شعراء من بلغاريا يكسرون العزلة

مختارات مترجمة من شعرهم في «تمسح الوحدة قدميها»

شعراء من بلغاريا يكسرون العزلة
TT

شعراء من بلغاريا يكسرون العزلة

شعراء من بلغاريا يكسرون العزلة

قصائد لـ22 شاعراً وشاعرة بلغارية، ترجمها الكاتب الفلسطيني خيري حمدان عن لغتها الأصلية، وصدرت عن دار «صفصافة» للنشر والتوزيع بالقاهرة. وبفكرة موجزة عن كل شاعر وشاعرة، قدم ما يزيد على 88 قصيدة تتراوح بين الطول والقصر، كما ترجم العديد من قصيدة الهايكو لعدد من الشعراء.
في المختارات قصائد لعدد من كبار الشعراء البلغار المعاصرين، من بينهم بويان أنغيلوف رئيس اتحاد الكتاب، الذي أصدر 21 مجموعة شعرية، وتُرجمت أعماله لأكثر من 14 لغة، وغيورغي كونستانتينوف ولديه 35 ديواناً، وهناك مختارات وشاعر القيثارة غريشا تريفونوف المولود عام 1955 في مدينة هرمنلي، وصدرت له ستة دواوين، ويوسيب أوستي المولود عام 1945 في سراييفو، الذي أصدر ستة وعشرين كتاباً في مجال الشعر والنثر والنقد والترجمة.
كما ضمت المختارات شعراء وشاعرات شباباً، بعضهم أصدر ديواناً واحداً منهم أنيتا خريستوفا وديمانا إيفانوفا وإينا إيفانوفا. وجميعهم يبشرون بتجارب شعرية واعدة وطليعية.
ويقول المترجم حمدان في مقدمة المختارات، إن غالبية الشعراء المشاركين فيها لم تترجم أعمالهم لأي لغة بعد، لكنهم يستحقون الاهتمام والعناية، «لامتلاكهم أجنحة كونية غير مرئية، تتيح لهم المجال للارتقاء إلى مدارات ممتعة»، لافتاً إلى أن هاجس العولمة الذي يظهر في القصائد، يعد ضمن خصوصيات عديدة في التجربة الشعرية البلغارية، فالأدب البلغاري يمتلك الكثير من الدُرَر والخبايا الثمينة، وقادر على رفد الأدب العربي بتفاعلات فكرية وحضارية غير تقليدية.
ولم تغفل المختارات أيضاً الأديب ذائع الصيت ألكسندر شوربانوف، المولود في العاصمة صوفيا عام 1941، حيث ترجم له حمدان قصائد «على طرفي المرآة»، و«تشبثت الحياة»، و«متخلصاً من النفايات»، وكان شوربانوف عضواً بارزاً في الحزب الشيوعي البلغاري خلال المرحلة الاشتراكية، وصدر له عشرة دواوين شعرية والعديد من الأعمال والكتب النثرية، وحاز على جوائز أدبية وطنية رفيعة.
أما الشاعر والأديب أندريه زخارييف الذي ولد في العاصمة صوفيا عام 1975، ونال جائزة «فارس الكتاب». فتتضمن المختارات بعضاً من أعماله الشعرية، ويبرز فيها الطابع الفلسفي، كما يقول في قصيدته الطويلة «إلى رمبراند»:
«إذا ما جلس الفيلسوفُ في حضرة ضوءِ نافذته المشتت
سيدرك أن ضجيجَ الحرس قد أصاب بالصمم جلادَ الأم
الخجلة التي خشيت أن تعبر خلف ظهره
ما إن تأوي الابن الضال وما إن تتذكر خطاياها
في لحظة اللقاء إياه.
عندها فقط ستتقمص هيئة سارة للانبعاثِ لا الانحلال».
وتكشف نماذج الشعر النسائي البلغاري التي تضمنتها المختارات عن ملامح ذاتية متمردة، برزت في قصائدهن، سعين من خلالها للتعبير عن طموحاتهن ومكنونات أرواحهن وعواطفهن المشبوبة ببساطة ودون خشية من منع أو مصادرة، فمنذ الوهلة الأولى يمكن إدراك أنهن تحررن من سلطة كانت إلى وقت قريب تمنع أجهزتها الرقابية أعمالهن من الصدور، وتدفعهم في كثير من الأحيان للهروب بإبداعاتهم، مثل الكاتب جيورجي ماركوف صاحب رواية «نساء وارسو» الصادرة عام 1969، الذي قتلته يد آثمة برأس مظلة مسمم عام 1979 في لندن، بعد هروبه إليها لمجرد أنه قام بإعادة طباعة روايته هناك بديلاً عن النسخة التي تمت مصادرتها في بلاده.
وتعبر الشاعرة ليودميلا ميندوفا، التي ولدت في مدينة روسي الواقعة على نهر الدانوب عام 1974، زمن الحكم الاشتراكي، عن هذه الروح المتحدية، العاشقة للحياة، في قصيدتها «الحياة دون موسيقى» وفيها تقول:
«لو عَلِمَ الشيطانُ أن
الوترَ المبتورَ يُستبدلُ بآخر
أكثر بهاءً وتجلياً
لما قطع الوترَ أبداً
وما كنا سندرك نحن أيضاً
أن الحياة دونَ موسيقى
هي الجحيم بعينه».
وتضمنت المختارات أيضاً قصيدتي «تراب» و«بكل اللغات» من ديوان «غرورٌ رهيف» للشاعرة أنجيلا ديمتشيفا، التي ولدت في العاصمة صوفيا عام 1963. وصدر لها العديد من الأعمال الشعرية، وحازت على جائزة الشعر عام 2010. ونالت العديد من الجوائز الأخرى في مجالات الأدب والنقد، وتقول ديمتشيفا في قصيدة «بكل اللغات»:
«دون طعام، دون هواء وماء، دون ألقاب وكرامة، دون أرقامٍ قياسية
دون قَسمٍ، معبودين، احتيالاتٍ، دون تسرعٍ وإبطاءٍ وتدافع
دون سكاكين من الداخل والخارج، دون موتٍ، دون أغانٍ ونهاية سعيدة
دون مائة عامٍ من الرخاءِ والعدم، دون حتى سجاجيدَ صلاة
دونَ حمائمَ سلامٍ، دونَ باراتٍ، دونَ شرائطَ فيديو إباحية ورجال أمن
دون ستالين - هتلر، دون مستبدين - مهرجين
دون مبرراتٍ وموجباتٍ وأموالٍ كثيرة
دون عبقري بامتياز دون غرباء أطوار
دون موناليزا متبصرة دون أقنعة
دون أزرار لكل شأن أو العدم
دون أهمية دائرية أو مربعة الشكل
دون جسدٍ وشامبانيا وأنانية
دون كلماتِ ترحيبٍ ووداعٍ
دون كل الغرائز
دون كل النضارة والألق
أنا وأنت بلازما
جبلنا من طينٍ وشمسٍ
بكل اللغات الممكنة».



إعلان جمال سليمان نيته الترشح لرئاسة سوريا يثير ردوداً متباينة

الفنان السوري جمال سليمان (حساب سليمان على «فيسبوك»)
الفنان السوري جمال سليمان (حساب سليمان على «فيسبوك»)
TT

إعلان جمال سليمان نيته الترشح لرئاسة سوريا يثير ردوداً متباينة

الفنان السوري جمال سليمان (حساب سليمان على «فيسبوك»)
الفنان السوري جمال سليمان (حساب سليمان على «فيسبوك»)

أثار إعلان الفنان السوري جمال سليمان نيته الترشح لرئاسة بلاده ردوداً متباينة، فبينما رأى مؤيدوه أنه «واجهة مدنية جيدة»، رأى معارضوه أنه «استمرار للنظام السابق»، ووسط الجدل الدائر بشأن الفنان المقيم في القاهرة، الذي لم يحسم بعد موعد عودته إلى دمشق، تصاعدت التساؤلات بشأن فرص التيار المدني في الوصول إلى سُدّة الحكم، في ظل سيطرة فصائل مسلحة على المشهد.

وأطاحت فصائل المعارضة في سوريا بالرئيس بشار الأسد، الأحد الماضي، بعد هجوم خاطف شهد، في أقل من أسبوعين، انتزاع مدن كبرى من أيدي النظام، وصولاً إلى دخولها العاصمة دمشق.

وتعليقاً على سقوط نظام الأسد، أعرب الفنان السوري وعضو «هيئة التفاوض السورية» جمال سليمان، في تصريحات متلفزة، عن «رغبته في الترشح لرئاسة البلاد، إذا لم يجد مرشحاً مناسباً»، مشيراً إلى أن ترشحه «رهن بإرادة السوريين». وأضاف: «أريد أن أكسر هذا (التابوه) الذي زرعه النظام، وهو أنه لا يحق لأحد الترشح للرئاسة أو للوزارة، وأن النظام هو فقط مَن يقرر ذلك».

سليمان لم يحدّد بعد موعد عودته إلى سوريا (حساب سليمان على «فيسبوك»)

وأكد أن «الانتقال السياسي في سوريا يجب أن يشمل جميع الأطياف، مع الابتعاد عن حكومة (اللون الواحد)»، مشدداً على «ضرورة طي صفحة الماضي». وقال: «نريد سوريا ديمقراطية تشكل الجميع». وتأكيداً على رغبته في المصالحة، قال سليمان إنه «سامحَ كل مَن اتهمه سابقاً بالخيانة».

وأثارت تصريحات سليمان جدلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، وعدّ حساب باسم «يمان»، على منصة «إكس»، سليمان بأنه «وجه تسويقي مثالي لسوريا، وشخصية مقبولة من الكل؛ بسبب أصوله الطائفية المختلفة».

بيد أن بعضهم انتقد رغبة جمال سليمان في الترشح للرئاسة، وعدّوها بمنزلة «إعادة للنظام السوري»، مشيرين إلى تصريحات سابقة لسليمان، وصف فيها بشار الأسد بـ«الرئيس».

وفي حين أبدى الكاتب والباحث السياسي السوري غسان يوسف دهشته من شنّ حملة ضد جمال سليمان، أكد لـ«الشرق الأوسط» أنه «من المبكر الحديث عن الانتخابات الرئاسية، لا سيما أن الحكومة الانتقالية الحالية ستستمر حتى الأول من مارس (آذار) المقبل».

وقال يوسف إن «الحكومة الانتقالية هي مَن ستضع ملامح الدولة السورية المقبلة»، موضحاً أن «الدستور الحالي يكفل لأي مسلم الترشح في الانتخابات، من دون النص على مذهب معين، ومن غير المعروف ما إذا كان سيُغيَّر هذا النص أو المادة في الدستور الجديد».

بدوره، أكد الكاتب والمحلل السياسي السوري المقيم في مصر عبد الرحمن ربوع، أن «حق أي مواطن تنطبق عليه شروط الترشح أن يخوض الانتخابات»، موضحاً في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن «جمال سليمان فنان مشهور، وناشط سياسي له جهود معروفة في المجالَين السياسي والإنساني السوريَّين طوال 13 عاماً، ما يجعله واجهةً جيدةً لمستقبل سوريا، لا سيما أنه كان من جبهة المعارضة التي دقّت أول مسمار في نعش نظام الأسد». وفق تعبيره.

جمال سليمان له نشاطات سياسية سابقة (حساب سليمان على «فيسبوك»)

وأعرب ربوع، الذي أبدى دعمه لجمال سليمان حال ترشحه للرئاسة، عن سعادته من حالة الجدل والانتقادات والرفض لترشحه، قائلاً: «لم يكن بإمكاننا الترشح في الانتخابات، ناهيك عن رفض مرشح بعينه. هذه بوادر سوريا الجديدة».

ولعب سليمان دوراً في مقعد المعارضة، والتقى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، في فبراير (شباط) 2021. وقال، في منشور عبر «فيسبوك»، إنه «طرح خلال اللقاء، بصفته الشخصية، مقترح تشكيل (مجلس عسكري) يحكم سوريا في المرحلة الانتقالية، بوصفه صيغةً بديلةً لجسم الحكم الانتقالي الواردة في وثيقة جنيف، التي لم ترَ النور».

وتثير سيطرة التيار الإسلامي على المشهد الحالي في سوريا، تساؤلات بشأن تأثيرها في فرص المرشحين المدنيين للانتخابات الرئاسية في سوريا. وقال عضو مجلس النواب المصري (البرلمان) محمود بدر، في منشور عبر حسابه على منصة «إكس»، إن «جمال سليمان رجل وطني محترم ومعارض وطني شريف»، متسائلاً عمّا «إذا كانت القوى المسيطرة على المشهد حالياً في سوريا ستسمح بانتخابات وبوجود شخصيات وطنية».

وهنا قال المحلل السياسي غسان يوسف: «إن الأمر رهن الدستور المقبل وقانون الانتخابات الجديد، ومن المبكر الحديث عنه، لا سيما أنه من غير الواضح حتى الآن ما الذي سينصُّ عليه الدستور الجديد لسوريا».

ويشير ربوع إلى أن «التيار الإسلامي» أظهر قدراً مفاجئاً من التسامح والعفو، لكن يتبقى أن ينفتح على المعارضة المدنية، التي ما زالت أبواب سوريا مغلقة أمامها. وأعرب عن تفاؤله بالمستقبل، مؤكداً «الاستمرار في الضغط من أجل دولة مدنية في سوريا».

ويرى الناقد الفني المصري طارق الشناوي أن تولّي فنانين مناصب سياسية أو حتى رئاسة الدولة أمر تكرر في العالم وليس جديداً، ضارباً المثل بالرئيس الأميركي الأسبق رونالد ريغان، والرئيس الأوكراني الحالي فولوديمير زيلينسكي.

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن النظرة التقليدية للفنان كأن يراه الناس (أراجوزاً) موجودة ولها تنويعات في العالم أجمع، ومن المؤكد أن التيار الإسلامي يرفض الفن عموماً، لذلك فمن الصعب أن يُقبَل فنان رئيساً».

مطار دمشق بعد سقوط نظام الأسد (أ.ف.ب)

لم يحدّد سليمان موعد عودته إلى سوريا، لكنه سبق وقال، في منشور عبر حسابه على «فيسبوك»، في نوفمبر (تشرين الثاني) 2021، إنه «يتوق للعودة» إلى بلاده، التي أُجبر على «مغادرتها تحت سطوة الترهيب والتهديد المباشر». وأضاف: «سنعود إلى سوريا عندما يكون هناك نظام ديمقراطي يقبل الاختلاف ويقبل المحاسبة، نظام يقوم على الشفافية وسيادة القانون والتداول السلمي للسلطة».

وكان الفنان السوري المولود في دمشق عام 1959 قد حصل على درجة الماجستير في اﻹخراج المسرحي بجامعة ليدز البريطانية في عام 1988. وبعد عودته إلى سوريا بدأ التمثيل في عدد كبير من الأعمال الدرامية، منها «صلاح الدين الأيوبي»، و«ربيع قرطبة»، و«ملوك الطوائف»، «التغريبة الفلسطينية».

وبدأ سليمان رحلته في الدراما المصرية عبر مسلسل «حدائق الشيطان» في عام 2006، ليكمل رحلته في بطولة عدد من الأعمال على غرار «قصة حب»، و«الشوارع الخلفية»، و«سيدنا السيد»، و«نقطة ضعف»، و«الطاووس». و«مين قال».