«الشرق الأوسط» في مهرجان برلين الدولي (4): هرتزوغ: الجميع يعلم أن في الإسلام سموًّا لكن القلة مصابة بـ«الإسلاموفوبيا»

لا يتنازل عما يراه صحيحا في أفلامه مقابل استرداد التكلفة

لقطة من «ملكة الصحراء»
لقطة من «ملكة الصحراء»
TT

«الشرق الأوسط» في مهرجان برلين الدولي (4): هرتزوغ: الجميع يعلم أن في الإسلام سموًّا لكن القلة مصابة بـ«الإسلاموفوبيا»

لقطة من «ملكة الصحراء»
لقطة من «ملكة الصحراء»

فرنر هرتزوغ ليس مخرجا من السهل الوصول إليه في مقابلة منفردة. هناك بدائل تطرح عليك، منها الاكتفاء بالمؤتمر الصحافي، أو إجراء مقابلة جماعية. عليك أن تصر وأن تنتظر، وربما نجحت في إصرارك أو فشلت.
لكن هذا ليس هو كل ما هو صعب في شخصيته. إنه من المراس والصمود في حرفته، بحيث ينجز غالبا ما يريده هو من السينما وليس ما تريده منه. إذا ما قرر مثلا أن يغيب عن قارعة الأفلام الروائية فعل ذلك وإن تكاثرت حوله العروض.
إذا ما رغب في إنجاز فيلم ما له على النحو الذي يراه هو صحيحا فلن يستطيع أي مدير شركة توزيع أو تمويل إغراءه ببعض التنازلات لقاء التأكد من أن الفيلم سيستطيع استرداد كلفته. أحد منتجي فيلم «ملكة الصحراء» قال لي «ما نفعله هو أن نتركه وشأنه، وأن نقبل كل ما ينجزه من دون مناقشة. إنه فنان كبير ونحترم ذلك فيه».
أفلام ترغب في صدام
«ملكة الصحراء» هو أول فيلم روائي له منذ 2009 عندما أخرج عملا اختلفت عليه الآراء بعنوان «ابني.. ابني ماذا فعلت؟»، وكان ذلك في العام ذاته الذي شهد قيامه بإخراج فيلم آخر تم الاختلاف حوله هو «الضابط السيئ». بعدهما عاد إلى السينما التسجيلية التي كان تطرّق إليها في سنوات سابقة وأنجز ثلاثة أفلام للتسويق التجاري، وفيلمين على الفيديو، بينما كان منشغلا بكتابة سيناريو فيلم «ملكة الصحراء».
انطلق اسمه في مطلع السبعينات. وُلد في عام 1942، وصوّر فيلمه الأول بعد عشرين سنة، كالأفلام الخمسة اللاحقة، قصيرا. سنة 1970 حقق أول فيلم روائي طويل بعنوان «حتى الأقزام تولد صغيرة». الفترة ذاتها شهدت بروز جيل جديد من السينمائيين الألمان بينهم فولكر شلندروف، رينر فرنر فاسبيندر، وفيم فندرز. توفى فاسبيندر (هناك فيلم جديد عنه معروض خارج المسابقة)، وشلندروف وفندرز ما زالا، مثل هرتزوغ، نشيطين إلى اليوم.
الحقبة الأولى من أعمال هرتزوغ كانت تتميّز بأعمال ترغب في الصدام مع كل شيء: مع ممثليها، مع مواضيعها، مع الطبيعة، ومع جمهورها، ثم مع نفسه. ذات مرة حين صرّح للصحافة بأنه سيصنع فيلما أراد تحقيقه وإلا سيأكل حذاءه، ولم يستطع، دعا إلى مؤتمر صحافي في مهرجان كان و.. أكل حذاءه فعلا.
لكن أفلامه كانت دائما مثيرة للاهتمام، وغالبا ما تضمن للمشاهد قدرا ومستويا عاليين من الجودة. قد تثيره سلبا في بعض طروحاتها، لكنها كانت تصيب أيضا في رغبتها لفت النظر إلى الداخل في الأنفس الذي يترك الأثر السلبي على الخارج من الممارسات. هذا حال «أغير.. غضب الله» (1972) «وويجيك» (1979) ولاحقا «فتزجيرالدو» (1982) و«ثعبان أخضر» (1987). لكن هرتزوغ أصبح أكثر طراوة في أعماله خلال السنوات العشر الأخيرة إلى درجة أنه حقق فيلما رومانسيا، ولو على نحو منه، في «ملكة الصحراء».
* مساحات حرّة
ضمن الدقائق المحدودة، كان لا بد من طرح الأسئلة سريعا والأمل في أن تكون الإجابات مختصرة حتى يمكن إلقاء أسئلة أخرى:
* ما سبب اهتمامك بحياة غرترود بيل؟
- لم أخطط لتحقيق هذا الفيلم. لم أجلس لأكتب خطّة أو أضع روزنامة عمل تتضمن فيلمي المقبل. جاءتني الفكرة بعد قراءة مذكرات غرترود بيل، وتحدثت مع المنتجين، وسار الفيلم بعد ذلك في سياقه العادي الذي يسير فيه كل فيلم.
* لكنه فيلمك الروائي الأول منذ ست سنوات..
- هذا ليس صحيحا. في السنوات العشر الأخيرة حققت أكثر من فيلم روائي إذا كان التقسيم بين التسجيلي وبين الروائي يهمّك. لقد سمعت السؤال نفسه من زملاء لك وأريد أن أصحح هذه الصورة. العمل عندي لا ينقسم بين الروائي وبين التسجيلي، ولا أكاد أهدأ مطلقا. هناك أعمال أخرى أمارسها في نطاق العمل السينمائي لا تسجل لي.
* مثل التمثيل الصوتي في بعض حلقات «ذا سيمسونز»؟
- تعلم؟
* قرأت مقابلة معك ذكرت فيها هذا الأمر..
- حسنا.. هذا يؤكد ما أقوله. هناك الكثير مما أقوم به حتى غير الكتابة والإخراج.
* أعتقد أن نيكول كيدمان كانت جيّدة في دور «ملكة الصحراء».. هل واجهتك صعوبة في العمل معها؟
- لا.. على الإطلاق. كانت علاقتنا ودّية جدا بل على العكس. بعد انتهاء العمل فكّرت أن علينا أن نعمل معا في المستقبل. لا تبني آمالا. هذا يعتمد على السيناريو الصحيح والوقت المناسب. لكن هنا في برلين، أود أن أقول، تردد أنني لم أصنع فيلما من بطولة امرأة من قبل. هذا صحيح بعض الشيء. معظم أفلامي من بطولات رجالية، وهذا ما جعلني أفكر في أنني أريد أن أحقق المزيد من الأفلام التي تتولاها المرأة.
* بدأت سؤالا لكنه قاطعه:
- أريد أن أضيف أن كيدمان منحت الفيلم أداء ليس فقط جديدا عليها بل ومناسبا جدا للفيلم. هذه نقطة مهمة. بعض الممثلين جيدون لكنهم ليسوا مناسبين للفيلم الذي يقومون بتمثيله.
* قيل إنها أكبر سنا من الشخصية الحقيقية..
- فليكن.. لكنها ليست عجوزا أو مختلفة جدا عن الشخصية. هناك مساحات حرّة يستطيع المخرج فيها الحركة إذا ما وجد أن ممثله مناسب لما يريد القيام به. كذلك إذا لم يكن هناك تجانس بين الممثلين تجد أنك صوّرت مشاهد لا روح فيها. وهذا التجانس كان موجودا بينها وبين جيمس فرانكو مثلا أو بينها وبين الآخرين جميعا.
* ما هو الفيلم الآخر الذي أسندت بطولته إلى امرأة؟
- لم يكن روائيا لكنه كان عن تحطم طائرة وقع بالفعل، وكانت هي الناجية الوحيدة بين 96 راكبا، وتناول كيف استطاعت البقاء حيّة وسط غابة معزولة.
> تقصد «أجنحة الأمل»؟
- نعم.. هل شاهدته؟
* للأسف لا.
- على أي حال ما هو صحيح أنني لم أحقق فيلما روائيا من بطولة امرأة. هذا يجعلني متحفزا لتصوير فيلمي المقبل من بطولة امرأة أيضا. لا أنوي الحديث عنه الآن، لكنه قد يكون فيلمي المقبل فعلا.
في الإسلام كبرياء
* الأمكنة مهمة عندك، سيد هرتزوغ.. إنها الكهوف الأثرية في «كهف الأحلام المنسية» والجبال الوعرة في «فتزجيرالدو» أو الغابات أو، كما الحال هنا، الصحراء في «ملكة الصحراء». ما الذي يجذبك إلى هذه الأماكن؟
- كل بيئة طبيعية هي روح خاصة. الصحراء لها تلك الروح. لقد صوّرت كثيرا في الطبيعة الأوروبية وفي الغابات الآسيوية أو سواهما. لكن الصحراء تكلّمت معي على نحو خاص. هناك شيء لا يمكن وصفه عندما تكون وسط الصحراء محاطا بالرمال.
* هل ارتبطت الصحراء باحترامك لتقاليد البدو الذين يعيشون فيها؟
- قبل يومين خلال العرض الجماهيري وقف مشاهد أهبل وصرخ «أنت متعاطف مع الإسلام» ثم خرج. لم يأبه به أحد. الكل يعلم أن في الإسلام كبرياء وسموا، لكن القلّة هي المصابة بالإسلاموفوبيا. وهي قلّة تعول على ما يقوم به بعض المسلمين المتطرّفين. أنا لا أتبع هذا الشأن. لا أكن للمصابين بهذا الداء أي تقدير.
* الفيلم يصل في الوقت الصحيح لتقديم صورة مغايرة..
- بالتأكيد ولو أنني لم أخطط لذلك.
* هل تعتبر أن هذا الفيلم تجاري بلغة الصناعة؟
- آمل أن ينجح تجاريا بالطبع ويبدو أنه سيفعل. بيعه تم يوم أمس لأميركا الشمالية. أنا مخرج أفهم في السوق وفي التجارة وليس من مصلحتي أن أجعل الممول يخسر ماله المدفون في عملي. علي أن أعيره هذا القدر من التقدير.
* هل تجد هذا القول منتشرا بين العديد من المخرجين الآخرين؟
- أعتقد، لكني لا أعلم. أعتقد أن الكثيرين يفعلون ذلك. لكن هناك فارقا مهما. البعض يتنازل لأجل أن يضمن للمنتج أرباحا. القليلون هم الذين لا يتنازلون، لكنهم يوظّفون الأفلام توظيفا صحيحا للوصول إلى هذه الغاية.



الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.