مبعوث بايدن إلى إثيوبيا لحل أزمة الحدود مع السودان وتيغراي

«رباعي دولي» مستعد للوساطة في مفاوضات سد النهضة استجابة لطلب الخرطوم

السيناتور الديمقراطي كريس كونز خلال لقاء مع بايدن (موقعه على تويتر)
السيناتور الديمقراطي كريس كونز خلال لقاء مع بايدن (موقعه على تويتر)
TT

مبعوث بايدن إلى إثيوبيا لحل أزمة الحدود مع السودان وتيغراي

السيناتور الديمقراطي كريس كونز خلال لقاء مع بايدن (موقعه على تويتر)
السيناتور الديمقراطي كريس كونز خلال لقاء مع بايدن (موقعه على تويتر)

أعلن مستشار الأمن القومي الأميركي جاك سوليفان أن السيناتور الديمقراطي كريس كونز سيتوجه إلى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا للقاء رئيس الوزراء آبي أحمد علي ومسؤولين في الاتحاد الأفريقي، لبحث أزمة إقليم تغراي وقضية الحدود مع السودان.
وقال سوليفان في بيان صادر عن البيت الأبيض إن الرئيس الأميركي وكّل كونز بهذه المهمة حيث سينقل «قلق بايدن العميق من الأزمة الإنسانية وانتهاكات حقوق الإنسان في تيغراي، وسيحذر من زعزعة الاستقرار في القرن الأفريقي».
ونقلت صحيفة فورين بوليسي عن مسؤول أميركي رفض الكشف عن اسمه أن كونز سيضغط على رئيس الوزراء الإثيوبي لحل أزمة الحدود مع السودان ويحثه على فتح العبور إلى تيغراي لإيصال المساعدات الإنسانية.
ومن غير المعتاد أن يوفد الرئيس الأميركي مبعوثاً من الكونغرس لتمثيله دبلوماسيا في ملفات السياسية الخارجية، لكن كونز معروف بعلاقاته المقربة من بايدن، وهو كان من أبرز المرشحين لتسلم منصب وزير الخارجية. كما أنه يمثل ولاية الرئيس الأميركي ديلاوير في مجلس الشيوخ. وهو أعرب في بيان عن أنه يتطلع قدماً للقاء رئيس الوزراء الإثيوبي ونقل موقف الرئيس الأميركي له، مضيفاً أن «الوضع المتدهور في تيغراي يهدد السلام والاستقرار في منطقة القرن الأفريقي».
من جهة ثانية، أعلنت الآلية الرباعية المكونة من الأمم المتحدة والاتحادين الأوروبي والأفريقي والولايات المتحدة، ترحيبها واستجابتها لدعوة الحكومة السودانية للتوسط في مفاوضات سد النهضة بين السودان ومصر وإثيوبيا.
وقال رئيس الفريق الفني في وفد السودان المفاوض، مصطفى حسين الزبير، لوكالة الأنباء الرسمية (سونا)، إن السودان تسلم ردودا إيجابيا من كل الأطراف.
وأضاف أن الأطراف أعربت عن استعدادها للقيام بدور تسهيل التفاوض والوساطة، وإتاحة خبراتهم الفنية والقانونية والسياسية للتقريب بين وجهات نظر الدول الثلاث.
وقال إن الوساطة الرباعية ستعزز وتدعم جهود الاتحاد الأفريقي برئاسة دولة «الكونغو»، وصولاً لاتفاق قانوني ملزم ومرضٍ للأطراف الثلاثة حول ملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبي.
واعتبر الزبير إصرار إثيوبيا على الملء الثاني للسد في يوليو (تموز) المقبل دون التوصل لاتفاق، يخالف القانون الدولي، ويتنافى مع اتفاق إعلان المبادئ الموقع بين الدول الثلاث في الخرطوم مارس (آذار) 2015.
ودعا عضو وفد السودان لمفاوضات سد النهضة، إثيوبيا لاحترام القوانين الدولية الراعية فيما يخص المياه العابرة للحدود، والالتزام بمبدأ الاستخدام المنصف والعادل دون إحداث ضرر ذي شأن للدول المتشاطئة والتعاون في تبادل المعلومات والتفاوض بحسن نية للتوصل لاتفاق قانوني ملزم لكل الأطراف.
وقال إن قيام إثيوبيا بالملء الثاني بصورة أحادية يشكل تهديداً مباشرا على حياة 20 مليون مواطن سوداني يعيشون على ضفتي النيل الأزرق ونهر النيل، ويهدد المنشآت الحيوية من سدود وبنية تحتية وأنشطة زراعية وصناعية.
وأكد الزبير أن «السودان في كل الأحوال قادر على حماية أمنه القومي وموارده وسلامة بنياته التحتية».
وجددت إثيوبيا أول من أمس، تمسكها برعاية الاتحاد الأفريقي لمفاوضات سد النهضة، في إشارة إلى رفضها طلب السودان بوساطة الآلية الرباعية.
وكان رئيس وزراء السودان، عبد الله حمدوك، تقدم (الاثنين) الماضي، بخطابات رسمية إلى الأمم المتحدة والاتحادين الأفريقي والأوروبي والولايات المتحدة، لتشكيل آلية رباعية للوساطة في عملية مفاوضات سد النهضة الإثيوبي.
وأكدت الخطابات أن اللجنة الرباعية تهدف لتعزيز دور الاتحاد الأفريقي في عملية المفاوضات، وليست بديلاً عنه. وكان رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي بالخرطوم، روبرت فان دن دوول، أكد استعداد «الأوروبي» للمشاركة في رئاسة الآلية الرباعية لمفاوضات سد النهضة.



مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
TT

مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)

جاء فوز دونالد ترمب بانتخابات الرئاسة الأميركية مُحمّلاً بتطلعات مصرية لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، والعمل معاً من أجل إحلال «سلام إقليمي»، وهو ما عبر عنه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في منشور له عبر حسابه الرسمي على موقع «إكس» الأربعاء، هنأ خلاله الرئيس الأميركي المنتخب.

وقال السيسي: «نتطلع لأن نصل سوياً لإحلال السلام والحفاظ على السلم والاستقرار الإقليمي، وتعزيز علاقات الشراكة الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة وشعبيهما الصديقين»، وأضاف: «البلدان لطالما قدما نموذجاً للتعاون ونجحا سوياً في تحقيق المصالح المشتركة»، مؤكداً تطلعه إلى مواصلة هذا النموذج في «هذه الظروف الدقيقة التي يمر بها العالم».

وأثارت أنباء فوز ترمب تفاعلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، لتتصدر وسوم عدة الترند في مصر، مصحوبة بمنشورات لتهنئة للرئيس الأميركي المنتخب. وبينما عول سياسيون وإعلاميون مصريون على ترمب لوقف الحرب الدائرة في غزة منذ أكثر من عام، ووضع حد للتصعيد في المنطقة، أكدوا أن «مواقف الرئيس المنتخب غير التقليدية تجعل من الصعب التنبؤ بسياسة الإدارة الأميركية في السنوات الأربع المقبلة».

ولا يرى الإعلامي وعضو مجلس النواب المصري (البرلمان) مصطفى بكري «اختلافاً بين ترمب ومنافسته الخاسرة كامالا هاريس من القضية الفلسطينية»، لكنه أعرب في منشور له عبر «إكس» عن سعادته بفوز ترمب، وعده «هزيمة للمتواطئين في حرب الإبادة».

أما الإعلامي المصري أحمد موسى فعد فوز ترمب هزيمة لـ«الإخوان»، ومن وصفهم بـ«الراغبين في الخراب». وقال في منشور عبر «إكس» إن هاريس والرئيس الأميركي جو بايدن «كانوا شركاء في الحرب» التي تشنها إسرائيل على لبنان وغزة.

وعول موسى على ترمب في «وقف الحروب بالمنطقة وإحلال السلام وعودة الاستقرار». وكذلك أعرب الإعلامي المصري عمرو أديب عن أمله في أن «يتغير الوضع في المنطقة والعالم للأفضل بعد فوز ترمب».

مفاهيم السلام

رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية ووزير خارجية مصر الأسبق، السفير محمد العرابي، أكد أن «العلاقات بين مصر والولايات المتحدة لن تواجه عقبات أو مشكلات على المستوى الثنائي خلال عهد ترمب»، لكنه أشار إلى أن «مواقف الرئيس المنتخب من القضية الفلسطينية وأفكاره غير التقليدية بشأنها قد تكون أحد الملفات الشائكة بين القاهرة وواشنطن».

وأوضح العرابي لـ«الشرق الأوسط» أن «ترمب يتبنى مفاهيم عن السلام في الإقليم ربما تختلف عن الرؤية المصرية للحل»، مشيراً إلى أن «القضية الفلسطينية ستكون محل نقاش بين مصر والولايات المتحدة خلال الفترة المقبلة».

وتبنى ترمب خلال ولايته الأولى مشروعاً لإحلال «السلام» في الشرق الأوسط عُرف باسم «صفقة القرن»، والتي يرى مراقبون أنه قد يعمل على إحيائها خلال الفترة المقبلة.

وعدّ سفير مصر الأسبق في واشنطن عبد الرؤوف الريدي وصول ترمب للبيت الأبيض «فرصة لتنشيط التعاون بين مصر والولايات المتحدة لوقف الحرب في غزة، وربما إيجاد تصور لكيفية إدارة القطاع مستقبلاً».

وقال الريدي لـ«الشرق الأوسط» إن «ترمب يسعى لتحقيق إنجازات وهو شخص منفتح على الجميع ووجوده في البيت الأبيض سيحافظ على الشراكة الاستراتيجية بين القاهرة وواشنطن».

تصحيح العلاقات

من جانبه، رأى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي أن فوز ترمب بمثابة «عودة للعلاقات الاستراتيجية القائمة على المصالح المشتركة بين القاهرة وواشنطن». وقال لـ«الشرق الأوسط»: إن «فوز ترمب هو تدعيم للعلاقة بين القيادة المصرية والبيت الأبيض»، مشيراً إلى أن الرئيس المصري لم يزر البيت الأبيض طوال أربع سنوات من حكم بايدن، واصفاً ذلك بأنه «وضع غريب في العلاقات الثنائية سيتم تصحيحه في ولاية ترمب».

وأضاف هريدي أن «فوز ترمب يسدل الستار على الحقبة الأوبامية في السياسة الأميركية، والتي بدأت بتولي الرئيس الأسبق باراك أوباما عام 2009 واستُكملت في ولاية جو بايدن الحالية»، وهي حقبة يرى هريدي أن واشنطن «انتهجت فيها سياسات كادت تؤدي إلى حرب عالمية ثالثة». ورجح أن تعمل إدارة ترمب على «وقف الحروب وحلحلة الصراعات في المنطقة».

وزار الرئيس المصري السيسي البيت الأبيض مرتين خلال فترة حكم ترمب عامي 2017 و2019. وقال ترمب، خلال استقباله السيسي عام 2019، إن «العلاقات بين القاهرة وواشنطن لم تكن يوماً جيدة أكثر مما هي عليه اليوم، وإن السيسي يقوم بعمل عظيم».

لكن السيسي لم يزر البيت الأبيض بعد ذلك، وإن التقى بايدن على هامش أحداث دولية، وكان أول لقاء جمعهما في يوليو (تموز) 2022 على هامش قمة جدة للأمن والتنمية، كما استقبل السيسي بايدن في شرم الشيخ نهاية نفس العام على هامش قمة المناخ «كوب 27».

بدوره، أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة قناة السويس الدكتور جمال سلامة أن «مصر تتعامل مع الإدارة الأميركية أياً كان من يسكن البيت الأبيض». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «العلاقات مع واشنطن لن تتأثر بفوز ترمب، وستبقى علاقات طبيعية متوازنة قائمة على المصالح المشتركة».

وعد مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي فوز ترمب فرصة لحلحلة ملف «سد النهضة»، الذي لعبت فيه الولايات المتحدة دور الوسيط عام 2019.

وهنا أكد العرابي أنه «من السابق لأوانه معرفة الدور الذي ستلعبه إدارة ترمب في عدد من الملفات المهمة لمصر ومن بينها (سد النهضة)»، وقال: «ترمب دائماً لديه جديد، وطالما قدم أفكاراً غير تقليدية، ما يجعل التنبؤ بمواقفه أمراً صعباً».

بينما قال هريدي إن «قضية سد النهضة ستحل في إطار ثنائي مصري - إثيوبي»، دون تعويل كبير على دور لواشنطن في المسألة لا سيما أنها «لم تكمل مشوار الوساطة من قبل».