الاعتداءات الإرهابية على مرافق النفط السعودية تهدد جهود استقرار أسواق الطاقة

أكد مختصون لـ«الشرق الأوسط» أن استمرار الاعتداءات الإرهابية على مرافق النفط في المملكة سينعكس سلباً على الاقتصادات العالمية التي تعاني في الفترة الراهنة من تداعيات فيروس كورونا المستجد، كما سيبدد الجهود الدولية لتعزيز استقرار أسواق الطاقة، متوقعين مواصلة ارتفاع أسعار النفط في الفترة المقبلة إذا لم يقف العالم أمام المحاولات الإرهابية والتصدي للعمليات التخريبية، بشكل قد يؤدي إلى نتائج عكسية على الاقتصاد الدولي قريباً.
وكانت السعودية خلال سبتمبر (أيلول) من العام 2019 شهدت اعتداءات إرهابية في معامل خريص وبقيق، نتج عنها حرائق تمت السيطرة عليها، لتستهدف أول من أمس إحدى ساحات الخزانات النفطية في ميناء رأس تنورة بالمنطقة الشرقية، وتتسبب في رفع أسعار النفط فوراً لتصل فوق 71 دولاراً للبرميل.
وقال كبير مستشاري وزير الطاقة سابقاً، الدكتور محمد الصبان لـ«الشرق الأوسط»، إن تأثر أسواق الطاقة العالمي نتيجة لاستهداف منشآت رأس تنورة كبير جداً، ويلاحظ انعكاسه على الأسعار مباشرة، لتقفز إلى 71 دولاراً للبرميل، مؤكداً أن استمرار هذه الهجمات الغاشمة على مرافق نفطية سعودية دون ردع قد يصل بالأسعار إلى مستويات أعلى نتيجة نقص محتمل في المعروض العالمي وسخونة العوامل الجيوسياسية.
وبيّن الدكتور الصبان، أن إحدى الطائرات المسيرة التي استهدفت رأس تنورة جاءت من البحر، وقد يكون مصدرها إيران مباشرة، على حد تعبيره، مؤكداً أن هذه السلوك الإرهابي في المنطقة لا بد من ردعه ضماناً لأمن الطاقة العالمي لكي تصل الإمدادات بشكل سلس في مختلف أنحاء العالم.
ووفقاً للصبان: «النقص في الإمدادات يؤثر على الأسعار، وينعكس على الاقتصادات العالمية التي تشهد تباطؤاً نتيجة لجائحة كورونا المستجد، وبالتالي نقص الإمدادات وارتفاع الأسعار سيؤثر على التضخم العالمي ومعدلات النمو الاقتصادي»، مبيناً أن ذلك حتماً سيؤدي إلى عدم التعافي من الركود الدولي، كما أن أمن الطاقة سيتأثر بشكل كبير الفترة المقبلة، ولذلك ستتحرك جميع الدول للبحث عن حلول جدية لإيقاف كامل لمثل هذه الهجمات الوحشية.
من جانبها، ذكرت الباحثة والكاتبة في شؤون الطاقة والمناخ إيمان عبد الله لـ«الشرق الأوسط»، أنه مع الهجوم الأخير على البنى التحتية لمرافق النفط السعودية في ميناء رأس تنورة، الذي يُعد من أكبر موانئ شحن النفط في العالم، يبرز الحديث عن العواقب والتداعيات التي تترتب على «أمن إمدادات الطاقة» للعالم، لذلك من منطلق مكانة المملكة العالمية كمصدر لإمدادات الطاقة الموثوقة يجب أن يلقى هذا العمل اهتماماً دولياً لتبعات هذا الهجوم على أمن الاقتصاد العالمي.
وشددت عبد الله على ضرورة اتخاذ إجراءات دولية صارمة للحفاظ على سلامة نقل إمدادات النفط عبر الممرات المائية الاستراتيجية أو مياه الملاحة البحرية الاستراتيجية في الخليج العربي، مؤكدة أن الانقطاع والشح في إمداد الطاقة يهدد أمن وسلامة الاقتصاد العالمي.
وكان مصدر مسؤول في وزارة الطاقة، أوضح أمس أن إحدى ساحات الخزانات النفطية في ميناء رأس تنورة، الذي يُعد من أكبر موانئ شحن النفط في العالم، قد تعرضت صباح الأحد الماضي لهجوم بطائرة مسيرة دون طيار، قادمة من جهة البحر، موضحاً أنه لم تنتج عن محاولة الاستهداف أي إصابات أو خسائر في الأرواح أو الممتلكات.
وأشار المصدر إلى محاولة متعمدة أخرى للاعتداء على مرافق شركة أرامكو السعودية؛ حيث سقطت مساء ذات اليوم شظايا صاروخ باليستي بالقرب من الحي السكني التابع لشركة أرامكو السعودية في مدينة الظهران، الذي يسكنه آلاف من موظفي الشركة وعائلاتهم من جنسيات مختلفة، مبيناً المصدر أنه لم تنجم عن هذا الاعتداء أي إصابات أو خسائر في الأرواح أو الممتلكات.
وأشار المصدر إلى أن المملكة تؤكّد أن هذه الاعتداءات التخريبية تُعد انتهاكاً سافراً لجميع القوانين والأعراف الدولية، وأنها بقدر استهدافها الغادر والجبان للسعودية تستهدف بدرجة أكبر الاقتصاد العالمي، وأن البلاد تدعو دول العالم ومنظماته للوقوف ضد هذه الأعمال الموجهة ضد الأعيان المدنية والمنشآت الحيوية، والتي تستهدف أمن واستقرار إمدادات الطاقة في العالم، بسبب تأثير هذه الأعمال على أمن الصادرات النفطية، وحرية التجارة العالمية، وحركة الملاحة البحرية، فضلاً عن تعريض السواحل والمياه الإقليمية لكوارث بيئية كبرى، يمكن أن تنجم عن تسرّب المنتجات النفطية.
من جانب آخر، واصلت أسعار النفط تفاعلاتها على صدى الأحداث الجارية، حيث ارتفع سعر برميل نفط خام القياس العالمي «برنت» للعقود الآجلة أمس بمقدار 0.62 دولار، ما نسبته 0.89 في المائة، ليبلغ 69.9 دولاراً للبرميل، بينما صعد سعر برميل خام غرب تكساس الوسيط للعقود الآجلة بنسبة 0.86 في المائة، ليصل إلى 66.6 دولار للبرميل.