«اللقاء الموعود» بين عون والحريري يعمّق خلافهما ويمدد الأزمة الحكومية

حرب لوائح بين الطرفين... والرئيس المكلف: ليس عملي تعبئة أوراق من أحد

عون والحريري خلال اجتماعهما أمس (الوكالة الوطنية)
عون والحريري خلال اجتماعهما أمس (الوكالة الوطنية)
TT

«اللقاء الموعود» بين عون والحريري يعمّق خلافهما ويمدد الأزمة الحكومية

عون والحريري خلال اجتماعهما أمس (الوكالة الوطنية)
عون والحريري خلال اجتماعهما أمس (الوكالة الوطنية)

فشلت زيارة الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري إلى قصر بعبدا للقاء الرئيس اللبناني ميشال عون أمس (الاثنين)، بالوصول إلى تفاهم بينهما لإعلان التشكيلة الحكومية المنتظرة، وسط تصعيد من الحريري الذي أكد أن «الرئيس المكلف ليس عمله أن يقوم بتعبئة أوراق من قبل أحد»، في إشارة إلى ورقة قال إن عون أرسلها إليه مساء الأحد تتضمن خانات ليملأها بأسماء الوزراء والحقائب ومرجعية تسميتهم.
واندلعت حرب لوائح بعد زيارة الحريري الـ18 إلى قصر بعبدا، حيث وزع على الصحافيين قائمة بتشكيلة حكومية كان أودعها رئاسة الجمهورية قبل مائة يوم، ليرد عليه القصر الجمهوري بتوزيع نسخة من الورقة التي أرسلت إلى الحريري قال إنه تفاجأ بـ«كلام وأسلوب دولة رئيس الحكومة المكلف، شكلاً ومضموناً».
واجتمع الحريري بعد ظهر أمس مع عون في قصر بعبدا وعرض معه ملف تشكيل الحكومة. وقال الحريري بعد الاجتماع: «في اجتماعي الأخير مع فخامة الرئيس، اتفقنا أن نلتقي مجددا الاثنين. لكن مع الأسف، أرسل لي بالأمس تشكيلة كاملة من عنده، فيها توزيع للحقائب على الطوائف والأحزاب، مع رسالة يقول لي فيها إنه من المستحسن أن أقوم بتعبئتها»، لافتاً إلى أن الورقة «تضمنت ثلثا معطلا لفريقه السياسي، بـ18 وزيرا أو 20 أو 22 وزيرا، وطلب مني فخامته أن أقترح أسماء للحقائب حسب التوزيعة الطائفية والحزبية التي حضرها هو». وأكد الحريري أن الورقة «غير مقبولة لأن الرئيس المكلف ليس عمله أن يقوم بتعبئة أوراق من قبل أحد، ولا عمل رئيس الجمهورية أن يشكل حكومة»، مصيفاً: «لأن دستورنا يقول بوضوح إن الرئيس المكلف يشكل الحكومة ويضع الأسماء، ويتناقش في تشكيلته مع فخامة الرئيس».
وقال: «على هذا الأساس، أبلغت فخامته بكل احترام، أنني أعتبر رسالته كأنها لم تكن، وقد أعدتها إليه، وأبلغته أيضا أني سأحتفظ بنسخة منها للتاريخ». ولفت الحريري إلى أنه قال لعون إن «تشكيلتي بين يديه منذ ١٠٠ يوم وإنني جاهز الآن كما سبق وقلت علنا، لأي اقتراحات وتعديلات بالأسماء والحقائب، وحتى بإصراره على الداخلية سهلت له الحل. لكن مع الأسف جوابه الواضح: الثلث المعطل».
وتابع: «هدفي واحد، وضع حد للانهيار ومعاناة اللبنانيين. وطلبت من فخامة الرئيس، أن يسمع أوجاع اللبنانيين، ويعطي البلد فرصته الوحيدة والأخيرة بحكومة اختصاصيين تنجز الإصلاحات وتوقف الانهيار، بلا تعطيل ولا اعتبارات حزبية ضيقة».
وأضاف: «لأن فخامة الرئيس قال في خطابه الأخير إنني لم أقدم له إلا خطوطا عريضة، سأوزع عليكم التشكيلة الكاملة بالأسماء والحقائب التي قدمتها له هنا في بعبدا في 9 ديسمبر (كانون الأول) 2020 أي منذ أكثر من 100 يوم، وأترك الحكم عليها للرأي العام».
وردت الرئاسة اللبنانية على الحريري قائلة إنها «فوجئت بكلام وأسلوب دولة رئيس الحكومة المكلف، شكلاً ومضموناً». وقالت في بيان إن «رئيس الجمهورية وانطلاقاً من صلاحياته ومن حرصه على تسهيل وتسريع عملية التشكيل لا سيما في ضوء الظروف القاسية التي تعيشها البلاد، أرسل إلى رئيس الحكومة المكلف ورقة تنص فقط على منهجية تشكيل الحكومة وتتضمن 4 أعمدة يؤدي اتباعها إلى تشكيل حكومة بالاتفاق بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف».
وأوضحت أن «العمود الأول يتضمن الوزارات على أساس 18 أو 19 أو 20 وزيراً»، أما العمود الثاني فيتضمن «توزيع الوزارات على المذاهب عملاً بنص المادة 95 من الدستور». أما العمود الثالث فيتضمن «مرجعية تسمية الوزير، بعد أن أفصح رئيس الحكومة المكلف أن ثمة من سمّى وزراءه، على ما تظهره أصلاً التشكيلة التي أبرزها الرئيس المكلف»، فيما يتضمن العمود الرابع خانة بالأسماء «بعد إتمام الاتفاق على المذهب ومرجعية التسمية».
وأسفت الرئاسة «لأن يصدر عن دولة الرئيس المكلف، منفعلاً، إعلان تشكيلة حكومية عرضها هو في 9 ديسمبر (كانون الأول) 2020، ولكنها أصلاً لم تحظ بموافقة رئيس الجمهورية كي تكتمل عناصر التأليف الجوهرية». وقالت: «الورقة المنهجية يعرفها الرئيس الحريري جيداً، وهو سبق أن شكّل حكومتين على أساسها في عهد الرئيس عون»، مشيرة إلى أن «هذه المرة، اختلف أسلوبه، إذ كان يكتفي بكل زيارة للقصر الجمهوري بتقديم تشكيلة حكومية في غالب الأحيان ناقصة، وفي كل الأحيان لا تظهر فيها مرجعية التسمية».
وقالت الرئاسة إن «رئيس الجمهورية حريص على تشكيل حكومة وفقاً للدستور، وكل كلام ورد على لسان رئيس الحكومة المكلف وقبله من رؤساء الحكومات السابقين حول أن رئيس الجمهورية لا يشكل بل يصدر هو كلام مخالف للميثاق والدستور وغير مقبول، ذلك أن توقيعه لإصدار مرسوم التأليف هو إنشائي وليس إعلانياً». وشددت على أنه «لا يجوز تحويل الأزمة الحكومية إلى أزمة حكم ونظام إلا إذا كانت هناك نية مسبقة بعدم تشكيل حكومة لأسباب غير معروفة ولن نتكهن بشأنها».
ولاقى رفض الحريري لورقة بعبدا، تأييداً من قيادات سنية، إذ اعتبر النائب نهاد المشنوق أن الحريري بدأ أمس «مسيرة استعادة شرعية رئاسة الحكومة بالصلابة والصمود والصبر»، فيما اعتبر الوزير السابق اللواء أشرف ريفي أن «موقف الرئيس الحريري خطوة في الاتجاه الصحيح في مواجهة الانقلاب على الدستور وعلى البلد».
وأرخت حرب الردود بثقلها على الشارع اللبناني الذي لاحظ تأزماً إضافياً بدأ أول مؤشراته بارتفاع سعر صرف الدولار في السوق السوداء، وخروج الناس إلى الشارع اعتراضا على الأزمة المتفاقمة، وهو ما دفع رئيس أمين عام تيار المستقبل أحمد الحريري لدعوة جمهور الرئيس الحريري في كل المناطق «للابتعاد عن أي تحرّكات في الشارع»، مؤكداً أن «لا علاقة للتيّار بأي دعوات لذلك».
وردّ المكتب الإعلامي للحريري على بيان الرئاسة، آسفاً لـ«المغالطات» التي تضمنها، وقال «منذ تكليف الرئيس الحريري وبدء اجتماعاته مع رئيس الجمهورية ميشال عون كان رئيس الجمهورية يصر في كل اجتماع على التمسك بحصوله على الثلث المعطل، وهذا الأمر لم يتغير من البداية وحتى اليوم، وهو ما بات معروفا لدى كل اللبنانيين». وأضاف: «إلا أن الأمر المستغرب وغير المقبول أن تعمد المديرية العامة لرئاسة الجمهورية إلى توزيع جدول لا يمت بصلة إلى ما أرسله الرئيس عون للرئيس الحريري أمس (الأول)، زاعمة أنه الجدول المرسل». وقال: «احتراما لعقول اللبنانيين ننشر الأوراق كما وصلت من رئيس الجمهورية للرئيس الحريري»، مرفقاً نسخة من الأوراق التي أرسلت إليه.
ولاحقاً، ردّ مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية، قائلاً ان «النص الذي وزعه المكتب الاعلامي للرئيس سعد الحريري يعود الى فترة تبادل الصيغ الحكومية بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، وليس النص الذي أرسله أمس الرئيس عون، والذي وزّع سابقاً».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».