المغرب يرفض بيان مجلس السلم والأمن الأفريقي حول الصحراء

وزير خارجية المغرب ناصر بوريطة (ماب)
وزير خارجية المغرب ناصر بوريطة (ماب)
TT

المغرب يرفض بيان مجلس السلم والأمن الأفريقي حول الصحراء

وزير خارجية المغرب ناصر بوريطة (ماب)
وزير خارجية المغرب ناصر بوريطة (ماب)

يرفض المغرب بشكل قاطع ما جاء في البيان، الذي أصدرته كينيا الخميس، باعتبارها الرئيس الدوري لمجلس السلم والأمن للاتحاد الأفريقي هذا الشهر. ويتجلى هذا الرفض في تصريحات وزير الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، أول من أمس، التي قال فيها إن المغرب غير معني وغير مهتم بالبيان، الذي صدر عقب اجتماع مجلس اﻟﺴلم واﻷﻣن ﻟﻼﺗﺤﺎد اأﻓﺮﻳﻘﻲ، المنعقد في 9 مارس (آذار) الجاري، حول قضية الصحراء المغربية. مبرزاً أن الأمر يتعلق بـ«حدث غير ذي شأن» بالنسبة للمغرب، الذي يواصل عمله داخل الاتحاد الأفريقي في إطار القرار 693 للاتحاد.
ولم يقف الأمر عند حد إقحام ملف الصحراء المغربية في اجتماع قمة هذه الهيئة الأفريقية، التي كان حضور رؤساء الدول فيها ضعيفاً، إذ جرى نهج أسلوب ملتوٍ رغم المقاومة النشطة، والسجالات البناءة التي اتبعتها غالبية الدول الأعضاء لأكثر من 10 أيام، ذلك أن كينيا أخرجت في اللحظة الأخيرة البيان غير المعتمد أصلاً. وما استغرب له المراقبون هو أن بيان الرئاسة الدورية لمجلس السلم والأمن الأفريقي تفرد بفقرة واحدة، من أصل 19 فقرة أخرى واردة في قرار الدورة الاستثنائية الـ14 للاتحاد الأفريقي، حول «إسكات البنادق»، ما يدل على تركيز المفوض المنتهية ولايته، الجزائري إسماعيل شرقي، على معاداة المغرب ومناكفته. وعلى هذا الأساس يرى مراقبون أن هذا النص يفتقد للمشروعية، وليس له أي أثر قانوني، لأنه ينتهك بشكل صارخ قواعد وإجراءات مجلس السلم والأمن، المتعلقة بإجراءات اعتماد البيانات.
في سياق ذلك، قال مصدر دبلوماسي أفريقي في أديس أبابا لـ«الشرق الأوسط»، إن بيان الرئاسة الكينية لا يحوز أي قيمة قانونية لأن غالبية الدول الأعضاء في مجلس السلم والأمن لم تصادق على مضامينه، وقدمت تعديلات جوهرية وموضوعية، تشير إلى وجود خلاف واضح بشأنه.
ورغم ما وقع، فإن المغرب يشعر بالرضا لأن غالبية الدول الأعضاء في مجلس السلم والأمن ومفوضية الاتحاد الأفريقي ظلت متمسكة بالشرعية والمشروعية، ودافعت عن صلاحية وأهمية القرار 693 للاتحاد، باعتباره الإطار الوحيد في الاتحاد الأفريقي لمتابعة قضية الصحراء المغربية.
ويرى المغرب أن القرار 693 المعتمد قانونياً، بتوافق بين رؤساء الدول، هو الوحيد الذي يحظى باعترافه ودعمه، نظراً لكونه يؤكد أن قضية الصحراء المغربية هي من الاختصاصات الحصرية لمجلس الأمن، التابع للأمم المتحدة، وأنه لا يمكن إطلاق عملية موازية.
وكان بيان مجلس الأمن والسلم الأفريقي، الذي اعتبره المغرب «غير معني به» قد ذكر أنه تقرر أن تقوم «ترويكا» الاتحاد الأفريقي على بسرعة بتنشيط اتصالاتها مع المغرب و«الجمهورية الصحراوية»، بهدف التوصل إلى حل دائم للنزاع، وأن يضطلع مجلس السلم والأمن بمهمته بشأن النزاع، وفقاً للأحكام ذات الصلة من البروتوكول ومقررات قمة الاتحاد ذات الصلة، من خلال دراسة الوضع في الصحراء على مستوى رؤساء الدول والحكومات، كلما اقتضت الضرورة وحسب الاستطاعة، بما في ذلك تلقي إحاطات من «ترويكا» الاتحاد، مضيفاً أنه تقرر أيضاً أن يطلب من مفوضية الاتحاد الأفريقي اتخاذ الخطوات اللازمة لفتح مكتب للاتحاد في العيون، على وجه السرعة، من أجل تمكين الاتحاد من إعادة إحياء دوره في البحث عن حل سياسي لهذا الصراع.
وذكر القرار أن البيان يعترف بالدور الحاسم للأمم المتحدة في تحمل مسؤوليتها في إيجاد حل دائم للنزاع؛ ويحث الأمين العام للأمم المتحدة على التعجيل بتعيين مبعوث شخصي جديد، ويدعو هذا المبعوث للعمل بشكل وثيق مع الاتحاد الأفريقي إلى تعزيز الشراكة في السلم والأمن.
ولم يتوقف البيان عند هذا الحد، الذي يضرب في الصميم القرار رقم 693، إذ دعا الأمين العام للأمم المتحدة لكي يطلب من المستشار القانوني للأمم المتحدة تقديم رأي قانوني حول فتح قنصليات في الصحراء، إلى جانب تشجيعه المبعوث الخاص للاتحاد الأفريقي إلى الصحراء لكي يستأنف وعلى وجه السرعة اتصالاته مع طرفي النزاع، والطلب من رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي تقديم الدعم اللازم للمبعوث الخاص للاتحاد الأفريقي إلى الصحراء.



ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.