الحوثيون ينتهكون السرية المصرفية في البنوك اليمنية

TT

الحوثيون ينتهكون السرية المصرفية في البنوك اليمنية

حذرت أوساط اقتصادية يمنية من أن البنوك التجارية ستتأثر على المدى الطويل بانتهاك ميليشيات الحوثي السرية المصرفية، واستخدامها في ابتزاز الأشخاص، والاستيلاء على حسابات آخرين، وهو ما جعل الناس يفقدون ثقتهم في هذه البنوك، ويعملون على سحب أموالهم إلى مناطق سيطرة الشرعية، وجزمت بأنه لن يكون من السهل مستقبلاً إقناع المودعين بالعودة إلى التعامل مع البنوك.
ووفق ما ذكرته هذه المصادر، فإن ميليشيات الحوثي استخدمت وحدة جمع المعلومات في البنك المركزي بصنعاء، لتنفيذ خطتها بانتهاك السرية المصرفية، وأن القيادي في الميليشيات صالح مسفر الشاعر، الذي عينته حارساً قضائياً يطلب يومياً مئات الاستفسارات عن حسابات مصرفية، كخطوة ممهدة تنتهي في كثير من الأحيان بالمصادرة، حيث استغلت الميليشيات وجود «السيرفرات» والإدارات المركزية للبنوك في صنعاء، ومنعتها من تزويد البنك المركزي في عدن بأي بيانات، وهددتها بالإغلاق، كما حصل مع نحو ثمانية بنوك تجارية، عندما حاولت إرسال نسخة من البيانات إلى البنك المركزي في عدن، إلى جانب البنك المركزي في صنعاء، الذي يمتلك رابطاً يتيح له الدخول إلى الحسابات المصرفية لكل البنوك.
هذه الممارسات دفعت بكثيرين إلى المطالبة بسحب ودائعهم من البنوك، لكنهم اصطدموا بعجزها عن توفير السيولة الكافية، وهذا فتح باباً للتلاعب بالودائع حيث اضطر أصحابها إلى مقايضة فروع البنوك في مناطق الشرعية بصرفها على دفعات مقابل عمولات تصل إلى 20‎ في المائة‎، وفق ما يؤكده شهاب وهو أحد المسؤولين في البنوك التجارية لـ«الشرق الأوسط»، ويوضح أن هذا جعل مسؤولي فروع البنوك التجارية يقعون تحت طائلة العقوبات الإدارية حيث لا يُسمح لأي مودع إلا بسحب مبلغ يتفاوت من بنك لآخر، فالبنوك المختلطة لا يتجاوز المبلغ المسموح به 30 ألف ريال (ما يقارب ثلاثين دولاراً)، وهناك خمسون ألف ريال في اليوم الواحد، أي ما يعادل خمسين دولاراً.
الممارسات التي أقدمت عليها ميليشيات الحوثي أدت أيضاً إلى توقف عمل لجنة مكافحة غسل الأموال، لأن الميليشيات سيطرت على وحدة المعلومات، ومنعت البنوك من تقديم أي بيانات إلى البنك المركزي في عدن، الممثل الشرعي للحكومة اليمنية مع العالم، ما فاقم من مخاطر زيادة عمليات غسل الأموال، وتمويل الجماعات الإرهابية، كما أن الضغوط التي تمارسها ميليشيات الحوثي على البنوك جعلت اثنين من البنوك التجارية يغلقان أبوابهما، حسب ما ذكره الخبير الاقتصادي رشيد الأنسي.
ويؤكد الباحث الاقتصادي، عبد الحميد المساجدي، أن ميليشيات الحوثية تعمل منذ انقلابها على مسألة تغيير جذري في رأس المال الوطني من أجل ترسيخ مداميك الإمامة، وقد أسست لذلك شبكة جباية واسعة. حيث عينت منذ دخولها صنعاء مشرفين، بهدف رصد ووثيق الحسابات المصرفية، ومنابع المؤسسات الإيرادية بهدف مصادرتها، مشيراً إلى أنها عملت على مرحلتين، بهدف نهب اليمنيين تمثلت الأولى في نهب المال وصناديق التقاعد والتأمينات والمعاشات والبنك المركزي، ثم انتقلت إلى المرحلة الثانية، واستهدفت الشركات الخاصة والبنوك التجارية الأهلية، واستخدمت جميع أجهزة الدولة لمصادرة تلك الأموال.
وفي مداخلة له في فعالية مبادرة استرداد الأموال المنهوبة، ذكر المساجدي أن الحوثيين استخدموا حسابات أشخاص وشركات تجارية للمراسلة الخارجية التجارية، كما عملت الميليشيات على تعديلات غير دستورية على بعض القوانين بهدف نهب الأموال وفرض ضرائب على البنوك لسنوات سابقة، والبنك الدولي نموذج، حيث طالبته بضرائب 48 عاماً سابقة. ونبه إلى أن فتح ملفات قديمة يهدف إلى إخضاع وابتزاز الشركات، كما عملت على تغيير مجالس إدارة بعض الشركات، قبل وصول الحارس القضائي، ثم أصدرت أحكاماً قضائية غير قانونية لوضع اليد، وفي طليعتها شركة «سبأ فون» للهاتف الجوال، وجامعة العلوم والتكنولوجيا.
وقال: «الحوثيون بعد انقلابهم بأشهر أصدروا تعديلات خاصة لاستيراد المشتقات النفطية، بهدف السيطرة على سوق المشتقات واحتكارها، وعملوا على زيادة أسعار هذه المشتقات لأهداف سياسية».


مقالات ذات صلة

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

العالم العربي جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

تتزايد أعداد القتلى من قيادات الجماعة الحوثية الذين يجري تشييعهم دون الإشارة إلى أماكن سقوطهم، بالتوازي مع مقتل مشرفين حوثيين على أيدي السكان.

وضاح الجليل (عدن)
أوروبا مدنيون يرتدون زياً عسكرياً يشاركون في تدريب عسكري من قبل جنود أوكرانيين في كييف (أ.ف.ب)

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أفاد تقرير صحافي أن روسيا تقوم بتجنيد رجال من اليمن لإرسالهم إلى الجبهة في أوكرانيا بمساعدة من الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

تحليل إخباري ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)

سكان العراق أكثر من 45 مليون نسمة... نصفهم من النساء وثلثهم تحت 15 عاماً

عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)
عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)
TT

سكان العراق أكثر من 45 مليون نسمة... نصفهم من النساء وثلثهم تحت 15 عاماً

عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)
عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)

يزيد عدد سكان العراق على 45 مليون نسمة، نحو نصفهم من النساء، وثلثهم تقل أعمارهم عن 15 عاماً، وفق ما أعلن رئيس الحكومة، محمد شياع السوداني، اليوم (الاثنين)، حسب الأرقام غير النهائية لتعداد شامل هو الأول منذ عقود.

وأجرى العراق الأسبوع الماضي تعداداً شاملاً للسكان والمساكن على كامل أراضيه لأول مرة منذ 1987، بعدما حالت دون ذلك حروب وخلافات سياسية شهدها البلد متعدد العرقيات والطوائف.

وقال السوداني، في مؤتمر صحافي: «بلغ عدد سكان العراق 45 مليوناً و407 آلاف و895 نسمة؛ من ضمنهم الأجانب واللاجئون».

ونوّه بأن «الأسر التي ترأسها النساء تشكّل 11.33 في المائة» بالبلد المحافظ، حيث بلغ «عدد الإناث 22 مليوناً و623 ألفاً و833 بنسبة 49.8 في المائة» وفق النتائج الأولية للتعداد.

ووفق تعداد عام 1987، كان عدد سكان العراق يناهز 18 مليون نسمة.

وشمل تعداد السنة الحالية المحافظات العراقية الـ18، بعدما استثنى تعداد أُجري في 1997، المحافظات الثلاث التي تشكل إقليم كردستان المتمتع بحكم ذاتي منذ 1991.

وأعلن الإقليم من جهته الاثنين أن عدد سكانه تخطى 6.3 مليون نسمة؛ من بينهم الأجانب، طبقاً للنتائج الأولية، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأرجئ التعداد السكاني مرات عدة بسبب خلافات سياسية في العراق الذي شهد نزاعات وحروباً؛ بينها حرب ما بعد الغزو الأميركي في 2003، وسيطرة تنظيم «داعش» في 2014 على أجزاء واسعة منه.

ولفت السوداني إلى أن نسبة السكان «في سنّ العمل» الذين تتراوح أعمارهم بين «15 و64 سنة بلغت 60.2 في المائة»، مؤكداً «دخول العراق مرحلة الهبّة الديموغرافية».

وأشار إلى أن نسبة الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 15 عاماً تبلغ 36.1 في المائة، فيما يبلغ «متوسط حجم الأسرة في العراق 5.3 فرد».

وأكّد السوداني أن «هذه النتائج أولية، وسوف تكون هناك نتائج نهائية بعد إكمال باقي عمليات» التعداد والإحصاء النوعي لخصائص السكان.

وأظهرت نتائج التعداد أن معدّل النمو السنوي السكاني يبلغ حالياً 2.3 في المائة؛ وذلك «نتيجة لتغيّر أنماط الخصوبة في العراق»، وفق ما قال مستشار صندوق الأمم المتحدة للسكان في العراق، مهدي العلاق، خلال المؤتمر الصحافي.