بعد أكثر من عام على إعلان منظمة الصحة العالمية تحول مرض «كوفيد-19» إلى جائحة، باتت كل زاوية من هذا العالم تشعر بتأثيره المدمر، بينما تعمل الفتيات والعالمات في خطوط الاستجابة الأمامية... من عاملات القطاع الصحي إلى النساء المبتكرات اللواتي يعملن في البحث عن اللقاحات، ويقدن تطوير العلاجات، ويصحبننا إلى عالم أكثر سلامة، ويلهمن الجيل القادم من الفتيات إلى قوى الخير الموجودة في العلم والتقنية. وقد خصص موقع الأمم المتحدة للنساء (UN Women)، ومواقع أخرى، مواضيع خاصة عن النساء في قلب الجائحة.
وتشكل النساء 70 في المائة من العاملين في القطاعين الاجتماعي والصحي، ما يضعهن في قلب الاستجابة لجائحة «كوفيد-19»، على الرغم من أنهن محرومات غالباً من التمثيل في دوائر القرار والقيادة.
وينطوي علاج المصابين بـ«كوفيد - 19» على صعوبة كبيرة، ولكل واحدٍ منهم حاجات مختلفة. ولا يجب التعامل مع الفيروس فقط، بل مع التأثير النفسي الذي يتسبب به للمرضى أيضاً، إذ يعيش هؤلاء معزولين بالكامل عن عائلاتهم، ما يفرض على الأطباء البقاء على أقرب مسافة ممكنة منهم.
باحثات مبتكرات
• أوزلم توراتشي - ابتكار لقاح من نوع جديد. إلى جانب نشاطها بصفتها عالمة، تقوم أوزلم توراتشي، الألمانية من أصول تركية الشريكة المؤسسة -مع زوجها أوغر شاهين- لشركة «بيونتيك» المتخصصة بالتقنية الحيوية، بأدوار أخرى، بصفتها طبيبة وسيدة أعمال ورائدة في القطاع الصحي العالمي. وفي عام 2020، طورت شركتها أول لقاح مرخص لـ«كوفيد-19» يعتمد على الحمض النووي الريبوزي (RNA) الذي برز بصفته بارقة أملٍ في عالم يشهد أزمة غير مسبوقة.
واليوم، يعمل أكثر من 1300 شخص من 60 دولة في شركة «بيونتيك»، أكثر من نصفهم من النساء. وتقول توراتشي إن الباحثين يجب أن يركزوا على الأشياء التي يريدون تغييرها، والمشكلات التي يريدون حلها، عبر التفكير والحلم على نطاق أوسع.
• شي تشنغ لي. باحثة الخفافيش هيرة في معهد ووهان لأبحاث الفيروسات التابع للأكاديمية الصينية للعلوم. وجدت تشنغ لي وزميلتها كوي جي أن فيروس السارس نشأ عند الخفاشيات. وخلال جائحة فيروس كورونا (2019-20)، شكلت تشنغ لي واثنا عشر من علماء المعهد الآخرين مجموعة خبراء في بحث فيروس كورونا المرتبط بالمتلازمة التنفسية الحادة الشديدة (النوع 2). وفي فبراير (شباط) 2020، نشر باحثون بقيادة تشنغ لي مقالاً في مجلة «نيتشر»، بعنوان «تفشي الالتهاب الرئوي المرتبط بفيروس كورونا المستجد من أصل محتمل للخفافيش».
• كاتالين كاريكو. يوجد كثير من الاكتشافات التي فتحت الباب أمام إمكانية صناعة لقاح لـ«كوفيد-19»، أبرزها بحثٌ يحمل اسم كاتالين كاريكو، ويركز على الاحتمالات العلاجية للحمض النووي الريبوزي المرسال. ولكن فكرتها حول إمكانية استخدام هذا الحمض لمحاربة الأمراض عدت شديدة التطرف، وتنطوي على مخاطر مالية عالية منعت تمويلها في ذلك الوقت. وقد تقدمت هذه الباحثة بطلبات كثيرة للحصول على منحة، ولكنها كانت تواجه الرفض في كل مرة، حتى أنها تعرضت لخفض اسمها الوظيفي، ولكنها لم تستسلم.
وأخيراً، طورت كاريكو، بالتعاون مع زميلتها السابقة درو ويسمان، وسيلة لاستخدام حمض نووي ريبوزي مرسال صناعي لمحاربة الأمراض، وشكل هذا الاكتشاف أساس تطوير لقاح «كوفيد-19» في يومنا هذا.
احتواء آثار الجائحة
• الدكتورة نسرين علوان - أستاذة مشاركة في الصحة العامة بجامعة ساوثهامبتون، بريطانية من أصل عراقي، كرمتها ملكة بريطانيا حديثاً بوسام الإمبراطورية البريطانية الأكثر تميزاً (رتبة عضو)، كانت قد طالبت خلال تفشي وباء كورونا بدراسة الأمراض طويلة الأمد التي تسبب بها الفيروس (بما في ذلك مرض كوفيد طويل الأمد) بعد أن تعرضت هي نفسها لعدوى المرض.
• كيزميكيا «كيزي» كوربت. تعد د. كيزميكيا كوربت واحدة من أبرز العلماء الذين يعملون في أبحاث اللقاح الخاصة بالحكومة الأميركية، وقد شاركت مع فريقٍ من معاهد الصحة الوطنية في تطوير لقاحٍ أظهر فاعلية بنسبة 90 في المائة. وينطوي الاعتراف بمساهمات وقيادات الدكتورة كوربت في أبحاث اللقاح خلال الجائحة على أهمية خاصة، لسببين: الأول هو تأثير الجائحة على أصحاب البشرة السوداء أكثر من غيرهم في الولايات المتحدة، والثاني هو التجاهل الذي تتعرض له النساء السوداوات غالباً عند الحديث عن الإنجازات التاريخية العلمية.
• ميغز شاه وفيروز أحمد. أدت إجراءات احتواء «كوفيد-19» إلى فترات طويلة من العزلة وأوامر التزام المنازل، فوجد كثيرون أنفسهم عالقين في علاقات غير آمنة أو بيئات عنيفة، ما دفع ميغز شاه وفيروز أحمد إلى تطوير تقنية جديدة للوصول إلى الأشخاص الذين يحتاجون إلى المساعدة، والسماح للمنظمات المعنية بالتواصل مع الناجين من حوادث العنف المنزلي، وإدارة قضاياهم افتراضياً.
وتعمل تقنية «باراسول أوبريتف» (The Parasol Cooperative) التي أسستها شاه وفيروز على تثقيف الناجين والأشخاص الذين يحتاجون إلى المساعدة، وضمان اتصالهم بالمنظمات المعنية بتأمين الخدمات. وتهدف تقنيتهما المستوحاة من تجاربهما الشخصية التي استمدت معلوماتها من عملهما مع الناجين من حوادث العنف إلى تقديم الراحة والتوعية من مجموعات الدعم إلى الفئات الأكثر ضعفاً نتيجة تأثرها بالعنف المنزلي.