تفشي الوباء يفرض حظر التجول في شرق ليبيا

لجنة طبية تبحث في ليبيا خطوات التجهيز لانطلاق حملة التطعيم (المركز الوطني لمكافحة الأمراض)
لجنة طبية تبحث في ليبيا خطوات التجهيز لانطلاق حملة التطعيم (المركز الوطني لمكافحة الأمراض)
TT

تفشي الوباء يفرض حظر التجول في شرق ليبيا

لجنة طبية تبحث في ليبيا خطوات التجهيز لانطلاق حملة التطعيم (المركز الوطني لمكافحة الأمراض)
لجنة طبية تبحث في ليبيا خطوات التجهيز لانطلاق حملة التطعيم (المركز الوطني لمكافحة الأمراض)

زاد فيروس «كوفيد - 19» من حصاره لعموم الليبيين بجميع الأنحاء، مخلفاً أعدادا من الضحايا يومياً مما اضطرت السلطات الطبية والمحلية إلى العودة لفرض الحظر الكلي، ووقف الدراسة وصلاة الجمعة في بعض البلديات التي تشهد تفشياً أوسع لوباء «كورونا».
وأمر الفريق عبد الرازق الناظوري رئيس اللجنة العليا لمكافحة «كورونا» في شرق ليبيا، بفرض حظر التجول الكلي، بناء على توصيات اللجنة الطبية الاستشارية العليا ابتداءً من أمس الجمعة، ولمدة أسبوعين من السابعة مساءً إلى الساعة السابعة من اليوم التالي وذلك على خلفية تزايد الإصابات والوفيات. واستثنى القرار الذي أصدره الناظوري، وهو رئيس أركان «الجيش الوطني»، الصيدليات والعيادات الخاصة والعامة مع الالتزام بجميع الإجراءات الاحترازية والوقاية للتقليل من مخاطر الجائحة.
وتتزايد الإصابات اليومية في ليبيا بشكل أعلى من معدلاتها السابقة، وسجلت المختبرات الطبية أمس، 1134 عينة إيجابية بالإضافة إلى 52 حالة وفاة في أعلى معدل يتم تسجيله رسمياً. وأعلن المركز الوطني لمكافحة الأمراض، أمس، أن العدد التراكمي بلغ 150341 إصابة في عموم البلاد منذ ظهور الفيروس بها، تعافى منهم 137073 حالة، غير أن المصادر الطبية تشير إلى أن عدد الإصابات والوفيات تجاوز الأرقام الرسمية وذلك لاستشعار كثير من المرضى الحرج في الإعلان عن إصابتهم وكشف هويتهم.
وحذر الدكتور بدر الدين النجار مدير المركز، من تزايد المخاطر على خلفية اكتشاف السلالة الأفريقية المتحورة، متوقعاً الدخول في حظر كلي نتيجة تطورات الوضع الوبائي المتفاقم، مشدداً على ضرورة التزام المواطنين بالإجراءات الوقائية. وفي سياق استباق لمحاصرة تفشي الوباء، قرر المجلس التسييري لبلدية الجفرة بوسط ليبيا، فرض حظر جزئي، بما يشمل منع صلاة الجمعة بالمساجد أمس، ووقف الدراسة لجميع المراحل التعليمية وكل الأنشطة الثقافية والدورات التدريبية.
وأكد القرار إغلاق الأسواق الشعبية و(مقاهي النرجيلة) والمطاعم ذات الطابع الجماعي، بجانب التشديد على وقف إقامة الأفراح والمأتم والتجمعات، مع إلزام المحال التجارية والجهات العامة والأندية الرياضية باتخاذ جميع الإجراءات الاحترازية للحد من وباء «كورونا»، مع «التنبيه على فروع البلدية باتخاذ ما يرونه مناسباً كل حسب اختصاصه في المنطقة التابعة له وفرض حظر جزئي».
وفي أعلى جبل نفوسة بغرب ليبيا، وضع المجلس البلدي هناك خطة استباقية نظراً لتفشي الوباء، والتقليل من انتشار الفيروس؛ وقرر وضع خطة توعية بدأت بالتركيز في خطبة الجمعة على ضرورة الالتزام بالإجراءات الوقائية، وتولي جهاز الحرس البلدي التفتيش المستمر على المحال والمقاهي والمخابز باتباع إرشادات السلامة الوقائية، وإغلاق مقاهي النرجيلة، وصالات المناسبات، وعدم إقامة المآتم.
كما كلف مديرية الأمن والقطاعات التابعة لها بتسيير دوريات بشكل مستمر لنشر الوعي بين المواطنين قدر المستطاع بالتنسيق مع جمعية الهلال الأحمر ومؤسسات المجتمع المدني، والتركيز علي التوعية في المدارس والمعاهد والكلية. واستعرضت اللجنة التسييرية لحملة التطعيم ضد «كورونا» بالمركز الوطني بمدينة طرابلس، كل خطوات التجهيز لانطلاق حملة التطعيم، ووضع اللمسات الأخيرة على الكتيب الخاص بحملة التطعيم.
في السياق ذاته، تعهد وزير الصحة بحكومة «الوحدة الوطنية» الدكتور علي الزناتي، بتوفير العلاج لمصابي «كورونا»، وقال عبر حسابه على «فيسبوك» أمس، إن توفير اللقاحات ضد الفيروس في مقدمة أولويات وزارته، وتحدث عن أكثر من طريقة لتوفير اللقاح وبأكثر من وسيلة «حتى لو اضطرت إلى الشراء المباشر من الشركات المتميزة في الإنتاج».


مقالات ذات صلة

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

صحتك أطباء يحاولون إسعاف مريضة بـ«كورونا» (رويترز)

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

كشفت دراسة جديدة، عن أن الإصابة بفيروس كورونا قد تساعد في مكافحة السرطان وتقليص حجم الأورام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أوروبا الطبيب البريطاني توماس كوان (رويترز)

سجن طبيب بريطاني 31 عاماً لمحاولته قتل صديق والدته بلقاح كوفيد مزيف

حكم على طبيب بريطاني بالسجن لأكثر من 31 عاماً بتهمة التخطيط لقتل صديق والدته بلقاح مزيف لكوفيد - 19.

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد السعودية تصدرت قائمة دول «العشرين» في أعداد الزوار الدوليين بـ 73 % (واس)

السعودية الـ12 عالمياً في إنفاق السياح الدوليين

واصلت السعودية ريادتها العالمية بقطاع السياحة؛ إذ صعدت 15 مركزاً ضمن ترتيب الدول في إنفاق السيّاح الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
صحتك تم تسجيل إصابات طويلة بـ«كوفيد- 19» لدى أشخاص مناعتهم كانت غير قادرة على محاربة الفيروس بشكل كافٍ (رويترز)

قرار يمنع وزارة الصحة في ولاية إيداهو الأميركية من تقديم لقاح «كوفيد»

قرر قسم الصحة العامة الإقليمي في ولاية إيداهو الأميركية، بأغلبية ضئيلة، التوقف عن تقديم لقاحات فيروس «كوفيد-19» للسكان في ست مقاطعات.

«الشرق الأوسط» (أيداهو)
أوروبا أحد العاملين في المجال الطبي يحمل جرعة من لقاح «كورونا» في نيويورك (أ.ب)

انتشر في 29 دولة... ماذا نعرف عن متحوّر «كورونا» الجديد «XEC»؟

اكتشف خبراء الصحة في المملكة المتحدة سلالة جديدة من فيروس «كورونا» المستجد، تُعرف باسم «إكس إي سي»، وذلك استعداداً لفصل الشتاء، حيث تميل الحالات إلى الزيادة.

يسرا سلامة (القاهرة)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.