البيشمركة تحاصر الموصل من 3 جهات.. وتنتظر تقدم الجيش من الجنوب

رئيس أركانها لـ («الشرق الأوسط»): مواقع «داعش» داخل المدينة في مرمى نيراننا

الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند لدى استقباله رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني في قصر الإليزيه أمس (رويترز)
الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند لدى استقباله رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني في قصر الإليزيه أمس (رويترز)
TT
20

البيشمركة تحاصر الموصل من 3 جهات.. وتنتظر تقدم الجيش من الجنوب

الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند لدى استقباله رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني في قصر الإليزيه أمس (رويترز)
الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند لدى استقباله رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني في قصر الإليزيه أمس (رويترز)

أحكمت قوات البيشمركة أمس قبضتها حول مدينة الموصل من 3 جهات استعدادا للعملية المرتقبة لتحرير المدينة من مسلحي تنظيم داعش، فيما تستعد وزارة البيشمركة لبدء مرحلة جديدة من تدريب وتنظيم قواتها من قبل مدربين وخبراء أجانب.
وقال الفريق جمال محمد، رئيس أركان البيشمركة، لـ«الشرق الأوسط»: «أحرزت قوات البيشمركة خلال الشهور الماضية تقدما كبيرا في المحاور الشرقية والغربية والشمالية لمدينة الموصل، وهذه العمليات قطعت حركة (داعش) في تلك المناطق نهائيا وقواتنا باتت قريبة من مركز المدينة، ففي بعض المناطق لا نبعد عنها سوى مسافة 10 - 15 كيلومترات وسيطرنا على الجسور الرئيسية في منطقة آسكي والكسك التي تمتد باتجاه الطريق الرئيسي بين مركز المحافظة وقضاء تلعفر».
وتضيق قوات البيشمركة الخناق على تنظيم داعش في الموصل شمالا من محور سهل نينوى وشرقا من جهة مناطق الخازر ومخمور وكوير، وغربا من جهة الكسك وآسكي ووانة وتلعفر وسنجار وسنونى، فيما لا تزال المنطقة الجنوبية من المدينة تنتظر وصول القوات العراقية من محافظة صلاح الدين لتحكم الحصار وتباشر بعملية واسعة لتحرير الموصل. لكن هذه القوات تواجه مهمة صعبة وهي تحرير كل أرجاء صلاح الدين أولا ومن ثم التقدم نحو نينوى.
بدوره، كشف العقيد كامران هورامي، أحد قادة قوات الزيرفاني (النخبة) في البيشمركة، لـ«الشرق الأوسط»: «وصلنا إلى آخر نقطة لنا في مناطق الكسك وآسكي، وأي تحرك لنا مستقبلا سيكون باتجاه مركز الموصل نحن ننتظر صدور الأوامر بهذا الخصوص». وتابع: «مواقع تنظيم داعش داخل الموصل أصبحت في مرمى مدافعنا وصواريخنا ونحن نستهدفهم بشكل مستمر».
في الوقت نفسه تستعد وزارة البيشمركة حاليا لبدء المرحلة الثانية من تدريب قواتها وتنظيمها وتأهيلها من قبل التحالف الدولي. وقال العميد هلكورد حكمت، الناطق الرسمي باسم وزارة البيشمركة، لـ«الشرق الأوسط»: «سيشهد يوم الاثنين المقبل انطلاق مرحلة التدريب الجماعي لقوات البيشمركة من قبل مدربي التحالف الدولي الذين وصلت دفعات جديدة منهم إلى الإقليم لهذا الغرض»، مضيفا: «التدريب يهدف إلى بناء هيكلية عسكرية متطورة للبيشمركة كالموجودة في جيوش العالم الأخرى، إلى جانب تدريبات مكثفة حول كيفية المشاركة في المهام القتالية وحرب الشوارع واستخدام الأسلحة الحديثة»، مشيرا إلى أن الحرب ضد تنظيم داعش «ستكون حربا طويلة ونريد من خلال هذه التدريبات، تهيئة قواتنا من كل النواحي للمدة التي تستغرقها هذه الحرب».
وكشف حكمت أن التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية قدم حتى الآن 60 شحنة من المساعدات العسكرية إلى الإقليم، مضيفا: «ما قدم لنا من مساعدات عسكرية قليل ولا يمكن تسليح قوات كالبيشمركة بهذه الكمية القليلة من الأسلحة التي لم تلب احتياجاتنا في المعركة، فهذه الشحنات لا تحتوي كلها على السلاح بل إن جزءا منها عبارة عن تجهيزات ومعدات عسكرية وذخائر، وأفضل سلاح قدمه التحالف لنا حتى الآن هو صاروخ (ميلان) المضاد للدروع، الذي أثبت فاعليته في المعارك».
وكشف حكمت أن «ألمانيا قررت تزويدنا بكميات جديدة من الأسلحة ضمن المساعدات العسكرية الدولية تصل قيمتها إلى نحو 14 مليون يورو، لكننا لا نعلم حتى الآن ماهية هذه الأسلحة». وتابع: «وزير البيشمركة سلم وزيرة الدفاع الألمانية التي زارت أربيل مؤخرا قائمة باحتياجات الوزارة من السلاح، ونأمل أن تكون دفعة السلاح المقدمة من قبل برلين على هذا الأساس».
وتداولت وسائل إعلام دولية قائمة نشرتها وزارة الدفاع الألمانية تضم أهم الأسلحة التي تعتزم برلين توريدها إلى القوات الكردية وتضم القائمة 30 قاذفة من ميلان مزودة بـ500 صاروخ، بالإضافة إلى 203 مدافع بازوكا و4 آلاف بندقية اقتحام و6 ملايين ونصف المليون من الطلقات و10 آلاف قنبلة يدوية و10 مركبات مدرعة من طراز «دينجو» و10 مركبات مساعدات طبية من طراز «يونيموج». وحول الوضع داخل مدينة الموصل، قال غياث سورجي، المتحدث الرسمي باسم مركز تنظيمات الاتحاد الوطني الكردستاني في محافظة نينوى، لـ«الشرق الأوسط» إن أهالي المدينة «بدأوا بشراء المواد الغذائية وخزنها تحسبا للعملية العسكرية المرتقبة من قبل القوات العراقية لتحريرها، خصوصا بعد أن أحكمت البيشمركة الحصار على المدينة. أما تنظيم داعش فقد نشر مسلحيه الأجانب بشكل مكثف في كافة مناطق المدينة».



هل تسبب «سد النهضة» الإثيوبي في غرق أراضٍ زراعية بمصر؟

سد النهضة الإثيوبي (أ.ف.ب)
سد النهضة الإثيوبي (أ.ف.ب)
TT
20

هل تسبب «سد النهضة» الإثيوبي في غرق أراضٍ زراعية بمصر؟

سد النهضة الإثيوبي (أ.ف.ب)
سد النهضة الإثيوبي (أ.ف.ب)

أثار تعرض أراضٍ زراعية بمصر للغرق إثر ارتفاع منسوب مياه النيل تساؤلات حول مدى تأثير «سد النهضة» الإثيوبي على السياسات المائية المصرية المتعلقة بتنظيم استخدام «مياه النيل».

ومع تزايد شكاوى مزارعين من غمر أراضٍ زراعية بالمياه، وتلف بعض المحاصيل أخيراً، انتقدت وزارة الري المصرية ما سمته «الضبابية التي تخيم على توقيتات وصول المياه وكمياتها في بحيرة ناصر (جنوب مصر)».

ويرى خبراء مياه مصريون أن من بين أسباب غمر أراضٍ زراعية مصرية «غياب التنسيق مع إثيوبيا بشأن سد النهضة»، وقالوا إن «إقامة المشروع دون اتفاق وتنسيق مع دولتي المصب (مصر والسودان) يسبب ارتباكاً في المنظومة المائية».

وهناك خلاف بين مصر وإثيوبيا حول مشروع «سد النهضة» الذي تقيمه أديس أبابا على رافد نهر النيل الرئيس منذ عام 2011، وتطالب دولتا المصب باتفاق قانوني ملزم ينظم عمليات «ملء وتشغيل السد».

وتعرضت أراضٍ زراعية في محافظة المنوفية (شمال مصر) إلى الغرق الأيام الماضية، إثر ارتفاع منسوب مياه النيل، وحسب وسائل إعلام محلية، أدت زيادة نسبة المياه إلى «غرق نحو 648 فداناً من أراضي طرح النهر».

وأمام تفاعل منصات التواصل الاجتماعي مع مشاهد غرق أراضي طرح النهر، قالت وزارة الري المصرية إن «المناطق التي غمرتها المياه تمثل جزءاً أصيلاً من مجرى نهر النيل»، وأشارت في إفادة لها مساء الأحد إلى أن «غمر تلك الأراضي أمر متعارف عليه عند إطلاق تصريفات محددة لمياه النيل خلال السنوات الأخيرة».

ورغم تأكيدها أن الأمر متعارف عليه، ويحدث بشكل موسمي، قالت وزارة الري المصرية إن سبب تغيير مواعيد إطلاق تصريفات مياه النيل، وما نتج عنه من ارتفاع مناسيب المياه، وغمر بعض الأراضي الزراعية يعود إلى «تغير هيدرولوجيا النهر، والضبابية التي تخيم على مواعيد وصول المياه، وكمياتها إلى بحيرة ناصر»، إلى جانب «التغيرات المناخية، وزيادة الطلب على المياه، وبدء الموسم الزراعي في وقت مبكر»، ما أدى إلى «تعديل قواعد إدارة السد العالي، وكميات المياه المنصرفة على مدار العام».

أعمال تطوير مجرى نهر النيل بمصر (وزارة الري المصرية)
أعمال تطوير مجرى نهر النيل بمصر (وزارة الري المصرية)

ويتم تخزين المياه خلف (السد العالي) جنوب مصر في بحيرة ناصر (الصناعية)، ويبلغ طولها 500 كيلومتر، وتصل السعة التخزينية لها 169 مليار متر مكعب من المياه، حسب بيانات وزارة الري المصرية.

وتقوم الحكومة المصرية بتصريف كميات محددة من المياه في أوقات زمنية مختلفة على مدار العام، لضمان تحقيق الأمن المائي والاقتصادي، والحفاظ على سلامة البنية التحتية للمنظومة المائية للبلاد، حسب وزارة الري المصرية.

وتعتمد مصطر على مورد مائي واحد هو نهر النيل بنسبة 98 في المائة، وتحصل على حصة مياه سنوية تبلغ 55.5 مليار متر مكعب، وتقع حالياً تحت خط الفقر المائي العالمي بواقع 500 متر مكعب للفرد سنوياً، حسب الوزارة.

ويعتقد أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، عباس شراقي، أن «غياب اتفاق ينظم عملية ملء وتشغيل السد الإثيوبي يسبب حالة ارتباك في إدارة منظومة المياه والسدود في دولتي المصب»، مؤكداً أن السبب الرئيس لغمر بعض أراضي طرح نهر النيل أخيراً في مصر هو «غياب التنسيق مع أديس أبابا، بشأن تصريفات مياه النيل».

ويرى شراقي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «قيام وزارة الري المصرية بتصريف كميات مياه من بحيرة ناصر جاء في توقيت مغاير عن المعتاد سنوياً، في نهاية موسم الأمطار على دول المنابع، شهري سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول)»، وأن «هذا التحرك يعكس عدم وجود بيانات كافية لدى القاهرة عن الإجراءات التي ستتخذها إثيوبيا مع كميات المياه في بحيرة (سد النهضة)، خلال الفترة المقبلة، قبل موسم الأمطار».

وفي مارس (آذار) الماضي، أعلن رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد «انتهاء بناء وملء بحيرة (سد النهضة)»، وقال إن «بلاده ستفتتح مشروع السد مع مطلع العام الإثيوبي الذي يوافق سبتمبر المقبل».

وستلجأ إثيوبيا لتصريف كميات من المياه المخزنة في بحيرة «سد النهضة» قبل موسم الأمطار المقبل، في ظل عدم اكتمال تركيب توربينات السد كاملة، وفق شراقي، الذي أكد أن القاهرة «تضع عدة سيناريوهات مع احتمالية قيام أديس أبابا بتفريغ كميات كبيرة من المياه بشكل مفاجئ».

يتفق في ذلك وزير الري المصري الأسبق، نصر الدين علام، مشيراً إلى أن «التشغيل الأحادي للسد الإثيوبي أحد الأسباب الأساسية لغرق بعض الأراضي الزراعية في مصر»، معتبراً أن «سد النهضة يدار بشكل عشوائي، ما يسبب أضراراً لدولتي المصب».

ويعتقد علام، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «التصريفات غير المتوقعة للسد الإثيوبي تؤثر على بنية السد العالي»، مشيراً إلى أن «الحكومة المصرية تضطر لتصريف كميات كبيرة من المياه، للحفاظ على البنية التحتية لمنظومتها المائية، ولحماية أمنها المائي».

وشدد على «ضرورة وجود اتفاق قانوني ملزم مع إثيوبيا لتنظيم عملية تشغيل وملء سد النهضة في السنوات المقبلة، لمواجهة أي أضرار محتملة».