مسؤول أميركي سابق: إدارة ترمب حاولت التواصل مع الحوثيين قبل تصنيفهم إرهابيين

شينكر: الجماعة تكذب ولا تحفظ عهودها والاتفاقيات

TT

مسؤول أميركي سابق: إدارة ترمب حاولت التواصل مع الحوثيين قبل تصنيفهم إرهابيين

كشف ديفيد شينكر مساعد وزير الخارجية السابق بومبيو لشؤون الشرق الأدنى، عن محاولة إدارة الرئيس ترمب السابقة الجلوس مباشرة والمناقشة مع الحوثيين عبر الوسيط العماني، بيد أن الجماعة اليمنية المسلحة رفضت هذا العرض في أواخر ديسمبر (كانون الأول) 2020 قبل أن يتم إدراجها في قائمة المنظمات الأجنبية الإرهابية قبل مغادرة الإدارة من السلطة في يناير (كانون الثاني) الماضي.
وقال شينكر في ندوة مرئية لـ«معهد واشنطن» مع روبرت ساتلوف أول من أمس، إن اليمن عانى العديد من المآسي والويلات بسبب الإيرانيين ودعمهم للحوثي الذي انقلب على الشرعية اليمنية، موضحاً أنه عمل جاهداً خلال فترة خدمته في وزارة الخارجية مع السعوديين دبلوماسيا في هذا الشأن، ودعم الحل السلمي وتقديم المساعدات لليمنيين من خلال اللقاءات المستمرة مع السفيرة السعودية لدى أميركا الأميرة ريما بنت بندر، والسفير السابق الأمير خالد بن سلمان، مفصحاً عن رفض الحوثيين الالتقاء معه عندما كان في عمان، «أرسل لي عبد الملك الحوثي رسالة عبر العمانيين بأنهم لا يرغبون بالتفاوض مع إدارة الرئيس ترمب، وكان هذا آخر مسعى في ديسمبر 2020 مع الجماعة قبل اتخاذ قرار التصنيف».
واتهم الحوثيين بالكذب وعدم الالتزام بالعهود والاتفاقيات، قائلاً: «عملت مع السعوديين على وقف إطلاق النار ودعم الجهود الدولية في هذا الشأن، لكن المشكلة لم تكن في السعوديين بل في الحوثيين، والسبب أولاً لأنهم كاذبون، ثانياً لا يحافظون على تعهداتهم والاتفاقيات معهم، ثالثاً ملتزمون فقط بآلة الحرب واستمرار المعاناة للشعب اليمني».
وفيما يخص إدراج الحوثيين على قائمة العقوبات، أفصح مساعد وزير الخارجية السابق، أن السبب الأقوى الذي دفع الإدارة السابقة إلى اتخاذ هذا الأمر، هو محاولة الحوثيين اغتيال الحكومة اليمنية التي تم تشكيلها مؤخراً في ديسمبر العام الماضي 2020، وكانت تلك الحادثة باستهداف مطار عدن هي الخطوة التي دفعت الحكومة الأميركية إلى عدم التهاون في تصنيف الجماعة كمنظمة إرهابية.
وأضاف «بداية تم الحديث مراراً مع المنظمات الدولية والإنسانية في هذا الأمر ومدى تأثيرها على عملهم، وناقشنا أيضاً مع وزارة العدل الأميركية تأثير هذا القرار، وهل سيعرقل من إيصال المساعدات أو التعامل مع الحوثيين، وشعرنا بعد ذلك أننا لا نريد حدوث ذلك، إلا أن محاولة استهداف الحكومة اليمنية في 30 ديسمبر 2020 بضرب مطار عدن، كانت الورقة الأخيرة التي حرقها الحوثي وحتّم علينا الأمر بتصنيفهم في قائمة الإرهاب، ربما يكون هناك مناقشات وجدال حول تأثير هذا القرار، ولكن بالمقابل العديد من المبررات التي وقفت مساندة لقرارنا وأخذناه في الاعتبار وهو الدعم المباشر من الحرس الثوري الإيراني للحوثيين، واستهداف المدنيين اليمنيين، والبنى التحتية المدنية السعودية وحقول النفط، واستهداف أعضاء الحكومة الشرعية اليمنية، وخطف المسؤولين والمدنيين، وتجنيد الأطفال، وقتل الأبرياء، جميعها كانت كافية وبزيادة لتصنيفهم جماعة إرهابية».
وأشار ديفيد شينكر إلى أن هذا القرار من الوزير بومبيو لم يكن أمراً لتعقيد المسألة أو تأزم الحالة اليمنية، بل كان نتيجة العديد من الانتهاكات والفرص التي أضاعتها الجماعة المسلحة على نفسها، مضيفاً: «لكل النّقاد الذين يقولون إن الحوثيين سيذهبون إلى إيران، أقول لهم إن الحوثيين في الأساس على وفاق مع إيران وفي أيدي الحرس الثوري، وأتمنى للمبعوث الأميركي تيم ليندركينغ التوفيق وأنا متفائل بعمله مع المبعوث الأممي مارتن غريفيث».
بدوره، اعتبر جوناثان شانزر نائب الرئيس في «مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات» البحثية، أن إجراءات إدارة بايدن لن تساعد في إنهاء الحرب في اليمن، لأن الولايات المتحدة ليس لديها تنازلات تقدمها للحوثيين، الذين لديهم الآن حافز أقل من ذي قبل لتقديم تنازلات.
وقال عبر مقابلة تلفزيونة: «ما فعلته إدارة بايدن هو أنها أزالت الخيار العسكري عن الطاولة بالنسبة للولايات المتحدة، حتى عن طريق الوكالة من خلال السعوديين، والسعوديون قبل الحوثيين، كما أزالت الولايات المتحدة الحوثيين من تصنيفهم كمنظمة إرهابية أجنبية، ورفعتهم من قائمة الإرهاب العالمي المصنفة خصيصاً، و«ما تبقى الآن هو الدبلوماسية».
ويرى أن الإدارة الحالية تأخذ منحى آخر عن دعم الإدارات السابقة للتحالف العربي الذي تقوده السعودية في حرب اليمن في عهد ترمب وباراك أوباما، والتي بدأت الحرب الأهلية في اليمن عام 2014 عندما استولى المتمردون الحوثيون على العاصمة صنعاء من الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، وبعد عام، قادت السعودية تحالفاً من الدول العربية السنية لدعم الحكومة اليمنية للإطاحة بالحوثيين، وهي ميليشيا تدعمها إيران ذات الأغلبية الشيعية.
وبين جوناثان أنه وفقاً للأمم المتحدة، تسببت الحرب بالفعل في وفاة ما يقدر بنحو 233 ألف شخص، بما في ذلك أكثر من 100 ألف حالة وفاة لأسباب غير مباشرة، مثل نقص الغذاء والخدمات الصحية والبنية التحتية.
وأشار إلى أن الحوثيين كثفوا ضرباتهم رغم أن المبعوث الأميركي الخاص إلى اليمن، تيموثي ليندركينغ، الذي دعاهم للتفاوض، لافتاً إلى أن استمرار العمليات العسكرية السعودية يمكن أن يكون «من أدوات النفوذ القليلة» التي يمكن أن تستخدمها الولايات المتحدة في المناقشات مع الحوثيين، ومع ذلك، فقد أقر بوجود نفور من التورط في الصراع. وقال: «يبدو... كما لو أن إدارة بايدن نفسها قد ربطت نفسها ببعضها البعض قليلاً».


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.