كيري: التحالف الدولي يضغط على «داعش».. خسروا ألف مقاتل واعترفوا بهزيمتهم

الاتحاد الأوروبي يدعو إلى اجتماع فوري للجنة الرباعية في مؤتمر ميونيخ للأمن

وزير الخارجية الأميركي جون كيري أثناء مشاركته في مؤتمر الأمن العالمي في ميونيخ بالجنوب الألماني (أ ف ب)
وزير الخارجية الأميركي جون كيري أثناء مشاركته في مؤتمر الأمن العالمي في ميونيخ بالجنوب الألماني (أ ف ب)
TT

كيري: التحالف الدولي يضغط على «داعش».. خسروا ألف مقاتل واعترفوا بهزيمتهم

وزير الخارجية الأميركي جون كيري أثناء مشاركته في مؤتمر الأمن العالمي في ميونيخ بالجنوب الألماني (أ ف ب)
وزير الخارجية الأميركي جون كيري أثناء مشاركته في مؤتمر الأمن العالمي في ميونيخ بالجنوب الألماني (أ ف ب)

أكد وزير الخارجية الأميركي جون كيري أن التحالف الدولي الذي يقاتل ضد تنظيم «داعش» في العراق وسوريا بدأ يستعيد المناطق التي يسيطر عليها، ويحرمه من مصادر التمويل الرئيسية، منددا بـ«المستوى الجديد من انحطاط (التنظيم)».
وأعلن كيري أمام مؤتمر الأمن العالمي في ميونيخ أن المعركة ستكون طويلة، مؤكدا وجود مؤشرات على نجاح الاستراتيجية وصرح كيري في المؤتمر أنه منذ أغسطس (آب) شن التحالف 2000 غارة جوية، وقال إن «ذلك ساعد على استعادة 5 مساحة المنطقة التي كانت تحت سيطرتهم». ولم يحدد كيري ما إذا كانت تلك الأراضي المستعادة في العراق أم في سوريا، إلا أنه أضاف أن التحالف «حرم المتطرفين من استخدام 200 من مرافق النفط والغاز.. وعرقل تراتبيتهم القيادية.. وضغط على مواردهم المالية وشتت عناصرهم». مؤكدا: «نحن نرغمهم على تغيير أساليبهم»، مشيرا إلى هزيمة التنظيم في مدينة عين العرب (كوباني) السورية.
وأضاف: «معا تمكنا من إخراج داعش... لقد توقعوا أن يحققوا نصرا سهلا، والإعلام كان يتوقع نصرا سهلا.. وبدلا من ذلك، وبعد معركة مكلفة، خسروا فيها نحو ألف من مقاتليهم، أجبروا على الاعتراف علنا بهزيمتهم».
وعقب قتل التنظيم المتطرف للطيار الأردني معاذ الكساسبة حرقا، كثف التحالف عملياته. وفي هذا السياق وصف كيري قتل الكساسبة بهذه الطريقة بأنه «مستوى جديد من الانحطاط».
وفي إشارة كذلك إلى المذبحة التي ارتكبها مسلحون في مدرسة للأطفال في بيشاور في باكستان في ديسمبر (كانون الأول)، قال كيري: «لا يوجد أي سبب تاريخي أو آيديولوجي أو نفسي أو سياسي أو اقتصادي أو طموح شخصي يبرر قتل الأطفال وخطف واغتصاب الفتيات أو قتل المدنيين العزل». وأضاف: «هذه الفظاعات لا يمكن أن يكون لها ما يبررها. ولا يمكن إيجاد عذر لها. يجب أن نعارضها بكل ذرة من كياننا، ويجب وقفها».
وبين كيري أنه من الساحل في غرب أفريقيا إلى بوكو حرام في نيجيريا والمسلحين في العراق وسوريا، فإنه «ضد هذا العدو، فلا شك أننا نقاتل بكفاءة. لا يمكن للعالم أن يشعر بالجبن في وجه هذا التطرف».
في غضون ذلك، قالت مفوضة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغيريني، إنها دعت إلى عقد اجتماع فوري للجنة الرباعية حول الشرق الأوسط في مدينة ميونيخ الألمانية، في محاولة لإحياء عملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين.
جاء ذلك عقب آخر اجتماع لممثلي الرباعية الدولية في بروكسل قبل أقل من أسبوعين، وخلاله «جرى بحث دعم استئناف مفاوضات ذات معنى تؤدي إلى اتفاق شامل، وعلى أساس حل الدولتين».
وخلال تصريحات، أمس (الأحد)، أضافت مفوضة الاتحاد الأوروبي أن جون كيري، ووزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، ونائب الأمين العام للأمم المتحدة جان إلياسون، ومفوضة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي الأعضاء في اللجنة الرباعية الذين يشاركون في مؤتمر ميونيخ للأمن من المتوقع أن يشاركوا في هذا الاجتماع.
وأوضحت «نحتاج إلى إعادة النظر بشكل جماعي بخصوص مقاربتنا للصراع. ستستعد اللجنة الرباعية لاستئناف عملية السلام، بما في ذلك الانفتاح الدوري والمباشر على الدول العربية». وكانت اللجنة الرباعية دعت في عام 2012 إلى التوصل إلى اتفاق سلام فلسطيني إسرائيلي، لكن المفاوضات توقفت بين الطرفين.
وأشار مقترح الرباعية آنذاك إلى خطة خارطة الطريق التي تدعو إلى تجميد أعمال البناء في المستوطنات، وتحض الطرفين على «الامتناع عن القيام بأعمال استفزازية»، لكن دعوة الرباعية لم تتضمن أي طلب صريح لإسرائيل بوقف البناء في المستوطنات قبل العودة إلى التفاوض، وهو ما تطالب به منظمة التحرير، الأمر الذي أدى إلى توقف المفاوضات.
يأتي ذلك بعد أكثر من أسبوعين من اجتماع للرباعية في بروكسل، وقال بيان صدر وقتها: «اتفقنا على أهمية عقد اجتماع للرباعية في أقرب وقت ممكن»، حسب بيان مقتضب صدر عقب الاجتماعات التي انعقدت في بروكسل لممثلي اللجنة الرباعية الدولية، التي ترعى عملية السلام في الشرق الأوسط، وهي الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وروسيا والأمم المتحدة.
وخلال الاجتماع الذي رعته منسقة السياسة الخارجية وحضرت انطلاقه، جرى استعراض الآفاق السياسية في المنطقة، وكيفية إحياء عملية السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وحسب البيان «جرى بحث دعم استئناف مفاوضات ذات معنى تؤدي إلى اتفاق شامل، وعلى أساس حل الدولتين».
وشددت الرباعية على أهمية إشراك الأطراف العربية بفاعلية في الجهود الدولية الرامية لاستئناف العملية التفاوضية لحل الصراع بين الإسرائيليين والفلسطينيين، كما بحثت الاجتماعات الضرورة الملحة لتحسين الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة، وجاء في البيان: «جرى بحث إمكانية العمل على تشجيع الأطراف الدولية المانحة على الوفاء بتعهدات صدرت في مؤتمر القاهرة لإعادة إعمار القطاع في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي».
من ناحيته، قال الرئيس الأفغاني أشرف عبد الغني إنه يجب أن يكون مفهوما أن التمويل يعالج معظم الصراعات التي يعاني منها العالم. وأضاف أمام مؤتمر ميونيخ الأمني الـ51، أمس، أن «السؤال الرئيسي هو مَن يمول الصراع، ومن يستفيد منها. الجزء الاستطرادي مهم أيضا. لكن دون فهم الجذور العميقة للتمويل. قيمة اقتصاد الجرائم العالمي تُقدر بنحو 7.‏1 مليون سنويا».
وأوضح أنه: «يجب ألا نسكت. الصمت لم يعد خيارا أمام الوحشية التي قُتل بها الجندي الأردني أو الرهينة الياباني أو آخرون».
إلى ذلك، دعت الولايات المتحدة جميع الأطراف في النزاع الأوكراني، أمس، إلى الامتناع عن القيام بأي خطوات من شأنها تقويض جهود السلام الحالية معربة عن قلقها حيال تجدد «القتال العنيف» في أوكرانيا. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية جين بساكي التي ترافق وزير الخارجية جون كيري في زيارته إلى ألمانيا: «ندعو جميع الأطراف إلى الامتناع عن القيام بأي تصرفات يمكن أن تقوض الجهود الدبلوماسية الحالية».
وأضافت: «نواصل دعم الجهود الدبلوماسية الحالية التي يبذلها الأوروبيون، ولا نزال متمسكين بموقفنا بأن أي اتفاق يجب أن يحترم سيادة ووحدة أراضي أوكرانيا».
وفي وقت سابق، أمس، أعلنت المستشارة الألمانية في بيان أن قمة بين روسيا وفرنسا وأوكرانيا وألمانيا قد تعقد في مينسك، بعد غد (الأربعاء)، بهدف التوصل إلى حل للأزمة في أوكرانيا، وذلك في ختام مؤتمر عبر الهاتف بين الدول الأربع، أمس.
وتابعت بساكي: «الوزير كيري سيبقى مشاركا بصورة كبيرة كما كان خلال الأيام القليلة الماضية في أوكرانيا وميونيخ، مع استمرار المحادثات»، في إشارة إلى زيارات كيري إلى كييف ومشاركته في مؤتمر الأمن في ميونيخ بألمانيا.
وأكدت أن واشنطن لا تزال «تشعر بالقلق حول القتال العنيف في ديبالتسيف وماريوبول، وحول الأنباء بشأن دخول قوافل روسية جديدة إلى شرق أوكرانيا».
وفي الإطار نفسه، شدد السيناتور الأميركي البارز جون ماكين على مطلبه بتوريد أسلحة إلى أوكرانيا، وقال، أمس، أثناء انعقاد مؤتمر ميونيخ للأمن: «بوتين لا يرغب في الحل الدبلوماسي. إنه يسعى للهيمنة على أوكرانيا والدول الأخرى المجاورة لها».
وأشار السياسي الأميركي إلى أن الرئيس الروسي ربما يقوم بين الحين والآخر ببعض التنازلات التكتيكية، ولكن فقط من أجل القيام بأعمال عدوانية أخرى فيما بعد، وقال ماكين إن توريدات الأسلحة لا تهدف لكسب الحرب، ولكنها تهدف لزيادة التكاليف على عاتق بوتين.
على صعيد آخر، صرح وزير الخارجية الألماني فرانك - فالتر شتاينماير بأن روسيا لا تزال بحاجة لفعل المزيد لتحديد ما هي «المخاوف الأمنية المشتركة مع أوروبا».
وقال أمام مؤتمر ميونيخ للأمن: «لا يمكن تحقيق أمن أوروبي مستدام ضد روسيا، وإنما فقط مع روسيا». وأضاف: «لم تقم موسكو بفعل شيء يُذكر في هذا الاتجاه حتى الآن، وكلمة زميلي سيرجي لافروف (في ميونيخ) لم تسهم أيضا في هذا الشأن».
من جهته، أعرب فولفغانغ إيشينجر رئيس مؤتمر ميونيخ الدولي للأمن عن اعتقاده بوجود «بصيص صغير من الأمل، في الأزمة الأوكرانية».
في الوقت نفسه، قال إيشينجر أمس: «فإذا كان من المنتظر عقد قمة، في مينسك، فإن هذا يعد خطوة للأمام».
وذكر إيشينجر أن نتيجة مؤتمر ميونيخ ستكون محبطة للآمال، وذلك في ظل كثرة الأزمات العالمية التي لم يتم حلها»، لكنه وصف المؤتمر بأنه واحد من أكثر المؤتمرات المكثفة والمثيرة للاهتمام، غير أنه انتهى ببضعة أخبار سارة، والكثير جدا من الأخبار السيئة.
وأفاد إيشينجر بأن المؤتمر الذي انتهى أمس شارك فيه أكثر من 500 سياسي وخبير من كل أنحاء العالم.
وقد عقدت نحو 750 جلسة على هامش المؤتمر منها جلسات ثنائية وثلاثية ومتعددة.
في السياق ذاته، اعتبر وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس أمس أنه «لا أحد يريد الوقوع في فخ الحرب في أوكرانيا»، محذرا من «التنازلات، التي تقدمها البلدان الغربية لموسكو أو كييف اللتين تخوضان غمار المفاوضات».
وقال فابيوس في المؤتمر حول الأمن في ميونيخ: «لا يريد أحد الوقوع في فخ حرب شاملة ولا مصلحة لأحد فيها. لقد حان الوقت للقيام بخيارات».
وذكّر «بأننا نقوم في هذا الوقت بكل ما في وسعنا لإيجاد حل»، ملمحا بذلك إلى المبادرة الفرنسية -
وأضاف أن «ما تريد ألمانيا وفرنسا التوصل إليه في أوكرانيا، ليس السلام على الورق، بل السلام الفعلي».
وأوضح فابيوس: «لا يمكن أن نسمح لأنفسنا بأن ننقسم»، بينما يعارض الأوروبيون بشدة تزويد أوكرانيا بأسلحة فتاكة، وتتم في الوقت الراهن مناقشة هذا الخيار في الولايات المتحدة، وفي حين يحقق المتمردون الموالون لروسيا مكاسب ميدانية منذ استئناف المعارك، مطلع السنة الحالية.
وأقر بأن «الوضع صعب»، ووصف من جهة روسيا «التي تمتلك قدرات عسكرية هائلة»، بأنها «زعيم أوحد لا يتصرف حسب القواعد الديمقراطية»، ومن جهة ثانية، فإن هناك «مجموعة من مختلف البلدان لا ترى، عن حق، في استخدام الوسائل العسكرية خيارها المفضل»، وتدافع عن «بعض المبادئ الأساسية، مثل الشفافية.. وسيادة القانون».
وأوجز فابيوس سريعا المطالب الأساسية لكييف وموسكو في المفاوضات، من دون أن يدخل في التفاصيل.
وقال إن أوكرانيا تريد «خصوصا سيطرة حقيقية على الحدود والبقاء سيدة مصيرها». وأضاف: «بالنسبة إلى روسيا، يبدو أن الهدف المعلن هو أن تتأمن للناس في شرق أوكرانيا الضمانة للاعتراف بخصوصياتهم، وخصوصا اللامركزية والحكم الذاتي الحقيقي».
وأعلن فابيوس أمس أن العمليات الأولى لتسليم الأسلحة الفرنسية إلى لبنان في إطار هبة سعودية بقيمة 3 مليارات دولار، ستبدأ في أبريل (نيسان)، كما أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية.
وأكد فابيوس، خلال لقاء مع رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام على هامش المؤتمر حول الأمن في ميونيخ، أن «عمليات تسليم الأسلحة ستبدأ في أبريل». وستمتد عمليات تسليم الأسلحة التي مولتها السعودية على 3 سنوات، وتتيح للجيش اللبناني تحديث ترسانته.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.