سعيد محروف: الأزياء العصرية أغنت الساحة فنياً ولا تحاول منافسة القفطان

المصمم المغربي قال لـ «الشرق الأوسط» إن الجائحة أفقدته في بداياتها الرغبة بالعمل

تصاميم من تشكيلة المصمم سعيد محروف الأخيرة
تصاميم من تشكيلة المصمم سعيد محروف الأخيرة
TT

سعيد محروف: الأزياء العصرية أغنت الساحة فنياً ولا تحاول منافسة القفطان

تصاميم من تشكيلة المصمم سعيد محروف الأخيرة
تصاميم من تشكيلة المصمم سعيد محروف الأخيرة

لا يختلف اثنان على أن الموضة المغربية بدأت تشهد نهضة في عالم الأزياء العصرية، يقودها سرب من المصممين الشباب الذين اقتحموا الساحة موظفين كل خبراتهم ومواهبهم لرسم صورة جديدة لمغرب يجمع الأصالة بالمعاصرة؛ هؤلاء المصممون قبلوا خوض تحدٍ كبيرٍ في سوق يتربع فيه القفطان متسلطناً مستقوياً بحب المرأة المغربية وولائها له، فمن المحال أن يخطر ببال أي واحدة، أياً كانت مكانتها وعمرها وثقافتها، أن تستغني عنه في أي مناسبة من المناسبات.
المصمم سعيد محروف هو العراب الذي يقود هذا السرب، ليس فقط لأنه أقدمهم أو أكثر من فرض نفسه على الساحة من الناحية الإبداعية، بل لأنه أكثر من حصل على حبهم وتقديرهم له.
منذ بدايته التي يقول إنها كانت منذ نحو 10 سنوات، لم يحاول ركوب الموجة السائدة المضمونة التي اقتصر فيها كثيرون على محاولة تجديد القفطان واللعب على بعض تفاصيله حتى لا يفقدوا شعبيتهم، بل رسم لنفسه في المقابل خطاً لم يكن سهلاً، لكنه كان يغذي إحساسه الفني، ويتماشى مع قناعته، بصفته شاباً درس تصميم الأزياء في أكاديمية الفنون بأمستردام، ثم معهد «برات» بنيويورك، قبل أن يحصل على شهادة الماجستير في تصميم الأزياء في أكاديمية الفنون «ريتفلد» بأمستردام.
يأتي صوته متفائلاً وهو يُصرح في حديث مع «الشرق الأوسط» بأن «ساحة الموضة تغيرت بشكل واضح في المغرب منذ دخوله إليها. آنذاك، كانت الموضة بشكلها العصري تتبوأ مكاناً ثانوياً، تتجاهلها المنابر المهتمة بالموضة، مثل (فيستي مود كازابلانكا) -وهو أسبوع الموضة الذي كان يقام بمدينة الدار البيضاء- والمجلات النسائية التي كانت تخصص أغلفتها للأزياء التقليدية لمعرفتها المُسبقة بأنها هي التي تبيع وتجذب الإعلانات. الآن، هناك عدة مصممين شباب درسوا تصميم الأزياء، وتخرجوا في معاهد في المغرب وخارجه، يتفننون فيها، ويُلبون رغبات وأذواق شابات تواقات للجديد المبتكر».
اليوم، وبعد مرور نحو 10 سنوات على بدايته في مدينة الدار البيضاء، يقول سعيد إن أجمل شيء في المغرب أن الأصالة والمعاصرة وجهان لعملة واحدة، وهو ما نلمسه في شتى المجالات، وليس في الموضة وحدها؛ يشرح قائلاً: «بالنسبة لي، بصفتي مصمماً لفساتين سهرة، يسعدني أن أرى أن إقبال شابات وصبايا على هذه الأزياء لا يُؤثر على احترامهن وشغفهن بجمال الأزياء التقليدية»، مستدلاً بالتغيير الذي شهدته الأعراس المغربية، فقد أصبحت تُخصص يوماً للأزياء التقليدية، تلبس فيه العروس والضيفات القفاطين المطرزة بسخاء، ويوماً خاصاً بالفساتين العصرية. ويعيد التغيير في الثقافة والأذواق إلى المرأة المعاصرة التي أصبحت أكثر استقلالية وجُرأة في اختياراتها، فـ«أحياناً، أطلق العنان لخيالي في عدد من التصاميم غير متوقع أن تكون تجارية على الإطلاق، لأتفاجأ بأنها هي الأكثر جذباً ومبيعاً».
بعض المعجبات بسعيد محروف يُطلقن عليه لقب إيلي صعب المغرب، ليس لأسلوبه بل من باب حبهن له. عندما أشير إلى هذا التشبيه، يرد بخجل أنه يُسعده ويشرفه، على الرغم من اختلاف أسلوبيهما. ففي حين يتميز أسلوب إيلي صعب بفخامة الشرق الأوسط من ناحية التطريز وترف التفاصيل، فإن أسلوبه هو يتميز ببساطة خطوط الغرب. ويضيف «إيلي صعب، إلى جانب كل من زهير مراد وربيع كيروز، رموز نفتخر بها، ونقتدي بها في عالمنا العربي؛ كم كنت أتمنى لو كان لديّ بعض من إمكانياتهم، لتستوي المقارنة، فمعملي لا يسع أكثر من 3 حرفيين ينفذون تصاميمي، وأنا من يقوم بالرسم والقص».
وعلى الرغم من شُح الإمكانيات وغياب الدعم، فإن ما حققه سعيد محروف من نجاح داخل وخارج المغرب لا يستهان به، حسبما تؤكده صور النجمات المتداولة على منصات «السوشيال ميديا». غير أن المشكلة أن شُح الإمكانيات المادية يجعل المصممين من أمثاله يعتمدون على العلاقات الشخصية للتعريف بإبداعاتهم وتسويقها، إذ إنه «من الصعب مثلاً الاستعانة بوكالة علاقات عامة تكون جسراً بيننا وبين الزبائن، وغيرهم من صناع الموضة.
لهذا، فإن ربط علاقات مبنية على الصداقة والود مع الزبونات تبقى الوسيلة الوحيدة المتاحة أمامنا لحد الآن. فكلما تألقن في فستان من تصميم أي واحد منا، وجذبن الأنظار إلى أناقتهن، خدمننا بشكل غير مباشر».
ومن يعرف سعيد محروف يعرف أن الاعتماد على هذه العلاقات الشخصية عملية مُتعبة بالنسبة له، فهو خجول بطبعه. وعلى الرغم من أن علاقاته مع الكل جيدة، فإن شخصيته لا تسمح له بتخطي حدود معينة مع زبوناته خارج نطاق العمل «فأنا لا أشعر بالراحة ولا الارتياح في المناسبات الاجتماعية وأي من التجمعات، إلى حد أني قد أشعر فيها بنوع من الغربة؛ مكاني الطبيعي المريح هو معملي».
وبسبب خجله الاجتماعي، كان من البديهي أن يجد في وسائل التواصل الاجتماعي مُنقذاً ومنفذاً، لا سيما أنها فتحت الأبواب على مصراعيها لعرض ابتكارات مصممين من أمثاله، وكسب ولاءات زبونات شابات. وهو «أمر كان له مفعول السحر على الموضة المغربية العصرية»، كما يقول.
ويعكف سعيد محروف حالياً على تصميم وإطلاق أول تشكيلة خاصة بالعرائس، وهو ما يبدو متناقضاً مع الوضع الحالي في العالم عموماً، والمغرب خصوصاً، بسبب جائحة كورونا التي ألغت الأفراح والفرح على حد سواء. بيد أنه بتفاؤله يقول إن «الفرج قريب، ويجب أن نستعد له بالفرح». ويستطرد قائلاً إنه على الرغم من كل السلبيات التي يعيشها العالم بسبب الجائحة، فإنها نجحت في خلق سلوكيات إيجابية، تتمثل في زيادة الوعي بمفهوم الاستدامة وتقدير الحرفية. فالمرأة مثلاً بدأت تختار أزياءها بعناية أكبر لأنها تريدها أن تبقى معها طويلاً، وليس لموسم واحد.
ويتابع: «ليس هذا فحسب، بل بدأت ألاحظ على (السوشيال ميديا) شخصيات مختلفة تلبس الفستان نفسه في عدة مناسبات، وهو ما يُسعدني، لأنه شهادة بأنه ناجح. وحتى من الناحية التجارية، لا يضايقني الأمر لأني أطرح مجموعاتي أساساً بعدد محدود جداً، لأني أومن بأن الموضة الحقيقية هي أن نقع في حب القطعة ونستعملها لسنوات وبأشكال مختلفة، حسب المناسبة».
المشكلة في جائحة كورونا بالنسبة له لم تقتصر على تأثيراتها الاقتصادية بقدر ما كانت في تأثيراتها على القدرة على الإبداع، حيث أصيب بما يشبه الصدمة في بدايتها «إلى حد أنني فقدت الرغبة في العمل»، حسب اعترافه. وفقط في النصف الثاني من عام 2020، بدأ يستعيد طاقته، ويتأقلم مع الوضع الجديد.
والآن، يسكنه الأمل بقُرب انفراج الجائحة، وهو ما استحق منه العمل على أول تشكيلة خاصة بالأفراح، لتكون إعلاناً عن أن الفرح قريب.


مقالات ذات صلة

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

لمسات الموضة توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

بعد عدة أشهر من المفاوضات الشائكة، انتهى الأمر بفض الشراكة بين المصمم هادي سليمان ودار «سيلين». طوال هذه الأشهر انتشرت الكثير من التكهنات والشائعات حول مصيره…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة كيف جمع حذاء بسيط 6 مؤثرين سعوديين؟

كيف جمع حذاء بسيط 6 مؤثرين سعوديين؟

كشفت «بيركنشتوك» عن حملتها الجديدة التي تتوجه بها إلى المملكة السعودية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة الملك تشارلز الثالث يتوسط أمير قطر الشيخ تميم بن حمد وزوجته الشيخة جواهر والأمير ويليام وكاثرين ميدلتون (رويترز)

اختيار أميرة ويلز له... مواكبة للموضة أم لفتة دبلوماسية للعلم القطري؟

لا يختلف اثنان أن الإقبال على درجة الأحمر «العنابي» تحديداً زاد بشكل لافت هذا الموسم.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة تفننت الورشات المكسيكية في صياغة الإكسسوارات والمجوهرات والتطريز (كارولينا هيريرا)

دار «كارولينا هيريرا» تُطرِز أخطاء الماضي في لوحات تتوهج بالألوان

بعد اتهام الحكومة المكسيكية له بالانتحال الثقافي في عام 2020، يعود مصمم غوردن ويس مصمم دار «كارولينا هيريرا» بوجهة نظر جديدة تعاون فيها مع فنانات محليات

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة الممثلة والعارضة زانغ جينيي في حملة «بيربري» الأخيرة (بيربري)

هل يمكن أن تستعيد «بيربري» بريقها وزبائنها؟

التقرير السنوي لحالة الموضة عام 2025، والذي تعاون فيه موقع «بي أو. ف» Business of Fashion مع شركة «ماكنزي آند كو» للأبحاث وأحوال الأسواق العالمية، أفاد بأن…

«الشرق الأوسط» (لندن)

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».