وزير داخلية ليبيا يتحدى قرار إقالة الثني له والبرلمان يتدخل

صمت رسمي في القاهرة بشأن مزاعم تنظيم متطرف إعدام 21 مصريا اختطفوا في سرت

وزير داخلية ليبيا يتحدى قرار إقالة الثني له والبرلمان يتدخل
TT

وزير داخلية ليبيا يتحدى قرار إقالة الثني له والبرلمان يتدخل

وزير داخلية ليبيا يتحدى قرار إقالة الثني له والبرلمان يتدخل

التزمت السلطات المصرية الصمت، بعد إعلان تنظيم ليبي متطرف محسوب على تنظيم داعش، مسؤوليته عن إعدام 21 مصريا مسيحيا جرى اختطافهم في مدينة سرت الليبية الشهر الماضي. ووزع ما يسمى تنظيم داعش في ليبيا صورا فوتوغرافية لبعض المختطفين وهم يرتدون زي الإعدام البرتقالي اللون، لكنه لم ينشر أي صور تظهر ما إذا كان فعلا قد أعدمهم أم لا.
وكانت مجلة «دابق» الإلكترونية الصادرة باللغة الإنجليزية على شبكة الإنترنت، التي تعد بمثابة المتحدث باسم التنظيم، قد أعلنت أن عملية اختطاف المصريين قد خطط لها حذيفة البطاوي، والي ولاية بغداد، إلى جانب القائد العسكري الكبير أبو إبراهيم الزيادي، اللذين قالت إنهما لعبا دورا حاسما.
وأضافت أنه جرى أسر 21 قبطيا، تقريبا، بعد 5 سنوات على العملية التي نفذت ضد كنيسة «سيدة النجاة» في العراق.
ولم يكن السفير بدر عبد العاطي، الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، متاحا للرد على هذه المزاعم، رغم محاولة «الشرق الأوسط» الاتصال به أكثر من مرة عبر هاتفه الجوال، كما لم يصدر أي بيان رسمي في هذا الصدد.
وخلال الشهر الماضي اختطف مسلحون 13 مسيحيا مصريا في حين فر 10 مسيحيين آخرين بمدينة سرت بعد أيام من خطف 7 مسيحيين مصريين من سكان المدينة. وفي نهاية العام الماضي هاجم مسلحون مسكن طبيب مسيحي - مصري في سرت وقتلوه هو وزوجته وخطفوا ابنة لهما في سن المراهقة عثر على جثتها بعد أيام.
من جهة أخرى، تصاعدت أمس حدة الخلافات في معسكر الشرعية في ليبيا، بعدما تحدى وزير الداخلية عمر السنكي قرار رئيس الحكومة الانتقالية عبد الله الثني بشأن إقالته من منصبه بشكل مفاجئ.
وقال السنكي في رسالة خاصة وجهها إلى الثني تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منها: «علمت من مصادري الخاصة أن قرارا مكتوبا من سطر إلا ربعا صدر منكم يوم أمس، تهدفون بموجبه لإيقافي عن العمل وتكليف شخص آخر لتسيير أمور وزارة الداخلية».
واعتبر السنكي أن هذا الإجراء مخالف لأبسط قواعد القانون لأن الإيقاف عن العمل هو عقوبة، والعقوبة لا يجوز إنزالها إلا بعد التحقيق في الواقعة التي هي سبب إنزال العقوبة. كما لفت إلى أن إيقاف وزير عن العمل هو اختصاص أصيل لمجلس الوزراء يصدره بعد اجتماع رسمي يعقد لذلك، وليس من اختصاص رئيس الوزراء كما صدر منكم.
وأحاط رئيس الحكومة قائلا: «إن ما صدر عنكم قرار معدوم قانونا ولا أثر قانونيا له، ولكنه سبب إرباكا في سير العمل وضررا ماديا ومعنويا لشخصي، كوني من أترأس الوزارة، وأحتفظ بحقي كاملا في اتخاذ الإجراءات القانونية في ذلك». وتابع: «إن مجلس النواب هو صاحب السلطة في الإقالة، كوني منحت ثقتهم بقرار نافذ، وإذا كان هناك ما يدفع بإقالتي فعليكم تقديمه لمجلس النواب».
وأضاف: «مع هذا الإجراء الذي صدر منكم نرى وقوعكم في مخالفة صارخة لهذا العرف الذي أصبح بمثابة قاعدة في القانون الإداري، حيث قمتم بتكليف ضابط شرطة بدرجة مدير إدارة مع وجود خمسة وكلاء في الوزارة من ضمن أكثر العاملين كفاءة في هذه الحكومة».
ومضى قائلا: «كما أن الأمر والأدهى من ذلك كله أنكم بهذا الإجراء كافأتم من قام بعمل فوضوي خطير على كل المستويات وهو الشخص الذي قام بتجميع رجال الشرطة من ضباط وأفراد بسلاحهم وقادهم إلى مقر الحكومة باعتباره أعلاهم رتبة وجعلهم أداة للفوضى والرعب، بدلا من أن يكونوا أداة للنظام والأمن والاستقرار».
واعتبر أن «تحريك الشرطة بسلاحها ومهاجمة مقر الحكومة بها، يعني بكل وضوح إثارة الفوضى في البلاد وبث الرعب في نفوس المواطنين، الأمر الذي يجعلنا نطالب بالتحقيق في هذه العملية لكشف أهدافها وفضح نيات من قام بتنظيمها».
وتساءل السنكي: «هل هي إخراج الشرطة من مراكزها ومواقع أعمالها وجلبها إلى مقر الحكومة وجعلها تهتف بعبارات نابية ضد شخص معين؟ أم أن المصلحة والصالح العام هي إبقاء الشرطة في مواقع عملها خدمة للوطن والمواطن؟».
وزاد قائلا: «هل الصالح العام والمصلحة الوطنية أن تتم مكافأة من تسبب في الفوضى ورتب لها، ووضعه على رأس وزارة الداخلية شغلها الشاغل تحقيق النظام والأمن والاستقرار؟ أجيبونا يرحمكم الله».
واختتم وزير الداخلية الليبي رسالته بالتأكيد على أنه ما زال يمارس مهام عمله، مطالبا رئيس الحكومة بمعالجة هذا الإشكال القانوني الذي اتخذه بصفة مستعجلة.
ودخل المهندس فتح الله السعيطي، رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب الليبي، على خط الأزمة، عبر إعلانه أن سحب الثقة منه أو من غيره من الوزراء من اختصاص مجلس النواب وكذلك تكليف بديل وعلى الحكومة ترشيحه فقط.
وأضاف عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»: «تسلمت كتابا من وزير الداخلية موجها لرئيس مجلس الوزراء وسنتخذ بشأنه إجراء عاجلا».
وقال إن الوزير المقال ما زال يمارس مهامه وأنه سيكون لمجلس النواب موقفًا من ذلك.
في المقابل، تجاهل رئيس الحكومة الانتقالية هذا الجدل، حيث خلا بيان أصدرته الحكومة عقب اجتماع عقدته مساء أول من أمس بمدينة البيضاء في شرق ليبيا، من أي إشارة إلى إقالة وزير الداخلية وتكليف مدير أمن مدينة البيضاء بتولي منصبه مؤقتا.
يشار إلى أن السنكي الذي تولى منصبه في الثالث عشر من شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، اتهم أخيرا عسكريين تابعين للواء خليفة حفتر، قائد عملية الكرامة العسكرية، ضد المتطرفين في شرق البلاد بالتورط في عملية اختطاف حسن الصغير، وكيل وزارة الخارجية الليبية، الأسبوع الماضي، بالإضافة إلى محاولة منع طائرة الثني من الهبوط بمدينة بنغازي قبل نحو أسبوعين.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.