السيسي: «سد النهضة» قضية وجودية

طالب إثيوبيا بالبعد عن «المنهج الأحادي» وعقد اتفاق في أقرب وقت

الرئيسان المصري والبوروندي خلال مؤتمرهما الصحافي في القاهرة أمس (الرئاسة المصرية)
الرئيسان المصري والبوروندي خلال مؤتمرهما الصحافي في القاهرة أمس (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي: «سد النهضة» قضية وجودية

الرئيسان المصري والبوروندي خلال مؤتمرهما الصحافي في القاهرة أمس (الرئاسة المصرية)
الرئيسان المصري والبوروندي خلال مؤتمرهما الصحافي في القاهرة أمس (الرئاسة المصرية)

جدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مطالب بلاده بضرورة التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم ينظم عملية ملء «سد النهضة» الإثيوبي وتشغيله في أقرب وقت ممكن، مؤكداً خلال مؤتمر صحافي عقده مع نظيره البوروندي إيفاريست ندايشيمي، أمس، أن السد «قضية وجودية» تؤثر على حياة ملايين المصريين.
وتتفاوض مصر والسودان وإثيوبيا، منذ نحو 10 سنوات، على أمل عقد اتفاق قانوني ينظم عمليتي الملء والتشغيل للسد الذي تبنيه الأخيرة على الرافد الرئيسي لنهر النيل، لتوليد الطاقة الكهربائية.
وتستعد أديس أبابا لتنفيذ المرحلة الثانية من ملء الخزان، خلال الأشهر المقبلة، بغض النظر عن التوصل لاتفاق. وقال رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، أول من أمس، إن «الملء الثاني للسد في موعده عند موسم الأمطار في يوليو (تموز) المقبل»، في تجاهل واضح للتحذيرات المصرية والسودانية.
وضمن تحركات دبلوماسية واسعة، للضغط على إثيوبيا، استقبل السيسي بقصر الاتحادية (شرق القاهرة)، أمس، رئيس بوروندي، إحدى دول حوض النيل. ووفق المتحدث باسم الرئاسة المصرية السفير بسام راضي، فإن اللقاء شهد عقد مباحثات منفردة أعقبتها مباحثات موسعة بين وفدي البلدين، تطرقت إلى آخر تطورات قضية «سد النهضة» وتم التوافق على «تكثيف التنسيق بين البلدين خلال الفترة المقبلة بشأن هذه القضية الحساسة والحيوية».
وأكد السيسي «الأهمية القصوى لقضية المياه بالنسبة للشعب المصري باعتبارها مسألة أمن قومي»، كما نوه إلى تمسك بلاده بـ«حقوقها المائية من خلال التوصل إلى اتفاق قانوني يضمن قواعد واضحة لعملية ملء سد النهضة وتشغيله».
وفي مؤتمر صحافي أعقب المباحثات، قال السيسي: «ناقشنا سبل تعزيز التعاون القائم بين البلدين في مجال الموارد المائية والري وجهودنا المشتركة لتعظيم الاستفادة المستدامة من موارد نهر النيل، وأكدنا على رؤيتنا لجعل نهر النيل مصدراً للتعاون والتنمية كشريان حياة لجميع شعوب دول حوض النيل».
وأضاف: «تم استعراض التطورات الخاصة بقضية سد النهضة كقضية وجودية تؤثر على حياة الملايين من المصريين»، مؤكداً «ضرورة السعي للتوصل في أقرب وقت ممكن إلى اتفاق قانوني ملزم ينظم عملية ملء وتشغيل سد النهضة، بعيداً عن أي منهج أحادي يسعى إلى فرض الأمر الواقع وتجاهل الحقوق الأساسية للشعوب».
وأكد السيسي حرص مصر على دعم الاحتياجات التنموية لبوروندي، لا سيما في قطاعات البنية التحتية والكهرباء والصحة والتعدين والزراعة، من خلال تعظيم استثمارات الشركات المصرية المتخصصة التي أصبحت لديها تجربة وخبرة عريقة في تلك المجالات، فضلاً عن نقل الخبرات وبناء القدرات من خلال الدورات والمنح التي تقدمها مصر للإسهام في بناء الكوادر البوروندية.
وتعد زيارة ندايشيمي أول زيارة رسمية له إلى مصر، وأعرب الرئيس البوروندي عن تقدير بلاده الكبير لعلاقاتها التاريخية الممتدة والمتميزة مع مصر، مؤكداً حرص بوروندي على تطوير تلك العلاقات في مختلف المجالات، لا سيما التعاون التجاري والاقتصادي، بما يتناسب مع عمق وتميز العلاقات السياسية، فضلاً عن اهتمام بلاده بتعظيم الدعم الفني الذي تقدمه مصر للكوادر البوروندية في مجالات بناء القدرات، وكذا الحصول على دعم الشركات المصرية العاملة في مجال البنية التحتية، خصوصاً في ضوء الأجندة التنموية الطموح التي تسعى بوروندي لتنفيذها.



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.