الإصابة المتكررة بالفيروس «نادرة»... لكنها لا تكفي للاستغناء عن اللقاح

الإصابة المتكررة بالفيروس «نادرة»... لكنها لا تكفي للاستغناء عن اللقاح
TT

الإصابة المتكررة بالفيروس «نادرة»... لكنها لا تكفي للاستغناء عن اللقاح

الإصابة المتكررة بالفيروس «نادرة»... لكنها لا تكفي للاستغناء عن اللقاح

فيما لا تزال الأوساط العلمية تنتظر ظهور القرائن القاطعة على فترات الحماية التي تولدها اللقاحات ضد «كوفيد – 19» ومدى فاعليتها لمنع الإصابة بالطفرات والسلالات الفيروسية الجديدة، كشف المعهد الوطني لمكافحة الأمراض في الدنمارك عن نتائج أوسع دراسة أجريت حتى الآن لتحديد احتمالات الإصابة بفيروس كورونا المستجد بعد التعافي من الإصابة الأولى بالوباء.
وتفيد هذه الدراسة التي وصلت بياناتها التفصيلية، مطلع هذا الأسبوع، إلى منظمة الصحة العالمية، وتنشرها مجلة The Lancet العلمية المرموقة في عددها الأخير، بأن نسبة الإصابة المتكررة بالوباء لا تتجاوز 1 في المائة بين الذين سبق أن أصيبوا بالوباء وتعافوا منه، وأن المناعة الطبيعية التي تتولد من الإصابة بالفيروس تدوم لفترة لا تقل عن ستة أشهر، لكنها تتضاءل عند المسنين.
وكان المعهد الدنماركي قد استند لإجراء هذه الدراسة الواسعة إلى النسبة العالية من المواطنين الذين يخضعون لفحوصات اختبار الإصابة بالوباء المتوفرة مجاناً حتى لمن لا عليهم عوارض الإصابة، حيث إن أكثر من ثلثي السكان كانوا قد خضعوا لفحص واحد على الأقل وما يزيد على نصفهم لفحصين.
ويستفاد من نتائج الدراسة التي تخضع لمراجعة خبراء منظمة الصحة أن 0.65 في المائة من الذين أصيبوا بالفيروس خلال الموجة الوبائية الأولى في ربيع العام الفائت، أصيبوا به مجدداً خلال الموجة الثانية التي حددها المشرفون على الدراسة بعد ثلاثة أشهر من الإصابة الأولى، منعاً لاحتمال التداخل بين ما يعتقد أنها إصابة ثانية وما يحتمل أن تكون إصابة أولى ممتدة. ولم تلحظ الدراسة أي إصابة للمرة الثالثة.
ويقول عالم الوبائيات ستين ايتلبيرغ، الذي أشرف على الدراسة، إن النتائج أكدت الاعتقاد الذي كان سائداً في الأوساط العلمية بأن إصابة المتعافين من الوباء نادرة جداً بين الأصحاء والشباب، لكن نسبتها أعلى بشكل ملحوظ بين المسنين. وأضاف أنه، استناداً إلى البيانات الشخصية للمتطوعين الذين شاركوا في الدراسة، فإن المناعة الطبيعية التي تولدها الإصابة بالوباء تصل إلى 80 في المائة لفترة لا تقل عن ستة أشهر، لكنها تتدنى إلى 47 في المائة عند الذين تجاوزوا الخامسة والستين من العمر.
وعن الطريقة التي اعتمدت لتحديد فترة المناعة الطبيعية قال ايتلبيرغ: «أجرينا مقارنة بين عدد الذين أصيبوا للمرة الأولى بالوباء في ربيع العام الفائت مع الذين تعرضوا للإصابة الثانية، ثم احتسبنا عدد الذين كانت نتائج فحوصاتهم إيجابية بالذين كانت نتائجهم سلبية خلال الموجة الثانية، وأجرينا مقارنة ثانية مع نتائج الموجة الأولى. وتبين أن المجموعة التي كانت نتائجها إيجابية في الموجة الثانية تضاعفت خمس مرات في الخريف، ما يظهر أن نسبة الحماية الناجمة عن الإصابة بلغت 80 في المائة».
ولمعادلة التدني المحتمل في عدد الذين خضعوا لفحوصات اختبارية بعد تعافيهم من الوباء لاعتقادهم بأنهم باتوا محصنين ضد الفيروس، لجأت الدراسة إلى احتساب عدد الذين خففوا تدابير الوقاية والاحتواء بعد تعرضهم للإصابة الأولى.
ونوه أحد أعضاء الفريق الذي يشرف على مراجعة نتائج الدراسة في منظمة الصحة بالتحليلات المقارنة التي أجراها المعهد الدنماركي لتثبيت هذه النتائج، كتلك التي أجريت على 15 ألفا من أفراد الطواقم الصحية، باعتبارهم الفئة الأكثر تعرضاً للوباء بين الأصحاء وخضوعهم لما لا يقل عن 10 فحوصات، حيث تبين أن نسبة تكرار الإصابة بالفيروس بلغت 1.2 في المائة، أي أقل من ضعف النسبة بين المواطنين العاديين، وأن نسبة الحماية بعد الإصابة الأولى بلغت 81.1 في المائة.
وشملت الدراسة جميع المواطنين الدنماركيين الذين خضعوا لاختبارين أو أكثر لتحديد إصابتهم بالوباء، والذين زاد عددهم على 2.5 مليون، من غير تمييز بين الموجتين الأولى والثانية، وتبين أن نسبة الإصابة مرة ثانية بالوباء بعد ثلاثة أشهر من الإصابة الأولى بلغت 0.48 في المائة مع معدل حماية بنسبة 80 في المائة بين الشباب و42 في المائة بين المسنين.
وفيما أشارت اختصاصية الفيروسات دانيلا ميكلماير، التي شاركت في الإشراف على الدراسة، إلى أنه لم تظهر أي مؤشرات على تدني الحماية ضد الإصابة الثانية بعد ستة أشهر من الإصابة الأولى، وذكرت أن الإصابة بفيروسات تاجية مشابهة لـ«كوفيد – 19»، مثل فيروس MERS وفيروس SARS اللذين ظهرا في العقد الأول من هذا القرن، كانت تولد مناعة طبيعية عند المتعافين تتراوح بين سنتين وثلاث سنوات. لكنها شددت على ضرورة المتابعة المستمرة لمعرفة آثار الوباء على المدى الطويل وتحديد مفاعيل الطفرات والسلالات الجديدة.
ويعتبر بعض الخبراء، مثل اختصاصي العلوم الوبائية كيكيه باسيت من جامعة لوزان السويسرية، أن النسب التي حددتها هذه الدراسة الدنماركية هي عالية، رغم تدنيها في المطلق، حيث إن الاعتقاد الذي كان سائداً حتى الآن هو أنه من المستبعد جداً أن يصاب المعافون من «كوفيد – 19» مرة ثانية، ويرجح أن تكون نسبة كبيرة من الحالات المتكررة هي إصابات استمرت لفترة طويلة بشحنة فيروسية ضعيفة أو من غير عوارض ظاهرة. ويذكر أن دراسات عدة أجريت في الأشهر المنصرمة قد بينت أن بعض المصابين يسجلون نتائج فحوصات إيجابية بعد ثلاثة أشهر من الإصابة.
وفي أول تعليق من النظراء على دراسة المعهد الدنماركي، يقول الباحثان دانيل آلتمان وروزماري بويتون، من المعهد الإمبراطوري في لندن، إن هذه النتائج تؤكد الاحتمالات السابقة بأن الحماية المناعية التي تولدها الإصابة الطبيعية بـ«كوفيد – 19» ليست كافية لاحتواء الوباء بشكل كامل، وأن الحل الدائم هو التطعيم الشامل بلقاحات عالية الفاعلية.


مقالات ذات صلة

«كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

صحتك «كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

«كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

يؤثر على 6 : 11 % من المرضى

ماثيو سولان (كمبردج (ولاية ماساشوستس الأميركية))
صحتك أطباء يحاولون إسعاف مريضة بـ«كورونا» (رويترز)

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

كشفت دراسة جديدة، عن أن الإصابة بفيروس كورونا قد تساعد في مكافحة السرطان وتقليص حجم الأورام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أوروبا الطبيب البريطاني توماس كوان (رويترز)

سجن طبيب بريطاني 31 عاماً لمحاولته قتل صديق والدته بلقاح كوفيد مزيف

حكم على طبيب بريطاني بالسجن لأكثر من 31 عاماً بتهمة التخطيط لقتل صديق والدته بلقاح مزيف لكوفيد - 19.

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد السعودية تصدرت قائمة دول «العشرين» في أعداد الزوار الدوليين بـ 73 % (واس)

السعودية الـ12 عالمياً في إنفاق السياح الدوليين

واصلت السعودية ريادتها العالمية بقطاع السياحة؛ إذ صعدت 15 مركزاً ضمن ترتيب الدول في إنفاق السيّاح الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
صحتك تم تسجيل إصابات طويلة بـ«كوفيد- 19» لدى أشخاص مناعتهم كانت غير قادرة على محاربة الفيروس بشكل كافٍ (رويترز)

قرار يمنع وزارة الصحة في ولاية إيداهو الأميركية من تقديم لقاح «كوفيد»

قرر قسم الصحة العامة الإقليمي في ولاية إيداهو الأميركية، بأغلبية ضئيلة، التوقف عن تقديم لقاحات فيروس «كوفيد-19» للسكان في ست مقاطعات.

«الشرق الأوسط» (أيداهو)

روسيا وأوكرانيا تعيدان أطفالاً إلى عائلاتهم بعد وساطة قطرية

أم أوكرانية تعانق ابنها بعد عودته من روسيا إلى أوكرانيا... الصورة في كييف 8 أبريل 2023 (رويترز)
أم أوكرانية تعانق ابنها بعد عودته من روسيا إلى أوكرانيا... الصورة في كييف 8 أبريل 2023 (رويترز)
TT

روسيا وأوكرانيا تعيدان أطفالاً إلى عائلاتهم بعد وساطة قطرية

أم أوكرانية تعانق ابنها بعد عودته من روسيا إلى أوكرانيا... الصورة في كييف 8 أبريل 2023 (رويترز)
أم أوكرانية تعانق ابنها بعد عودته من روسيا إلى أوكرانيا... الصورة في كييف 8 أبريل 2023 (رويترز)

قال مسؤول روسي كبير إن روسيا وأوكرانيا اتفقتا على تبادل 9 أطفال ولمّ شملهم مع أسرهم في أحدث عملية تبادل إنساني بين الدولتين المتحاربتين.

واضطلعت قطر بدور الوساطة مرات عدة بين روسيا وأوكرانيا منذ بداية الحرب في فبراير (شباط) 2022.

وقالت مفوضة حقوق الأطفال في روسيا ماريا لفوفا بيلوفا، اليوم (الخميس)، إن 6 أطفال ذكور وفتاة أعمارهم بين 6 و16 عاماً أعيدوا إلى أقاربهم في أوكرانيا، وفق ما نقلته وكالة «رويترز» للأنباء.

وأضافت: «معظم الأطفال كانوا يعيشون في روسيا مع أقارب مقربين لهم، جداتهم بشكل أساسي. وكان أحد الصبية (16 عاماً) يعيش دون رعاية من أبويه منذ ولادته، في دار أيتام أليشكنسكي حيث كان شقيقه مسؤولاً عن حضانته».

وتابعت المفوضة أن الوساطة القطرية مكّنت أيضاً من إعادة صبيين روسيين يبلغان من العمر 7 و9 سنوات من أوكرانيا.

وتقول أوكرانيا إن ما يقرب من 20 ألف طفل نُقلوا إلى روسيا أو الأراضي التي احتلتها موسكو دون موافقة أسرهم أو الأوصياء منذ اندلاع الحرب، ووصفت ذلك بأنه عمليات خطف وجريمة حرب بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لمنع الإبادة الجماعية.

وتقول موسكو إنها توفر حماية للأطفال المعرضين للخطر في منطقة الحرب.

وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية في مارس (آذار) 2023 مذكرتي اعتقال بحق ماريا لفوفا بيلوفا والرئيس الروسي فلاديمير بوتين فيما يتعلق بخطف أطفال أوكرانيين. وندّدت روسيا بالخطوة ووصفتها بأنها «شائنة وغير مقبولة».