مصر والسودان يعززان تحالفهما في مواجهة السد الإثيوبي

اتصالات إقليمية ودولية لدفع أديس أبابا إلى اتفاق قبل موسم الأمطار

رئيسا وزراء مصر مصطفى مدبولي والسودان عبد الله حمدوك في مؤتمر صحافي في القاهرة أمس (أ.ف.ب)
رئيسا وزراء مصر مصطفى مدبولي والسودان عبد الله حمدوك في مؤتمر صحافي في القاهرة أمس (أ.ف.ب)
TT

مصر والسودان يعززان تحالفهما في مواجهة السد الإثيوبي

رئيسا وزراء مصر مصطفى مدبولي والسودان عبد الله حمدوك في مؤتمر صحافي في القاهرة أمس (أ.ف.ب)
رئيسا وزراء مصر مصطفى مدبولي والسودان عبد الله حمدوك في مؤتمر صحافي في القاهرة أمس (أ.ف.ب)

عززت مصر والسودان تحالفهما في مواجهة «سد النهضة»، الذي تبنيه إثيوبيا على الرافد الرئيسي لنهر النيل، ويثير توترات مع دولتي المصب. وخلال مباحثات رفيعة، شهدتها القاهرة، أمس، هي الرابعة من نوعها خلال فترة وجيزة، توافق البلدان على «تكثيف التنسيق بين الجانبين، وتعزيز الاتصالات الإقليمية والدولية لتفعيل مقترح تشكيل رباعية دولية للوساطة، بما يساعد على التوصل لاتفاق قانوني ملزم حول قواعد ملء وتشغيل السد، قبل موسم الأمطار المقبل». وتخطط إثيوبيا لتنفيذ مرحلة ثانية من ملء بحيرة السد، خلال موسم الأمطار، في يوليو (تموز) القادم، في إجراء حذرت مصر والسودان من «تداعياته السلبية» على أمنهما المائي ما لم يتوصل لاتفاق مسبق.
واستقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بقصر الاتحادية أمس، رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، بعد 5 أيام فقط من قمة جمعت السيسي ورئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان في الخرطوم (السبت) الماضي. ووفق المتحدث الرئاسي المصري، جرى التوافق على «تكثيف التنسيق الحثيث بين الجانبين في ظل المرحلة الدقيقة الحالية التي يمر بها ملف سد النهضة، وتعزيز الاتصالات مع الأطراف الإقليمية والدولية لتفعيل المقترح السوداني بتشكيل رباعية دولية للتوسط، بما يساعد على التوصل لاتفاق قانوني شامل وملزم حول قواعد ملء وتشغيل سد النهضة، قبل موسم الأمطار القادم». وفي محاولة لتحريك المفاوضات المتعثرة، قدم السودان مقترحاً أيدته مصر، بـ«وساطة رباعية»، تشمل الولايات المتحدة والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، إلى جانب الاتحاد الأفريقي، الذي يرعى المفاوضات منذ عدة أشهر. لكن المقترح ووجه برفض إثيوبي، والتي أصرت على استمرار الدور الأفريقي. ومنذ عام 2011، تتفاوض مصر والسودان وإثيوبيا للوصول إلى اتفاق حول سدّ النهضة. وأخفقت الدول الثلاث في التوصل إلى اتفاق. وظهر مؤخراً تنسيق وتفاهم في الموقفين المصري والسوداني تجاه ملف «سد النهضة». وفي الثالث من مارس (آذار) الحالي شهدت القاهرة والخرطوم، مباحثات دبلوماسية وعسكرية متزامنة، حيث أجرت وزيرة خارجية السودان، مريم الصادق المهدي، زيارة للعاصمة المصرية، بموازاة اجتماع عقدته للجنة العسكرية المشتركة، برئاسة رئيسي أركان البلدين، في الخرطوم. وتشدد مصر على دعمها لجهود التنمية في إثيوبيا، كما أشار مصطفى مدبولي رئيس الوزراء المصري، خلال مؤتمر صحافي مع نظيره السوداني، أمس، لكنه أكد أن ثوابت بلاده «تركز على الحقوق التاريخية ومصالح الدولتين بما لا يضر بمصالح الأشقاء في إثيوبيا». وأضاف مدبولي «نبدي قلقنا من اعتزام إثيوبيا المضي قدما في الملء للعام الثاني لسد النهضة دون التنسيق مع مصر والسودان، ونحن حريصون كل الحرص على استكمال التنسيق والتعاون بيننا في هذا الملف المهم»، معربا عن أمله باستجابة إثيوبيا في هذه الفترة القادمة بما يحقق مصالح الثلاثة شعوب. وعبر حمدوك، عن توافق الرؤى المصرية والسودانية من حيث الرغبة في التوصل إلى تفاهم يسمح بأن «يحقق هذا السد طموحات ومصالح المنطقة وألا يحدث فيه ضرر لأي بلد من البلدان الثلاثة». وقال حمدوك «شهدنا في شهر يوليو من العام الماضي الملء الأحادي للسد، ونعرف أيضا أن هناك توجها من إثيوبيا أن يحدث الملء في يوليو القادم، وهذا يتيح وقتا قصيرا جدا للتعامل مع هذه المسألة... كلنا أمل في أن نستطيع في هذه الفترة القصيرة أن نحقق إمكانية أن يتم هذا الملء بطريقة متوافق عليها ونقدر أن نصل لاتفاق يسمح بذلك».
وفي غياب موقف واضح للإدارة الأميركية الجديدة، سعت الدبلوماسية المصرية على مدار الأيام الماضية، نحو الاتحاد الأوروبي، بهدف حثه على ممارسة دور أكبر في دفع إثيوبيا للاستجابة للمطالب المصرية والسودانية. وطالب وزير الخارجية سامح شكري، خلال اتصال أجراه مع الممثل الأعلى للشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، مساء أول من أمس، بـ«انخراط أوروبي»، مؤكداً أهمية الدور الذي قد يلعبه الاتحاد الأوروبي في أي مفاوضات مقبلة. وشدد شكري على أن إقدام إثيوبيا على ملء خزان السد بشكل أُحادي «ستكون له تداعيات سلبية على دولتي المصب». وخلال مباحثاتهما بباريس، أمس، أطلع شكري، نظيره الألماني هايكو ماس، على تطورات ملف سد النهضة، وطالب بدور للاتحاد الأوروبي في هذا الشأن وصولاً إلى حل تفاوضي للقضية. من جهة أخرى، تناولت محادثات حمدوك في القاهرة أمس، مجمل القضايا الإقليمية في منطقتي القرن الأفريقي، والعلاقات الثنائية بين الجانبين. وأكد السيسي دعم مصر المتواصل للسودان من خلال التعاون والتنسيق في جميع الملفات محل الاهتمام المتبادل.
وشهد اللقاء التباحث حول سبل دفع التعاون الثنائي، خاصة ما يتعلق بنقل التجربة المصرية في الإصلاح الاقتصادي إلى السودان وتدريـب الكوادر السودانية، بالإضافة إلى تنفيذ مشروعي الربط الكهربائي وربط السكك الحديدية، وتعزيز المناخ المواتي لإقامة المشروعات الاستثمارية المشتركة سواء الصناعية أو الزراعية، فضلاً عن دفع العلاقات التجارية والاقتصادية بالبلدين، إلى جانب تفعيل أنشطة اللجان الفنية المشتركة، وكذا تفعيل مذكرات التفاهم والبروتوكولات المُبرمة بين البلدين.



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.