الادعاء الأسكوتلندي يحقق في اختلاسات مالية من ليبيا بـ7 مليارات دولار

عنصر بقوات الأمن الليبية في طربلس (رويترز)
عنصر بقوات الأمن الليبية في طربلس (رويترز)
TT

الادعاء الأسكوتلندي يحقق في اختلاسات مالية من ليبيا بـ7 مليارات دولار

عنصر بقوات الأمن الليبية في طربلس (رويترز)
عنصر بقوات الأمن الليبية في طربلس (رويترز)

كشفت وثائق مسربة ارتباطا مزعوما لشركات أسكوتلندية بعملية احتيال في ليبيا بقيمة 5 مليارات جنيه إسترليني (6.96 مليار دولار)، وتضمنت الوثائق تفاصيل عملية احتيال مرتبطة بمسؤول حكومي ليبي سابق. حسبما أفادت صحيفة «صانداي تايمز» البريطانية.
وتضمنت المستندات، التي كشفت عنها شرطة أسكوتلندا، العلاقة بين المسؤول الليبي السابق ومجموعة من الشركات الأسكوتلندية وأكثر من 90 حسابًا مصرفيًا.
وقدمت الشرطة الأسكوتلندية، تفاصيل التحقيق الذي استمر ست سنوات والمسمى «Adelanter» (وهي كلمة إسبانية بمعنى «للأمام»)، للحكومة الليبية عام 2018.
وجاء في التقرير أن شركة أسكوتلندية حصلت على عقود بقيمة 150 مليون جنيه إسترليني من قبل وكالات حكومية في ليبيا، بما في ذلك منظمة تطوير المراكز الإدارية، المكلفة بتطوير البنية التحتية التي ترأسها علي دبيبة (74 عامًا) بين عامي 1989 و2011، وهو مسؤول حكومي في عهد الرئيس الليبي السابق معمر القذافي.
اتهم دبيبة بتضخيم كلفة مشاريع البناء وإرساء عطاءات ومنح أكثر من 3000 عقد للشركات التي كان مرتبطا بها خلال فترة رئاسته للمنظمة، تقدر قيمتها بنحو 25 مليار جنيه إسترليني. وزاد نفوذه منذ انتخاب ابن عمه عبد الحميد رئيسا للوزراء في ليبيا الشهر الماضي.
استعان المسؤولون الليبيون في عام 2014، بمكتب المدعي العام الأسكوتلندي لتعقب الأموال التي زعموا أن دبيبة اختلسها مع شخص آخر. ونفى الأخير الادعاءات. وما زال المدعون الأسكوتلنديون ينتظرون نتائج تحقيق شرطة أسكوتلندا، وسط شائعات عن إمكانية اتخاذ قرار قريبًا.
وفي إيجاز أعده المحققون عام 2018 أشار إلى أن ملايين الجنيهات ربما تم تحويلها من ليبيا عبر عشرات الشركات، واستخدمت لشراء عقارات في بريطانيا أو حولت إلى الخارج.
وركزت تحقيقات الشرطة بشكل كبير على خمس شركات أسكوتلندية يزعم أنها مرتبطة بدبيبة بين عامي 2008 و2010. إحداها «ماركو بولو ستوريكا»، التي أنشئت في عام 2008 من قبل رجال أعمال أسكوتلنديين شاركوا في إدارة العديد من الشركات الأخرى إما مع دبيبة أو أفراد عائلته، وسجلت على أنها شركة محاسبين في إدنبرة، وزعم أنها حصلت على عقود بقيمة 150 مليون جنيه إسترليني من قبله لتجديد المواقع التراثية في ليبيا. ونفى رجال الأعمال في السابق أي معرفة بنشاطات غير قانونية.
ووفقًا لسجل الشركات الحكومي، تم حل شركة «ماركو بولو ستوريكا» عام 2015، ولم يتم تقديم الحسابات المالية الكاملة، ويعتقد المحققون الأسكوتلنديون أن حوالي 50 مليون جنيه إسترليني قد مرت عبر الشركة إلى شركات خارجية وأسكوتلندية.
رفض مالكولم فلين، المدير العام لـ«ماركو بولو ستوريكا» بين عامي 2008 و2013، التعليق على الادعاءات بتحويل ملايين الجنيهات عبر الشركة. وقال: «لم يستجوبني أحد من قبل بخصوص هذا التحقيق وتم إلغاء عقد الشركة في المراحل الأولى، وكان مشروعًا مهمًا آمل أن ينفذه الآخرون في المستقبل».
وتكشف الوثائق المسربة أن الشرطة صادرت هاتفًا وحاسبا آليا عام 2017، يخص أحد المقربين والشريك المزعوم مع دبيبة، وكشف من خلالهما عن تفاصيل شراء 12 عقارًا في أسكوتلندا بقيمة 3 ملايين جنيه إسترليني، وسبعة عقارات في إنجلترا تقدر قيمتها بنحو 7 ملايين جنيه إسترليني، وأصول سائلة بقيمة 8 ملايين جنيه إسترليني.
يعتقد أن عائلة دبيبة تمتلك أصولًا عالمية لا تقل عن 62 مليون جنيه إسترليني وفقًا لمصدر في الشرطة، وتشير الوثائق المسربة إلى تورطه في اختلاس أكثر من 5 مليارات جنيه إسترليني.
وبحسب تسريبات الشهر الماضي، زعمت لجنة خبراء في الأمم المتحدة أن مدفوعات تصل إلى مئات الآلاف من الدولارات عرضت على المندوبين الليبيين للتصويت لعبد الحميد دبيبة. ولكن لا يوجد دليل على معرفته أو تورطه في الرشوة المزعومة. وقال مكتبه إن التسريب كان «أنباء كاذبة».
وقالت متحدثة باسم مكتب الادعاء الأسكوتلندي: «نؤكد أننا تلقينا طلبًا للتعاون القانوني من السلطات الليبية. وبما أن هذا يتعلق بالتحقيق الجاري، فلن يكون من المناسب تقديم المزيد من التعليقات». وأيضاً امتنع دبيبة عن التعليق.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».