آيديولوجيا التطرف الحوثي تقتل شابين قبل أيام من زفافهما

TT

آيديولوجيا التطرف الحوثي تقتل شابين قبل أيام من زفافهما

قبل أكثر من أسبوع استكمل المراهقان طه محمد المروني وعلي عبد اللطيف المروني استعدادات زفافهما، لكن الآيديولوجيا المتطرفة التي يربي الحوثيون أتباعهم عليها دفعت بهما للحاق بجبهات القتال في غرب محافظة مأرب، حيث عادا أشلاء محمولة في تابوتين وتصدرت صورهما المقابر بدلاً من أن تتصدر قاعة الاحتفال بزفافهما.
تلقي حادثة مقتل هذين المراهقين المتحدرين من مديرية ضوران في محافظة ذمار الضوء على آلاف المراهقين وصغار السن الذين لقوا مصارعهم في مختلف الجبهات بعد أن تولت ميليشيا الحوثي إخضاعهم لتربية آيديولوجية منذ سن مبكرة، ومن ثم الدفع بهم إلى جبهات القتال بدلاً من مواصلتهم التعليم الجامعي.
ومع تصاعد مخاطر هذا الفكر المتطرف الذي يرتكز على النقاء السلالي وتحويله إلى عقيدة مذهبية، بات آلاف المراهقين والأطفال عرضة للتحول إلى قنابل موقوتة في وجه المجتمع.
ووفق سكان في محافظة ذمار تحدث إليهم «الشرق الأوسط» فإن المراهقين طه وعلي المروني كانا استكملا كافة التجهيزات المتعلقة بحفل زفافها الذي كان مقرراً في العاشر من الشهر الحالي ووزعا الدعوات للضيوف على هذا الأساس، إلا أن الخسائر التي تتكبدها ميليشيات الحوثي في جبهات محافظة مأرب كل يوم، جعلها تلزم عناصرها والمشرفين في المحافظات والمديريات على حشد المقاتلين أياً كانت ظروفهم.
ولهذا توجه المراهقان إلى مأرب منذ أسبوعين لكنهما في يوم الجمعة الماضي الخامس من مارس (آذار) قتلا خلال المواجهات مع القوات الحكومية وعادا أشلاء على ظهر سيارة تحمل صورتهما.
منذ ما قبل الانقلاب على الشرعية انتهجت ميليشيات الحوثي تربية آيديولوجية متطرفة في استقطاب الأتباع والأنصار، وحرصت على زرع هذه الأفكار في عقول الأطفال منذ الصفوف الدراسية الأولى، حيث تقوم هذه الأفكار المتطرفة على قاعدة الأحقية في الحكم، وعلى أن الفوز بالجنة يقوم على الإيمان بتميز الجماعة السلالي والخضوع لها.
ولأن الغالبية العظمى من اليمنيين لن تقبل بهذا فقد ركزت الجماعة في حركتها وبنائها التنظيمي والفكري على المصنفين من سلالة زعيمها المدعين اتصال نسبهم بالرسول محمد (ص) بما تحمله هذه الدعوة من تميز اجتماعي وسياسي، بخاصة أنها باتت تحمل مفتاحاً للكسب وتبوء المناصب.
ولهذا دفعت هذه الأسر بالآلاف من أطفالهم إلى الحوزات التي فتحت خارج إطار التعليم العام في محافظة صعدة وفي مدينة صنعاء داخل بعض المساجد وفي بعض أرياف محافظة صنعاء، حيث بلغ إجمالي الملتحقين بهذه الحوزات في نهاية التسعينيات نحو 15 ألف طالب من مختلف المراحل الدراسية وفق ما ذكرته مصادر سياسية وما تظهره وثائق منتدى «الشباب المؤمن» الذي اتخذ كغطاء لهذا التنظيم العنصري.
وفي ظل ضعف السلطة المركزية في اليمن واعتمادها على زعماء قبليين في تمثيل حضور الدولة وسيطرتها كان مؤسس الميليشيا ووالده قد أرسلوا المئات من هؤلاء المراهقين إلى إيران ولبنان لتعزيز التربية العقائدية وتدريبهم على القتال، وصناعة وتركيب المتفجرات.
وما إن اقتحموا العاصمة صنعاء، وبدأوا التوسع نحو بقية المحافظات حتى كانوا قد أوجدوا خلايا من هؤلاء المراهقين المتشددين فكرياً والمدربين على حرب العصابات في أحياء العاصمة، إذ إن العضوية في هذا التنظيم تعتمد على الانتماء السلالي.
ولتعزيز هذه الفكرة العنصرية أجبرت العائلات على الظهور في وسائل إعلام الميليشيات والتعبير عن الفرح بمقتل أبنائها، وأرغمت الأمهات على إطلاق الزغاريد بدلاً من سيول الدموع على فقدان أبنائهن الذين في الغالب لم يتجاوزوا السادسة عشرة من العمر.


مقالات ذات صلة

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (إ.ب.أ)

الحوثيون يحولون المنازل المصادرة إلى معتقلات

أفاد معتقلون يمنيون أُفْرج عنهم أخيراً بأن الحوثيين حوَّلوا عدداً من المنازل التي صادروها في صنعاء إلى معتقلات للمعارضين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي بوابة البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

تفاقم معاناة القطاع المصرفي تحت سيطرة الحوثيين

يواجه القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية شبح الإفلاس بعد تجريده من وظائفه، وتحولت البنوك إلى مزاولة أنشطة هامشية والاتكال على فروعها في مناطق الحكومة

وضاح الجليل (عدن)
الخليج جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية (مجلس التعاون)

إدانة خليجية للاعتداء الغادر بمعسكر قوات التحالف في سيئون اليمنية

أدان جاسم البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الاعتداء الغادر في معسكر قوات التحالف بمدينة سيئون بالجمهورية اليمنية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.