رئيس الحكومة العراقية يعد مواطنيه برخاء اقتصادي.. ووزير النفط ينفي علمه بالخطة

مستشار العبادي لـ«الشرق الأوسط»: تواجهنا مشكلات الروتين والبيروقراطية

عراقية تمر قرب دمى حمراء عرضت في حي الكرادة بمناسبة عيد الحب الذي يصادف غدا (أ.ف.ب)
عراقية تمر قرب دمى حمراء عرضت في حي الكرادة بمناسبة عيد الحب الذي يصادف غدا (أ.ف.ب)
TT

رئيس الحكومة العراقية يعد مواطنيه برخاء اقتصادي.. ووزير النفط ينفي علمه بالخطة

عراقية تمر قرب دمى حمراء عرضت في حي الكرادة بمناسبة عيد الحب الذي يصادف غدا (أ.ف.ب)
عراقية تمر قرب دمى حمراء عرضت في حي الكرادة بمناسبة عيد الحب الذي يصادف غدا (أ.ف.ب)

يبدو أن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي فاجأ حتى وزراءه على صعيد إطلاقه مبادرة تطوير القطاع الخاص والقطاع المصرفي في العراق من أجل النهوض الاقتصادي في البلاد عقب تراجع أسعار النفط. ومن على متن الطائرة التي كانت تقل رئيس العراقي والوفد المرافق له عائدا من زيارته للدوحة، نفى وزير النفط العراقي عادل عبد المهدي، الذي رافق الرئيس فؤاد معصوم إلى قطر، فؤاد معصوم وفي حديث محدود لعدد من وسائل الإعلام من بينها «الشرق الأوسط» علمه بمبادرة العبادي قائلا: «لا علم لي بمثل هذه المبادرة»، مضيفا: «اسألوا إن شئتم رئيس الوزراء عنها». وفيما كشف عبد المهدي عن أن «رئيس حكومة إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني سوف يزور بغداد الأحد المقبل لتعزيز الاتفاق النفطي بين أربيل وبغداد، فإنه أكد أن «الطلب على النفط سوف يزداد، وهو ما يعني أن الأزمة المالية في العراق سوف لن تصل إلى حد الاختناق»، مبينا في الوقت نفسه، أن «الوضع الاقتصادي في العراق يحتاج إلى رؤية متكاملة على أصعدة التصنيع والإنتاج في كل الميادين وهو ما نفتقده كدولة حتى الآن». وأطلق العبادي ما وصفه باستراتيجيته الخاصة بتطوير القطاع الاقتصادي في البلاد من أجل مواجهة الأزمات والتحديات التي يمر بها العراق وفي المقدمة منها الجانب الأمني. وقال العبادي خلال مؤتمر إطلاق استراتيجية تطوير القطاع الخاص في العراق 2014 - 2030 تحت شعار «التحول نحو القطاع الخاص ركيزة أساسية لدعم الاقتصاد العراقي» الذي عقد في فندق الرشيد أمس، أن «تطوير القطاع الخاص وخلق شراكة حقيقية بينه وبين القطاع العام سيسهم بالنهوض بالاقتصاد العراقي».
وأكد العبادي، أن «إحدى القضايا المهمة للنهوض بالقطاع الخاص هي إعادة هيكلة الشركات العامة للدولة لتكون فعالة أكثر في القطاع الاقتصادي»، لافتًا إلى أن «مجلس الوزراء أقر خلال الاجتماع الأخير للمجلس هيكلة الشركات العامة للدولة»، نافيا «وجود نية للاستغناء عن العاملين في الشركات العامة للدولة»، ومحذرًا من «انهيار هذه الشركات وخسارة البلد اقتصاديًا إذا ما بقيت على هذا الحال».
ولفت رئيس الوزراء العراقي إلى أن «القطاع الخاص يحتاج إلى بنى تحتية واتصالات ومدن صناعية من أجل النهوض به، والدولة تحتاج إلى دعم القطاعين الزراعي والحيواني لتوفير فرص عمل وعملة صعبة وتقليل الاستيراد»، داعيا إلى «تعديل بعض التشريعات لتطوير القطاع المصرفي، وخصوصًا تلك التي تعود إلى النظام السابق، والتي تركز على أن يكون الاقتصاد أحادي الجانب»، مبينًا أن «مجلس الوزراء طلب من المستشارين والمنظمات الدولية المساعدة في هذا الأمر».
وتابع العبادي: «إننا نعتمد اقتصاديًا على النفط بنسبة 85 في المائة، ما أدى إلى تدهور الاقتصاد بعد انخفاض أسعار النفط، وإذا ما بقي الحال على ما هو عليه فسنواجه مشكلة كبيرة»، مشددًا على أن «تحقيق الخطة الاقتصادية الجديدة سيسهم في تحسن الوضع الاقتصادي للفرد وزيادة فرص العمل لأن القطاع الخاص هو الأوفر حظًا في توفير فرص العمل».
من جانبه، قال نائب رئيس الوزراء روز نوري شاويس، في كلمته بالمناسبة ذاتها، إن «الإصلاح الاقتصادي الذي توجهنا إليه بعد 2003 واجه تحديات بسبب الظروف الأمنية والسياسية»، لافتًا إلى أن «طريق الإصلاح الاقتصادي لا تزال طويلة». وأشار إلى أن «الخطة الاقتصادية السابقة 2013 - 2017 واجهت تحديات مثل دور القطاع الخاص المحدود ودور الجهاز المصرفي في المجال التنموي المحدود واستمرار تأخر التنمية البشرية، فضلاً عن القوانين والتشريعات الموروثة من النظام السابق والبطالة والتحدي الديموغرافي نتيجة زيادة عدد السكان».
وفي هذا السياق، أكد الدكتور مظهر محمد صالح المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء حيدر العبادي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الدولة وبعد الأزمات التي تمر بها البلاد بدأت تولي القطاع الخاص، ولا سيما القطاع الخاص المنتج، أهمية وأولوية خاصة»، مشيرا إلى «وجود تحول كبير في الرؤية العامة للحكومة والدولة العراقية الآن بأنه لم يعد ممكنا الاعتماد على السياسات التي تمضي بموجبها الدولة والتي تتولى الحكومة بموجبها كل شيء بمن في ذلك تقديم أبسط أنواع الخدمات للمواطن، وبالتالي فإن هناك خططا للابتعاد عن هذا الأمر».
وأوضح صالح، إن «الجانب الإنتاجي هو الآخر سوف تتم خصخصته ما عدا الإنتاج السيادي مثل النفط أما باقي أنواع الإنتاج فسوف يكون إما شراكة مع القطاع الخاص أو يتحول كله إلى هذا القطاع، وخصوصا منشآت الدولة الإنتاجية وأكثرها في وزارة الصناعة، حيث تدفع الدولة راتب لموظفين وعاملين من دون عمل»، مبينا أن «عدد هذه المنشآت التابعة للدولة هي 92 منشأة اقتصادية منها 72 تابعة إلى وزارة الصناعة ويعمل فيها نحو 7000 آلاف عامل كلهم يتقاضون الآن رواتب من الدولة، بينما هي معطلة تماما».
وأكد أن «هذه الاستراتيجية أعدت من قبل هيئة المستشارين وتم إقرارها وإطلاقها»، موضحا أن «الكهرباء في العراق سوف تخضع للخصخصة هي الأخرى، حيث إن المواطن الآن من الناحية العملية يشترك في المولدات الأهلية ويدفع مئات آلاف الدنانير لهذا الغرض». وفيما بين صالح أن «سياسة التوظيف لم تعد منتجة»، فإنه أوضح من جانب آخر، أن «المشكلة الكبيرة التي سوف تواجه تطبيق مثل هذه الخطة الطموحة هي الروتين القاتل في العراق، وكذلك البيروقراطية، وهو ما يتطلب اتخاذ إجراءات حاسمة للحد من ذلك، منها متابعة أداء الوزراء تفصيليا، فضلا عن عقد اجتماع شهري لوكلاء الوزارات والعمل على تبسيط إجراءات الدولة الحكومية».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.