شبح الإقفال التام يخيّم مجدداً على إيطاليا

بعد عام على ظهور الجائحة

شبح الإقفال التام يخيّم مجدداً على إيطاليا
TT

شبح الإقفال التام يخيّم مجدداً على إيطاليا

شبح الإقفال التام يخيّم مجدداً على إيطاليا

بعد عام بالتمام على انسدال ضباب الهلع الكثيف فوق مقاطعات الشمال الإيطالي، التي بقيت لأشهر البؤرة الرئيسية لانتشار فيروس «كورونا» المستجد في أوروبا والعالم، وبعد أن أصبحت إيطاليا الدولة الأولى في الاتحاد الأوروبي والثانية في القارة الأوروبية التي تجاوز عدد ضحاياها عتبة المائة ألف، عاد شبح الإقفال التام يخيم مجدداً على معظم الأقاليم الإيطالية، فيما تتسع دائرة الاحتجاجات والتمرد ضد التدابير التي تفرضها الحكومة لاحتواء الوباء الذي ما زال ينتشر بسرعة من شمال البلاد إلى جنوبها.
ورغم الانقسام الحاد بين المؤيدين لتشديد تدابير العزل والداعين إلى تخفيفها في صفوف الحكومة الجديدة التي يرأسها ماريو دراغي، وتضمم ممثلين عن جميع الأحزاب والقوى السياسية، باستثناء حزب الفاشيين الجدد «إخوان إيطاليا»، لم يترك البيان الأخير الذي صدر عن اللجنة العلمية العليا مساء الجمعة أي خيار أمام رئيس الوزراء سوى إعلان انتقال عشرة أقاليم إلى «الدائرة الحمراء»، وإقفال المدارس ومنع التنقل بين المناطق حتى السادس من الشهر المقبل. وكانت اللجنة العلمية العليا التي تسترشد الحكومة بتوصياتها لاتخاذ تدابير مواجهة الجائحة قد حذرت في بيانها الأخير من «الخطورة المطلقة للوضع على المستوى الوطني، التي تستوجب اتخاذ أقصى التدابير الممكنة لوقف الانتشار السريع للوباء».
ومع تسارع سريان الفيروس المستمر منذ مطالع الشهر الماضي بسبب من الانتشار الواسع للطفرة الإنجليزية التي تقدر السلطات الصحية بأنه تجاوز 70 في المائة من البلاد، أعلنت عشرات المستشفيات مؤخراً بأنها بلغت أقصى قدراتها الاستيعابية، وطلبت نقل الإصابات الخطرة بالفيروس للعلاج في مناطق أخرى أو في الخارج. وتجدر الإشارة إلى أن إيطاليا كانت الدولة الأولى التي أعلنت في مثل هذه الأيام من العام الماضي نظام «المناطق الحمراء» الذي يقضي بالإقفال التام للمدن والبلدات المنكوبة بنسبة عالية من الإصابات، الذي سيبدأ تطبيقه اعتباراً من غد الاثنين على 42 مليون من سكان إيطاليا الذين يبلغون 60 مليوناً.
وأمام خشية الحكومة من أن تتحول نهاية هذا الأسبوع إلى «فرصة استثنائية» لانتشار الفيروس عشية الإقفال التام، كلفت ما يزيد على 50 ألف عنصر من أجهزة الأمن والقوات المسلحة لمراقبة تطبيق تدابير الاحتواء ومنع التجمعات، وأوعزت إلى البلديات بفرض التعبئة العامة حتى فجر الاثنين المقبل.
ويشكل الوضع في جزيرة سردينيا حالة فريدة حيث ما زالت هي «المنطقة البيضاء» الوحيدة التي يسمح لسكانها بمزاولة أنشطتهم وحياتهم بصورة طبيعية من غير قيود صحية أو اجتماعية. وكانت سلطات الجزيرة قد فرضت منذ مطلع هذا الشهر إبراز فحص وبائي سلبي حديث كشرط لدخولها.
ومع استمرار ارتفاع عدد الإصابات اليومية الجديدة الذي يتراوح حول 30 ألفاً منذ ستة أسابيع وعدد الوفيات الذي يتراوح يومياً بين 350 و450، قررت اللجنة العلمية العليا اعتماد حزمة من ثلاثة شروط لتحديد الإجراءات الواجب اتخاذها في مواجهة الفيروس، وهي: تجاوز معدل السريان 1.25 في المائة، وتجاوز عدد الإصابات 250 لكل مائة ألف مواطن، ونسبة النتائج الإيجابية من الفحوصات التي لا يجب أن تتجاوز 5 في المائة. وتجدر الإشارة إلى أن الأقاليم الإيطالية العشرة التي ستصبح «مناطق حمراء» اعتباراً من غد الاثنين لا تستوفي أياً من هذه الشروط.
ومن جهتها، حذرت وزارة الداخلية الإيطالية من التداعيات الأمنية التي عادت تظهر ملامحها في عدد من المدن بعد فترة هدوء نسبية. وكانت الشرطة قد اضطرت للتدخل بقسوة مساء الجمعة في العاصمة روما لتفريق مجموعات من الشباب كانوا يحتشدون في بعض الأحياء التي تشهد عادة حياة ليلية صاخبة. يُذكر أن إعلان «المناطق الحمراء» يمنع المواطنين من مغادرة منازلهم إلا للضرورة وللعمل، كما يمنع تبادل الزيارات. وفي غضون ذلك تواجه السلطات الصحية الإيطالية موجة كثيفة من الامتناع عن تناول لقاح «أسترازينيكا» بين المواطنين، رغم تأكيدات منظمة الصحة العالمية والوكالة الإيطالية للأدوية بأن نسبة الآثار الجانبية لهذا اللقاح لا تتجاوز 1 في المائة وأن 94 في المائة من هذه الآثار لا يعدو كونه طفيفاً كغيره من اللقاحات الأخرى. وتجدر الإشارة إلى أن ثلاثة إيطاليين كانوا قد لاقوا حتفهم في الأيام الأخيرة، بعد إصابتهم بالتخثر (جلطة) إثر تناولهم لقاح «أسترازينيكا».


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.