«الشرق الأوسط» في مهرجان برلين الدولي (6): نيكول كيدمان لـ«الشرق الأوسط»: احترمت الحياة التي عشتها في الصحراء

تعلمت من البدو حبهم للحرية وكبرياءهم وطرق حياتهم الرصينة

نيكول كيدمان في «ملكة الصحراء»
نيكول كيدمان في «ملكة الصحراء»
TT

«الشرق الأوسط» في مهرجان برلين الدولي (6): نيكول كيدمان لـ«الشرق الأوسط»: احترمت الحياة التي عشتها في الصحراء

نيكول كيدمان في «ملكة الصحراء»
نيكول كيدمان في «ملكة الصحراء»

نيكول كيدمان أحبّت أولا فكرة الخروج من هوليوود، ولو أنها ليست المرّة الأولى.
هي واحدة من أكثر الممثلات تسللا إلى عرين المخرجين الأوروبيين في أوروبا، أو العمل مع مخرجين أميركيين أو غير أميركيين في أي مكان في العالم بشرط أن يحملوا للفيلم ما يحيد به عن مسار الفيلم الهوليوودي التقليدي.
هي عملت مع ابنة بلدها، الأسترالية جين كامبيون في «صورة سيدة» سنة 1996 ثم انتقلت إلى عرين المخرج ستانلي كوبريك في آخر أعماله «عينان مغلقتان باتساع» (1997) ثم ولت وجهها شطر أستراليا ثانية لتقوم ببطولة «مولان روج» لباز لورمان (2001) وأتبعته بفيلم للإسباني أليخاندرو أمنبار بعنوان «الآخرون» (في العام ذاته). هذا قبل أن تؤدي دورا رئيسيا في فيلم لارس فون ترايير بعنوان «دوغفيل» (2003).
هذا المنوال من الأعمال تقاطع مع أفلامها الأميركية العادية لكنه لم يتوقف بل شهد في العام الماضي قيامها بتصوير فيلمين أوروبيين هما «غريس موناكو» و«ملكة الصحراء».
إذا كان «غريس موناكو» الذي حققه الفرنسي أوليفييه داهان لم ينجز لها ما طمحت له حين وافقت على لعب دور أميرة موناكو، غريس كيلي، فإن «ملكة الصحراء» حقق لها ذلك الطموح. لا بأس إذا ما تفاوتت هنا في مهرجان برلين الآراء حوله، فهذا طبيعي. ما هو مؤكد أن الفيلم، ممهورا باسم مخرجه فرنر هرتزوغ سيعيش طويلا خلال هذا العام منتقلا من عاصمة إلى أخرى، وربما بقي تحت الأضواء إلى حين يزدحم موسم الجوائز المقبل (في نهاية العام ومطلع العام المقبل) بالأفلام الساعية للجوائز المهمّة.
الآن هي في استراحة ربع ساعة قبل أن تصعد غرفتها استعدادا للسفر. هل تكون الاستراحة فرصة مناسبة لإلقاء بعض الأسئلة عليها حيال دورها في الفيلم الجديد؟
* قراءة
* هل صحيح أن «ملكة الصحراء» كان ما تبحثين عنه للخروج من التصوير في استوديوهات الكومبيوتر غرافيكس؟
- تماما. كان ما أبحث عنه لكني أعتقد أنني محظوظة في الوقت الحالي لأنني مثلت أكثر من فيلم أوروبي في العامين الماضيين. «ملكة الصحراء» صورناه قبل نحو سنة في المغرب والأردن، لكن تحضيره أخذ معظم العام الأسبق. تبادلت وفرنر الرسائل الإلكترونية من حوله حتى بينما كنت في تصوير «غريس موناكو». كنت أعلم أنه سيكون فيلمي التالي.
* لكن لماذا تتوقين للتمثيل في الأفلام الأوروبية؟ ما الذي يمنحك إياه الفيلم الأوروبي ما لا يستطيع الفيلم الأميركي توفيره لك؟
- هما مختلفان كثيرا. أنا بحاجة إليهما معا. أحب التمثيل في أفلام هوليوود إذا ما كان الفيلم قادرا على الاستحواذ على اهتمامي وإذا رأيته، من وجهة نظر عملية، يستحق الإقدام عليه. لكن ما أحبّـه في السينما الأوروبية يختلف. أحب أن أمثل مع مخرجين كبار وفرنر من بينهم. لقد سعدت كثيرا بتحقيق هذا الفيلم.
* هل قرأت الكثير عن غرترود بل؟ عرفت أنها «لورنس العرب الأنثى».
- كان لا بد أن أقرأ ما هو متوفّر حولها وهناك الكثير مما كُتب عنها. لكني بدأت بالسيناريو. أتاح لي أن أعرف ما الذي أريد أن أقرأه تحديدا حولها. كيف لي أن أتواصل معها على نحو شخصي. كان يهمني هذا التواصل لأن واحدا من شروط اختياري للأدوار أن أجد نفسي في الشخصية المسندة إلي سواء أكانت حقيقية أو خيالية. علي أن أقتنع بها وأن أعرفها على نحو شامل. سابقا كان الدور هو كل شيء. اليوم، ومنذ سنوات، الأمر تغير. أنا باحثة عن الشخصية التي أحب أن أقدّمها لأنها تستحق التقديم.
* هذا كان ثاني أسباب رغبتك في تمثيل هذا الفيلم بعد فرنر هرتزوغ؟
- لا أعتقد أنني أستطيع الفصل بينهما. السيناريو كان جيّدا وكاتبه هو المخرج ورغبتي كانت مشبعة بالحماس لتمثيل هذا الدور. أعتقد أنه واحد من أهم الأدوار التي مثلتها في حياتي. لكن هناك سبب آخر إذا كنت تريد عد الأسباب. أحببت فكرة أنني سأصوّر فيلما في الصحراء. صوّرت في كل مكان لكن ليس في الصحراء العربية.
* كل هذه الجوانب لعبت دورا في قيامك بهذا الدور إذن؟
- بالتأكيد. إنها باقة ‪كاملة‬.
* بعض النقاد هنا أصرّوا على القول إنك أكبر سنّا من شخصية غرترود بل عندما قامت بأسفارها العربية… هل شعرت بالانزعاج لذلك؟
- الحقيقة لم أقرأ أي شيء من هذا القبيل، لكني سمعت من نقل إلى هذه الشكوى. لو كان هذا الأمر ضروريا لكان الأحرى إعادة النظر إلى مئات الأفلام التي لعب فيها ممثلون أدوارا يختلفون فيها عن الشخصية التي قاموا بها. هناك أفلام عن أشخاص يختلفون عن الممثلين في الحجم أو في اللون أو في السلوك أو في العمر. هذا لا أعتقد أنه أمر مهم على الإطلاق. نحن لم نقدّم غرترود عجوزا حتى نغيّر في أي وضع. ولا أراه أمرا مهما على الإطلاق لأن الفيلم ليس عن ذلك الجانب مطلقا.
ضغوط عمل
* أعلم أنك تقابلين صحافيين أجانب طوال الوقت في هوليوود وخارجها، ونحن تقابلنا أكثر من مرّة من قبل. لكن هل سألك أحدهم عن رأيك في مكان التصوير لفيلم من أفلامك؟
- كثيرون. الإسبان سألوني عن إسبانيا. الفرنسيون سألوني عن مونت كارلو و...
* (مقاطعا) وأنا سأسألك إذن عن التصوير في المغرب والأردن. كيف وجدت الثقافة البدوية والإسلامية عن كثب؟
- هناك ذلك المشهد الذي أقول فيه لأحد المسؤولين في الحكومة البريطانية في القاهرة إنني تعلمت من البدو حبهم للحرية وكبرياءهم وطرق حياتهم الرصينة. هذه العبارة هي ما أستطيع أن أجيب بها عن سؤالك. هناك أشياء ستبقى خافية علينا نحن الغربيين إلى أن نزور الثقافات الأخرى حتى التي تبدو لنا غريبة. على العكس، كلما بدت غريبة أو غير مألوفة لنا كلما كان ذلك سببا للتعرّف عليها عن قرب. احترمت الحياة التي عشتها هناك. تعاملت معها قدر الإمكان بالطريقة ذاتها التي رأيت الناس حولي يتعاملون معها. سعدت بالتعرف عليها عن قرب واحترمت ما يقومون به. طبعا مكان التصوير يحتوي على عدد كبير من الغرباء، لكني أظن أن معظمنا كان مشدوها للمكان ولروحانياته كما للطف والسعادة التي استقبلنا بهما.
* سؤالي الأخير هو عن تلك الاختيارات التي تقومين بها. مرة أخرى أجد نفسي معجبا برغبتك في التصوير في أفلام بعيدة عن هوليوود، ليس لأن هوليوود بالضرورة تطلق أفلاما غير جيدة، هذا غير صحيح، لكن من حيث أن السفر لأماكن بعيدة هو ضغط عمل على الأقل.
- صحيح. كان سيكون ضغط عمل علي لو لم يسمح لي المخرج باصطحاب أولادي. كنت أخشى أن تكون الفترة قصيرة جدا بحيث لا يتسنى لي الاستمتاع بالمكان والعيش فيه، لكن (المخرج) سألني أول ما تحدثت معه إذا ما كنت مستعدة لأن أعيش أشهرا متواصلة في الصحراء. قلت نعم من دون تردد لكني سألت إذا ما كنت أستطيع جلب أولادي ووافق. أعتقد أنه رأى الضرورة في ذلك.
* قرأت في مكان ما أن صقرا كاد أن يهاجمك..
- نعم لكنه لم يصبني بأذى. كنت بعيدة عنه وكان المدرّب ممسكا به. لكني لست عاتبة عليه. ربما لا يحب أفلامي (تضحك).

* كيدمان 2015
* نيكول كيدمان منشغلة بتمثيل 3 أفلام هذا العام، واحدا تلو الآخر. هي في اقتباس أميركي من الفيلم الأرجنتيني الفائز بأوسكار أفضل فيلم أجنبي «السر في أعينهم»، وبعده هي في «أسد» الذي يتم تصويره في أستراليا، والثالث يجمعها مع كولين فيرث ولورا ليني في «عبقري».



هوليوود ترغب في صحافيين أقل بالمهرجانات

جوني دَب خلال تصوير فيلمه الجديد (مودي بيكتشرز)
جوني دَب خلال تصوير فيلمه الجديد (مودي بيكتشرز)
TT

هوليوود ترغب في صحافيين أقل بالمهرجانات

جوني دَب خلال تصوير فيلمه الجديد (مودي بيكتشرز)
جوني دَب خلال تصوير فيلمه الجديد (مودي بيكتشرز)

عاش نقادُ وصحافيو السينما المنتمون «لجمعية هوليوود للصحافة الأجنبية» (كنت من بينهم لقرابة 20 سنة) نعمة دامت لأكثر من 40 عاماً، منذ تأسيسها تحديداً في السنوات الممتدة من التسعينات وحتى بُعيد منتصف العشرية الثانية من العقد الحالي؛ خلال هذه الفترة تمتع المنتمون إليها بمزايا لم تتوفّر لأي جمعية أو مؤسسة صحافية أخرى.

لقاءات صحافية مع الممثلين والمنتجين والمخرجين طوال العام (بمعدل 3-4 مقابلات في الأسبوع).

هذه المقابلات كانت تتم بسهولة يُحسد عليها الأعضاء: شركات التوزيع والإنتاج تدعو المنتسبين إلى القيام بها. ما على الأعضاء الراغبين سوى الموافقة وتسجيل حضورهم إلكترونياً.

هذا إلى جانب دعوات لحضور تصوير الأفلام الكبيرة التي كانت متاحة أيضاً، كذلك حضور الجمعية الحفلات في أفضل وأغلى الفنادق، وحضور عروض الأفلام التي بدورها كانت توازي عدد اللقاءات.

عبر خطّة وُضعت ونُفّذت بنجاح، أُغلقت هذه الفوائد الجمّة وحُوّلت الجائزة السنوية التي كانت الجمعية تمنحها باسم «غولدن غلوبز» لمؤسسة تجارية لها مصالح مختلفة. اليوم لا تمثّل «جمعية هوليوود للصحافة الأجنبية» إلّا قدراً محدوداً من نشاطاتها السابقة بعدما فُكّكت وخلعت أضراسها.

نيكول كيدمان في لقطة من «بايبي غيرل» (24A)

مفاجأة هوليوودية

ما حدث للجمعية يبدو اليوم تمهيداً لقطع العلاقة الفعلية بين السينمائيين والإعلام على نحو شائع. بعضنا نجا من حالة اللامبالاة لتوفير المقابلات بسبب معرفة سابقة ووطيدة مع المؤسسات الإعلامية المكلّفة بإدارة هذه المقابلات، لكن معظم الآخرين باتوا يشهدون تقليداً جديداً انطلق من مهرجان «ڤينيسيا» العام الحالي وامتد ليشمل مهرجانات أخرى.

فخلال إقامة مهرجان «ڤينيسيا» في الشهر التاسع من العام الحالي، فُوجئ عدد كبير من الصحافيين برفض مَنحِهم المقابلات التي اعتادوا القيام بها في رحاب هذه المناسبة. أُبلغوا باللجوء إلى المؤتمرات الصحافية الرّسمية علماً بأن هذه لا تمنح الصحافيين أي ميزة شخصية ولا تمنح الصحافي ميزة مهنية ما. هذا ما ترك الصحافيين في حالة غضب وإحباط.

تبلور هذا الموقف عندما حضرت أنجلينا جولي المهرجان الإيطالي تبعاً لعرض أحد فيلمين جديدين لها العام الحالي، هو «ماريا» والآخر هو («Without Blood» الذي أخرجته وأنتجته وشهد عرضه الأول في مهرجان «تورونتو» هذه السنة). غالبية طلبات الصحافة لمقابلاتها رُفضت بالمطلق ومن دون الكشف عن سبب حقيقي واحد (قيل لبعضهم إن الممثلة ممتنعة لكن لاحقاً تبيّن أن ذلك ليس صحيحاً).

دانيال غريغ في «كوير» (24A)

الأمر نفسه حدث مع دانيال كريغ الذي طار من مهرجان لآخر هذا العام دعماً لفيلمه الجديد «Queer». بدءاً بـ«ڤينيسيا»، حيث أقيم العرض العالمي الأول لهذا الفيلم. وجد الراغبون في مقابلة كريغ الباب موصداً أمامهم من دون سبب مقبول. كما تكرر الوضع نفسه عند عرض فيلم «Babygirl» من بطولة نيكول كيدمان حيث اضطر معظم الصحافيين للاكتفاء بنقل ما صرّحت به في الندوة التي أقيمت لها.

لكن الحقيقة في هذه المسألة هي أن شركات الإنتاج والتوزيع هي التي طلبت من مندوبيها المسؤولين عن تنظيم العلاقة مع الإعلاميين ورفض منح غالبية الصحافيين أي مقابلات مع نجوم أفلامهم في موقف غير واضح بعد، ولو أن مسألة تحديد النفقات قد تكون أحد الأسباب.

نتيجة ذلك وجّه نحو 50 صحافياً رسالة احتجاج لمدير مهرجان «ڤينيسيا» ألبرتو باربيرا الذي أصدر بياناً قال فيه إنه على اتصال مع شركات هوليوود لحلّ هذه الأزمة. وكذلك كانت ردّة فعل عدد آخر من مديري المهرجانات الأوروبية الذين يَرون أن حصول الصحافيين على المقابلات حقٌ مكتسب وضروري للمهرجان نفسه.

لا تمثّل «جمعية هوليوود للصحافة الأجنبية» إلّا قدراً محدوداً من نشاطاتها السابقة

امتعاض

ما بدأ في «ڤينيسيا» تكرّر، بعد نحو شهر، في مهرجان «سان سيباستيان» عندما حضر الممثل جوني دَب المهرجان الإسباني لترويج فيلمه الجديد (Modi‪:‬ Three Days on the Wings of Madness) «مودي: ثلاثة أيام على جناح الجنون»، حيث حُدّد عدد الصحافيين الذين يستطيعون إجراء مقابلات منفردة، كما قُلّصت مدّة المقابلة بحدود 10 دقائق كحد أقصى هي بالكاد تكفي للخروج بحديث يستحق النشر.

نتيجة القرار هذه دفعت عدداً من الصحافيين للخروج من قاعة المؤتمرات الصحافية حال دخول جوني دَب في رسالة واضحة للشركة المنتجة. بعض الأنباء التي وردت من هناك أن الممثل تساءل ممتعضاً عن السبب في وقت هو في حاجة ماسة لترويج فيلمه الذي أخرجه.

مديرو المهرجانات يَنفون مسؤولياتهم عن هذا الوضع ويتواصلون حالياً مع هوليوود لحل المسألة. الاختبار المقبل هو مهرجان «برلين» الذي سيُقام في الشهر الثاني من 2025.

المديرة الجديدة للمهرجان، تريشيا تاتل تؤيد الصحافيين في موقفهم. تقول في اتصال مع مجلة «سكرين» البريطانية: «الصحافيون مهمّون جداً لمهرجان برلين. هم عادة شغوفو سينما يغطون عدداً كبيراً من الأفلام».

يحدث كل ذلك في وقت تعرّضت فيه الصحافة الورقية شرقاً وغرباً، التي كانت المساحة المفضّلة للنشاطات الثقافية كافة، إلى حالة غريبة مفادها كثرة المواقع الإلكترونية وقلّة عدد تلك ذات الاهتمامات الثقافية ومن يعمل على تغطيتها. في السابق، على سبيل المثال، كان الصحافيون السّاعون لإجراء المقابلات أقل عدداً من صحافيي المواقع السريعة الحاليين الذين يجرون وراء المقابلات نفسها في مواقع أغلبها ليس ذا قيمة.

الحل المناسب، كما يرى بعض مسؤولي هوليوود اليوم، هو في تحديد عدد الصحافيين المشتركين في المهرجانات. أمر لن ترضى به تلك المهرجانات لاعتمادها عليهم لترويج نشاطاتها المختلفة.