«بيروت للأفلام الوثائقية» يعرض «كارافاج» افتراضياً

بالتعاون مع المركز الثقافي الإيطالي في لبنان

TT

«بيروت للأفلام الوثائقية» يعرض «كارافاج» افتراضياً

بقعة ضوء ثقافية جديدة يشهدها اللبنانيون في 28 مارس (آذار) الجاري، من خلال مهرجان بيروت للأفلام الوثائقية الفنية.
فكل ما يرغب في معرفته هواة الرسم وتحديداً محبي الرسام الإيطالي ميكيلانجلو ميريزي، الملقب بـ«كارافاجيو»، عن حياته وأعماله، سيكون بمتناولهم في عرض افتراضي لفيلم يحمل اسمه (كارافاج). واشتهر الرسام الإيطالي بين القرنين الخامس والسادس عشر، وتوفي في عام 1610.
يندرج هذا الفيلم ضمن برنامج العروض السينمائية الافتراضية التي تتبعها إدارة المهرجان في زمن الوباء. ويحكي وقائع مسرحية كتبها سيزار كابيتاني عن كتاب لدومينيك فرنانديز، استضافتها فرنسا لسبع سنوات متتالية عن حياة «كارافاجيو». والمعروف أن الرسام الإيطالي مات عن عمر ناهز الـ39 عاماً. وقد أضفى جواً درامياً على مشاهد لوحاته الواقعية، مستغلاً تفاوت الضوء والظلال فيها. وترك أثره الكبير على الفنانين الذين جاءوا من بعده، وأطلق اسمه على تيار فني شامل في كامل أوروبا. ومن أشهر لوحاته «موت العذراء» و«سلة الفواكه» و«الدفن».
يعرض الفيلم افتراضياً في السادسة والنصف من مساء الأحد 28 الجاري. يتبعه نقاش يشارك فيه عبر تطبيق «زوم» كل من كاتب وبطل الفيلم سيزار كابيتاني، والمؤرخ فانسان كارتويفلز، تديره جمانا رزق من بيروت صاحبة مؤسسة «ميروس» للتواصل.
وتقول أليس مغبغب، مديرة المهرجان، في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «تقع أهمية مهرجان بيروت للأفلام الوثائقية الفنية هذا العام كونه يتحول إلى دولي. فهو يستقطب مشاهدين ومتابعين لعروضاته الافتراضية من مختلف دول العالم. وهو أمر لم نكن نشهده من قبل عندما كان يُنظم على أرض الواقع من بيروت». وتتابع أن «ميزة هذا الفيلم هو نقله لمسرحية مشهورة لعبت على خشبة المسرح لأكثر من 450 مرة. ويشارك في تمثيلها وبطولتها شخصان فقط، وهما كاتب المسرحية سيزار كابيتاني ويؤدي فيها دور الرسام الإيطالي كارافاجيو، والسوبرانو لايتيسيا فافار».
وتجسد فافار في الفيلم أدواراً رئيسية، بينها ذكورية وأنثوية، تتقمص فيها عدة شخصيات، بينها تعود إلى أول امرأة أحبها كارافاجيو، وأخرى عن أحد أصدقائه المقربين وغيرهما.
ويتميز الفيلم باتباعه تقنية ترتكز على الضوء والعتمة وعلى الهدوء والصمت، وكذلك على ديكورات بسيطة غير نافرة. فتضع أولوياتها في محتوى العمل ونقل قصة الرسام الإيطالي بما تتضمن من معاناة وصراعات عاشها كارافاجيو في حياته. فهو كان أثناء رسمه اللوحات ينفذ ما يطلب منه من ناحية ويتصرف في الباقي على طريقته. فيرسم مظاهر من حياته الشخصية، ويدمجهما بصورة غير ملحوظة. فيستعمل الناس الموجودين في حياته كنموذج للرسم. وهو ما ولد مشكلات كثيرة لديه، وحروباً بينه وبين الرهبان الذين كان يعمل معهم. فرسوماته، حسب رأيهم، يجب أن تكون لها علاقة بالدين المسيحي فقط، ولا يجوز أن يستعير ملامح حبيبته أو صديقه فيها.
وتعلق أليس مغبغب في سياق حديثها: «تعد أعمال كارافاجيو من أجمل وأهم اللوحات في تاريخ الفن. فهو لم يكن يلجأ إلى تجميل اصطناعي يهيمن على لوحاته كما هي العادة في رسم القديسين. فخرج عن المألوف في تقنيته وفنه وألّف بذلك نمطا وخطأ فنيين خاصين به، تركا أثرهما الكبير على الفن عبر التاريخ».
يسلط الفيلم الضوء على هذه الميزة عند كارافاجيو وفي الوقت نفسه يخبرنا عن حياته وكل ما تخللها من عذابات وحالات تعنيف واجهها بسبب فنه الغريب. وطيلة عرض الفيلم ومدته 70 دقيقة، سيتابع مشاهده مسيرة الرسام الإيطالي الفنية منذ بداياته ولغاية رحيله. ويخصص نحو 20 دقيقة للتعريف بأعماله المشهورة، يتحدث عنها المؤرخ فانسان كارتويفلز، الذي يستضيفه المهرجان «أون لاين» في نهاية العرض.
مشاهدون من بريطانيا وبلجيكا وفرنسا وغيرها من الدول الأجنبية سجلوا أسماءهم لمتابعة عرض الفيلم افتراضياً. وهو الأمر الذي يطبع المهرجان هذه السنة بانتشار دولي. وتقول مغبغب في هذا الصدد: «في حفلة عرض سابقة لفيلم (الرجل الذي باع ظهره) لكوثر بن هنية حصدنا نسبة مشاهدة عالية بلغت نحو 3097 شخصاً، من بينهم متابعون من المغرب ومصر وسوريا والأردن وغيرها من الدول العربية. وفي العرض المنتظر نسجل نسبة عالية من متابعينا في دول أجنبية. هذا الأمر أفرحنا كوننا وضعنا المهرجان على الخارطة الثقافية العالمية. كما برهنا مرة أخرى على قدرة اللبناني على مقاومة العتمة التي يعيش فيها على مختلف الأصعدة. فمرة جديدة يخرج الضوء من بيروت المدمرة لتؤكد أنها عاصمة لا تموت. والإيجابية الأكبر التي نلمسها، تكمن في كمية الأصدقاء الذين يهتمون بلبنان ويؤازرون شعبه. فالمركز الثقافي الإيطالي إضافة إلى كثيرين من دول غربية، أعربوا عن تشجيعهم للمهرجان، وعن مساندتنا في إقامته رغم الظروف الاستثنائية الصعبة التي نخوضها في زمن كورونا».
وتختم مغبغب: «سنثابر على عملنا الثقافي الفني هذا، ونكمل في الأشهر الباقية ما بدأناه من برنامج المهرجان، بحيث نستضيف كل شهر عملاً سينمائياً يوثق علاقتنا كلبنانيين مع الثقافة والفنون على أنواعها».


مقالات ذات صلة

بعد أسبوع من عرضه... لماذا شغل «هُوبَال» الجمهور السعودي؟

يوميات الشرق مشهد من فيلم «هُوبَال» الذي يُعرض حالياً في صالات السينما السعودية (الشرق الأوسط)

بعد أسبوع من عرضه... لماذا شغل «هُوبَال» الجمهور السعودي؟

يندر أن يتعلق الجمهور السعودي بفيلم محلي إلى الحد الذي يجعله يحاكي شخصياته وتفاصيله، إلا أن هذا ما حدث مع «هوبال» الذي بدأ عرضه في صالات السينما قبل أسبوع واحد.

إيمان الخطاف (الدمام)
لمسات الموضة أنجلينا جولي في حفل «غولدن غلوب» لعام 2025 (رويترز)

«غولدن غلوب» 2025 يؤكد أن «القالب غالب»

أكد حفل الغولدن غلوب لعام 2025 أنه لا يزال يشكِل مع الموضة ثنائياً يغذي كل الحواس. يترقبه المصممون ويحضّرون له وكأنه حملة ترويجية متحركة، بينما يترقبه عشاق…

«الشرق الأوسط» (لندن)
سينما صُناع فيلم «إيميليا بيريز» في حفل «غولدن غلوب» (رويترز)

«ذا بروتاليست» و«إيميليا بيريز» يهيمنان... القائمة الكاملة للفائزين بجوائز «غولدن غلوب»

فاز فيلم «ذا بروتاليست» للمخرج برادي كوربيت الذي يمتد لـ215 دقيقة بجائزة أفضل فيلم درامي في حفل توزيع جوائز «غولدن غلوب».

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)
يوميات الشرق عصام عمر خلال العرض الخاص للفيلم (حسابه على فيسبوك)

عصام عمر: «السيد رامبو» يراهن على المتعة والمستوى الفني

قال الفنان المصري عصام عمر إن فيلم «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو» يجمع بين المتعة والفن ويعبر عن الناس.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق الممثل الجزائري الفرنسي طاهر رحيم في شخصية المغنّي العالمي شارل أزنافور (باتيه فيلم)

«السيّد أزنافور»... تحيّة موفّقة إلى عملاق الأغنية الفرنسية بأيادٍ عربية

ينطلق عرض فيلم «السيّد أزنافور» خلال هذا الشهر في الصالات العربية. ويسرد العمل سيرة الفنان الأرمني الفرنسي شارل أزنافور، من عثرات البدايات إلى الأمجاد التي تلت.

كريستين حبيب (بيروت)

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.