على عكس معظم لاعبي كرة القدم، بدأ النجم الكاميروني أندريه فرانك زامبو أنغويسا اجتماعه على تطبيق «زووم» في الوقت المحدد تماماً. وفي الحقيقة، يتماشى هذا الالتزام مع سلوكه العام، فهو شخص مهذب وودود ومتعاون، لكن ربما يتعارض ذلك مع ما حدث له خلال مسيرته الكروية، حيث يقول نجم فولهام عن ممارسته لكرة القدم على المستوى الاحترافي: «لقد وصلت متأخراً».
ربما يكون هذا صحيحاً بالمعايير الحديثة، لكن أنغويسا بدأ يجني ثمار تعبه مع نادي فولهام بعد «التطور في الشوارع ولعب كرة القدم بعد المدرسة مع أصدقائي كل يوم» في مدينة ياوندي الكاميرونية، بدلاً من الانضمام إلى إحدى أكاديميات الناشئين. ويعد اللاعب الكاميروني البالغ من العمر 25 عاماً إحدى أبرز المفاجآت في هذا الموسم المتقلب في الدوري الإنجليزي الممتاز، حيث يحافظ على أدائه القوي، وسط هذا الكم الهائل من الأداء المتذبذب.
ويعتقد أنغويسا أنه استفاد كثيراً من تجربته مع فياريال، الذي انضم إليه على سبيل الإعارة بعد هبوط فولهام من الدوري الإنجليزي الممتاز عام 2019، قائلاً: «كان الأمر محدداً للغاية من حيث الضغط والتمرير. وقد قال المدير الفني آنذاك خافي كاليخا: إذا لم تستطع أن تفعل الأمر بالدقة التي أريدها، فلا تقلق فلدي الكثير من اللاعبين الجيدين الآخرين الذين يعرفون كيفية القيام بذلك». ويضيف: «الكل يعرف كيف يلعب، لكن هذه التجربة جعلتني أفضل كثيراً فيما يتعلق بما أريده من نفسي ومن حيث التركيز. كنت أعرف أنه إذا لم أقم بعملي كما ينبغي، فسيكون هناك شخص آخر يحلّ محلي في الفريق». وشعر اللاعب الكاميروني بالرضا عندما أخبره كاليخا قرب نهاية الموسم بأنه فخور به وبما يقدمه مع الفريق.
لكن هذا لا يعني أن قدرات لاعب خط الوسط الدولي الكاميروني تقتصر على المجهود البدني الوفير فحسب، حيث تشير الإحصائيات الصادرة عن موقع «أوبتا» إلى أن أربعة لاعبين فقط في الدوريات الخمسة الكبرى في أوروبا أكملوا مراوغات أكثر من أنغويسا – وهي القائمة التي يتصدرها آداما تراوري وليونيل ميسي. وخلال الموسم الذي لعبه أنغويسا في الدوري الإسباني الممتاز، لم يتفوق عليه في عدد المراوغات الصحيحة سوى ليونيل ميسي ونبيل فقير. يقول اللاعب الكاميروني عن ذلك مبتسماً: «إنها إحصائيات رائعة، فهي تعكس حجم العمل الذي تقوم به من أجل الفريق».
وعندما كان أنغويسا صغيراً، كان دائماً مراوغاً بارعاً، ويشير إلى أن هذه كانت أبرز إمكاناته أثناء فترة الطفولة. لكنه لم يفكر في أن تكون كرة القدم هي مهنته الأساسية إلا عندما بلغ الرابعة عشرة من عمره عندما التقى وكيل أعماله، ماكسيم نانا، في أحد الاختبارات السنوية التي كان ينظمها نانا في مبانكومو جنوب غربي العاصمة الكاميرونية. وتم اكتشاف أنغويسا هناك من قبل جان فيليب دوراند، لاعب خط وسط مرسيليا السابق (والفائز بدوري أبطال أوروبا عام 1993)، والذي كان يعمل في ذلك الوقت مع النادي كمسؤول عن لجنة التعاقدات، لكن عندما انتقل أنغويسا إلى أوروبا وهو في الثامنة عشرة من عمره، فإنه لم ينتقل إلى مرسيليا بشكل مباشر، لكنه انتقل إلى نادي ريمس في شمال فرنسا.
واجه أنغويسا صعوبات وتحديات كبيرة ولم يتمكن من اللعب في صفوف الفريق الأول، لكن دوراند كان على اتصال دائم به. يقول اللاعب الكاميروني عن ذلك: «حتى عندما كان في مرسيليا وكنت أنا في ريمس، كان يقطع رحلة لمسافة 800 كيلومتر ليأتي ويراني وأنا ألعب مع فريق الرديف في دوري الدرجة الرابعة. لا يمكن أن تجد شخصاً آخر يقوم بهذا من أجلك!» لقد كان أنغويسا، على حد تعبير رودي غارسيا الذي تولى تدريبه في نادي مرسيليا والذي لا يزال يتبادل معه الرسائل، «يؤدي تدريبه في أكاديمية الناشئين كلاعب محترف». لقد تعلم أنغويسا الكثير من الناحية التكتيكية تحت قيادة فرانك باسي، الذي كان يعمل كمساعد للمدير الفني الأرجنتيني مارسيلو بيلسا عندما كان في النادي. يقول أنغويسا: «لقد كان شخصاً يعرف جيدا كيف يوجه طاقاتي».
ويضيف: «كنت لاعباً صغيراً أركض كثيراً وأقدم أقصى ما يمكنني تقديمه داخل الملعب، لكنني كنت غير منظم بعض الشيء. كنت أريد أن أفعل كل شيء - المراوغة والاستحواذ على الكرة، وكل شيء. لقد فهم أنني قادم من أفريقيا وطالبني بأن أحصل على الوقت الكافي للتأقلم وبأن أقوم بالأشياء السهلة والبسيطة في البداية». ويتابع: «في البداية كان من الصعب عليّ قبول ذلك. لقد كنت أعلم أن لدي أشياء أخرى يمكنني تقديمها للفريق، وشعرت بأنني مقيد. لكنه أخبرني بما يجب أن أسمعه في ذلك الوقت. لقد قال لي إن الوقت المناسب سيأتي لكي أعبر عن نفسي وأظهر القدرات والإمكانات التي أملكها».
وفي وقت لاحق تم تشجيع أنغويسا على إظهار تلك القدرات والإمكانات، وأصبح ركيزة أساسية في صفوف نادي مرسيليا عندما وصل لنهائي الدوري الأوروبي عام 2018 تحت قيادة غارسيا. ورغم الخسارة في المباراة النهائية أمام أتلتيكو مدريد، فإن المستويات التي قدمها أنغويسا كانت كفيلة بإقناع مسؤولي فولهام بالتعاقد معه في صفقة قياسية في تاريخ النادي بلغت قيمتها 30 مليون جنيه إسترليني.
يقول اللاعب الكاميروني عن ذلك: «أعرف أن الكثير من الناس يتساءلون عن سبب رحيلي عن مرسيليا، ذلك النادي الكبير للغاية في فرنسا والذي يشارك في دوري أبطال أوروبا، لكي ألعب في فريق يصارع من أجل البقاء في الدوري الإنجليزي الممتاز. أرى أن الأمر يتعلق بالتقدم خطوة بخطوة. قد ينتقل بعض اللاعبين الشباب مباشرة إلى توتنهام أو مانشستر يونايتد أو أي نادٍ كبير، لكنهم لا يعرفون طبيعة الدوري الإنجليزي الممتاز، وبالتالي يكونون غير قادرين على التأقلم وتتراجع مسيرتهم الكروية».
إن المجهود الكبير الذي بذله أنغويسا قد أتى ثماره في نهاية المطاف، كما نجح في الحصول على الكثير من الخبرات من المديرين الفنيين الذين لعب تحت قيادتهم، خاصة أن الدور الذي كان يلعبه تحت قيادة كاليخا والذي كان يسمح له باللعب من منطقة جزاء فريقه وحتى منطقة جزاء الفريق المنافس، قد ساعده على التألق في الدوري الإنجليزي الممتاز.
يقول أنغويسا: «وجدت هناك حرية هجومية يمكنني تحقيق أقصى استفادة منها، بالإضافة إلى الانضباط الدفاعي. وعندما تجمع هذين الأمرين في الدوري الإنجليزي الممتاز، فهذا يساعدك على التألق». لقد كان الموسم الأول في لندن صعباً، حيث وصل اللاعب الكاميروني إلى الملاعب الإنجليزية بعد فترة الاستعداد للموسم الجديد، في الوقت الذي كان يعاني فيه الفريق بشدة بسبب الإصابات وتعاقب عدد كبير من المديرين الفنيين على القيادة الفنية للفريق.
يقول أنغويسا: «لقد أصبح الفريق أكثر صلابة مما كان عليه في السابق. ما فعلناه هذا الموسم ليس بالأمر الهين، حيث أصبحت لدينا الثقة باللعب وتمرير الكرة أمام أقوى الأندية». ويضيف: «سكوت باركر يعرف جيداً كيف يجعل اللاعبين يشعرون بالرضا والثقة بأنفسهم، ودائماً ما يجد الكلمات التي تعطينا الحافز. وإذا أخبرك أن شيئاً ما ممكن، فثق بأنه ممكن». وفي ظل التألق اللافت الذي يقدمه اللاعب الكاميروني كل أسبوع، فمن الصعب أن تضع حداً لما يمكنه الوصول إليه خلال السنوات القادمة.
أنغويسا: فترة الإعارة في إسبانيا وراء تألقي في فولهام
اللاعب الكاميروني يؤكد أن الحرية الهجومية والانضباط الدفاعي مفتاحا النجاح في الدوري الإنجليزي
أنغويسا: فترة الإعارة في إسبانيا وراء تألقي في فولهام
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة