موسكو أمام عاصفة من الأزمات في محيطها الحيوي

مشكلات الجمهوريات السوفياتية السابقة على خط التوتر المتفاقم بين روسيا والغرب

موسكو أمام عاصفة من الأزمات في محيطها الحيوي
TT

موسكو أمام عاصفة من الأزمات في محيطها الحيوي

موسكو أمام عاصفة من الأزمات في محيطها الحيوي

أعادت تطورات الوضع في أرمينيا، مع انزلاق الجمهورية السوفياتية السابقة، نحو انقسام غير مسبوق، واتساع موجة الاحتجاجات، والمطالبة باستقالة رئيس الوزراء نيكول باشينيان، الوضع في الفضاء السوفياتي السابق إلى الواجهة، على خلفية مواجهة موسكو عاصفة من الاضطرابات في محيطها.
وبدا أن أعمدة اللهب التي تتصاعد في عدد من الجمهوريات السوفياتية السابقة، مع تزايد معدلات الاستياء من أداء الحكومات، وتدهور مستوى الاقتصاد، وانعدام الآفاق... تنذر بمزيد من الفوضى في هذه المنطقة الحساسة بالنسبة إلى روسيا، والتي ظلت على مدى عقود بعد انهيار الدولة العظمى تحتل المرتبة الأولى على رأس اهتمامات السياسة الخارجية الروسية. ثم إنها أحد العناصر الأساسية لزيادة التوتر بين موسكو والغرب، على خلفية اتهام موسكو لحلف شمال الأطلسي «ناتو» بتنشيط مساعيه للتوسع شرقاً، واستخدام آليات «الثورة الملوّنة» لتشديد ما بات يعرف بـ«حزام أزمات» حول روسيا.
ينطلق خبراء روس من أن الأحداث الجارية في وقت متزامن في أكثر من بلد محيط تهدف إلى إشغال روسيا بهموم مباشرة على حدودها، ودفعها إلى الانخراط أكثر في معالجة أوضاعها... ما يقلّص من قدرتها على تنشيط سياساتها الخارجية في مناطق أخرى. وهكذا فإن جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق، التي تشهد تقلبات ومطالب بالتغيير تغدو ساحة الصراع الأساسية بالنسبة إلى موسكو التي تتطلع منذ سنوات لتوسيع حضورها على المسرح الدولي.
الجبهة الرئيسية المشتعلة حالياً هي أرمينيا. إذ قادت محاولة «الانقلاب العسكري» بحسب وصف رئيس الوزراء نيكول باشينيان قبل أسابيع في الجمهورية القوقازية الصغيرة إلى بروز وضع خطر في البلاد على خلفية الانقسام الحاد داخل كل من المؤسسة العسكرية والشارع الأرميني حول مطلب إطاحة باشينيان والدعوة إلى انتخابات نيابية مبكرة تعيد ترتيب الصفوف الداخلية بعد الهزيمة المرة التي تجرعتها أرمينيا في مواجهات الحرب الأخيرة مع أذربيجان. وكما هو معروف أسفرت هذه المواجهات عن اضطرار أرمينيا إلى التخلي عن جزء كبير من أراضي إقليم ناغورنو قره باغ المتنازع عليه مع «جارتها» أذربيجان، بما في ذلك مدينة شوشة الاستراتيجية التي تحظى بأهمية رمزية كبرى في الذاكرة الوطنية الأرمينية.
وصحيح أن التحركات في أرمينيا مرتبطة بتلك الهزيمة، لكن بدا أن لها سماتها الخاصة؛ الجيش يبدأ، الشعب يدعمه. ووفقاً لهذا «السيناريو»، تتطور الأحداث في بلد يعتبر حليفاً لروسيا. غير أن العامل الروسي هو الذي لعب دور الفتيل المشتعل في برميل من البارود في جمهورية ومنطقة مضطربتين تحملان إرثاً قديماً من الصراع الثقافي السياسي والعسكري.
- غلطة باشينيان القاتلة
قبل أسبوعين أطلق نيكول باشينيان تصريحاً أثار عاصفة من الجدل عندما أشار إلى أن صواريخ «إسكندر» التي زوّدت روسيا بها الجيش الأرمني في وقت سابق، لم تعمل بشكل جيد خلال الحرب، بل إن مستوى فعاليتها لم يتجاوز 10 في المائة.
على الفور ردّت هيئة الأركان العامة لجيش أرمينيا بعنف على رئيس الوزراء، وألقت باللوم عليه في كل المشكلات. وعندما سخر أحد كبار الجنرالات من تصريحات باشينيان، أصدر الأخير أمراً بإقالته. وكانت تلك الإقالة الشرارة التي أشعلت فتيل الاضطرابات الأخيرة. إذ ردت رئاسة الأركان ببيان وقّعه 40 من كبار الجنرالات اتهموا فيه باشينيان بإهانة الجيش وطالبوا باستقالته فوراً. وسرعان ما انضمت المعارضة الأرمينية، التي ركبت موجة خيبة الأمل بسبب الهزيمة العسكرية الأخيرة، إلى مطالب المؤسسة العسكرية عبر تنظيم احتجاجات حاشدة وإعلان عزمها الذهاب إلى النهاية... وفي النتيجة، بات باشينيان يواجه، مثل رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو، هتافات «ارحل».
وفي هذا السياق، وإذا كانت سلطات بيلاروسيا نجحت بمساعدة روسيا في الحفاظ على الوضع المحلي، على الأقل حتى اعتماد الدستور البيلاروسي الجديد، فإنه من غير المرجح في أرمينيا أن يهدأ الوضع بسرعة. وصحيح أن رئيس الوزراء لديه مؤيدون... لكن هؤلاء أقل عدداً بكثير من المعارضين. ومن ناحية أخرى، مع أن أرمينيا لم تنقسم تحت وقع الاحتجاجات المطالبة باستقالة باشينيان، تماماً مثلما حدث في بيلاروسيا... فإن ثمة انقساماً في أرمينيا حصل بطريقة أخرى. إذ وقفت الشرطة إلى جانب المتظاهرين، وأعلنت وزارة الدفاع الانحياز إلى رئيس الوزراء خلافاً لموقف رئاسة أركان الجيش التي تدير عملياً القطعات العسكرية. وفي الوقت نفسه، فإن الوضع لا يزال مرشحاً للتأرجح. ولقد كتب إدمون ماروكيان، رئيس الكتلة البرلمانية لحزب «أرمينيا الساطعة»، على صفحته على موقع «فيسبوك» قائلاً: «لقد دخلت البلاد في حالة من الاضطراب وانعدام اليقين، وهو أمر محفوف بالعواقب الوخيمة».
- بيلاروسيا تستعد لموجة احتجاجات جديدة واسعة
في هذه الأثناء، في دولة مجاورة أخرى لروسيا غرباً هي بيلاروسيا... تستمر المحاكمات ضد المعارضين. وعلى الرغم من احتجاجات الغرب، فإن القيادة البيلاروسية في العاصمة مينسك تتخلص تدريجياً من أولئك الذين يمكنهم قيادة أو تنظيم الاحتجاجات ضد السلطات.
هؤلاء جارٍ إرسالهم إلى السجن لتغيير رأيهم. ولقد أعلن الاتحاد الأوروبي أخيراً أنه يتابع عن كثب ما يحدث في بيلاروسيا، بما في ذلك اضطهاد المدافعين عن حقوق الإنسان وممثلي النقابات العمالية والمحامين وكذلك محاكمات الصحافيين. وقال بيتر ستانو، المتحدث باسم خدمة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي: «يجب أن يتوقف هذا الأمر، فهو غير مقبول في أوروبا القرن الحادي والعشرين. الاتحاد الأوروبي يعتقد أنه بدلاً من كل هذه الإجراءات وعمليات التخويف التي تأتي بنتائج عكسية، يجب أن تركز السلطات على إطلاق حوار على مستوى البلاد لحل الأزمة الحالية في البلاد. إلا أن السلطات البيلاروسية، مع ذلك، لا ترغب في الدخول في هذا الحوار. إذ تعتقد مينسك أن مثل هذا الحوار قد حصل بالفعل، ومن خلال «مجلس الشعب لعموم بيلاروسيا». وللعلم، يمنح دعم مندوبي هذا التجمع الشعبي الرئيس ألكسندر لوكاشينكو الفرصة للبقاء في منصبه حتى الانتخابات الرئاسية القادمة. وهو سيتمسك بإحكام بذلك.
حتى الآن تبدو السلطات البيلاروسية مقتنعة بأنها ما زالت قادرة، عبر الدعم الروسي الكامل، على مواجهة موجات الاحتجاج، غير أن المعارضة لوّحت مع بداية الربيع بـ«انطلاقة جديدة لثورة شعبية» لإطاحة «آخر الديكتاتوريات في أوروبا»... كما وصفت حكم لوكاشينكو.
- أوكرانيا... توقعات مقلقة
في ثاني كبرى الجمهوريات السوفياتية، السابقة بعد روسيا، ثمة مَن تخوف من الانزلاق نحو مواجهة عسكرية جديدة.
هنا أيضاً في أوكرانيا احتجاجات تكاد تكون متواصلة، وهي تعلو وتخفت في مناسبات مختلفة. وأهم الاحتجاجات الحالية تحركت بسبب الحكم على الناشط سيرغي ستيرنينكو لمدة 7 سنوات و3 أشهر بتهمة تصفية أحد المشاركين المناهضين لتحركات الميدان. فقد اجتاحت المسيرات جميع أنحاء البلاد، وطالب المتشددون بالإفراج عن ستيرنينكو وإجراء إصلاح قضائي. وأعطت المعارضة الرئيس فلاديمير زيلينسكي أسبوعاً للتفكير... أما بعد ذلك فهي تعد بإطلاق «ميدان جديد».
المتطرفون ليسوا كل المجتمع الأوكراني، لكن إذا كان المرء يتابع استطلاعات الرأي الاجتماعية، فإن تصنيف زيلينسكي ينخفض بشكل حاد، ولذلك يزيد حضور الراديكاليون. ولا يخفي خبراء روس قناعة بأن «الشيء الوحيد الذي يمكن أن يصرف الناس عن متاعبهم، ويسقط موجة الاحتجاج، هو تفعيل الجيش الأوكراني في جنوب البلاد. وبناءً على ذلك، لا بد من توقع مرحلة جديدة من الحرب في حوض الدونباس». ومن جانب ثانٍ، تصاعد الصراع في شرق أوكرانيا وجنوبها من جديد خلال الشهر الأخير، وزادت أعداد الانتهاكات لنظام وقف النار ما أوقع مزيداً من القتلى والجرحى من كلا الجانبين. ومن وجهة النظر الأوكرانية، فإن التصعيد مرتبط بعدد من الظروف، منها رغبة روسيا في صرف الأنظار داخلياً وأوروبياً عن ملف المعارض الروسي أليكسي نافالني. وهناك من يقول إن انخفاض شعبية الرئيس الأوكراني بسبب الإخفاق في الوفاء بوعود التسوية السلمية لمشكلة حوض الدونباس، مع تدني أداء الاقتصاد، وتزايد الديون، وتداعيات تفشي فيروس (كوفيد 19) مع فشل برنامج التطعيم، كلها «عناصر تدفع كييف إلى الهروب إلى أمام».
- استعداد لتصعيد متبادل
هنا تبرز مفارقة لافتة، إذ تبدو كل من موسكو وكييف مستعدة لتصعيد الموقف الميداني، وينطلق كل طرف من مصالح خاصة. موسكو سرّعت خلال الأسابيع الأخيرة منح الجنسية لمواطني إقليمي لوغانسك ودونيتسك الانفصاليين، وهي تتحدث بنشاط متزايد عن استعدادها لحماية «مواطنيها» في شرق أوكرانيا، بينما تتزايد الفعاليات الشعبية في الإقليمين التي تطالب بالانضمام إلى روسيا. وثمة من يقول إن موسكو أيضاً «تتأهب للهروب إلى الأمام، في مواجهة الضغوط الغربية المتزايدة عليها، وعودة الإدارة الأميركية الجديدة للتلويح بضرورة معاقبة موسكو على ضم شبه جزيرة القرم، عبر تزويد أوكرانيا بأسلحة فتاكة، ومضاعفة العقوبات على الروس».
وبالفعل، ظهرت أولى بوادر التصعيد مع توجّه الرئيس زيلينسكي إلى استخدام أداة «مجلس الأمن القومي والدفاع» لتبني عقوبات ضد نواب معروفين لهم علاقات مع السلطات الروسية، بتهم تمويل الإرهاب... ومن هؤلاء فيكتور ميدفيدتشوك (القريب من الرئيس فلاديمير بوتين) وزوجته أوكسانا مارشينكو. وأيضاً هناك قرارات بإغلاق قنوات تلفزيونية مملوكة لمؤيدي ميدفيدتشوك – تاراس كوزاك، وهي «112 أوكرانيا» و«زيك تي في» و«نيوس ون». وجرى تنفيذ قرار «مجلس الأمن القومي والدفاع» بمرسوم رئاسي... ويعتبر هذ القرار ساري المفعول فور نشره.
أيضاً، ربط ليونيد كرافتشوك، ممثل أوكرانيا في «مجموعة الاتصال الثلاثية» تفاقم العنف في الدونباس بالعقوبات الشخصية ضد ميدفيدتشوك وكوزاك، قائلاً: «أعتقد أن هذا يرجع إلى حقيقة أن أوكرانيا بدأت في اتخاذ إجراءات، وأن زيلينسكي فرض عقوبات على القنوات الموالية لروسيا ودعايتها. إنهم شعروا أن أوكرانيا انتقلت من الأقوال إلى الأفعال. بالإضافة إلى ذلك، كيف قيمت أوروبا تصرفات روسيا، والوضع مع (نورد ستريم 2). وخطابات بايدن وفريقه. لقد أدركت روسيا أن الوضع لم يكن في صالحها وبدأت في إظهار أن لديها أيضاً القوة، ويمكنها فعل شيء ما».
في المقابل، كتب يفغيني مورايف، النائب السابق في البرلمان الأوكراني من المعارضة، ومالك القناة التلفزيونية «ناش» على صفحته في موقع «فيسبوك» قائلاً: «أفهم أن لدى الرئيس كثيراً من المستشارين وكتّاب السيناريو الذين يهمسون في أذنه أن الحرب ستشطب كل شيء... لكن الأمر ليس كذلك. هذا خطأ فادح... قبل أن تبدأ اللعب بالعضلات، تحتاج إلى الحصول على العقول. خلال السنوات الأخيرة في المنطقة غير الخاضعة للسيطرة، تلقى الأوكرانيون ما يقرب من 400 ألف جواز سفر روسي، ما يعني أن الحرب ستكون مختلفة وواسعة النطاق. لن تكون هناك حاجة للأقنعة بعد الآن».
ومن جهته، قال المتحدث باسم الوفد الأوكراني في «مجموعة الاتصال الثلاثية» أليكسي أريستوفيتش إن خطة السلام الجديدة للدونباس، التي اقترحتها فرنسا وألمانيا، ستناقش من قبل المستشارين السياسيين لرؤساء دول «رباعية النورماندي» بحلول نهاية مارس (آذار) الحالي. ويعتقد ممثل الإقليمين الانفصاليين في «مجموعة الاتصال الثلاثية» سيرغي غارماش، أن روسيا غير راضية عن مبادرات ألمانيا وفرنسا، ولذا فإنها تجهز لتحرك عسكري في الدونباس، ما قد يصبح سبباً لإدخال «قوات حفظ السلام الروسية» فيها. ووفقاً لغارماش، فإن الغرض هو خلق «واقع جديد في الدونباس» يجعل المقترحات الألمانية الفرنسية «غير قابلة للتطبيق، وبالتالي، يسمح لموسكو بالحفاظ على الصراع وفقاً للنموذج الأبخازي». وهنا، تجدر الإشارة إلى أن أكثر من 90 في المائة من سكان إقليم أبخازيا الذي أعلن انفصالاً من جانب واحد عن جمهورية جورجيا يحملون حالياً جنسيات روسية. ثم إن موسكو اعترفت في وقت سابق باستقلال الإقليم، مع استقلال أوسيتيا الجنوبية التي تشهد وضعاً مماثلاً تماماً.
- حالتان محرجتان في مولدوفا وجورجيا
> انطلاقاً من أوكرانيا، والكلام عن سعي موسكو لاعتماد «النموذج الأبخازي»، هنا إطلالة على الوضع في كل من جمهوريتي مولدوفا المتاخمة لأوكرانيا، وجورجيا نفسها.
في مولدوفا، تتزايد السجالات حول المنطقة الأمنية على نهر الدنيستر، الخاضعة لسيطرة جنود حفظ السلام الروس. وهناك 3 أطراف مشاركة في «مهمة حفظ السلام» هناك هي مولدوفا وسلطة «ترانسنيستريا» وروسيا... ولا يمكن للأطراف الثلاثة الاتفاق.
هذا المرض يأخذ أشكالاً مزمنة، إذ تعتبر قوات حفظ السلام الروسية القوة الرئيسة في الوحدة الثلاثية. ويُظهر الجانب المولدوفي، من خلال الخطوات التي اتخذها أخيراً، عزمه على تعطيل المهمة. ومن ثم، إخراج قوات حفظ السلام الروسية من منطقة بريدنوستروفيه المولدوفية الانفصالية التي تحظى بدعم روسي، وهي دعوة كررتها القيادة المولدوفية أكثر من مرة خلال الشهر الأخير. أما السبب المباشر الجديد للتصعيد، فوقع عندما قررت مولدوفا تنظيم فعاليات غير مسبوقة لإحياء ذكرى اندلاع الحرب التي قادت إلى انفصال الإقليم في العام 1992. وكان وفد مولدوفا إلى لجنة المراقبة المشتركة على نهر الدنيستر، قد أخطر مركز التنسيق المشترك كتابياً بالعمل على تنظيم فعالية في قرية كورزوفو سيجري من خلالها إحياء الذكرى السنوية الـ29 لبدء «إجراءات الكفاح من أجل سلامة جمهورية مولدوفا واستقلالها».
وللعلم، في مثل هذا اليوم من عام 1992 بدأت الحرب على نهر الدنيستر بالفعل من هذه القرية. وفي إقليم بريدنيستروفيه الانفصالي، يعد تاريخ ومكان إحياء المناسبة صفعة على الوجه. في غضون ذلك، شدد ممثلو مولدوفا في لجنة التنسيق المشتركة على الجانب البريدنيستروفي أنه «لا ينبغي أن يسمح بأعمال استفزازية يمكن أن تعطل النظام العام، ودُعي ممثلو بعثة منظمة الأمن والتعاون في أوروبا وأوكرانيا للمساعدة في مراقبة الوضع في المنطقة الأمنية أثناء إحياء المناسبة»، فيما اعتبر ممثلو الإقليم تصرفات مولدوفا بمثابة «استفزاز». من جانب متصل، فإن كورزوفو بلدة تقع في ضواحي مدينة دوبوساري على الضفة اليسرى لنهر الدنيستر، وتعتبرها مولدوفا قرية مستقلة، بينما يدعي قادة إقليم بريدنوستروفيه أنها تحت ولايته. ولذا، عندما تحاول مولدوفا تنظيم بعض الفعاليات مثل الانتخابات، فإن الجانب الانفصالي يعرقلها دائماً.
في جورجيا، التي لا تبعد كثيراً عن هذه الأجواء العاصفة، تتزايد الاضطرابات أيضاً، بعدما أعلنت المعارضة الجورجية عن إطلاق سلسلة فعاليات واسعة لتنظيم احتجاجات طوال شهر مارس الحالي. وكانت شرارة الأحداث انطلقت في 26 فبراير (شباط) عندما بدأت أحزاب المعارضة في جورجيا احتجاجات متواصلة تطالب بالإفراج عن أحد الساسة المحليين البارزين، وتحديد موعد لانتخابات برلمانية جديدة مبكرة.
على هذه الخلفية، تراقب موسكو بحذر تصاعد الأوضاع في محيطها، وسط توقعات متشائمة، ومخاوف من احتمال أن تضطر للانزلاق نحو الانخراط في عمل عسكري في شرق أوكرانيا أو في مولدوفا. وفي الحالين تواجه روسيا مخاطر توسيع المواجهة مع الغرب عموماً، والانشغال أكثر بمحيط ملتهب يزيد من مشكلاتها القائمة أصلاً، على الصعيدين الداخلي والخارجي. ولعل ما يزيد الأمر دقة أن روسيا تتحضر هذا العام لاستحقاق انتخابات البرلمان الروسي... الذي بدا مبكراً أنه محاط بعدد من الأزمات، لا تقتصر على ملف المعارض أليكسي نافالني، وما تصفه موسكو بأنه «محاولات غربية للتدخل واستفزاز ثورة شعبية داخلية».



شرق السودان... نار تحت الرماد

الشرق السودان دخل دوامة الحروب السودانية المتمددة (رويترز)
الشرق السودان دخل دوامة الحروب السودانية المتمددة (رويترز)
TT

شرق السودان... نار تحت الرماد

الشرق السودان دخل دوامة الحروب السودانية المتمددة (رويترز)
الشرق السودان دخل دوامة الحروب السودانية المتمددة (رويترز)

لا يبعد إقليم شرق السودان كثيراً عن تماسّات صراع إقليمي معلن، فالجارة الشرقية إريتريا، عينها على خصمها «اللدود» إثيوبيا، وتتربص كل منهما بالأخرى. كذلك، شرق السودان هو «الجسر» الذي يمكن أن تعبره قوات أي منهما نحو أرض الجانب الآخر. ومع تأثر الإقليم أيضاً بالصراعات الداخلية الإثيوبية، وبأطماع الدولتين بموارد السودان، يظل الصراع على «مثلث حلايب» هو الآخر لغماً قد ينفجر يوماً ما.

حدود ملتهبة

تحدّ إقليم «شرق السودان» ثلاث دول، هي مصر شمالاً، وإريتريا شرقاً، وإثيوبيا في الجنوب الشرقي، ويفصله البحر الأحمر عن المملكة العربية السعودية. وهو يتمتع بشاطئ طوله أكثر من 700 كيلومتر؛ ما يجعل منه جزءاً مهماً من ممر التجارة الدولية المهم، البحر الأحمر، وساحة تنافس أجندات إقليمية ودولية.

وفئوياً، تتساكن في الإقليم مجموعات ثقافية وإثنية «أصيلة» وأخرى وافدة من نواحي البلاد الأخرى، وبينها تناقضات وصراعات تاريخية، وارتباطات وقبائل مشتركة مع دول الجوار الثلاث. كذلك يتأثر الإقليم بالصراعات المحتدمة في الإقليم، وبخاصة بين إريتريا وإثيوبيا، وهو إلى جانب سكانه يعج باللاجئين من الدولتين المتشاكستين على الدوام؛ ما يجعل منه ساحة خلفية لأي حرب قد تنشأ بينهما.

وحقاً، ظل شرق السودان لفترة طويلة ساحة حروب داخلية وخارجية. وظلت إريتريا وإثيوبيا تستضيفان الحركات المسلحة السودانية، وتنطلق منهما عملياتها الحربية، ومنها حركات مسلحة من الإقليم وحركات مسلحة معارضة منذ أيام الحرب بين جنوب السودان وجنوب السودان، وقوات حزبية التي كانت تقاتل حكومة الخرطوم من شرق السودان.

لكن بعد توقيع السودان و«الحركة الشعبية لتحرير السودان» بقيادة الراحل جون قرنق ما عُرف بـ«اتفاقية نيفاشا»، وقّعت الحركات المسلحة في شرق السودان هي الأخرى ما عُرف بـ«اتفاقية سلام شرق السودان» في أسمرا عاصمة إريتريا، وبرعاية الرئيس الإريتري أسياس أفورقي، يوم 14 أكتوبر (تشرين الأول) 2006. ونصّت تلك الاتفاقية على تقاسم السلطة والثروة وإدماج الحركات المسلحة في القوات النظامية وفقاً لترتيبات «أمنية»، لكن الحكومة «الإسلامية» في الخرطوم لم تف بتعهداتها.

عبدالفتاح البرهان (رويترز)

12 ميليشيا مسلحة

من جهة ثانية، اندلعت الحرب بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» في منتصف أبريل (نيسان) 2023، فانتقلت الحكومة السودانية إلى بورتسودان «حاضرة الشرق» وميناء السودان على البحر الأحمر، واتخذت منها عاصمة مؤقتة، ووظّفت الحركات المسلحة التي أعلنت انحيازها للجيش، في حربها ضد «الدعم السريع».

وإبّان هذه الحرب، على امتداد 18 شهراً، تناسلت الحركات المسلحة في شرق السودان ليصل عددها إلى 8 ميليشيات مسلحة، كلها أعلنت الانحياز إلى الجيش رغم انتماءاتها «الإثنية» المتنافرة. وسعت كل واحدة منها للاستئثار بأكبر «قسمة حربية» والحصول على التمويل والتسليح من الجيش والحركة الإسلامية التي تخوض الحرب بجانب الجيش من أجل العودة للسلطة.

ميليشيات بثياب قبلية

«الحركة الوطنية للعدالة والتنمية» بقيادة محمد سليمان بيتاي، وهو من أعضاء حزب «المؤتمر الوطني» المحلول البارزين - وترأس المجلس التشريعي لولاية كَسَلا إبان حكم الرئيس عمر البشير -، دشّنت عملها المسلح في يونيو (حزيران) 2024، وغالبية قاعدتها تنتمي إلى فرع الجميلاب من قبيلة الهدندوة، وهو مناوئ لفرع الهدندوة الذي يتزعمه الناظر محمد الأمين ترك.

أما قوات «الأورطة الشرقية» التابعة لـ«الجبهة الشعبية للتحرير والعدالة» بقيادة الأمين داؤود، فتكوّنت في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، وسمّت «اتفاقية سلام السودان»، في جوبا، داؤود المحسوب على قبيلة البني عامر رئيساً لـ«مسار شرق السودان». لكن بسبب التنافس بين البني عامر والهدندوة على السيادة في شرق السودان، واجه تنصيب داؤود رئيساً لـ«تيار الشرق» رفضاً كبيراً من ناظر قبائل الهدندوة محمد الأمين ترك.

بالتوازي، عقدت «حركة تحرير شرق السودان» بقيادة إبراهيم دنيا، أول مؤتمر لها في مايو (أيار) 2024 برعاية إريترية كاملة فوق التراب الإريتري، بعد أيام من اشتعال الحرب في السودان. وتدرّبت عناصرها في معسكر قريب من قرية تمرات الحدودية الإريترية، ويقدّر عدد مقاتليها اليوم بنحو ألفي مقاتل من قبيلتي البني عامر والحباب، تحت ذريعة «حماية» شرق السودان.

كذلك، نشطت قوات «تجمّع أحزاب وقوات شرق السودان» بقيادة شيبة ضرار، وهو محسوب على قبيلة الأمرار (من قبائل البجا) بعد الحرب. وقاد شيبة، الذي نصّب نفسه ضابطاً برتبة «فريق»، ومقرّه مدينة بورتسودان - العاصمة المؤقتة - وهو ويتجوّل بحريّة محاطاً بعدد من المسلحين.

ثم، على الرغم من أن صوت فصيل «الأسود الحرة»، الذي يقوده مبروك مبارك سليم المنتمي إلى قبيلة الرشايدة العربية، قد خفت أثناء الحرب (وهو يصنَّف موالياً لـ«الدعم السريع»)، يظل هذا الفصيل قوة كامنة قد تكون طرفاً في الصراعات المستقبلية داخل الإقليم.

وفي أغسطس (آب) الماضي، أسّست قوات «درع شرق السودان»، ويقودها مبارك حميد بركي، نجل ناظر قبيلة الرشايدة، وهو رجل معروف بعلاقته بالحركة الإسلامية وحزب «المؤتمر الوطني» المحلول، بل كان قيادياً في الحزب قبل سقوط نظام البشير.

أما أقدم أحزاب شرق السودان، «حزب مؤتمر البجا»، بقيادة مساعد الرئيس البشير السابق موسى محمد أحمد، فهو حزب تاريخي أُسّس في خمسينات القرن الماضي. وبعيد انقلاب 30 يونيو 1989 بقيادة عمر البشير، شارك الحزب في تأسيس ما عُرف بـ«التجمع الوطني الديمقراطي»، الذي كان يقود العمل المسلح ضد حكومة البشير من داخل إريتريا، وقاتل إلى جانب قوات «الحركة الشعبية لتحرير السودان» بقيادة الراحل جون قرنق على طول الحدود بين البلدين، وفي 2006 وقّع مع بقية قوى شرق السودان اتفاقية سلام قضت بتنصيب رئيسه مساعداً للبشير.

ونصل إلى تنظيم «المجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة» بقيادة الناظر محمد الأمين ترك. لهذا التنظيم دور رئيس في إسقاط الحكومة المدنية بقيادة رئيس الوزراء الدكتور عبد الله حمدوك، بإغلاقه الميناء وشرق البلاد. ورغم زعمه أنه تنظيم «سياسي»، فإنه موجود في الميليشيات المسلحة بشكل أو بآخر.

وهكذا، باستثناء «مؤتمر البجا» و«المجلس الأعلى للعموديات المستقلة»، فإن تاريخ تأسيس هذه الميليشيات القبلية وجغرافيا تأسيسها في إريتريا، ونشرها في الإقليم تحت راية الجيش وتحت مزاعم إسناده – على رغم «تبعيتها» لدولة أجنبية مرتبطة بالحرب - يعتبر مراقبون أن وجودها يهدّد استقرار الإقليم ويعزّز الدور الإريتري في شرق السودان، وبخاصة أن البناء الاجتماعي للإقليم في «غاية الهشاشة» وتتفشى وسط تباينات المجموعات القبلية والثقافية المكوّنة له.

أسياس أفورقي (رويترز)

مقاتلون من الغرب يحاربون في الشرق

إلى جانب الميليشيات المحلية، تقاتل اليوم أكثر من أربع حركات مسلحة دارفورية بجانب الجيش ضد «الدعم السريع»، ناقلةً عملياتها العسكرية إلى شرق السودان. الأكبر والأبرز هي: «حركة تحرير السودان» بقيادة مني أركو مناوي (حاكم إقليم دارفور)، و«حركة العدل والمساواة السودانية» بقيادة (وزير المالية) جبريل إبراهيم، و«حركة تحرير السودان - فصيل مصطفى طمبور»، ومعها حركات أخرى صغيرة كلها وقّعت «اتفاقية سلام السودان» في جوبا، وبعد سبعة أشهر من بدء الحرب انحازت إلى الجيش في قتاله ضد «الدعم السريع».

الحركات المسلحة الدارفورية التي تتخذ من الشرق نقطة انطلاق لها، أسسها بعد اندلاع الحرب مواطنون سودانيون ترجع أصولهم إلى إقليم دارفور، إلا أنهم يقيمون في شرق السودان. أما قادتها فهم قادة الحركات المسلحة الدارفورية التي كانت تقاتل الجيش السوداني في إقليم دارفور منذ عام 2003، وحين اشتعلت حرب 15 أبريل، اختارت الانحياز للجيش ضد «الدعم السريع». ولأن الأخير سيطر على معظم دارفور؛ فإنها نقلت عملياتها الحربية إلى شرق السودان أسوة بالجيش والحكومة، فجندت ذوي الأصول الدارفورية في الإقليم، ودرّبتهم في إريتريا.

استقطاب قبلي

حسام حيدر، الصحافي المتخصّص بشؤون شرق السودان، يرى أن الحركات المسلحة في الإقليم، «نشأت على أسس قبلية متنافرة ومتنافسة على السلطة واقتسام الثروة والموارد، وبرزت أول مرة عقب اتفاق سلام شرق السودان في أسمرا 2006، ثم اتفاق جوبا لسلام السودان».

ويرجع حيدر التنافس بين الميليشيات المسلحة القبلية في الإقليم إلى «غياب المجتمع المدني»، مضيفاً: «زعماء القبائل يتحكّمون في الحياة العامة هناك، وهذا هو تفسير وجود هذه الميليشيات... ثم أن الإقليم تأثر بالنزاعات والحروب بين إريتريا وإثيوبيا؛ ما أثمر حالة استقطاب وتصفية حسابات إقليمية أو ساحة خلفية تنعكس فيها هذه الصراعات».

تتساكن في الإقليم مجموعات ثقافية وإثنية «أصيلة» وأخرى وافدة

من نواحي البلاد الأخرى وبينها تناقضات وصراعات تاريخية

الدكتورعبدالله حمدوك (رويترز)

المسؤولية على «العسكر»

حيدر يحمّل «العسكر» المسؤولية عن نشاط الحركات المسلحة في الشرق، ويتهمهم بخلق حالة استقطاب قبلي واستخدامها لتحقيق مكاسب سياسية، ازدادت حدتها بعد حرب 15 أبريل. ويشرح: «الحركات المسلحة لا تهدد الشرق وحده، بل تهدد السودان كله؛ لأن انخراطها في الحرب خلق انقسامات ونزاعات وصراعات بين مكوّنات الإقليم، تفاقمت مع نزوح ملايين الباحثين عن الأمان من مناطق الحرب».

وفقاً لحيدر، فإن نشاط أربع حركات دارفورية في شرق السودان، وسّع دائرة التنافس على الموارد وعلى السلطة مع أبناء الإقليم؛ ما أنتج المزيد من الحركات القبلية، ويوضح: «شاهدنا في فترات سابقة احتكاكات بين المجموعات المسلحة في شرق السودان مع مجموعات مسلحة في دارفور، وهي مع انتشار المسلحين والسلاح، قضايا تضع الإقليم على حافة الانفجار... وإذا انفجر الشرق ستمتد تأثيراته هذا الانفجار لآجال طويلة».

ويرجع حيدر جذور الحركات التي تدرّبت وتسلحت في إريتريا إلى نظام الرئيس السابق عمر البشير، قائلاً: «معظمها نشأت نتيجة ارتباطها بالنظام السابق، فمحمد سليمان بيتاي، قائد (الحركة الوطنية للبناء والتنمية)، كان رئيس المجلس التشريعي في زمن الإنقاذ، ومعسكراته داخل إريتريا، وكلها تتلقى التمويل والتسليح من إريتريا».

وهنا يبدي حيدر دهشته لصمت الاستخبارات العسكرية وقيادة الجيش السوداني، على تمويل هذه الحركات وتدريبها وتسليحها من قِبل إريتريا على مرأى ومسمع منها، بل وتحت إشرافها، ويتابع: «الفوضى الشاملة وانهيار الدولة، يجعلان من السودان مطمعاً لأي دولة، وبالتأكيد لإريتريا أهداف ومصالح في السودان». ويعتبر أن تهديد الرئيس (الإريتري) أفورقي بالتدخل في الحرب، نقل الحرب من حرب داخلية إلى صراع إقليمي ودولي، مضيفاً: «هناك دول عينها على موارد السودان، وفي سبيل ذلك تستغل الجماعات والمشتركة للتمدد داخله لتحقق مصالحها الاقتصادية».

الدور الإقليمي

في أي حال، خلال أكتوبر الماضي، نقل صحافيون سودانيون التقوا الرئيس أفورقي بدعوة منه، أنه سيتدخّل إذا دخلت الحرب ولايات الشرق الثلاث، إضافة إلى ولاية النيل الأزرق. وهو تصريح دشّن بزيارة مفاجئة قام بها رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان لإريتريا 26 نوفمبر الماضي، بحثت بشكل أساسي - وفقاً لتقارير صحافية - قضية الحركات المسلحة التي تستضيفها إريتريا داخل حدودها ومشاركتها في الحرب إلى جانب الجيش، إلى جانب إبرام اتفاقات أمنية وعسكرية.

للعلم، الحركات الشرقية الثماني تدرّبت داخل إريتريا وتحت إشراف الجيش الإريتري وداخل معسكراته، وبعضها عاد إلى السودان للقتال مع جانب الجيش، وبعضها لا يزال في إريتريا. وعلى الرغم من النفي الإريتري الرسمي المتكرر، فإن كثيرين، وبخاصة من شرق السودان، يرون أن لإريتريا أطماعاً في الإقليم.

أما إثيوبيا، فهي الأخرى تخوض صراعاً حدودياً مع السودان وترفض ترسيم الحدود عند منطقة «الفشقة» السودانية الخصيبة بولاية القضارف. وإلى جانب تأثر الإقليم بالصراعات الداخلية الإثيوبية، فهو يضم الآلاف من مقاتلي «جبهة تحرير التيغراي» لجأوا إلى السودان فراراً من القتال مع الجيش الفيدرالي الإثيوبي في عام 2020، ولم يعودوا إلى بلادهم رغم نهاية الحرب هناك. ويتردد على نطاق واسع أنهم يقاتلون مع الجيش السوداني، أما «الدعم السريع» فتتبنى التهمة صراحةً.

أخيراً، عند الحدود الشمالية حيث مثلث «حلايب» السوداني، الذي تتنازع عليه مصر مع السودان ويسيطر عليه الجيش المصري، فإن قبائل البشارية والعبابدة القاطنة على جانبي الحدود بين البلدين، تتحرك داخل الإقليم. وهي جزء من التوترات الكامنة التي يمكن أن تتفجر في أي وقت.

وبالتالي، ليس مبالغة القول إن شرق السودان يعيش على شفا حفرة من نار. وتحت الرماد جمرات قد تحرق الإقليم ولا تنطفئ أبداً.