صعوبات تواجه «عمالقة التكنولوجيا» في مكافحة التطرف عبر الإنترنت

بحسب دراسة عن «وجود داعش على تويتر» أعدها مركز «اعتدال» السعودي

TT

صعوبات تواجه «عمالقة التكنولوجيا» في مكافحة التطرف عبر الإنترنت

أظهرت دراسة حديثة اتفاق الهيئات التشريعية في «الاتحاد الأوروبي» وبريطانيا وأميركا، على ما تواجهه «عمالقة التكنولوجيا» تويتر، غوغل، وفيسبوك، والصعوبات في مكافحة المحتوى المتطرف عبر الإنترنت. استعرضت، دراسة بعنوان «تحليل وجود (داعش) على تويتر» صادرة عن المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف (اعتدال) - حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها - كيف يستخدم «تنظيم داعش» تويتر بكثرة على أنه مركز اتصالات، واستراتيجياته في إنشاء حسابات جديدة والإبقاء عليها، وتحليل جهود تويتر في إيقاف هذه الحسابات، إضافة إلى التأثيرات التي خلّفتها الحملات العسكرية للتحالف الدولي ضد «داعش» منذ تأسيسه في سبتمبر (أيلول) 2014 على استخدام التنظيم لتويتر.
وأوضحت، الدراسة «لاحظنا على مدى السنوات القليلة الماضية تسخير وسائل التواصل الاجتماعي بانتظام كسلاح للدعاية والتجنيد من قبل الجماعات المتطرفة، كان «داعش» الأكثر استفادة من المنصات لمثل هذه الأغراض، مضيفة «أجرينا تحليلا واسع النطاق استناداً إلى مجموعة بيانات من 16 مليون تغريدة مرتبطة بـ(داعش) باللغة العربية على مدى ثمانية أشهر خلال عام 2017 واستخدمنا ثلاث منهجيات مختلفة لنظام الذكاء الصناعي وتعلم الآلة لتحديد النقاشات المؤيدة لـ(داعش) كما استفدنا من فريق خبراء التصنيف لدينا للتحقق من صحة النتائج، ومن خلال هذه العملية، وصلت نماذجنا إلى دقة تتراوح بين 80 - 90 في المائة مما يجعل منهجنا ليس فقط مميزاً ومبتكراً، بل ويحتوي على مجموعة بيانات هي من بين الأكثر دقة في اكتشاف (داعش) حتى الآن». وتوصلت الدراسة إلى أن، عام 2017 شهد انخفاضاً كبيراً في نشاط النقاش المؤيد لـ«داعش» على تويتر، وهو ما طرح تساؤلات حول ما إذا كان الانخفاض بسبب الإجراءات التي اتخذها تويتر لتعليق الحسابات؟ أم نتيجة لمبادرة شاملة من «داعش» للانتقال إلى منصات التواصل الاجتماعي الأخرى؟ أم أن ما يُفسر ذلك هو العمليات التي حدثت على أرض الواقع في كل من العراق وسوريا؟
وبينت الدراسة، أن «داعش» يستخدم تويتر بشكل واضح كمنصة مركزية للوصول إلى الجماهير الكبيرة من خلال الرسائل النصية وتوجيه المستخدمين إلى منصات أخرى مثل: اليوتيوب، من بين منصات أخرى معروفة من خلال روابط للوصول إلى مواد وسائط متعددة دعائية، وأن ليس لـ«داعش» نية تذكر للتخلي عن تويتر كمنصة للنشر والتجنيد، وأن وجود رسائل من القنوات الرسمية لـ«داعش» على منصات أخرى توصي متابعيها بالبقاء في تويتر يدل بقوة على ذلك، إضافة إلى وجود «بنوك حسابات» كبيرة تظهر على منصات التراسل ما يوضح أن التنظيم لديه إمكانية الوصول إلى موارد كبيرة من «الحسابات النائمة» لأغراض دعائية.
وحول استمرار الحسابات المؤيدة لـ«داعش» على تويتر، أوضحت الدراسة أن «عمر الحسابات المؤيدة لـ(داعش) عموماً قصير جداً (بضعة أيام)، وأن حسابات جديدة تُنشأ بانتظام وتنضم إلى النقاش بمعدل غير طبيعي، وهو ما يعزز من قدرة (داعش) على التهرب بشكل منهجي من أنشطة الإيقاف في تويتر والمساهمة في النقاش، مدعوماً بعدد كبير من الحسابات النائمة»، مضيفة أنه «عند التمعن في الوسوم وتوقيتات المعارك، يمكننا أن نلاحظ أنه من المُرجح أن تعطيل النقاشات المؤيدة لـ(داعش) قد كان بسبب نتائج المعارك التي خسرها التنظيم على الأرجح».
وتناولت الدراسة الصادرة عن المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف (اعتدال)، بالتحليل ما وصفته بـ«تحول في طبيعة التطرف العنيف»، مشيرة إلى أنه «منذ هزيمة (داعش)، تحولت طبيعة التطرف العنيف إلى مستويات أعمق، حيث تجب معالجة التهديد أيضاً على مستوى متعمق أكثر من خلال تحديد الأسباب واتخاذ الإجراءات المناسبة لمواجهته ودحضه وتفنيده». وحول رؤية (اعتدال) حيال هذه التحولات، أوضحت الدراسة «يعتقد المركز أنه نظراً للطبيعة العالمية للمشكلة والأنشطة التي تحدث عبر الإنترنت وعلى الأرض، أنه يمكننا تحقيق أهداف إيجابية مثمرة من خلال التعاون بين الحكومات ومؤسسات الفكر والجامعات والشركات.
خاصة شركات التقنية، وإذا استطعنا التعاون وتبادل الخبرات والموارد مع شركائنا لمحاولة اكتشاف الرسائل المتطرفة وتعليقها ومواجهتها سواء عبر الإنترنت أو على الأرض، فإنه يُمكن إنقاذ الكثير من الأرواح وتجنب الدمار الناتج عن التطرف». وكان تويتر كشف في 2017 عن إيقافه - بحسب الدراسة - أكثر من 377 ألف حساب من الحسابات التي «تشجع على التطرف»، وأن 74 في المائة من الحسابات المتطرفة عُثر عليها من خلال «أدوات مكافحة المحتوى العشوائي الداخلية ذات الملكية الخاصة» وهي خوارزميات أُنشئت بالأساس للعثور على المحتوى العشوائي، ولكنها وُظّفت في محاربة شبح التطرف العنيف، وباستخدام هذه الأدوات يزعم «تويتر» أنه نجح في إزالة حسابات داعش المحتملة قبل تغريدتهم الأولى». وحول توضيح أثر ذلك على وجود حسابات للتنظيم الإرهابي على «تويتر»، خلصت الدراسة إلى أنه «بناءً على هذه الأرقام الرسمية، فإنه يمكن استنتاج أنه من بين 377 ألف حساب تم إيقافه على مستوى العالم، هناك نحو 94 ألفا و250 حسابا غرد بغض النظر عن الموقع واللغة»، وأن «داعش» مستمر في استخدام تويتر بوصفه الطريقة الرئيسية لنشر رسائله المتطرفة، لأن النشر عن طريق تويتر سريع و(فوري) و(مجاني في المصدر) وفعّال (يمكن لأي شخص التواصل مع أي شخص دون متابعة)، إضافة إلى أن تويتر يُعد وسيلة فعالة للغاية لـ«داعش» حيث يضم 330 مليون مستخدم على مستوى العالم، 28 في المائة منهم في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.


مقالات ذات صلة

رئيس «أبل» للمطورين الشباب في المنطقة: احتضنوا العملية... وابحثوا عن المتعة في الرحلة

تكنولوجيا تيم كوك في صورة جماعية مع طالبات أكاديمية «أبل» في العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)

رئيس «أبل» للمطورين الشباب في المنطقة: احتضنوا العملية... وابحثوا عن المتعة في الرحلة

نصح تيم كوك، الرئيس التنفيذي لشركة «أبل»، مطوري التطبيقات في المنطقة باحتضان العملية بدلاً من التركيز على النتائج.

مساعد الزياني (دبي)
تكنولوجيا خوارزمية «تيك توك» تُحدث ثورة في تجربة المستخدم مقدمة محتوى مخصصاً بدقة عالية بفضل الذكاء الاصطناعي (أ.ف.ب)

خوارزمية «تيك توك» سر نجاح التطبيق وتحدياته المستقبلية

بينما تواجه «تيك توك» (TikTok) معركة قانونية مع الحكومة الأميركية، يظل العنصر الأبرز الذي ساهم في نجاح التطبيق عالمياً هو خوارزميته العبقرية. هذه الخوارزمية…

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
خاص تم تحسين هذه النماذج لمحاكاة سيناريوهات المناخ مثل توقع مسارات الأعاصير مما يسهم في تعزيز الاستعداد للكوارث (شاترستوك)

خاص «آي بي إم» و«ناسا» تسخّران نماذج الذكاء الاصطناعي لمواجهة التحديات المناخية

«الشرق الأوسط» تزور مختبرات أبحاث «IBM» في زيوريخ وتطلع على أحدث نماذج الذكاء الاصطناعي لفهم ديناميكيات المناخ والتنبؤ به.

نسيم رمضان (زيوريخ)
خاص يمثل تحول الترميز الطبي في السعودية خطوة حاسمة نحو تحسين كفاءة النظام الصحي ودقته (شاترستوك)

خاص ما دور «الترميز الطبي» في تحقيق «رؤية 2030» لنظام صحي مستدام؟

من معالجة اللغة الطبيعية إلى التطبيب عن بُعد، يشكل «الترميز الطبي» عامل تغيير مهماً نحو قطاع طبي متطور ومستدام في السعودية.

نسيم رمضان (لندن)
خاص من خلال الاستثمارات الاستراتيجية والشراكات وتطوير البنية التحتية ترسم السعودية مساراً نحو أن تصبح قائداً عالمياً في التكنولوجيا (شاترستوك)

خاص كيف يحقق «الاستقلال في الذكاء الاصطناعي» رؤية السعودية للمستقبل؟

يُعد «استقلال الذكاء الاصطناعي» ركيزة أساسية في استراتيجية المملكة مستفيدة من قوتها الاقتصادية والمبادرات المستقبلية لتوطين إنتاج رقائق الذكاء الاصطناعي.

نسيم رمضان (لندن)

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».