النساء «أكثر معاناة» من أعراض لقاحات «كورونا» الجانبية

سيدة تتلقى لقاح «كورونا» في كوبا (إ.ب.أ)
سيدة تتلقى لقاح «كورونا» في كوبا (إ.ب.أ)
TT

النساء «أكثر معاناة» من أعراض لقاحات «كورونا» الجانبية

سيدة تتلقى لقاح «كورونا» في كوبا (إ.ب.أ)
سيدة تتلقى لقاح «كورونا» في كوبا (إ.ب.أ)

كشفت دراسة علمية حديثة أن النساء يطورن آثاراً جانبية سلبية تجاه لقاحات فيروس كورونا المستجد بشكل أكبر بكثير من الرجال.
وبحسب صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، فقد حلل باحثون من مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها بيانات السلامة الخاصة بأول 13.7 مليون جرعة لقاح لفيروس كورونا أعطيت للأميركيين.
ووجد الباحثون أن 79.1 في المائة من الشكاوى من الآثار الجانبية السلبية كانت بين النساء، رغم أن 61.2 في المائة فقط من اللقاحات تم إعطاؤها للسيدات.
بالإضافة إلى ذلك، أشار الباحثون إلى أن جميع ردود الفعل التحسسية النادرة تجاه اللقاحات حدثت بين النساء أيضاً.
وقالت الدكتورة جوليان جي، والتي شاركت في الدراسة، إن النساء بشكل عام «يطورن ردود أفعال أكثر شدة تجاه مجموعة متنوعة من اللقاحات. ويشمل ذلك لقاحات الإنفلونزا التي تُعطى للبالغين، وكذلك بعض لقاحات الأطفال الرضع، مثل لقاحات التهاب الكبد بي والحصبة والنكاف والحصبة الألمانية».
وأيدت صبرا كلاين، عالمة المناعة في كلية جونز هوبكنز للصحة العامة، والتي لم تشارك في الدراسة كلام جوليان، قائلة: «لست مندهشة على الإطلاق من هذه النتائج. فلطالما كان الجنس من العوامل المؤثرة على ردود أفعال الأشخاص تجاه اللقاحات المختلفة».
ولفتت كلاين إلى أن هناك دراسة مشابهة أجريت عام 2013. ووجدت أن عدد النساء اللائي أبلغن عن تفاعلات تحسسية تجاه لقاح الإنفلونزا كان أكثر من عدد الرجال الذين أبلغوا عن نفس المشكلات بأربعة أضعاف، رغم أن الرجال حصلوا على تلك اللقاحات أكثر من النساء.
كما أضافت أنه في دراسة أخرى أجريت بين عامي 1990 و2016. شكلت النساء 80 في المائة من الفئات التي عانت من التفاعلات التحسسية المفرطة تجاه اللقاحات المختلفة.
ومع ذلك، أشارت كلاين إلى أن الآثار الجانبية لدى النساء بعد تلقي اللقاحات عادة ما تكون خفيفة وقصيرة الأجل.
كما لفتت إلى أن ردود الفعل الجسدية هي علامة على أن اللقاح يعمل، وأن الجسم يطور مناعة ضد الفيروس.
ولكن لماذا تحدث هذه الفروق بين الجنسين؟.
قد يكون جزء من الإجابة سلوكياً. فقد قالت روزماري مورغان، باحثة الصحة الدولية في كلية جونز هوبكنز إنه من المحتمل أن تبلغ النساء أكثر من الرجال عن الآثار الجانبية حتى عندما تكون أعراضهن متشابهة.
وأضافت مورغان: «لا يوجد بحث خاص باللقاحات يدعم هذا الادعاء، لكن بشكل عام فإن احتمالية زيارة الرجال للأطباء حين يمرضون أقل بكثير من احتمالية زيارة النساء لهم. لذلك قد يكون الرجال أقل عرضة للإبلاغ عن الآثار الجانبية».
ومع ذلك، ليس هناك شك في أن علم الأحياء قد يلعب دوراً مهماً. فقد قالت إليانور فيش، اختصاصية المناعة بجامعة تورونتو: «تختلف الاستجابة المناعية للإناث عن الاستجابة المناعية للذكور من نواحٍ كثيرة. فقد أظهرت الأبحاث أن النساء والفتيات ينتجن أجساماً مضادة لمكافحة العدوى أكثر بكثير من تلك التي ينتجها نظراؤهن من الرجال، استجابة للقاحات الإنفلونزا، والحصبة الألمانية، والحمى الصفراء، والتهاب الكبد (أ) و (ب)».
ويمكن أن تؤثر الهرمونات الجنسية بما في ذلك الإستروجين والبروجسترون والتستوستيرون على طريقة عمل الخلايا المناعية. فعلى سبيل المثال، يساعد هرمون الإستروجين على زيادة قدرة الخلايا المناعية على إنتاج المزيد من الأجسام المضادة استجابة للقاح الإنفلونزا.
وقالت الدكتورة كلاين إن هرمون التستوستيرون يثبط المناعة بشكل ملحوظ، وإن الرجال الذين لديهم مستويات عالية من هذا الهرمون يكونون أقل حماية بعد تلقي لقاح الإنفلونزا مقارنة بغيرهم.
وأشارت كلاين إلى أن التستوستيرون يمنع إنتاج الجسم للمواد الكيميائية المناعية المعروفة باسم السيتوكينات.
علاوة على ذلك، أظهرت الدراسات أن النساء يمتصن الأدوية ويستقلبنها بشكل مختلف عن الرجال، وغالباً ما يحتجن إلى جرعات أقل من اللقاحات لتطوير نفس التأثير الذي يطوره الرجال بعد حصولهم على جرعات أكثر.


مقالات ذات صلة

سجن طبيب بريطاني 31 عاماً لمحاولته قتل صديق والدته بلقاح كوفيد مزيف

أوروبا الطبيب البريطاني توماس كوان (رويترز)

سجن طبيب بريطاني 31 عاماً لمحاولته قتل صديق والدته بلقاح كوفيد مزيف

حكم على طبيب بريطاني بالسجن لأكثر من 31 عاماً بتهمة التخطيط لقتل صديق والدته بلقاح مزيف لكوفيد - 19.

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد السعودية تصدرت قائمة دول «العشرين» في أعداد الزوار الدوليين بـ 73 % (واس)

السعودية الـ12 عالمياً في إنفاق السياح الدوليين

واصلت السعودية ريادتها العالمية بقطاع السياحة؛ إذ صعدت 15 مركزاً ضمن ترتيب الدول في إنفاق السيّاح الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
صحتك تم تسجيل إصابات طويلة بـ«كوفيد- 19» لدى أشخاص مناعتهم كانت غير قادرة على محاربة الفيروس بشكل كافٍ (رويترز)

قرار يمنع وزارة الصحة في ولاية إيداهو الأميركية من تقديم لقاح «كوفيد»

قرر قسم الصحة العامة الإقليمي في ولاية إيداهو الأميركية، بأغلبية ضئيلة، التوقف عن تقديم لقاحات فيروس «كوفيد-19» للسكان في ست مقاطعات.

«الشرق الأوسط» (أيداهو)
أوروبا أحد العاملين في المجال الطبي يحمل جرعة من لقاح «كورونا» في نيويورك (أ.ب)

انتشر في 29 دولة... ماذا نعرف عن متحوّر «كورونا» الجديد «XEC»؟

اكتشف خبراء الصحة في المملكة المتحدة سلالة جديدة من فيروس «كورونا» المستجد، تُعرف باسم «إكس إي سي»، وذلك استعداداً لفصل الشتاء، حيث تميل الحالات إلى الزيادة.

يسرا سلامة (القاهرة)
صحتك طفل يخضع لاختبار الكشف عن فيروس كورونا (أرشيفية - أ.ب)

دراسة: «كورونا» يزيد من خطر إصابة الأطفال والمراهقين بالسكري

كشفت دراسة جديدة عن أن عدوى فيروس كورونا تزيد من خطر إصابة الأطفال والمراهقين بمرض السكري من النوع الثاني مقارنة بعدوى أمراض الجهاز التنفسي الأخرى.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

التشكيلية الكردية يارا حسكو تحتفي بالمرأة وتُجسِّد مآسي الحرب

التشكيلية الكردية تناولت آلام النساء في زمن الحرب (الشرق الأوسط)
التشكيلية الكردية تناولت آلام النساء في زمن الحرب (الشرق الأوسط)
TT

التشكيلية الكردية يارا حسكو تحتفي بالمرأة وتُجسِّد مآسي الحرب

التشكيلية الكردية تناولت آلام النساء في زمن الحرب (الشرق الأوسط)
التشكيلية الكردية تناولت آلام النساء في زمن الحرب (الشرق الأوسط)

تشقّ يارا حسكو مسارها بثبات، وتُقدّم معرضها الفردي الأول بعد تجربة فنّية عمرها 5 سنوات. فالفنانة التشكيلية الكردية المتحدّرة من مدينة عفرين بريف محافظة حلب، تناولت في لوحاتها مجموعة موضوعات، ووظَّفت ألوان الطبيعة وخيوطها لتعكس حياتها الريفية التي تحلم بالعودة إليها؛ فتمحورت أعمالها بشكل رئيسي حول حياة المرأة خلال سنوات الحرب السورية بآمالها وآلامها.

بأسلوب تعبيري مميّز، جسّدت حسكو بريشتها معاناة النساء من مآسي الحروب، إلى يوميات اللجوء والتهجير. فالمعرض الذي لم يحمل عنواناً ضمّ 26 لوحة أقامته في قاعة «كولتورفان» ببلدة عامودا غرب مدينة القامشلي؛ وهو الأول من نوعه خلال مسيرتها.

تفتتح حديثها إلى «الشرق الأوسط» بالقول إنها ابنة المدرسة التعبيرية وفضَّلت الابتعاد عن الواقعية. وتتابع: «أنا ابنة الريف وأحلم بالعودة إلى مسقطي في قرية عرشقيبار بريف عفرين، للعيش وسط أحلام بسيطة، لذلك اخترتُ الفنّ للتعبير عن حلمي وبساطتي في التعامل مع زخم الحياة».

يضمّ معرضها مجموعة أعمال دخلت من خلالها إلى روح النساء، رابطةً ظروف حياتهنّ الخاصة برسومها، لتعيد سرد قصة كل لوحة بحركات وتعابير تحاكي الحرب السورية وتقلّباتها الميدانية التي انعكست بالدرجة الأولى على المرأة؛ أكثر فئات المجتمع السوري تضرراً من ويلات الاقتتال.

إنها ابنة المدرسة التعبيرية وفضَّلت الابتعاد عن «الواقعية» (الشرق الأوسط)

تشير حسكو إلى ابتعادها عن فنّ البورتريه بالقول: «اللوحة ليست صورة فحسب، فمفهومها أعمق. لم يكن لديّ فضول للرسم فقط؛ وإنما طمحتُ لأصبح فنانة تشكيلية». وتسرد حادثة واجهتها في بداية الطريق: «أخذتُ قميص أخي الذي كان يُشبه قماش اللوحة، وبعد رسمي، تساءلتُ لماذا لا يستقر اللون على القميص، وصرت أبحثُ عن بناء اللوحة وكيفية ربط القماش قبل بدء الرسم».

المعرض ضمّ لوحات حملت كل منها عنواناً مختلفاً لترجمة موضوعاتها، بينها «نساء الحرب»، و«امرأة وحبل»، و«المرأة والمدينة». كما برزت ألوان الطبيعة، إلى جانب إضفاء الحيوية لموضوعاتها من خلال اختيار هذه الألوان والحركات بعناية. وهو يستمر حتى 8 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، وفق الفنانة، مؤكدةً أنّ التحضيرات لإقامته استمرّت عاماً من الرسم والتواصل.

المعرض الذي لم يحمل عنواناً ضمّ 26 لوحة (الشرق الأوسط)

يلاحظ متابع أعمال حسكو إدخالها فولكلورها الكردي وثقافته بتزيين معظم أعمالها: «أعمل بأسلوب تعبيري رمزي، وللوحاتي طابع تراجيدي يشبه الحياة التي عشناها خلال الحرب. هذا هو الألم، ودائماً ثمة أمل أعبّر عنه بطريقة رمزية»، مؤكدةً أنّ أكبر أحلامها هو إنهاء الحرب في بلدها، «وعودة كل لاجئ ونازح ومهجَّر إلى أرضه ومنزله. أحلم بمحو هذه الحدود ونعيش حرية التنقُّل من دون حصار».

في سياق آخر، تعبِّر يارا حسكو عن إعجابها بالفنان الهولندي فنسينت فان غوخ، مؤسِّس مدرسة «ما بعد الانطباعية» وصاحب اللوحات الأغلى ثمناً لشهرتها بالجمال وصدق المشاعر والألوان البارزة. أما سورياً، فتتبنّى مدرسة فاتح المدرس، وتحبّ فنّ يوسف عبدلكي الأسود والفحمي. وعن التشكيلي السوري الذي ترك بصمة في حياتها، تقول: «إنه الفنان الكردي حسكو حسكو. تعجبني أعماله عن القرية، وكيف اشتهر بإدخال الديك والدجاجة في رسومه».

خلال معرضها الفردي الأول بعد تجربة فنّية عمرها 5 سنوات (الشرق الأوسط)

بالعودة إلى لوحاتها، فقد جسّدت وجوه نساء حزينات يبحثن عن أشياء ضائعة بين بيوت مهدّمة، وشخصيات تركت مدنها نحو مستقبل مجهول بعد التخلّي عن الأحلام. تتابع أنها متأثرة بمدينة حلب، فبعد وصول نار الحرب إلى مركزها بداية عام 2014، «انقسمت بين شقّ خاضع للقوات الحكومية، وآخر لمقاتلي الفصائل المسلّحة، مما فاقم مخاوفي وقلقي».

من جهته، يشير الناقد والباحث أرشك بارافي المتخصّص في الفنّ والفولكلور الكردي، إلى أنّ المعرض حمل أهمية كبيرة لإضاءته على النساء، أسوةً بباقي فئات المجتمع السوري الذين تضرّروا بالحرب وتبعاتها. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «استخدمت الفنانة رموزاً تُحاكي موضوعاتها مثل السمكة والتفاحة والمفتاح، لتعكس التناقضات التي عشناها وسط هذه الحرب، والثمن الذي فرضته الحدود المُحاصَرة، والصراع بين الانتماء واللاانتماء، وبين الاستمرارية والتأقلم مع الظروف القاسية».

يُذكر أنّ الفنانة التشكيلية يارا حسكو عضوة في نقابة اتحاد الفنانين السوريين، وهي من مواليد ريف مدينة عفرين الكردية عام 1996، تخرّجت بدايةً في كلية الهندسة من جامعة حلب، ثم التحقت بكلية الفنون الجميلة لشغفها بالفنّ. بدأت رسم أولى لوحاتها في سنّ مبكرة عام 2010، وشاركت في أول معرض جماعي عام 2019، كما شاركت بمعارض مشتركة في مدينتَي حلب والعاصمة دمشق.