آلات موسيقية قياسية مصنوعة في «بيت العود» بالخرطوم

الموسيقار نصير شمة في {بيت العود بالخرطوم}
الموسيقار نصير شمة في {بيت العود بالخرطوم}
TT

آلات موسيقية قياسية مصنوعة في «بيت العود» بالخرطوم

الموسيقار نصير شمة في {بيت العود بالخرطوم}
الموسيقار نصير شمة في {بيت العود بالخرطوم}

عرض «بيت العود» في الخرطوم 13 آلة عود بقياسات موحدة في حفل تخريج أول دفعة من الأعواد المصنوعة في السودان، معلناً في حفل موسيقي الماركة «صنع في السودان»، لتصبح أول صناعة احترافية لآلة العود في السودان، تمت بإشراف أمهر صانعي آلة العود في البلاد.
وقال مدير «بيت العود» في الخرطوم أحمد شمة، إنّ صناعة هذه الأعواد بدأت بحلم طموح للعواد العراقي الشهير نصير شمة، هدفه إحداث تغيير في صناعة العود، وحل الكثير من المشاكل التي تواجه العوادين السودانيين وغيرهم، وتذهب عنهم عناء استيراد آلاتهم الموسيقية من خارج البلاد، وتابع: «ما يميز هذه الأعواد، أنّها صنعت بمواصفات عالمية، وتبلغ المسافة بين القصعة والزند (19) زند».
وأوضح أحمد شمة أنّ المقاييس التي اتبعت في صناعة الأعواد السودانية، ثمرة للخبرات المتراكمة للموسيقار العراقي الشهير نصير شمة، بمعاونة صانع الأعواد يعرب محمد فاضل الذي يعد من أمهر صناع العود، وتوصلت جهود الرجلين لتوحيد قياسات آلة العود مثلها مثل بقية الآلات الموسيقية الوترية الأخرى.
ويقول الموسيقي أحمد شمة، إنّ دارسي العود استطاعوا رغم ظروف «الكورونا»، من صناعة وإنتاج آلة عود رائعة، تليق بالجهد الذي بذل عليها، بالمواصفات العالمية نفسها لآلة العود، وتابع: «أتوقع أن يصبح بيت العود بالخرطوم، علامة فارقة ونافذة لأفريقيا في مجال صناعة الموسيقي»، وأضاف: «أنا متفائل بصناعة العود في السودان، فقد مر زمن طويل، لم أسمع خلاله بصانع عود صغير السن قادر على صناعة آلة متكاملة».
وتعليقاً على الحدث المهم، قال المدير الإداري لبيت العود مازن الباقر، إنّ تاريخ بيت العود لم يحدث أن شهد تخرج طلاب من قسم الصناعة فيه، كما حدث في السودان، أشرف عليهم أمهر صانع عود «يعرب محمد فاضل»، وتابع: «نحن كموسيقيين وعازفين سودانيين، نفخر بشعار (صنع في السودان) المختوم على الأعواد»، وأضاف: «كانت تنقصنا الآلة الجيدة من حيث الصناعة رغم توفر الخامات الجيدة، والآن أتيحت لنا فرصة امتلاك آلة قياسية تضيف للموسيقي وموسيقاه».
وقال الباقر إنّ هناك إقبالاً من الشباب على تعلم صناعة العود، لكن العدد الذي يُقبل قليل نسبياً بحيث يتيح للمدرب الإشراف الدقيق على تفاصيل الصناعة، وتابع: «قوبلت الأعواد السودانية بارتياح كبير من الموسيقيين السودانيين، وبدا ذلك في ثنائهم على جودة المنتجة بالأيدي السودانية، ونجاح تجربة الصناعة، رغم قصر مدة التدريب، التي بدأت عقب افتتاح بيت العود في يناير (كانون الثاني) 2020».
وكان الموسيقار نصير شمة قد افتتح بيت العود في الخرطوم، وقال حينها لـ«الشرق الأوسط»، إنّه اختار الخرطوم لتكون المدينة الخامسة التي يفتتح فيها بيوت العود، ولتكون جسراً للثقافات العربية والأفريقية، وتابع: «نتمنى أن يُحدث المشروع نقلة كبيرة في سجل الثقافة الموسيقية السودانية وتعزيز الهوية الموسيقية عند الشباب السوداني، ويمنحهم مادة علمية تمهد لدخولهم من بوابات الموسيقى الواسعة، كعازفين مهرة على مستوى العالم»، مضيفاً أنّ «بيت العود سيدعم الدارسين فيه داخل السودان وخارجه، وفي جميع المحافل الموسيقية الدولية».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».