدوات المنزلية وتشكيلات الحديد أو الألمنيوم.
في هذه المحلات يقدمون لك أدوية لكل شيء من وصفات من الأعشاب يؤكدون أنها قادرة على رفع مقاومة الجسم، وأخرى لتنظيف البشرة وعلاج تساقط الشعر، وعلاج اضطرابات الطمث، إلى جانب مختلف أنواع البهارات، والأدوات المنزلية والعطورات المركّبة محلياً.
في محله الشهير يقف أسامة العكبار وسط الأكياس الممتلئة بمختلف أنواع الأعشاب والبهارات، فيما العبوات الصغيرة وُزعت في أكياس بلاستيكية ووُضعت على أرفف. يقول: «لدينا عشبة المورينغا وهي تقوّي المناعة والقلب والأعصاب، كما أن لدينا القسط الهندي وهو علاج للسعال وألم المفاصل والمعدة، كذلك الزعتر يُستخدم لعلاج السعال وسوء الهضم، والبردقوش يستخدم لعلاج الضغط والهرمونات وعلاج حساسية الأنف».
يقدم أسامة أيضاً «الصبر السقطري» كوصفة علاجية للديدان والسكر وإذابة الدهون، بينما عشبة «لبسنا» تُستخدم أيضاً لعلاج الديدان والإمساك وكمرطّب للمعدة، كما يباع «العرق سوس» كعلاج للسعال والمعدة، أما عشبة «الهندباء البرية» فإنها -وفق ما يقول العكبار- تقضي على الدهون والكولسترول، كما أن أوراق الزيتون تستخدم كعلاج للسكر والسعال والديدان، ويستخدم «شب الفؤاد» كمزيل للعرق ومطهر عام.
أسواق عدن القديمة كانت تُوزَّع حسب نوعية البضائع التي تُباع فيها؛ فهناك سوق للطعام وكانت تباع فيه أنواع الحبوب، وسوق الحدادين حيث يتم تشكيل الحديد حسب الحاجة لاستخدامه، والمعادن، وسوق البهرة وكان في الغالب يمتلك محلاته أبناء طائفة البهرة وهي طائفة قديمة الوجود والحضور في المدينة وكانت لها مساجدها الخاصة، ولأن مع غزو المنتجات المستوردة وتراجع الأعمال الحرفية يبدو أغلب البضائع المعروضة فيه مقلَّدة ومستوردة تفتقر لجودة المنتجات الحرفية المحلية. الحي القديم من عدن المعروف باسم «كريتر» اشتهر بالأسواق القديمة التقليدية التي تجتذب المتسوقين وتلبّي احتياجاتهم المختلفة، ويضم السوق الطويلة وتتفرع عنه سوق الحدادين وكانت توجد فيه محلات الحدادة والسباكة وصناعة السكاكين والأدوات الزراعية كالفؤوس والمحاريث وغيرها من البضائع، وسوق البُهرة وكانت توجد فيه محلات العطور والبهارات وبعض مواد البناء وغيرها من البضائع.
إضافة إلى سوق «البز» الخاص ببيع الملابس الرجالية والنسائية الحديثة والتقليدية منها المُحاكة محلياً، والمحلات الخاصة بأعمال التطريز والخياطة، لكن اليوم هناك محلات كبيرة لبيع أدوات التجميل الحديثة، ومعارض كثيرة لبيع أحدث أنواع الملابس الرجالية والنسائية. كما كانت هناك سوق «الاتحاد»، وكانت غالبية تجار هذه السوق هنود من فئة الكشوش. وسوق «الحراج» وتوجد فيه المحلات المتخصصة في بيع البضائع المستعملة.
ويلاحظ الزائر أن رواد هذه الأسواق من مختلف الأعمار من الجنسين وإن كان كبار السن أكثر تعلقاً بما فيها من معروضات ويثقون بأن الأعشاب والوصفات الطبية للعطارين أكثر فائدة من الأدوية، ومع أن الكثير من الرجال لا يزالون يرتدون اللباس الشعبي المعروف (المعوز والفوطة) فإن الزي التقليدي للنساء والمعروف باسم (الشيدر) بدأ في الانقراض ونادراً ما تشاهد امرأة من كبار السن ترتديه، أما النساء متوسطات العمر والفتيات فلم يعدن يرتدينه.
أسواق عدن القديمة: أعشاب طبية وبهارات
أسواق عدن القديمة: أعشاب طبية وبهارات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة