الأمير تشارلز يغادر السعودية بعد زيارة حافلة اختتمها بجولة بين آثار مدائن صالح

وقف في طريق البخور و«صخرة الفيل»

الأمير سلطان بن سلمان والأمير فيصل بن سلمان يودعان الأمير تشارلز (واس)
الأمير سلطان بن سلمان والأمير فيصل بن سلمان يودعان الأمير تشارلز (واس)
TT

الأمير تشارلز يغادر السعودية بعد زيارة حافلة اختتمها بجولة بين آثار مدائن صالح

الأمير سلطان بن سلمان والأمير فيصل بن سلمان يودعان الأمير تشارلز (واس)
الأمير سلطان بن سلمان والأمير فيصل بن سلمان يودعان الأمير تشارلز (واس)

لا يدع الأمير تشارلز فرصة تفوته لزيادة اطلاعه على التاريخ والتراث الإسلامي أو مشاركة الشعوب التي يزورها في أرجاء المعمورة بلبس أزيائها، وعرف عنه منذ سنين احتفاظه بالمخطوطات والقطع الأثرية وشغفه الكبير بالتاريخ. وعلى مدى سنين يحرص الأمير تشارلز دائما أثناء زيارته للملكة على زيارة إحدى المناطق التاريخية أو مشاركة السعوديين تراثهم، وما زال السعوديون يتذكرون ظهوره العام الماضي مرتديا الثوب السعودي والدقلة ومعتمرا الشماغ والعقال وحاملا السيف، لتطلق عليه الصحف البريطانية آنذاك لقب «تشارلز العرب».
وفي زيارته للسعودية هذا الأسبوع اختار ولي العهد البريطاني أن يتفقد منطقة «العلا» التابعة لمنطقة المدينة المنورة، والتي تحتضن مدائن صالح أو ما يسمى «مدن الحجر»، وتوقف أمام صخرة جبل الفيل التي تبعد 7 كيلومترات إلى جهة الشرق من محافظة العلا، وهي عبارة عن صخرة ضخمة بارتفاع 50 مترا، وتتميز بشكلها الفريد الذي يشبه حيوان الفيل. واستمع الأمير تشارلز من الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز، رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار، بحضور الأمير فيصل بن سلمان بن عبد العزيز، أمير منطقة المدينة المنورة رئيس مجلس التنمية السياحية في المنطقة، لشرح مفصل عن هذا المكان الذي أضحى من الأماكن التي يقصدها السياح والزائرون من جنسيات مختلفة.
بعدها، وقف أمام ملتقى القوافل أو ما يسمى طريق البخور بين تيماء والعلا، والذي كانت تسلكه تجارة القوافل قديما واشتهر كمعبر تجاري دولي بين الشرق والغرب يبدأ من سواحل اليمن على بحر العرب إلى شمال البحر المتوسط، مرورا باليمن وجنوب الجزيرة العربية، وينقسم إلى طريقين أحدهما يتجه إلى نجد ثم العراق وفارس، والآخر يتجه إلى شمال الجزيرة العربية ثم مدينة البتراء في الأردن، ومن بعدها إلى فلسطين على البحر المتوسط. ويشير المؤرخ البريطاني جون كياي، المختص بتاريخ الحضارات القديمة، في كتابه «طريق البهارات والتوابل.. تاريخ»، إلى أن التجار العرب أول من نقل البهارات من الصين والهند نحو الغرب الأوروبي، وكانوا متحالفين آنذاك مع تجار البندقية، الشيء الذي أتاح لهم أن يشكلوا قوة بحرية لا يستهان بها. ويضيف «الإنجليز كانوا يهيمنون على تجارة البهارات والتوابل في القرن الثامن عشر».
وبالأمس، اختتم الأمير تشارلز زيارته الحافلة للسعودية، التي استمرت ثلاثة أيام، وكان في وداعه في مطار العلا الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز، والأمير فيصل بن سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة المدينة المنورة، وأمين منطقة المدينة المنورة الدكتور خالد طاهر، وسفير بريطانيا لدى السعودية سايمون كوليس.
وكان الأمير سلطان بن سلمان قد أقام مساء أول من أمس حفل عشاء في منتجع شادن بالعلا تكريما لولي العهد البريطاني والوفد المرافق له، بعد جولة له شملت مدائن صالح، وموقع الخريبة الأثري، والبلدة التراثية.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».