الساخر السياسي الأميركي الأول جون ستيوارت يستقيل

برهن على نجاح الأخبار السياسية في قالب فكاهي

لقاء مع الرئيس باراك أوباما في أكتوبر 2012 (أ.ف.ب)
لقاء مع الرئيس باراك أوباما في أكتوبر 2012 (أ.ف.ب)
TT

الساخر السياسي الأميركي الأول جون ستيوارت يستقيل

لقاء مع الرئيس باراك أوباما في أكتوبر 2012 (أ.ف.ب)
لقاء مع الرئيس باراك أوباما في أكتوبر 2012 (أ.ف.ب)

أعلنت شبكة «كوميدي سنترال» التلفزيونية الأميركية أن المذيع جون ستيوارت سيتخلى عن برنامجه «دايلي شو» (العرض اليومي)، الذي تقدمه شبكة التلفزيون، وهو برنامج أخبار ومقابلات، لكن بطريقة فكاهية وساخرة. ولم تحدد الشبكة موعد التخلي، لكن يعتقد أن هذا سيكون مع نهاية الصيف، وبداية برامج موسم الخريف في سبتمبر (أيلول) القادم.
وفي الحال، هب معلقون إعلاميون وسياسيون، في كل الأجهزة الإعلامية وفي مواقع التواصل الاجتماعية، يناقشون أسباب نجاح البرنامج، الذي يعرضه في صورة فكاهية. وقال كثير من المعلقين إن «نجاح البرنامج يعود إلى إحساس عام وسط المشاهدين، خصوصا الشباب في الولايات المتحدة، وربما في كل العالم، بعدم الثقة في الحكام والسياسيين. وإن الملل من الأخبار السياسية، خصوصا المكررة، جعل كثيرا من هؤلاء يهجرون قنوات الأخبار الرئيسية، مثل: «سي إن إن»، و«إن بي سي»، و«سي بي إس»، و«فوكس».
وكتبت أميلي ياهر، مراسلة إعلامية في صحيفة «واشنطن بوست»، أن «هناك صلة بين قلة شعبية الكونغرس والتحول نحو برامج مثل برنامج ستيورات. وأن شبكات تلفزيونية أخرى بدأت، أو تخطط لأن تبدأ، برامج مماثلة».
جاء إعلان استقالة ستيوارت في بيان أصدرته مديرة «كوميدي سنترال»، ميشيل غينليس، بأنه «من خلال نبرته الفريدة، ورؤيته الثاقبة، أصبح برنامج (دايلي شو) معيارا ثقافيا بالنسبة للملايين من متابعيه. وأصبح، أيضا، منبرا لا ينافس للكوميديا السياسية. ولا بد أن تأثيره سيستمر لسنوات كثيرة». في عام 1999، تولى ستيوارت (عمره 52 سنة) تقديم البرنامج.
هذه ثاني خسارة كبيرة أخيرا لتلفزيون «كوميدي سنترال»، ففي ديسمبر (كانون الأول) الماضي، استقال نجم آخر من نجومها، هو ستيفن كولبرت، الذي كان يقدم برنامج «كولبرت ريبوت» (تقرير كولبرت)، وكان، أيضا، برنامجا إخباريا ساخرا. غير أنه كان يركز على الأخبار الفنية، خصوصا نجوم السينما والتلفزيون. انتقل كولبرت إلى تلفزيون «سي بي إس»، مكان ديفيد ليترمان، مقدم برنامج «تونايت شو» (برنامج الليلة). هذا ربما أشهر برنامج مقابلات ليلية في التلفزيون الأميركي، ومن أقدمها، وكان نجمه المشهور هو جوني كارلسون، الذي اعتزل البرنامج قبل 20 عاما، وتوفي بعد ذلك بأعوام قليلة.
اكتسب ستيوارت شعبية كبيرة، خصوصا وسط الشباب، بسبب تغطيته الساخرة للسياسيين والمشاهير، خصوصا في مجالات الرياضة والفنون. وأشارت استطلاعات إلى أن كثيرا من الشباب يعتبرون البرنامج مصدرهم الأول للأخبار، وأن مليون شخص يشاهدون البرنامج كل ليلة.
قبل عامين، أخرج ستيوارت فيلم «روز ووتر» (ماء الزهر)، عن صحافي إيراني المولد، انتقل إلى كندا، وحصل على الجنسية الكندية، ثم عاد إلى طهران عام 2006، حيث سجن لـ4 شهور بتهمة التجسس لصالح وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه).
واشتهر ستيوارت بانتقاداته للسياسات الأميركية، الداخلية والخارجية، وانتقاداته للتدخلات العسكرية الأميركية في دول عربية وإسلامية بعد هجمات 11 سبتمبر عام 2001. وسخر، مرات كثيرة، من تصرفات جنرالات أميركيين، من دون أن ينتقدهم مباشرة. وأيضا، أكثر من مرة، سخر من الجيش الإسرائيلي، خصوصا معاملته للمدنيين في غزة، وأيضا، سخر من غياب توازن القوة بين الصواريخ شبه العشوائية التي أطلقتها حركة حماس على إسرائيل، وبين القصف الجوي الإسرائيلي المكثف، والدبابات الإسرائيلية العملاقة.
وأيضا، سخر من الإعلام الأميركي في نقله لهذه الاشتباكات، وعبارات مثل «تبادل إطلاق الصواريخ»، وكان الإعلام الأميركي يصور، خطأ، بأن الجانبين؛ الإسرائيلي والفلسطيني، قوتان متكافئتان. ربما قلل من الشكوى أن جون ستيوارت اسمه الأصلي هو جوناثان لايبوفتش، وهو ينتمي إلى عائلة يهودية من نيويورك.
خلال مراحل الثورة في مصر، نشر ستيورات في حسابه في موقع «تويتر» صورة تجمعه بالإعلامي المصري الساخر باسم يوسف، بعد أن كان استضافه، وكتب ستيورات: «جون ستيورات مصر أصبح باسم يوسف أميركا». وكان يوسف نشر صورا، أيضا في حسابه في «تويتر»، من داخل استوديو برنامج «دايلي شو»، إلى جانب ستيوارت.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».