عمل الجمعيات الخيرية اللبنانية يتضاعف في ظل تفاقم الأزمة

الطعام والدواء أبرز ما يطلبه المحتاجون

الجيش اللبناني يوزع تعويضات على متضرري انفجار مرفأ بيروت (المركزية)
الجيش اللبناني يوزع تعويضات على متضرري انفجار مرفأ بيروت (المركزية)
TT
20

عمل الجمعيات الخيرية اللبنانية يتضاعف في ظل تفاقم الأزمة

الجيش اللبناني يوزع تعويضات على متضرري انفجار مرفأ بيروت (المركزية)
الجيش اللبناني يوزع تعويضات على متضرري انفجار مرفأ بيروت (المركزية)

مع بلوغ الفقر في لبنان مستويات قياسية نتيجة تفاقم الأزمات المالية والاقتصادية والمعيشية، تضاعف عمل الجمعيات والمنظمات والمؤسسات الخيرية التي تسعى للتخفيف من وطأة هذه الأزمات. وشكّل انفجار مرفأ بيروت في أغسطس (آب) الماضي نقطة تحول في مسار معظم هذه الجمعيات، وبخاصة أن نصف العاصمة بيروت تقريباً تضرر بشكل أو بآخر، ما حتّم المسارعة لإغاثة المتضررين الذين فقد قسم كبير منهم منازله وأعماله.
وتقدر «الدولية للمعلومات»، وهي شركة دراسات وأبحاث وإحصاءات علمية، نسبة الفقر بين اللبنانيين حالياً بـ55 في المائة أي بنحو 2.3 مليون لبناني، منهم 1.1 مليون باتوا تحت خط الفقر، أي دخل الفرد يقل عن 8 آلاف ليرة يومياً (أقل من دولار واحد وفق سعر السوق السوداء). ويشير الباحث في «الدولية للمعلومات» محمد شمس الدين، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أنه «كلما ارتفعت نسبة البطالة التي وصلت اليوم إلى 35 في المائة وتراجعت القدرة الشرائية التي وصل تراجعها إلى نسبة 90 في المائة، ارتفعت نسبة الفقر».
وتقول المتطوعة في حملة «دفى» ماغي ننجيان إن الحملة التي انطلقت عام 2013 كانت سنوية تهدف لمساعدة المحتاجين بالملابس الشتوية ولعب الأطفال والإلكترونيات والمواد الغذائية وغيرها، لكن ومنذ عام 2019 ومع استفحال الأزمات بات عملها يومياً. وتشير ننجيان في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه خلال الأشهر الماضية كان يتم توزيع 250 حصة غذائية في الأسبوع، «لكن اليوم بتنا نوزع هذا العدد بشكل يومي، علماً بأن الحصة تتضمن المواد الغذائية الأساسية من زيت وطحين وأرز وغيرها من الأصناف». وتضيف: «نحن نوزع المساعدات على كل الناس وعلى كل المناطق، بحيث بتنا نضيف شهرياً ما بين 1000 و1200 اسم جديد لمحتاجين، مع العلم أننا نتفادى الالتزام مع عائلة واحدة، فلا نعطيها حصة كل شهر إلا في حالات استثنائية جداً، كي نتمكن من إغاثة كل العوائل المحتاجة».
وتوزع «دفى» أيضاً الأدوية وحليب الأطفال والملابس والألعاب على من يطلبها. وتتحدث ننجيان عن تجارب مريرة جداً يعايشها المتطوعون منذ أشهر بحيث تأتي الأمهات طلباً لحليب لأطفالهن، «فبعضهن ورغم حاجتهن للمواد الغذائية أيضاً، يفضلن أن يحصلن على مزيد من عبوات الحليب باعتبار أنهن قادرات على النوم جائعات بخلاف الأطفال، على حد تعبير عدد كبير منهن». وتقول ننجيان: «للأسف لم نعد نحصل كالسابق على كثير من المساعدات لتوزيعها على المحتاجين باعتبار أن الوضع صعب على الجميع، خاصة في ظل احتجاز المصارف أموال المودعين، كما أن الكثير من الأفراد الذين كانوا يندرجون في الطبقة الوسطى ويقدمون لنا بعض المساعدات باتوا مؤخراً من الفقراء وهم من يطلبون منا المساعدة، وهذا الأمر مؤسف للغاية»، لافتة إلى أن الاعتماد الأساسي اليوم على المغتربين اللبنانيين.
وتشير «س. خ» (48 عاماً) التي طرقت أبواب إحدى الجمعيات مؤخراً طلبا للمساعدة، إلى أنها لم تفكر بيوم من الأيام أنها قد تستجدي مواد غذائية لإطعام ولديها، قائلة في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «منذ عامين كنا نعيش حياة أخرى، لكن ومع فقدان زوجي وابني عملهما بتنا نعتمد حصراً على المدخول البسيط الذي يؤمنه ابني الآخر كي ندفع أقساط القروض المتوجبة علينا... لولا المساعدات التي يقدمها الخيرون في الجمعيات لكان وضعنا أصعب بكثير في دولة تطلب منا تنفيذ كل واجباتنا من دون أن تعطينا أياً من حقوقنا وبخاصة بالعيش بكرامة».
ومن الجمعيات التي تأسست مؤخراً، أي منذ نحو عام ونصف العام، جمعية Lebanon of tomorrow التي تعمل كما «دفى» على أكثر من جبهة. ويقول رئيس الجمعية طارق كرم إنه ومع اندلاع الأزمة في أكتوبر (تشرين الأول) 2019، كانوا يوزعون بشكل أساسي بطاقات تساعد على تأمين المواد الغذائية للمحتاجين في مختلف المناطق، «بحيث كنا قد اعتمدنا 17 سفيراً لنا في مختلف البلدات والمدن والقرى على أن يكون كل واحد منهم مسؤولاً عن مساعدة 15 عائلة، لكن بعد تفشي «كورونا» وانفجار المرفأ وتفاقم الأزمتين المالية والاقتصادية، وسّعنا عملنا كثيراً بحيث نقدم المساعدات لمرضى «كورونا» ونؤمن لهم أجهزة الأكسيجين كما أننا عملنا على إغاثة المتضررين من الانفجار وأمنا الزجاج لنحو 1850 منزلاً حرصا منا على ألا تبقى أي عائلة في بيت مشلّع في فصل الشتاء».
ويشير كرم في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الجمعية تهتم أيضاً بموضوع تأمين التعليم ومستلزمات التعليم أونلاين للتلامذة المحتاجين كما الأدوية لأكثر من 300 شخص يعانون من أمراض مزمنة»، مؤكداً أن عدد المحتاجين بلغ 200 مرة ما كان عليه قبل عام ونصف العام، بحيث يمكن الحديث عن 10 في المائة من اللبنانيين الذين يستفيدون من الوضع الراهن بحيث إن لديهم مداخيل بالدولار الأميركي، و5 في المائة من المواطنين يضعون أموالهم في منازلهم، وبالتالي لم تضع المصارف يدها عليها، و30 في المائة لا يزالون يعتبرون من الطبقة المتوسطة، إضافة لـ55 في المائة من اللبنانيين باتوا فقراء ويحتاجون للمساعدة.



مصر: أمن البحر الأحمر مرتبط بحل الأزمة اليمنية وتثبيت «اتفاق غزة»

مصر تعلن نجاحها في قطْر ناقلة نفط هاجمتها جماعة «الحوثي» اليمنية بالبحر الأحمر العام الماضي (هيئة قناة السويس)
مصر تعلن نجاحها في قطْر ناقلة نفط هاجمتها جماعة «الحوثي» اليمنية بالبحر الأحمر العام الماضي (هيئة قناة السويس)
TT
20

مصر: أمن البحر الأحمر مرتبط بحل الأزمة اليمنية وتثبيت «اتفاق غزة»

مصر تعلن نجاحها في قطْر ناقلة نفط هاجمتها جماعة «الحوثي» اليمنية بالبحر الأحمر العام الماضي (هيئة قناة السويس)
مصر تعلن نجاحها في قطْر ناقلة نفط هاجمتها جماعة «الحوثي» اليمنية بالبحر الأحمر العام الماضي (هيئة قناة السويس)

تزامناً مع إعلان هيئة قناة السويس المصرية نجاحها في قطر ناقلة نفط تعرضت لهجوم «حوثي» قبل نحو 7 أشهر، أكدت مصر، الاثنين، أن تحقيق أمن البحر الأحمر مرتبط بحل الأزمة اليمنية وتثبيت اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.

وقال نائب وزير الخارجية والهجرة المصري السفير أبو بكر حفني، إن «أمن البحر الأحمر وثيق الصلة بالأزمات التي تشهدها المنطقة»، مُشيراً إلى «أهمية التوصل إلى حل عادل للأزمة اليمنية، والعمل على تثبيت وقف إطلاق النار في غزة، بالإضافة إلى تسوية الأزمة السودانية».

جاء ذلك في افتتاح البرنامج التدريبي الذي ينظمه «مركز القاهرة الدولي لتسوية النزاعات وحفظ وبناء السلام»، بدعم من الحكومة اليابانية، بعنوان «مكافحة التهديدات العابرة للحدود: نحو تعزيز الأمن البحري في منطقة البحر الأحمر».

ويشارك في البرنامج التدريبي عدد من الكوادر المدنية والأمنية المعنية بالدول المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن، ومنها السعودية، واليمن، وجيبوتي، والسودان، والصومال، والأردن، ومصر، وفق الإفادة.

وأشار حفني، في كلمته خلال مراسم افتتاح البرنامج التدريبي، إلى «تداعيات العدوان الإسرائيلي على غزة على استقرار منطقة البحر الأحمر وتصاعد التوتر بها على نحو غير مسبوق». وقال إن «الحفاظ على أمن البحر الأحمر وحرية الملاحة فيه، مسؤولية جماعية تتطلب تعاوناً دولياً وإقليمياً مكثفاً»، وأضاف: «مصر تؤكد دوماً محورية إدماج الدول العربية والأفريقية المشاطئة للبحر الأحمر وخليج عدن في أي مبادرات تُعنى بالمنطقة».

وشدد نائب وزير الخارجية المصري على «أهمية تفعيل مجلس الدول العربية والأفريقية المُطلة على البحر الأحمر وخليج عدن، باعتباره إطاراً إقليمياً ضرورياً لتعزيز التعاون والتنسيق بين الدول المشاطئة».

تشكو مصر من تراجع إيرادات قناة السويس بسبب توترات البحر الأحمر (هيئة قناة السويس)
تشكو مصر من تراجع إيرادات قناة السويس بسبب توترات البحر الأحمر (هيئة قناة السويس)

ومنذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، غيرت شركات شحن عالمية مسارها، متجنبة المرور في البحر الأحمر، إثر استهداف جماعة «الحوثي» اليمنية، السفن المارة بالممر الملاحي، «رداً على الحرب الإسرائيلية ضد قطاع غزة».

وسبق أن أشارت مصر مراراً إلى تأثر حركة الملاحة بقناة السويس بالتوترات الإقليمية. وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أخيراً، إن إيرادات قناة السويس تراجعت نحو من 40 إلى 50 في المائة، بسبب «الأزمات» على حدود البلاد المختلفة، بعد أن كانت تدرّ نحو 10 مليارات دولار سنوياً.

في سياق متصل، قال أسامة ربيع، رئيس هيئة قناة السويس المصرية، في إفادة رسمية، الاثنين، إن ناقلة النفط «سونيون» المسجلة في اليونان، والتي هاجمتها جماعة «الحوثي» اليمنية العام الماضي، جرى قطرها بنجاح عبر القناة بعد إنقاذها من البحر الأحمر.

ووفق البيان، «جرت عملية القطر بواسطة 4 قاطرات تابعة للهيئة في رحلتها عبر قناة السويس ضمن قافلة الجنوب، مقبلة من البحر الأحمر ومتجهةً إلى اليونان».

وأوضح رئيس الهيئة أن «تجهيزات عملية قطْر الناقلة استلزمت اتخاذ إجراءات معقدة على مدار عدة أشهر لتفريغ حمولة الناقلة البالغة 150 ألف طن من البترول الخام قبل السماح بعبورها القناة، وذلك لخطورة وضع الناقلة بعد تعرضها لهجوم بالبحر الأحمر في أغسطس (آب) الماضي، أسفر عن حريق هائل بغرفة القيادة، وغرفة الماكينات، وغرف الإعاشة، وتعطل أجهزة التحكم والسيطرة، بشكل يصعب معه إبحار الناقلة وتزداد معه مخاطر حدوث التلوث والانسكاب البترولي أو الانفجار».

ناقلة النفط «سونيون» المسجلة في اليونان (هيئة قناة السويس)
ناقلة النفط «سونيون» المسجلة في اليونان (هيئة قناة السويس)

وأضاف ربيع أن «عملية تفريغ الحمولة في منطقة غاطس السويس خضعت لإجراءات معقَّدة قامت بها شركتا الإنقاذ AMBERY وMEGA TUGS المعينتين من مُلَّاك الناقلة، حيث عملتا من خلال خطة عمل مشتركة، بالتعاون وتحت إشراف كامل من فريق الإنقاذ البحري التابع للهيئة، على تفريغ الحمولة بناقلة أخرى مماثلة، وفق معدلات تفريغ وحسابات دقيقة منعاً لحدوث أي تضرر أو انقسام في بدن الناقلة».

وأوضح أن «عملية القطْر استغرقت نحو 24 ساعة، بمشاركة 13 مرشداً في مناطق الغاطس والقناة، وجرت على عدة مراحل».

وأكد ربيع «جاهزية قناة السويس للتعامل مع حالات العبور الخاصة وغير التقليدية من خلال منظومة عمل متكاملة»، مشيراً إلى «ما تتيحه الهيئة من حزمة متنوعة من الخدمات البحرية والملاحية التي تلائم متطلبات العملاء المختلفة في الظروف الاعتيادية والطارئة».

وتعد قناة السويس أحد المصادر الرئيسية للعملة الصعبة في مصر، وتراجعت إيرادات قناة السويس من 9.4 مليار دولار خلال العام المالي 2022 - 2023، إلى 7.2 مليار دولار خلال 2023 - 2024، بحسب التصريحات الرسمية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

بدوره، قال خبير الشؤون الأفريقية اللواء محمد عبد الواحد لـ«الشرق الأوسط»، إن «ما يحدث في البحر الأحمر يجب النظر إليه من منظور جيوسياسي، لا سيما أن ما يحدث فيه يؤثر في دول عدة حول العالم، كونه أحد ممرات الملاحة العالمية التي كانت ولا تزال محل تنافس عالمي»، وأشار إلى «أهمية تعاون الدول المشاطئة لحماية أمن البحر الأحمر واستقراره». وأضاف: «إنهاء الصراعات في المنطقة أحد أهم شروط استعادة استقرار البحر الأحمر».

ووفق تقرير للبنك الدولي الشهر الماضي، «أدى تعطيل النقل البحري في البحر الأحمر إلى زيادة كبيرة في تكاليف الشحن العالمية بنسبة 141 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، مقارنةً بما قبل الأزمة».

كما شهدت قناة السويس ومضيق باب المندب انخفاضاً حاداً في حركة السفن، حيث تراجعت بنسبة تصل إلى 75 في المائة بحلول أواخر ديسمبر (كانون الأول) 2024، مقارنةً بانخفاض 50 في المائة تم توثيقه في مايو (أيار) 2024، وفق التقرير.