انهيار عقار بالقاهرة يصدم المصريين بعد «كارثة القطارين»

خلّف قتلى وجرحى... والنيابة تبدأ تحقيقات عاجلة

عمال الإنقاذ يبحثون عن ناجين وسط أنقاض المبنى المنهار شرق القاهرة أمس (د.ب.أ)
عمال الإنقاذ يبحثون عن ناجين وسط أنقاض المبنى المنهار شرق القاهرة أمس (د.ب.أ)
TT

انهيار عقار بالقاهرة يصدم المصريين بعد «كارثة القطارين»

عمال الإنقاذ يبحثون عن ناجين وسط أنقاض المبنى المنهار شرق القاهرة أمس (د.ب.أ)
عمال الإنقاذ يبحثون عن ناجين وسط أنقاض المبنى المنهار شرق القاهرة أمس (د.ب.أ)

بعد ساعات فقط من «مأساة تصادُم قطاري سوهاج» في جنوب مصر، صُدم المصريون، أمس، بانهيار عقار شرق العاصمة القاهرة، خلّف 5 قتلى و24 مصاباً، لكن لا يزال البحث جارياً عن ناجين أو ضحايا. في حين قرر النائب العام المصري، المستشار حمادة الصاوي، فتح تحقيق عاجل في حادث انهيار العقار.
في غضون ذلك، وجّه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بـ«تطبيق الإجراءات التي من شأنها أن تحقق التوازن، ما بين اكتمال مخطط التحديث الجذري الشامل لمرفق السكة الحديد على مستوى ربوع البلاد، وما يحتويه من نظم إلكترونية حديثة، بالتوازي مع استمرار تشغيل وتسيير القطارات، وذلك لضمان تعزيز معايير السلامة والأمان للركاب، مع تقبل إمكانية حدوث بعض التأخير في مواعيد القطارات، إلى حين الانتهاء من تحديث المنظومة، وقيام المسؤولين المعنيين بشرح دقيق للمواطنين بكل التفاصيل ذات الصلة، التي سوف يتم تطبيقها في هذا الإطار». وقال الرئيس إن اكتمال المنظومة بشكل نهائي «هو السبيل الوحيد لإنهاء هذا النمط من الكوارث».
واطلع السيسي على تفاصيل حادث قطاري سوهاج وملابساته وتطورات التحقيقات الجارية، فضلاً عن التقارير المتعلقة بما تم اتخاذه حتى الآن من إجراءات علاجية وطبية تجاه المصابين، وكذا التعويضات، وذلك خلال اجتماع عُقد أمس مع رئيس مجلس الوزراء، الدكتور مصطفى مدبولي، بحضور عدد من الوزراء. كما تلقى الرئيس المصري، أمس، اتصالين من الملك عبد الله الثاني ملك الأردن، والرئيس التونسي قيس سعيد، للتعزية في حادث تصادم القطارين، الذي وقع أول من أمس.
من جهته، قال مدبولي، خلال مؤتمر صحافي بمجلس الوزراء المصري، أمس، إنه «حضر اجتماع الرئيس السيسي من أجل متابعة تداعيات حادث سوهاج، ووضع رؤية محددة للتعامل مع قطاع السكك الحديدية، بحيث يتم تحديد آلية العمل بها خلال الفترة المقبلة، بأقل قدر من المخاطر، لحين اكتمال خطة التحديث والتطوير لهذا القطاع الحيوي»، لافتاً إلى أن «هناك تحديثاً كاملاً لأرقام المصابين والضحايا، وتواصلاً لعمليات إزالة تداعيات الحادث من موقع حدوثه، طوال فترة وجودنا، أول من أمس، في سوهاج، بصحبة عدد من الوزراء. كما استمرت جميع فرق العمل في مباشرة عملها هناك».
وأشار مدبولي إلى أن «الرئيس السيسي وجّه بسرعة صرف التعويضات الملائمة لأسر المتوفين والمصابين، وتقديم أقصى درجة ممكنة من الرعاية الطبية الكاملة لهم، والعمل على سرعة تأهيلهم، مع صرف معاش ثابت لكل مصاب تسبب الحادث في إحداث نوع من العجز لديه، يمنعه من القيام بعمله، وهو الأمر الذي يأتي في إطار الإعلان عما تنوي الدولة القيام به خلال الفترة المقبلة».
من جانبه، اعتذر وزير النقل المصري، كامل الوزير، عن حادث القطارين، أمس، وقال إن وزارته «قامت خلال الفترة الماضية بالمواءمة بين متطلبات التشغيل والتحديث في خطوط السكك الحديدية»، لافتاً إلى أنه «يتم العمل على استخدام الأجهزة للسيطرة على سير القطارات، والتحكم فيها بشكل أوتوماتيكي، منعاً لوقوع الحوادث الناجمة عن الأخطاء البشرية».
في سياق ذلك، أعلنت الهيئة القومية لسكك حديد مصر، أمس، «عودة حركة القطارات على خط (القاهرة - السد العالي) بالاتجاهين»، مؤكدة «انتظام حركة القطارات بجميع الخطوط، وصلاحية أنظمة التشغيل على جميع خطوط الشبكة». كما أدت قيادات وزارة الأوقاف المصرية صلاة الغائب على ضحايا حادث القطارين من مسجد السيدة نفيسة، جنوب القاهرة أمس، عقب صلاة العشاء، مع مراعاة جميع الإجراءات الاحترازية والتباعد الاجتماعي.
وكانت «النيابة العامة» في مصر قد أمرت بـ«التحفظ على بطاقات ذاكرة وحدة التحكم الرئيسية للقطارين، وأجهزة التحكم ببرج المراقبة، ووحدات تخزين بيانات الكاميرات به، وبمزلقان السكة الحديد، وكذا الكاميرات التي قد يُعثر عليها بالمساكن والمنشآت المطلة على موقع الحادث لفحصها». إضافة إلى «تحديد مدى صلاحية خطوط السكك الحديدية بموقع الحادث لسير القطارات عليها، ومدى سلامة الأجهزة المسؤولة عن تحويل القطارات بينها، وكذا فحص أجهزة غرفة التحكم بالإشارات، الموجودة ببرج المراقبة الخاص بأقرب محطة، وفحص مدى صلاحية القطارين وأجهزة التشغيل والسلامة فيهما، خاصة أجهزة التوقف (المكابح والتحكم الآلي)، ومطابقتهما للمواصفات والمعايير المقررة لتشغيلهما». وكانت هيئة السكك الحديدية قد أفادت، في بيان رسمي لها، أول من أمس، بأن «مجهولين فتحوا مكابح الطوارئ في بعض العربات، ما تسبب في توقف أحد القطارين، واصطدام الآخر به من الخلف».
إلى ذلك، تواصل قوات الحماية المدنية المصرية، «العمل على رفع الأنقاض بعقار منطقة جسر السويس (شرق العاصمة) المنهار في القاهرة».
وانهار البناء السكني، المكون من دور أرضي وتسعة طوابق، وقامت 40 سيارة إسعاف بنقل المصابين إلى المستشفيات. فيما قرر محافظ القاهرة، خالد عبد العال، أمس، «تشكيل لجنة هندسية لفحص العقارات المجاورة للعقار المنهار، وبيان مدى تأثرها من الانهيار، مع رفع المخلفات الناتجة عن الحادث فور انتهاء النيابة العامة من المعاينة».
ووفق بيان لمحافظة القاهرة، أمس، فإنه «تم نقل 24 مصاباً إلى مستشفيي (السلام) و(عين شمس)، فضلاً عن 5 حالات وفاة، ولا تزال قوات الإنقاذ المركزي وأجهزة المحافظة تواصل البحث عن وجود أشخاص تحت الأنقاض».
وبحسب مصدر مطلع، فإن «العقار المنهار كان يضم أربعة أدوار مخالفة، وتبين أن العقار تم إنشاؤه عام 1983 بترخيص «بدروم وأرضي و5 طوابق»، وأنه تمت تعلية أربعة أدوار عام 2013».
وأشار المصدر ذاته إلى أن «المعاينة الأولية رجحت أن تكون الأدوار المخالفة أعلى العقار ضاعفت الأحمال على الأعمدة الخرسانية، ما أدى للانهيار المفاجئ».



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.