سنوات السينما

إيرول فلين وأوليفيا دي هافيلاند
إيرول فلين وأوليفيا دي هافيلاند
TT

سنوات السينما

إيرول فلين وأوليفيا دي هافيلاند
إيرول فلين وأوليفيا دي هافيلاند

The Adventures of Robin Hood
(1938)
***
معارك روبِن هود المتعددة

باستثناء أن الملك رتشارد قلب الأسد لم يكن رهينة في يد الناصر صلاح الدين لأجل فدية من المال كما يدّعي فيلم «مغامرات روبِن هود» الذي أنجزته وورنر من إخراج مزدوج من ويليام كايلي ومايكل كورتيز، فإن حكاية روبِن هود وعصبته من المقاتلين تمر من دون هنّات تاريخية تُذكر. طبعاً يلعب الخيال كما يشاء في هذه الحكاية كما كتبها نورمان رايلي راين وسيتون ميلر، لكن هذا طبيعي وكل الأفلام الرئيسية التي أنجزتها هوليوود عن تلك الشخصية الشهيرة سمحت لنفسها بهذه المساحة من التأليف.
جون شقيق الملك رتشارد يريد الاستئثار بالحكم. السير روبن هود يمتنع عن قبول الأمر الواقع ويحتج على المعاملة القاسية التي يتلقاها المواطنون من قِبل جون وحاكم مقاطعة نوتنغهام، ويتحوّل وأعوانه إلى خارجين عن القانون يغزون القوافل ويسلبون مالها ويوزعونه على الفقراء متمتعين بشعبية كبيرة. هذا في الوقت الذي يقع فيه روبِن هود في حب فتاة القصر الجميلة ماريان (أوليفيا دي هافيلاند). كل هذا يقود في الفصل النهائي لقتال بين هود والحاكم وكلاهما يجيد استعمال السيف ولو أن الثاني يجيد كذلك الدهاء والخديعة خلال اللعب. لكن المتوقع دوماً في مثل هذه المواجهات انتصار بطل الفيلم على عدوّه اللدود والفوز بالمرأة التي يحب و«مغامرات روبِن هود» لم يختلف عنها في هذا النطاق.
صنع الفيلم لم يخل من مواجهات مثيرة أيضاً. في الأصل تمّ إسناد الإخراج لويليام كايلي الذي كان أنجز قبل هذا الفيلم أفلاماً مشهودة (من بينها G Men وThe Prince and the Pauper لكن شركة وورنر بدأت تئن لكونه تجاوز الميزانية وفترة التصوير فقامت بجلب مايكل كورتيز («كازابلانكا» لاحقاً) لاستكمال العمل. في البداية، اعترض كايلي على الموضوع لكنه وافق لاحقاً بشرط إبقاء اسمه على الفيلم وهذا ما حدث. حين حط كورتيز على ناصية العمل جلب معه مدير تصويره المفضل صول بوليتو الذي حل محل توني غوديو. وفي مذكراته كتب المنتج هال وولس أنه هو الذي طلب من كايلي التوقف بعدما وجد مشاهد القتال التي أخرجها فاترة.
وهناك مخرج ثالث (ب. ريفز إيزون) تم انتدابه لتصوير مشاهد المعارك التي لا يظهر الممثلون الرئيسيون فيها وذلك تعويضاً للزمن الضائع.
‫كذلك كان من المفترض بجيمس كاغني القيام ببطولة الفيلم كونه كان نجم شركة وورنر عبر أفلام قاد بطولتها لحسابها مثل Angels With Dirty Faces. لكنه كان منشغلاً بمشاريع أخرى، هذا الوضع حوّل الاهتمام إلى الممثل إيرول فلين الذي قاد بطولة فيلم مقارعة سيوف آخر قبل ثلاث سنوات هو Captain Blood. هذا الفيلم كان من إخراج مايكل كورتيز الذي أخرج كذلك فيلم جيمس كاغني «ملائكة بوجوه قذرة».‬
إيرول فلين، في نهاية المطاف، الممثل الأصح للدور. رشيق القوام. وسيم الوجه و- الأهم - ماهر في أداء مشاهد القتال بما تتطلبه من حركة سريعة ولعب سيوف قابلة للتصديق وابتسامة لا تخبو حتى في ساعات الخطر.
الفيلم بأكمله وبصرف النظر عمن صوّر ماذا، سريع الحركة والإيقاع وملهب للحماس كترفيه ذي رسالة لا تعترض سبيل العمل بل تواكبه والأرجح أن لمسة كورتيز هي الطاغية في هذا الشأن.
في كل الأحوال دفعت وورنر مليوني دولار (أغلى فيلم لها حينذاك) وأنجزت ضعف ذلك في الإيرادات علاوة على ثلاث أوسكارات في التصميم الفني والموسيقى والمونتاج.


مقالات ذات صلة

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

يوميات الشرق مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

رغم وقوفها أمام عدسات السينما ممثلة للمرة الأولى؛ فإن المصرية مريم شريف تفوّقت على ممثلات محترفات شاركن في مسابقة الأفلام الطويلة بـ«مهرجان البحر الأحمر».

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)

من طهران إلى كابل... حكايات نساء يتحدّيْن الظلم في «البحر الأحمر»

«السادسة صباحاً» و«أغنية سيما» أكثر من مجرّد فيلمين تنافسيَّيْن؛ هما دعوة إلى التأمُّل في الكفاح المستمرّ للنساء من أجل الحرّية والمساواة.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق جوني ديب لفت الأنظار بحضوره في المهرجان (تصوير: بشير صالح)

اختتام «البحر الأحمر السينمائي» بحفل استثنائي

بحفل استثنائي في قلب جدة التاريخية ، اختم مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي» فعاليات دورته الرابعة، حيث أُعلن عن الفائزين بجوائز «اليُسر». وشهد الحفل تكريمَ

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق ياسمين عبد العزيز في كواليس أحدث أفلامها «زوجة رجل مش مهم» (إنستغرام)

«زوجة رجل مش مهم» يُعيد ياسمين عبد العزيز إلى السينما

تعود الفنانة المصرية ياسمين عبد العزيز للسينما بعد غياب 6 سنوات عبر الفيلم الكوميدي «زوجة رجل مش مهم».

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق رئيسة «مؤسّسة البحر الأحمر السينمائي» جمانا الراشد فخورة بما يتحقّق (غيتي)

ختام استثنائي لـ«البحر الأحمر»... وفيولا ديفيس وبريانكا شوبرا مُكرَّمتان

يتطلّع مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» لمواصلة رحلته في دعم الأصوات الإبداعية وإبراز المملكة وجهةً سينمائيةً عالميةً. بهذا الإصرار، ختم فعالياته.

أسماء الغابري (جدة)

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
TT

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة وإلقاء ما تيسَّر له من تعابير فرحٍ وثناء.

لا يختلف وضع العام الحالي عن الوضع في كل عام، فجميع آمال العاملين في هذه الصّناعة الفنية المبهرة يقفون على أطراف أصابعهم ينتظرون إعلان ترشيحات «الأوسكار» الأولى هذا الشهر. وحال إعلانها سيتراجع الأمل لدى من لا يجد اسمه في قائمة الترشيحات، وترتفع آمال أولئك الذين سترِد أسماؤهم فيها.

يتجلّى هذا الوضع في كل مسابقات «الأوسكار» من دون تمييز، لكنه أكثر تجلّياً في مجال الأفلام الأجنبية التي تتقدّم بها نحو 80 دولة كل سنة، تأمل كل واحدة منها أن يكون فيلمها أحد الأفلام الخمسة التي ستصل إلى الترشيحات النهائية ومنها إلى الفوز.

«ما زلت هنا» لوولتر ساليس (ڤيديو فيلمز)

من المسافة صفر

لا يختلف العام الحالي في شكل التنافس وقيمته بل بأفلامه. لدينا للمناسبة الـ97 من «الأوسكار» 89 دولة، كلّ واحدة منها سبق أن تنافست سابقاً في هذا المضمار. لكن المختلف هو بالطبع الأفلام نفسها. بعض ما شُوهد منها يستحق التقدير، والفرق شاسع بين ما يستحق التقدير وبين ما يستحق الترشيح والوصول إلى التّصفية.

الحلمُ في تحقيق هذه النقلة يسيطر على المخرجين والمنتجين العرب الذين نفّذوا أعمالهم الجديدة خلال هذه السنة وسارعوا لتقديمها.

من بينهم المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي، الذي وفّر خلال العام الحالي فيلمين، واحدٌ من إخراجه بعنوان «أحلام عابرة»، والثاني بتوقيع 22 مخرجاً ومخرجة أشرف مشهراوي على جمع أفلامهم في فيلم طويل واحد بعنوان «من المسافة صفر»، وجميعها تتحدّث عن غزة، وما حدث فيها في الأسابيع الأولى لما يُعرف بـ«طوفان الأقصى». بعض تلك الحكايا مؤثرٌ وبعضها الآخر توليفٌ روائي على تسجيلي متوقع، لكنها جميعها تكشف عن مواهب لو قُدِّر لها أن تعيش في حاضنة طبيعية لكان بعضها أنجز ما يستحق عروضاً عالمية.

لا ينحصر الوضع المؤلم في الأحداث الفلسطينية بل نجده في فيلم دانيس تانوفيتش الجديد (My Late Summer) «صيفي المتأخر». يقدم تانوفيتش فيلمه باسم البوسنة والهرسك، كما كان فعل سنة 2002 عندما فاز بـ«الأوسكار» بصفته أفضل فيلم أجنبي عن «الأرض المحايدة» (No Man‪’‬s Land). يفتح الفيلم الجديد صفحات من تاريخ الحرب التي دارت هناك وتأثيرها على شخصية بطلته.

«صيفي الأخير» لدانيس تانوفيتش (بروبيلر فيلمز)

مجازر كمبودية

تختلف المسألة بالنسبة للاشتراك الصّربي المتمثّل في «قنصل روسي» (Russian Consul) للمخرج ميروسلاڤ ليكيتش. في عام 1973 عندما كانت يوغوسلاڤيا ما زالت بلداً واحداً، عاقبت السلطات الشيوعية هناك طبيباً إثر موت مريض كان يعالجه، وأرسلته إلى كوسوڤو حيث وجد نفسه وسط تيارات انفصالية مبكرة ونزاع حول الهوية الفعلية للصرب. حسب الفيلم (الاشتراك الثاني لمخرجه للأوسكار) تنبأت الأحداث حينها بانهيار الاتحاد السوفياتي و«عودة روسيا كروسيا» وفق قول الفيلم.

التاريخ يعود مجدداً في فيلم البرازيلي والتر ساليس المعنون «ما زلت هنا» (I‪’‬m Still Here) وبطلته، أيضاً، ما زالت تحمل آلاماً مبرحة منذ أن اختفى زوجها في سجون الحقبة الدكتاتورية في برازيل السبعينات.

في الإطار نفسه يعود بنا الاشتراك الكمبودي (التمويل بغالبيته فرنسي) «اجتماع مع بُل بوت» (Meeting with Pol Pot) إلى حقبة السبعينات التي شهدت مجازرعلى يد الشيوعيين الحاكمين في البلاد، ذهب ضحيتها ما بين مليون ونصف ومليوني إنسان.

وفي «أمواج» (Waves) للتشيكي ييري مادل، حكاية أخرى عن كيف ترك حكمٌ سابقٌ آثاره على ضحاياه ومن خلفهم. يدور حول دور الإعلام في الكشف عن الحقائق التي تنوي السلطة (في السبعينات كذلك) طمسها.

تبعات الحرب الأهلية في لبنان ليست خافية في فيلم ميرا شعيب «أرزة»، الذي يدور حول أم وابنها يبحثان عن سارق دراجة نارية ويتقمصان، في سبيل ذلك، شخصيات تنتمي إلى الطائفة التي قد تكون مسؤولة عن السرقة. هما سنّيان هنا وشيعيان هناك ومسيحيان أو درزيان في مواقع أخرى وذلك للتأكيد على أن التربة الطائفية ما زالت تنبض حية.

حتى كوريا الجنوبية ما زالت تحوم حول الانقلاب (وهي تعيش اليوم حالة مشابهة) الذي وقع في مثل هذا الشهر من سنة 1979 عندما اغتيل الرئيس بارك على يد رئيس شعبة الدفاع لي تايدو-غوانغ (أُلقي القبض عليه لاحقاً وأُعدم). هذا هو ثالث فيلم شاهده الناقد كاتب هذه الكلمات حول الموضوع نفسه.