«بالنص»... عرض مسرحي افتراضي يدور بين الأرض والقمر

مشهد من مسرحية «بالنص» وتشارك فيها 18 امرأة سورية ولبنانية
مشهد من مسرحية «بالنص» وتشارك فيها 18 امرأة سورية ولبنانية
TT

«بالنص»... عرض مسرحي افتراضي يدور بين الأرض والقمر

مشهد من مسرحية «بالنص» وتشارك فيها 18 امرأة سورية ولبنانية
مشهد من مسرحية «بالنص» وتشارك فيها 18 امرأة سورية ولبنانية

حال الناس على اختلاف أطيافهم وجنسياتهم، وهم عالقون أمام قرارات مصيرية يفكرون في اتخاذها في ظل أزمات متراكمة، تترجمها مسرحية «بالنص». ينظم هذا العمل المسرحي الافتراضي مؤسسة «سيناريو» المتخصصة في الفنون التشاركية والتعليمية في المجتمعات المهمشة. ويأتي العمل من ضمن عدة نشاطات تثقيفية تندرج على برنامجها السنوي. ويشارك في المسرحية 18 امرأة سورية ولبنانية تم تدريبهن وتمرينهن «أونلاين» بالتعاون مع منظمة «نساء الآن» في البقاع. وفي مناسبة أسبوع المرأة العالمي قررت «سيناريو» تقديم عرض أولي (بريميير) افتراضي للمسرحية ومدته نحو 40 دقيقة (الخميس 11 الحالي). وتكون مشاهدته مجانية ومتاحة أمام الجميع عبر صفحة «فيسبوك» الخاصة بالمنظمة.
وتحكي المسرحية عن مجموعة نساء قررن السفر إلى القمر سعياً وراء حياة مستقرة غير مؤمنة لهن على الأرض. ولكن خلال الرحلة يحصل ظرف طارئ على الطائرة، مما يضطرهن للبقاء على كوكب آخر، يقع بين الأرض والقمر في انتظار الفرج. فتبدأ رحلتهن مع مراجعة لحسابات، تخولهن إما البقاء في الفضاء أو العودة إلى الأرض. وتقول فيكتوريا ليبتون إحدى المسؤولات في «سيناريو»: «فكرة المسرحية تعود إلى النساء أنفسهن فهن اللاتي كتبن النص وأعددنه، بحيث يحمل هواجسهن وأحلامهن على السواء. أما إخراج العمل فوقعته سارة عطا الله التي وضعت النسوة في بوتقة فنية واحدة، تبرز مدى تفاعلهن مع موضوع العمل، في أسلوب تلقائي تلونه لوحات راقصة وغنائية تعبيرية».
ويعرّج العمل على مشكلات تعاني منها النساء النازحات كما اللبنانيات المقيمات. فهنّ يحملن معهن في هذه الرحلة أغراضاً وأشياء تذكرهن بالأرض، ولكنهن يأملن أن يجدن لها حلولاً جذرية على سطح القمر. فكما جواز السفر والدولار وفواتير الكهرباء والماء، كذلك يأخذن بعضاً من معاناتهن في مجتمعاتهن، كالعنصرية ومشكلة اللجوء والنزوح وغيرها.
وتشرح ليبتون في سياق حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «المسرحية مضحكة مبكية تسخّر مشكلات عديدة في خدمة المسرح الهادف. وفيها من المر والحلو ما ينقل واقع حياة نعيشه جميعنا ولا يقتصر فقط على هؤلاء النسوة».
العرض المسجل على طريقة فيديو تتاح مشاهدته للعرب المنتشرين في مختلف دول العالم، كما للأجانب المهتمين في الاطلاع على هذا النوع من المسرحيات. فقد خصصت «سيناريو» لهؤلاء ترجمة مكتوبة بالإنجليزية ترافق نسخته العربية.
ويلاحظ مشاهد مسرحية «بالنص» تقنية رفيعة المستوى اتبعتها سارة عطا الله في عملية الإخراج، لينطبع بأجواء تخرج مشاهدها من الواقع. وتقول سارة عطا الله في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «لم أجد صعوبات تذكر في التعامل مع النساء الـ18 المشاركات. ففي هذا النوع من الأعمال على الخشبة والخاص بمجموعات تأتين من بيئة واحدة، يكون العمل سهلاً إلى حدٍ كبير، كون التناغم بين المشاركين فيه يكون بديهياً». وتتابع: «كنت عندما أطلب منهن أن يتوزعن على مجموعات صغيرة، يؤلّفن خلطات من لبنانيات وسوريات بصورة تلقائية، تبرز مدى التفاهم السائد بينهن. أما الصعوبة الوحيدة التي واجهتني فهي تكمن في كيفية صهرهن مع أجواء المسرح، خاصة أنهن لا تجارب سابقة لهن على الخشبة. لكن هذا هو ما سهل، تقيدهن بالتعليمات والحركات، التي أمليها عليهن، من دون إجراء أي تغيير أو ارتجال».


مقالات ذات صلة

يوميات الشرق لقطة من البرومو الترويجي لمسرحية «على وضع الطيران» (صفحة الهيئة العامة للترفيه على «فيسبوك»)

أحمد سعد والي: ثنائية شيكو وماجد وراء نجاح «على وضع الطيران»

بعد التفاعل الكبير الذي حققته مسرحية «على وضع الطيران» في موسمها الأول العام الماضي في السعودية، تُعرض المسرحية مجدداً خلال الفترة الراهنة في جدة.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق الفنانة المصرية أمينة رزق (صورة أرشيفية)

فنانون يتحدثون عن الوجه الآخر لأمينة رزق خلف الكواليس

هناك وجه آخر للفنانة الراحلة أمينة رزق تحدث عنه فنانون مصريون عملوا معها واقتربوا منها في كواليس الأعمال الفنية.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق مشهد «النهم» الصامت يرفع شأن العرض لتألُّق قدرته التعبيرية (الشرق الأوسط)

«الخطايا السبع المميتة» تُجسِّد إنسان الحروب على مسرح بيروتي

في سجن المقارنة والثقة المهزوزة... يطول «الجلوس في الصفر»، ويصبح الوطن البديل عن أوطان لا تُنجب سوى بؤساء.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق أطلقت علامة تجارية لتصميم الأزياء خاصة بها (صور باتريسيا داغر)

باتريسيا داغر لـ«الشرق الأوسط»: أرفضُ كوميديا لا تفي موضوعاتها بالمستوى

بالنسبة إلى الممثلة اللبنانية باتريسيا داغر، الأفضل أن تجتهد وتحفر في الصخر على أن تزحف وتقرع الأبواب من دون جدوى.

فيفيان حداد (بيروت)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».