برهم صالح يؤكد قرار «إنهاء» وجود القوات الأميركية في العراق

دعا إلى حوار وطني وشدد على «أهمية» العلاقة مع واشنطن

بائع خواتم في سوق بساحة التحرير في العاصمة العراقية أمس (أ.ف.ب)
بائع خواتم في سوق بساحة التحرير في العاصمة العراقية أمس (أ.ف.ب)
TT

برهم صالح يؤكد قرار «إنهاء» وجود القوات الأميركية في العراق

بائع خواتم في سوق بساحة التحرير في العاصمة العراقية أمس (أ.ف.ب)
بائع خواتم في سوق بساحة التحرير في العاصمة العراقية أمس (أ.ف.ب)

أشار الرئيس العراقي برهم صالح، أمس (الخميس)، إلى وجود قرار بـ«إنهاء» وجود القوات الأجنبية «القتالية» في العراق، علماً بأن هذه المسألة محل خلافات بين الأطراف العراقية، إذ يطالب بعضها باستمرار وجود هذه القوات لدعم العراقيين في عمليات مكافحة بقايا تنظيم «داعش»، فيما تتمسك أطراف أخرى، وتحديداً الفصائل المرتبطة بإيران، بخروج الأميركيين.
وقال صالح في بيان نشرته «وكالة الأنباء العراقية» إن «علاقة العراق مع الولايات المتحدة مهمة وأساسية ومبنية على مصالح مشتركة، والحوار الاستراتيجي بيننا يتطرق لكل القضايا السياسية والاقتصادية والثقافية والأمنية». وأضاف: «هناك قرار بإنهاء وجود القوات الأميركية والأجنبية القتالية»، مبيناً أن «الموجود الآن لا يتجاوز 2500 عنصر».
وأشار الرئيس العراقي أيضاً إلى أن «هناك خللاً في العلاقة بين بغداد وأربيل، ويجب وضع العلاقة في أساسها الصحيح ومعرفة كل طرف حقوقه وواجباته عبر حوار وطني يجلس فيه الجميع لمناقشته». وتابع أن «المواطن في البصرة لم يعد راضياً عن هذه المنظومة، وكذلك المواطن في إقليم كردستان غير راضٍ عن هذه المنظومة».
وبعد أيام من إطلاق رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي دعوة للحوار الوطني بين مختلف القوى السياسية والأحزاب والأطياف العراقية، أكد الرئيس صالح بدوره الحاجة الفعلية للحوار من أجل حل الخلافات داخل البلد. وقال صالح خلال استقباله الكاردينال لويس ساكو، بطريرك الكلدان، إن هناك «ضرورة للتلاقي والحوار بين الجميع ومناقشة المسائل العالقة في البلاد ونبذ الخلافات، بالاستناد على المصلحة العليا للمواطنين، وبما يضمن تلبية الاحتياجات الضرورية لهم، وتعزيز الأمن والاستقرار».
وفي حين أعلنت قوى سياسية عراقية تأييدها لدعوة الكاظمي للحوار الوطني، فإن كتلاً شيعية تنتمي إلى تحالف «الفتح» عبرت عن شكوكها حيال هذه الدعوة من حيث التوقيت والهدف، بينما رأت أخرى أن مهمة حكومة الكاظمي محددة في إجراء انتخابات مبكرة، وفي إعادة هيبة الدولة عبر السيطرة على السلاح المنفلت، فيما ذهبت كتل أخرى إلى أن مهمة الحكومة الحالية هي إخراج القوات الأجنبية من العراق. وكانت بعض تلك الكتل أبدت مخاوف، عندما أعلن حلف «الناتو» نيته زيادة عدد قواته في العراق من 500 عنصر إلى نحو 4000 عنصر بالتدريج، وطبقاً لاتفاق مسبق مع بغداد. وفيما أعلن الكاظمي أنه جرى تقليص الوجود الأجنبي في العراق بنحو 62 في المائة منذ بدء الحوار الاستراتيجي بين بغداد وواشنطن، الذي بدأ على مراحل منذ يوليو (تموز) 2020 وإلى اليوم، فإن الرئيس صالح شدد في مقابلة أجرتها معه قناة «سكاي نيوز عربية» على أهمية العلاقة مع الولايات المتحدة، حتى مع وجود قرار من بغداد بإنهاء الوجود الأجنبي في العراق. وقال صالح إن «القوات الأميركية موجودة بطلب من الحكومة العراقية».
في سياق ذلك، بحث مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي مع السفير الأميركي في بغداد ماثيو تولر آفاق العلاقة بين بغداد وواشنطن خلال الفترة المقبلة. وقال بيان عن مكتب الأعرجي إنه «تم بحث الحوار الاستراتيجي بين العراق والولايات المتحدة الأميركية، واستكمال الحوارات السابقة التي جرت، وحسب طلب الحكومة العراقية».
وأكد السفير الأميركي طبقاً للبيان أن «بلاده تتطلع لئلا يقتصر الحوار مع العراق على الجانب الأمني فقط، بل في المجالات العلمية والاقتصادية والثقافية، والمجالات الأخرى أيضاً». كما تطرّق اللقاء إلى ملف مخيم الهول الحدودي مع سوريا، حيث أشار الأعرجي إلى أن «العراق بحاجة إلى حل عملي ونهائي لموضوع المخيم، وبمشاركة المجتمع الدولي، كونه يضم جنسيات متعددة» من المتهمين بالإرهاب، مؤكداً أن «استمرار مخيم الهول على ما هو عليه يشكل قنبلة موقوتة، لوجود 20 ألف طفل عراقي، بين طفل وحدث، وهؤلاء سيصبحون دواعش يشكلون خطراً على العراق والمنطقة، إن لم يتكاتف الجميع من أجل حل هذه المشكلة التي تهدد أمن العراق والمنطقة والعالم».
إلى ذلك، صدقت محكمة تحقيق صلاح الدين، أمس، أقوال مُتهمَين اثنين اعترفا باشتراكهما مع 11 عنصراً في تنظيم «داعش» بجريمة قتل عائلة في منطقة البودور، حسب «وكالة الأنباء العراقية». وقال المركز الإعلامي لمجلس القضاء الأعلى في بيان إن «محكمة تحقيق صلاح الدين صدقت أقوال اثنين من أفراد عصابات (داعش) الإرهابية قامت بجريمة قتل أسرة راح ضحيتها خمسة أشقاء مع والدتهم إضافة إلى قتلهم منتسباً ومحامياً في المنطقة ذاتها».



​«هدنة غزة»: هل تسرّع نتائج الانتخابات الأميركية جهود الوسطاء؟

امرأة فلسطينية تبكي على أقاربها الذين قُتلوا في غارة إسرائيلية على خيام النزوح بدير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
امرأة فلسطينية تبكي على أقاربها الذين قُتلوا في غارة إسرائيلية على خيام النزوح بدير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

​«هدنة غزة»: هل تسرّع نتائج الانتخابات الأميركية جهود الوسطاء؟

امرأة فلسطينية تبكي على أقاربها الذين قُتلوا في غارة إسرائيلية على خيام النزوح بدير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
امرأة فلسطينية تبكي على أقاربها الذين قُتلوا في غارة إسرائيلية على خيام النزوح بدير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

يعول كثيرون على نتائج الانتخابات الأميركية، التي ستقود المرشح الجمهوري دونالد ترمب أو نظيرته الديمقراطية كامالا هاريس للبيت الأبيض، في إنجاز صفقة الرهائن، وإنهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة بعد نحو عام راوحت المفاوضات مكانها، وسط مطالبات لنحو 50 دولة بوقف تسليح إسرائيل.

تلك النتائج التي يترقبها، لا سيما دولتا الوساطة مصر وقطر، وطرفا الحرب «حماس»، ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وفق خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، قد تؤثر بشكل كبير على مسار المفاوضات بغزة، وتسرع من وتيرة إبرام الوسطاء صفقة تنهي أطول حرب بين الجانبين، لافتين إلى وجود حراك دولي وعربي نحو إتمام حل دائم للأزمة في القطاع، يظهر مع القمة العربية الإسلامية الوشيكة في 11 نوفمبر (تشرين الثاني)، والجهود الدولية لوقف تسليح إسرائيل.

وفتحت مراكز الاقتراع، الثلاثاء، أبوابها أمام الناخبين الأميركيين بالانتخابات التي تُجرى لاختيار الرئيس الـ47 للولايات المتحدة، بعد أيام كانت قضية غزة هي مثار حديث كلا المرشحين في حملاتهما الانتخابية في محاولة لخطب ود الأميركيين العرب الذين يقدر عددهم بنحو 3.7 مليون من أصل 337 مليون نسمة يعيشون في الولايات المتحدة، ويعد اللبنانيون أكبر جالية عربية بينهم، وفق تقديرات المعهد العربي الأميركي (غير حكومي).

وأكدت هاريس، الأحد، في خطاب «الحاجة لإنهاء الحرب وإطلاق سراح الرهائن»، وتعهدت بـ«بذل كل ما في وسعها من أجل حلّ الدولتين، ومنح الفلسطينيين حقّهم في تقرير المصير والأمن والاستقرار».

وتعهد ترمب، في تغريدة أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بأنه سيحل السلام بالشرق الأوسط، وسيوقف المعاناة والدمار في لبنان إذا عاد إلى البيت الأبيض، في حين نقلت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» عن مصدرين مطلعين قولهما إن الرئيس الأميركي السابق أخبر نتنياهو أنه يريد أن تضع إسرائيل حداً لحربها في غزة بحلول موعد تسلمه للسلطة إذا فاز في الانتخابات.

وعشية الانتخابات الأميركية، طالب أكثر من 50 دولة مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة باتخاذ خطوات فورية لوقف بيع أو نقل الأسلحة إلى إسرائيل، وفق رسالة موجهة إلى الهيئتين التابعتين للأمم المتحدة والأمين العام أنطونيو غوتيريش: «اتهمت إسرائيل بانتهاك القوانين الدولية بشكل مستمر في غزة وبقية الأراضي الفلسطينية، وكذلك في لبنان وبقية الشرق الأوسط».

أطفال فلسطينيون يجمعون الدقيق من الأرض بعد سقوط كيس من شاحنة مساعدات كانت تسير على طريق صلاح الدين في دير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

وبالمقابل، ندّد مندوب إسرائيل لدى الأمم المتحدة داني دانون، بطلب الحظر، ووصف على منصة «إكس» ذلك الطلب بأنه «تحرك آخر من محور الشر ضد إسرائيل على الساحة الدولية».

غير أن هذا التحرك، وفق المحلل السياسي الأميركي، مايكل مورغان، يأتي ضمن «حراك عربي ودولي يريد وقف الحرب فوراً بغزة ولبنان، وقد تساعد تلك المطالبات وغيرها في إنهاء ذلك، لا سيما بعد الانتخابات الأميركية التي يعول على نتائجها في حسم استقرار المنطقة».

ويتوقع الأكاديمي المصري المتخصص في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور أحمد فؤاد أنور، تسريع جهود الوسطاء في إنهاء الحرب بغزة بعد إعلان الفائز بالسباق الرئاسي، مرجعاً ذلك إلى «رغبة الإدارة الأميركية الجديدة أياً كانت في تحقيق استقرار في المنطقة تحقيقاً للوعود، ويعلم الجانبان؛ الإسرائيلي ومعسكر المقاومة ذلك وربما يستعدان».

وتحرك الـ50 دولة لحظر تسليح إسرائيل، ينضم لحراك مصري باستضافة القاهرة على مدار الأيام الماضية اجتماعات «حماس» و«فتح» للتحضير لليوم التالي للحرب، وإنشاء لجنة لإدارة قطاع غزة، بجانب قمة عربية إسلامية مرتقبة بالرياض ستحمل فرصاً أخرى لتسريع حل أزمة غزة، وفق أنور الذي أكد أنها مؤشرات تقول إن ثمة انفراجة محتملة، واستعدادات عربية ودولية لإنهاء الأزمة بالمنطقة.

بالمقابل، يعتقد المحلل السياسي الأردني، صلاح العبادي، أن موقف الدول الخمسين «لن يكون مؤثراً على الدول المزودة لإسرائيل بالأسلحة؛ على اعتبار أن إسرائيل تحظى بدعم أميركي ودعم غربي واضح في الاتجاهات كافة»، غير أنه «قد يشكل ضغطاً على الجانب الإسرائيلي يسهم في تسريع إنهاء الحرب».

وتزامناً مع الانتخابات الأميركية نشرت صحيفة «واشنطن تايمز» مقالاً لوزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي بعنوان «حل الدولتين ممكن بين الفلسطينيين وإسرائيل»، في إطار المساعي المصرية لحشد المجتمع الدولي لإقامة دولة فلسطينية مستقلة، وفق إفادة الخارجية المصرية، الثلاثاء.

وشدّد وزير الخارجية المصري على أنه «يجب التعامل مع الأسباب الجذرية للصراع وليس أعراضه، من خلال إنهاء احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية، وممارسة الفلسطينيين حقهم في تقرير المصير»، مؤكداً أن «مصر تواصل العمل لتحقيق هذه الغاية».

وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أكد في لقاء بالقاهرة الاثنين مع نظيره الفلسطيني، محمود عباس: «استمرار الجهود المصرية المكثفة والهادفة للتهدئة ووقف إطلاق النار، وإنفاذ المساعدات الإنسانية، ودعم مصر للسلطة الفلسطينية، وبذل جهود كبيرة لمساعدة الأشقاء في الوصول لتفاهمات وتوافق في الرؤى بين جميع أطياف الشعب الفلسطيني، لضمان مواجهة التحديات الجسيمة والتهديدات التي تواجهها القضية الفلسطينية».

وباعتقاد مورغان، فإن الموقف المصري ثابت في دعم القضية الفلسطينية وإقامة دولة مستقلة، مؤكداً أن المطالبة المستمرة بحل الدولتين يشكل نوعاً من الضغط على ترمب وهاريس، لكنه سيواجه بتعنت إسرائيلي، وربما يقود لصفقة وقف إطلاق نار على الأقل لتفادي تلك المطالبة.

ويرى الأكاديمي المصري فؤاد أنور، أن «مطلب حل الدولتين بات يلاقي جدية في الطرح أكثر مما سبق خلال السنوات الماضية»، متوقعاً أن «تكون هناك مساع لإعلان قيام دولة فلسطينية من جانب واحد، وذلك في سياق طبيعي بعد التضحيات الكبيرة التي قدمتها فلسطين بالحرب الحالية».

ووفق المحلل السياسي الأردني، صلاح العبادي، فإن «ما ذهب إليه وزير الخارجية المصري في مقاله هو عين الصواب، وهو يشدّد على تمسك الدبلوماسية المصرية برؤيتها الواضحة والثاقبة تجاه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، المتمثل في إقامة الدولة الفلسطينية».

ويؤكد أن «مصر تلعب دوراً دبلوماسياً كبيراً في التأثير على المجتمع الدولي تجاه القضية الفلسطينية وإنهاء الحرب على غزة، خصوصاً أن الدبلوماسية المصرية تتوافق مع الدبلوماسية الأردنية، وهناك تنسيق مشترك بينهما على صعيد تحشيد الدعم الدولي للقضية الفلسطينية»، وأن «حل الدولتين أمر ممكن لكنه مرهون بحزمة من الإجراءات التوافقية لإنهاء القضايا الخلافية، والتوصل إلى قرار ملزم للجانبين».