طرحت مجلة «تايم» الأميركية تساؤلاً بشأن إمكانية أن تصبح التجربة التي وافقت الحكومة الإسبانية على إجرائها وهي تقليص عدد أيام أسبوع العمل إلى 4 أيام فقط، سائدة في الفترة التي تعقب أزمة فيروس كورونا المستجد.
وأوضحت المجلة أن الحكومة الإسبانية ستجتمع في أواخر مارس (آذار) لوضع تفاصيل التجربة، التي قالت «تايم» إن مفهومها في حد ذاته ليس جديداً، حيث طالبت به العديد من الأحزاب السياسية ذات الميول اليسارية منذ بداية القرن العشرين. وأضافت أن عشرات الشركات حول العالم بالإضافة إلى حكومة بلدية واحدة، على الأقل، بالفعل، قامت بتقليص أسبوع العمل لكن التجربة الإسبانية ستكون الأولى على مستوى دولة.
وذكرت «تايم» أن المخاوف بشأن التوازن بين العمل والحياة، دفعت بعض الشركات، في الفترة السابقة عن أزمة «كورونا» إلى تجربة أسبوع العمل الأقصر، حيث راهنت مثل مايكروسوفت في اليابان أن هذا الإجراء سيزيد من رضا الموظفين ويجعل الشركة أكثر جاذبية لهم، خاصة أولئك الذين يكافحون من أجل ملاءمة ظروف عملهم مع احتياجات أطفالهم.
وقد أدت التجربة إلى انخفض الغياب عن العمل بنسبة 28 في المائة، واستمرت الإيرادات في النمو بنفس المعدل الذي كانت عليه في السنوات السابقة، ساعدت في بقاء بالموظفين.
وتابعت المجلة أنه بعد أن دفع فيروس «كورونا» ملايين الموظفين حول العالم للعمل من المنزل، أطلقت العديد من الشركات تجارب خاصة بها في محاولة للرد على شعور الموظفين المتزايد بالإرهاق أو أنها كانت مدعومة بالمرونة المكتشفة من إمكانية العمل في المنزل. وقالت إن فكرة أسبوع العمل القصير كانت تنمو في إسبانيا منذ عامين عندما اقترح حزب «ماس باييس» التقدمي في عام 2019. تقليص أسبوع العمل إلى 4 أيام ووافقت الحكومة في يناير (كانون الثاني) رغم أن التفاصيل لم يتم تحديدها بعد.
ومن المتوقع أن تطبق التجربة في سبتمبر (أيلول) لمدة 3 أعوام وسينفق خلالها تمويلاً من الاتحاد الأوروبي يقدر بـ50 مليون يورو لتعويض ما يقدر بنحو 200 شركة عن تخفيض أيام عمل موظفيها إلى 32 ساعة دون خصم رواتب.
وبالنسبة لـلحزب، فإن هذا التغيير سيحقق أهدافاً بيئية واجتماعية مهمة، حيث يقول رئيس الحزب إن «الاقتصادات الأوروبية لا تستطيع التنافس مع الصين في العمل لساعات أطول مقابل أموال أقل، ولكن يجب أن تتنافس بشأن العمل في ظروف أفضل»، وقال إن اقتصاد بلاده اعتمد لفترة طويلة على السياحة التي لم تعد موجودة جراء الوباء، وهو أمر يتطلب تغييراً.
ولفتت المجلة إلى أن السياسيين ورجال الأعمال الذين يعارضون أسبوع العمل القصير يقولون إنه قد يدمر أكثر البلد الذي ليس لديه فقط ثاني أدنى مستويات الإنتاجية في أوروبا، ولكنه يعاني من تقلص اقتصادها بنسبة 11 في المائة خلال 2020 وهو أسوأ انكماش تشهد إسبانيا منذ الحرب الأهلية في الثلاثينيات. مشيرة إلى أن هناك دراسات تدعم مقترح رئيس حزب «ماس باييس» منها دراسة نشرتها مجلة كامبرديج أوف إيكنومستس خلصت إلى أن تخفيض ساعات العمل لمدة 5 ساعات في إسبانيا خلال عام 2017 كان سيخلق 560 ألف وظيفة، ورفع الرواتب بنسبة 3.7 في المائة وزيادة الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 1.4 في المائة.
ولاحظ الباحثون أن الشركات التي تقلل ساعات عمل موظفيها يتعين عليها توظيف المزيد من الموظفين للحفاظ على نفس المستوى من الإنتاجية، وأضافوا أن الرواتب الإضافية ترفع التكاليف ولكن يمكن تعويضها إلى حد كبير برفع الأسعار.
وهناك مخاوف غير اقتصادية البحتة مثل أن تؤدي التجربة لنتائج عكسية عندما يتعلق الأمر بتحقيق التوازن بين العمل والحياة حيث قد يؤدي تقليص أسبوع العمل إلى خفض الرواتب أو إضافة ساعات.
ونبهت مجلة تايم إلى تجربة بلدة أود شيرد الدنماركية التي هي زيادة رضا موظفيها، حيث إن الكثير منهم يسافر من كوبنهاغن، فقامت بتخفيض أسبوع عملهم في عام 2019 خلال تجربة ستستمر حتى سبتمبر 2022. وقال كلاوس ستين مادسن، مدير البلدية، الذي صمم التجربة: «في البداية كان الجميع قلقين لأنهم اعتقدوا أنه في الأيام التي يعملون فيها، سيقضون أياماً طويلة جداً في المكتب، ولكن هذا هو السبب في أننا أكدنا أيضاً على المرونة». وتابع: «يمكن للموظفين العمل من المنزل، أو أثناء وجودهم في القطار كما شددوا على زيادة الكفاءة»، وأضاف: «ساعد قضاء عطلة نهاية أسبوع أطول على إعادة شحن طاقتهم». وذكر أنه كان شكل عامل رضا من الموظفين والمواطنين لكن كانت هناك بعض المفاجآت، حيث كان مستوى الرضا أقل لدى موظفين شعروا بأنهم يخضعون للمراقبة عن كثب من قبل رؤسائه، وقال مادسن: «إذا كنت لا تثق في موظفيك، فلا يمكنك القيام بذلك، عليك أن تؤمن منذ البداية أن الموظفين يعرفون بالفعل ما يفعلونه».
وكشفت المجلة أن تحالفاً من النقابات والشركات دعا الوزيرة الأولى لأسكوتلندا نيكولا ستورجون لتطبيق التجربة الإسبانية.
تجربة «العمل 4 أيام أسبوعياً»... هل هي الأفضل ما بعد «كورونا»؟
تجربة «العمل 4 أيام أسبوعياً»... هل هي الأفضل ما بعد «كورونا»؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة