ارتباك حوثي إزاء مقترح لندركينغ لوقف الحرب واستئناف السلام

الشرعية ترحب... وتحمّل الجماعة مسؤولية تدهور الأوضاع الإنسانية

المبعوث الأميركي إلى اليمن تيموثي لندركينغ
المبعوث الأميركي إلى اليمن تيموثي لندركينغ
TT

ارتباك حوثي إزاء مقترح لندركينغ لوقف الحرب واستئناف السلام

المبعوث الأميركي إلى اليمن تيموثي لندركينغ
المبعوث الأميركي إلى اليمن تيموثي لندركينغ

أظهرت الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران ارتباكاً ملحوظاً إزاء الخطة المقترحة التي كشف عنها المبعوث الأميركي إلى اليمن تيموثي لندركينغ، أول من أمس (الجمعة)، حيث سارع المتحدث باسم الجماعة محمد عبد السلام فليتة إلى رفضها، معتبراً أنها «مؤامرة» على جماعته قبل أن يتراجع عن هذا الرفض بشكل ضمني عبر إعادة تغريدة أحد مذيعي قناة جماعته (المسيّرة) على «تويتر».
وعلى وقع هذا الارتباك الحوثي، جددت الحكومة اليمنية الشرعية في بيان لخارجيتها ترحيبها بمساعي وقف الحرب مفنّدة في الوقت نفسه المزاعم الحوثية حول الأوضاع الإنسانية المتدهورة، وفق ما جاء في البيان.
وكان المبعوث الأميركي تيموثي لندركينغ، شدد، أول من أمس (الجمعة)، على أن وقف النار ووضع السلاح هو أول أمر لا بد على جميع الأطراف المقاتلة في اليمن أن تفعله. وقال، خلال ندوة مرئية استضافها «المجلس الأطلسي»، إن التحالف بقيادة السعودية «جاهز فعلاً لتقديم كل الدعم».
وأضاف: «رأيت عند لقائي بهم في الرياض الرغبة الحقيقية في مساعدتي ودعم كل الجهود التي تريد إنهاء الصراع، وما زلت أنتظر التعاون والمشاركة في إنهاء الصراع من الطرف الآخر».
وأفاد لندركينغ بوجود خطة متماسكة لوقف إطلاق النار في اليمن قال إنها مطروحة الآن على قيادة حركة الحوثيين «لعدد من الأيام»، مشيراً إلى أنه سيعود للمنطقة «عندما يكون الحوثيون على استعداد للحوار».
وبينما اتهم مبعوث واشنطن إلى اليمن الجماعة بأنها «تعطي الأولوية للهجوم العسكري لانتزاع السيطرة على مأرب»، وصف المتحدث باسم الأخيرة مقترح الأول بأنه «مؤامرة»، وأنه يمثل الرؤية السعودية والأممية منذ عام.
وزعم فليتة في تصريحات لقناة جماعته التلفزيونية أن المقترح لا وقف فيه للقيود على موانئ الحديدة ومطار صنعاء، ولا وقف لإطلاق النار بل «التفافات شكلية» وفق تعبيره.
وتابع بالقول «أن يأتي مبعوث أميركي ليقدم خطة أقل مما قدمها المبعوث الأممي؛ فهذا غير مقبول». كما زعم أن المقترح يحاول أن ينتزع من جماعته ما لم تستطع الحكومة الشرعية انتزاعه بالحرب.
هذا الرفض المبدئي الحوثي للخطة الأممية التي تدعمها واشنطن، تلاه تراجع خجول؛ إذ أعاد متحدث الجماعة تغريدة للمذيع الذي أدلى له بالتصريحات، جاء فيها قول المذيع إن فليتة «لم يُعلن رفض صنعاء للحوار الذي ترعاه سلطنة عمان، بل طرح ملاحظات على خطة كينغ (لندركينغ) في شكلها الحالي لا النهائي»، وأكد أن النقاش حولها لا يزال مستمراً وقائماً».
في غضون ذلك، جددت الخارجية اليمنية ترحيبها بمساعي السلام. وقالت في بيان: «منذ أن بادرت الإدارة الأميركية الجديدة بدعم عملية السلام في اليمن، ودعت إلى تحقيق سلام شامل ورفع المعاناة عن الشعب اليمني؛ فقد استجابت الحكومة اليمنية لهذه الدعوات وتعاطت معها بكل إيجابية».
واتهم البيان الميليشيات بأنها «قابلت تلك الدعوات بفتح جبهات جديدة وتصعيد عدوانها العسكري على المدنيين في مأرب وتعز والحديدة، وإطلاق 25 صاروخاً باليستياً خلال فبراير (شباط) فقط على مدينة مأرب متسببة بسقوط مئات القتلى والجرحى من المدنيين»، إضافة إلى «سقوط عشرات القتلى من النساء والأطفال في قصفها العشوائي ضد التجمعات السكنية في تعز والحديدة».
كما اتهمت الحكومة الميليشيات بإحراق أكثر من 170 مهاجراً إثيوبياً ممن رفضوا الانصياع لأوامرها لتحشيدهم في جبهات القتال في مأرب، إلى جانب منعها «المنظمات الدولية المختصة من الوصول لمكان الجريمة».
وحول مزاعم الجماعة حول الأوضاع الإنسانية، قال البيان: «في سبيل إخفاء هذا السلوك العدواني المتوحش، تحاول هذه الجماعة تضليل المجتمع الدولي بافتعال وخلق أزمة للمشتقات النفطية في المناطق الخاضعة لسيطرتها، وادعاء أن هناك حصاراً على دخول الوقود والمشتقات النفطية سواء عبر ميناء الحديدة أو عبر المنافذ البرية، وهي الادعاءات التي تفندها بوضوح الإحصائيات الصادرة عن الجهات ذات العلاقة بخصوص كميات الوقود التي دخلت إلى هذه المناطق، وتتم مصادرتها من قبل ميليشيات الحوثي باعتبارها كميات مهربة لمنع وصولها للمواطنين وبيعها في السوق السوداء بأسعار مضاعفة».
وأضاف البيان: «لقد أخلَّت ميليشيات الحوثي وبشهادة المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة السيد مارتن غريفيث (...) بالاتفاق الذي يقضي باستخدام إيرادات الشحنات النفطية عبر موانئ الحديدة لدفع رواتب الموظفين، وخاصة أولئك العاملين بالقطاع الصحي في الحديدة وغيرها من المناطق، وعوضاً عن ذلك نهبت هذه الميليشيات تلك الأموال المقدرة بأكثر من خمسين مليار ريال قبل أكثر من أربعة أشهر من فرع البنك المركزي في الحديدة فقط» (الدولار نحو 60 ريالاً).
وأوضح بيان الخارجية اليمنية أن «الأزمة الإنسانية الحقيقية التي تحاول الميليشيات الحوثية غض نظر الرأي العام العالمي والمجتمع الدولي عنها هي تلك الأزمة الناتجة عن هجوم هذه الميليشيات على مدينة مأرب التي تضم ما يقارب أربعة ملايين يمني، نصفهم من النازحين الذين هربوا من بطش وعنف هذه الميليشيات واستقروا في مدينة مأرب التي قدمت لهم الرعاية والأمان».
وفي حين حذرت الخارجية اليمنية المجتمع الدولي من خطورة هذا التصعيد الحوثي الذي قالت إن «خطورته لا تكمن فقط في تفاقم الأزمة الإنسانية، ولا في الخسائر البشرية من المدنيين أو من أولئك الذي تحشدهم هذه الميليشيات للقتال من الأطفال واللاجئين، ولكنه (التصعيد) يسعى للقضاء كلياً على المسار السياسي، وينهي جهود سنوات طويلة من المشاورات والجهود السياسية من قبل المجتمع الدولي، ويقوض أي آمال أو مستقبل للسلام في اليمن».


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».