حنان الأحمدي لـ«الشرق الأوسط»: تولي المرأة مناصبَ قيادية لم يكن يوماً توجهاً شكلياً أو مبادرة رمزية

مساعدة رئيس «الشورى السعودي» تحدثت عن تحديات الصورة النمطية للمرأة السعودية في الإعلام الغربي

الدكتورة حنان الأحمدي في مكتبها (الشرق الأوسط)
الدكتورة حنان الأحمدي في مكتبها (الشرق الأوسط)
TT

حنان الأحمدي لـ«الشرق الأوسط»: تولي المرأة مناصبَ قيادية لم يكن يوماً توجهاً شكلياً أو مبادرة رمزية

الدكتورة حنان الأحمدي في مكتبها (الشرق الأوسط)
الدكتورة حنان الأحمدي في مكتبها (الشرق الأوسط)

شكّل تعيين الدكتورة حنان الأحمدي في منصب مساعد رئيس مجلس الشورى السعودي، نقلة إضافية في مسيرة تمكين المرأة السعودية من تقلّد المناصب القيادية العليا بالدولة، لكونها أول امرأة تشغل هذه المنصب في تاريخ المجلس.
واليوم، في أول حوار صحافي لها بعد التعيين، تقول حنان الأحمدي لـ«الشرق الأوسط» إن تولي المرأة لمناصب قيادية في المملكة لم يكن يوماً توجهاً شكلياً أو مبادرة رمزية، وإنما هو تجسيد لإيمان وقناعة الدولة والمجتمع بأهمية هذا الدور. وتؤكد حنان الأحمدي في اليوم العالمي للمرأة أنه «لم يعد هناك مجال لا تتاح فيه الفرصة كاملة للمواطنة لإثبات جدارتها». وأبانت أن السعودية عملت بشكل متسارع على بناء منظومة متكاملة من التشريعات التي تعزز من تمكين المرأة وتكفل لها حقوقها، مشيرة إلى استغلال بعض المنظمات والهيئات لبعض القضايا الفردية لتكون بمثابة «ورقة ابتزاز» تديرها لأهداف مغرضة وتقديم صورة مزيفة عن المرأة السعودية.
وحنان الأحمدي هي عضو مجلس الشورى السعودي للدورتين السادسة والسابعة للمجلس، من 2013 وحتى الآن، وكانت سابقاً مدير عام الفرع النسائي لمعهد الإدارة العامة، إضافة لكونها أستاذة دكتورة في الإدارة الصحية بالمعهد، حيث نالت شهادة الدكتوراه في الإدارة الصحية من كلية الدراسات العليا في الصحة العامة بجامعة بتسبرغ (بنسلفانيا) بالولايات المتحدة الأميركية.
وإلى نص الحوار:
> في ذكرى اليوم العالمي للمرأة، كيف ترين المسافة التي قطعها حراك تمكين المرأة السعودية؟
- بداية لا بد من التأكيد على أن تمكين المرأة كغاية ومسيرة لا يخص المرأة وحدها، وإنما هو غاية مجتمعية تعني استثمار كافة الطاقات لبناء مجتمع قوي متوازن وترسيخ قواعد حياة أفضل يحظى فيها الجميع بفرص متكافئة وحقوق كاملة لحياة أفضل.
ولا شك أن السعودية قطعت شوطاً نحو تفعيل دور المرأة ومشاركتها في التنمية، وقد شهدنا مراحل مفصلية في مسيرة تمكين المرأة في المملكة، بدءاً من عهد الملك المؤسس إلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، حيث نلمس الآن نقلة تاريخية تتجسد في تعدد قنوات المشاركة النسائية الفاعلة في القطاعات السياسية والشورية والتعليمية والتجارية والصناعية والاجتماعية والخيرية، ولم يعد هناك مجال لا تتاح فيه الفرصة كاملة للمواطنة لإثبات جدارتها.
وأكدت قيادات المملكة المتعاقبة قناعتها الراسخة بأن تعزيز دور المرأة هو محور تحقيق نهضة متكاملة، وترسيخ قواعد تنمية مستدامة ومواكبة المتغيرات والمستجدات، ومواجهة التحديات، وتحقيق التوازن والاستقرار، مع المحافظة على هوية المجتمع وقيمه وثقافته المستمدة من تعاليم الشريعة الإسلامية السمحاء. وتوالى ذلك في جملة من الإصلاحات والمبادرات تبنتها القيادة السعودية، كان أبرزها خارطة الطريق التي تضمنتها رؤية المملكة 2030 والتي جعلت المرأة هدفاً لها ووسيلة من أجل تحقيقها.
كما عملت بشكل متسارع وحثيث على بناء منظومة متكاملة من التشريعات التي تعزز من تمكين المرأة وتكفل لها حقوقها، حيث تم توسيع آفاق مساهمة المرأة في الحياة العامة، وتمكينها من المناصب القيادية، وتفعيل مشاركتها في القرار الوطني سواء من خلال عضوية مجلس الشورى أو المجالس البلدية، أو في مواقع القرار في مختلف القطاعات. الأمر الذي أكده خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز - حفظه الله - في ختام أعمال مجموعة تواصل قمة العشرين الخاصة بالمرأة (W20)، حيث قال: «المرأة دورها محوري في المملكة، فمن غير نساء متمكنات يصعب إصلاح المجتمعات، إذ إنهنّ نصف المجتمع ومربيات الأجيال. وقد أثبتت عبر التاريخ دورها البارز والفعال في قيادة التغير وصنع القرار».
> تشهد السعودية اليوم انفتاحاً غير مسبوق في مختلف المجالات، كيف انعكس ذلك على وضع المرأة المهني والاجتماعي؟
- يلمس المتابع لمسيرة المرأة في المملكة حجم الاهتمام الذي أولته الدولة لتعزيز مكانة المرأة اجتماعيا ومهنياً، وكانت بدايته إتاحة فرص متميزة في التعليم والتأهيل في مختلف التخصصات، ووضع التشريعات والخطط التي تساعدها على أداء أدوار أكبر في مختلف الميادين، ومن ثم استثمار الكفاءات الوطنية المؤهلة في مجالات الحياة العامة وإتاحة فرص العمل، وتولي المناصب في المواقع القيادية.
ونرى المرأة السعودية اليوم رائدة في مجالات العمل في القطاعين الحكومي والخاص، وفي المجالات الأكاديمية والمهنية. ومن المؤكد أن الفرص تضاعفت منذ إطلاق رؤية المملكة 2030. حيث حصلت المرأة السعودية على نصيب كبير من الإصلاحات والتطورات التي أحدثتها الرؤية، انعكست إيجاباً على تعزيز مشاركة المرأة ومساهمتها في التنمية وبناء الوطن من خلال رفع الوعي بأهمية مشاركتها وزيادة المساحة المتاحة لها في سوق العمل، بالإضافة إلى تبني بعض البرامج الهادفة إلى خلق بيئة عمل آمنة وجاذبة للنساء.
وأود أن أؤكد هنا أن المرأة السعودية كانت دوماً جديرة بالثقة وتحمل المسؤولية، فقد نبغت في التحصيل العلمي الأكاديمي، وتفوقت أيضاً في إثبات جدارتها في الحياة العملية ونجحت في كل ما أسند إليها من أدوار مجتمعية ومهنية ومسؤوليات وظيفية.
> بصفتك أول امرأة تشغل منصب مساعد لرئيس مجلس الشورى، ما مدى توسّع السعوديات في الوصول للمناصب القيادية؟
- شُرفت بالأمر الملكي بتعييني مساعداً لرئيس مجلس الشورى، والذي أعده تتويجاً لمسيرتي العملية، وهو بلا شك صورة أخرى من صور الدعم والاهتمام اللذان تحظى بهما المواطنة السعودية، وخطوة مهمة نحو تمكين المرأة وشراكتها في مواقع صناعة القرار، وقد أصبح منح المرأة الفرص المميزة لتولي المناصب القيادية واقعاً ملموساً.
ومن المؤكد أن تولي المرأة لمناصب قيادية في المملكة لم يكن يوماً توجهاً شكلياً أو مبادرة رمزية، وإنما هو تجسيد لإيمان وقناعة الدولة والمجتمع بأهمية هذا الدور، والحاجة إليه لاستكمال منظومة البناء والتنمية الشاملة، وعزز ذلك أنه جاء بخطوات متأنية، وبرامج جادة لتأهيل واختيار الكفاءات المهنية المتميزة، إيماناً بما تملكه المواطنة من كفاءة وقدرة ودافعية عالية.
> كيف تصفين مشاركة المرأة الشوريّة اليوم تحت قبة المجلس، مقارنة بالسابق؟
- يمثل دخول المرأة إلى مجلس الشورى أحد أهم ملامح التحول والتطور في بلادنا الغالية، وأراه محطة تاريخية في مسيرة مشاركة المرأة في الحياة العامة وفي صنع القرار المجتمعي من خلال الأدوار التشريعية والرقابية التي يمارسها مجلس الشورى. وقد أدركت عضوات مجلس الشورى منذ البدايات حجم المسؤولية الملقاة على عاتقهن، واستشعرن ثقة ولاة الأمر، وأهمية هذه الخطوة في مسيرة تمكين المرأة السعودية باعتبارها نواة لانطلاق المرأة لآفاق أوسع من المشاركة المجتمعية.
وكانت لهن بصمة واضحة على أعمال المجلس منذ البدايات، منطلقات من الإيمان العميق بمهمة الشورى ودوره. ولم تنحصر مشاركة المرأة في أعمال المجلس في أي مرحلة في القضايا المتعلقة بالمرأة والأسرة، بل امتدت لتشمل جميع القضايا التنموية التي تهم المواطنين بجميع فئاتهم. سواء من خلال المداخلات أو التوصيات أو تقديم المشروعات التشريعية، بالإضافة إلى الدور البارز للمرأة في أعمال اللجان المتخصصة والخاصة وفي لجان الصداقة البرلمانية.
> أصدر المجلس مئات القرارات، هل تعتقدين أنها انعكست على تطوير البيئة التشريعية للمرأة؟
- إن عضوية المرأة في مجلس الشورى تعكس إرادة القيادة السياسية بإحداث تغييرات تشريعية تعزز دور المرأة باعتبارها ركناً مهماً في المجتمع وفي بناء مستقبل الوطن.
وقد انطلق مجلس الشورى من خلال دوره التشريعي والرقابي بالتركيز على دعم المرأة وتمكينها من المساهمة في مختلف مجالات التنمية من خلال ما أقره من قرارات وأنظمة وما درسه من موضوعات. ورغم أن مجلس الشورى هو جهة تشريعية، وليس جهة تنفيذية تطبق مبادرات وبرامج كما هو حال الوزارات والأجهزة التنفيذية الأخرى، فإن الكثير من القضايا التي تبناها مجلس الشورى تبلورت في شكل أنظمة وإجراءات تبنتها الدولة.
> تستغل دول ومنظمات قضايا النساء السعوديات كورقة ابتزاز حقوقي وسياسي أيضاً، ورغم الإصلاحات تمضي بعض المنظمات في تقديم صورة مزيفة. كيف يمكن مواجهة ذلك؟
- أتفق معك تماماً في توصيف استغلال بعض القضايا الفردية لتكون «ورقة ابتزاز»، تلعب بها بعض المنظمات والهيئات التي تدار لأهداف مختلفة، والتي أحياناً يتم توظيفها سلبياً، ولكن ما يهمنا هنا، أننا حققنا في المملكة منجزات وثقتها هيئات ومراكز دولية بالأرقام والشواهد العملية على صعيد تمكين المرأة، ووصلنا إلى مراتب متقدمة في المؤشرات والتقارير العالمية المتعلقة بالمرأة ومنها تقرير «أنشطة المرأة في الأعمال والقانون 2021» الصادر عن مجموعة البنك الدولي، وتصنيفها ضمن الدول المتصدرة على مستوى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للعام الثاني على التوالي، نتيجة لبرامج «رؤية المملكة 2030» ودورها في دعم تنفيذ الإصلاحات التشريعية في الأنظمة واللوائح الهادفة إلى تعزيز دور المرأة في التنمية الاقتصادية، ورفع تنافسية المملكة إقليمياً وعالمياً إضافة إلى ما أثبتته المرأة السعودية على أرض الواقع وفي معظم الميادين من تميز ونبوغ وجدية ومهنية وضعتها جنباً إلى جنب مع نظيراتها في مختلف المجالات العلمية والمهنية في أرقى دول العالم، فلدينا نماذج سعودية مشرقة في العمل الدبلوماسي والعلمي والمهني برزت على الساحة الدولية.
ورغم الإصلاحات التشريعية ذات العلاقة بالمرأة، فإننا مازلنا نواجه تحديات تتعلق بالصورة النمطية في الإعلام الغربي ولدى العالم الخارجي عن المرأة السعودية الذي لم يستطع أن يواكب التغييرات والتسارع في تلك الإصلاحات وواقعها ومنجزاتها ومكانتها في مجتمعها.
من جانب آخر، فإنني أؤمن أن الاعتزاز والثقة بالنفس هما مفتاح مواجهة حملات التشكيك والابتزاز، وعلينا الاعتزاز بما حققناه في فترة زمنية قصيرة نسبياً في عمر الشعوب، وكذلك ما يتسم به مجتمعنا النبيل من شيم وقيم تؤكد على حفظ مكانة المرأة وحقوقها انطلاقاً من مبادئ الدين الإسلامي. وعلينا أن نعي أن مسيرة التمكين تمضي، وبما يحفظ لمجتمعنا قيمه وهويته الإسلامية، ليكون التغيير الذي نحققه امتداداً طبيعياً لحضارتنا وثقافتنا، ومجسداً لطموحاتنا.
> تظهر هيئة الإحصاء أن الشابات السعوديات يمثلن 26 في المائة من المجتمع. كيف ترين مستقبلهن على ضوء الأوضاع الراهنة؟
- يمثل الشباب من الذكور والإناث النسبة الأكبر من المجتمع، لذلك كانوا دائماً محور اهتمام الدولة وبرامجها، وقد تمت صياغة العديد من الخطط والاستراتيجيات لتمكين الشباب بشكل عام والشابات بشكل خاص. وتركز التوجهات التنموية في المملكة على أهداف التنمية المستدامة الداعية إلى تمكين النساء في مختلف المراحل العمرية، استرشاداً بالتوجهات العالمية التي تقودها الأمم المتحدة لتحقيق التنمية المستدامة بحلول عام 2030.
فقد ركزت أهداف التنمية المستدامة (2015 – 2030) على ضمان حياة كريمة للمرأة من خلال تعزيز صحتها، وتمكينها، وصياغة الأنظمة والأطر القانونية الكفيلة بحفظ حقوقها وحمايتها، وتوفير فرص العمل لها، ورفع مشاركتها في المناصب العليا والبرلمانات. وقد وضعت المملكة الخطط الوطنية اللازمة لتحقيق تلك الأهداف بما يكفل حياة كريمة وأدواراً فاعلة للمرأة السعودية في الحاضر والمستقبل.
وهنا أشير بكثير من الاعتزاز إلى ارتفاع نسبة مشاركة المرأة في القوى العاملة السعودية بمعدل 48.8 في المائة في الربع الثاني من عام 2020، وهو ما يعكس بشكل أساسي زيادة مشاركة المرأة السعودية في القوى العاملة من 25.9 في المائة في الربع الأول من عام 2020 إلى 31.4 في المائة في الربع الثاني من نفس العام 2020، مما يعد مؤشراً على تحقيق المزيد من النتائج الإيجابية لبرامج ومبادرات تمكين المرأة في المملكة. وفي ظل الدعم الكبير من قبل القيادة، لنا أن نتفاءل بمستقبل مشرق لبناتنا نساء الغد نتيجة للفرص الكبيرة وغير المسبوقة التي هيأتها الدولة لهن وسعيها الحثيث من أجل تمكين المرأة.
ختاماً، أشكر جريدة «الشرق الأوسط» على هذا اللقاء، وأختم أن مثل ما للمملكة من ثقل سياسي واقتصادي على الخريطة الدولية فلها ثقلها الدولي على الخريطة الدولية في تبني الإصلاحات التشريعية والتنفيذية الداعمة لتمكين المرأة.


مقالات ذات صلة

3 سيّدات يروين لـ«الشرق الأوسط» رحلة الهروب من عنف أزواجهنّ

يوميات الشرق في عام 2023 قُتلت امرأة كل 10 دقائق على يد شريكها أو فرد من عائلتها (أ.ف.ب)

3 سيّدات يروين لـ«الشرق الأوسط» رحلة الهروب من عنف أزواجهنّ

«نانسي» و«سهى» و«هناء»... 3 أسماء لـ3 نساءٍ كدن يخسرن حياتهنّ تحت ضرب أزواجهنّ، قبل أن يخترن النجاة بأنفسهنّ واللجوء إلى منظّمة «أبعاد».

كريستين حبيب (بيروت)
شؤون إقليمية امرأتان تشربان الشاي في الهواء الطلق بمقهى شمال طهران (أ.ب)

إيران: عيادة للصحة العقلية لعلاج النساء الرافضات للحجاب

ستتلقى النساء الإيرانيات اللاتي يقاومن ارتداء الحجاب، العلاجَ في عيادة متخصصة للصحة العقلية في طهران.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا صورة جرى توزيعها في يناير 2024 لنساء وأطفال بمخيم زمزم للنازحين بالقرب من الفاشر شمال دارفور (رويترز)

شهادات «مروعة» لناجيات فررن من الحرب في السودان

نشرت «الأمم المتحدة»، الثلاثاء، سلسلة من شهادات «مروعة» لنساء وفتيات فررن من عمليات القتال بالسودان الذي يشهد حرباً منذ أكثر من عام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
آسيا صورة من معرض الصور الفوتوغرافية «نو وومنز لاند» في باريس للتعرُّف إلى العالم الخاص للنساء الأفغانيات (أ.ف.ب)

معرض صور في باريس يلقي نظرة على حال الأفغانيات

يتيح معرض الصور الفوتوغرافية «نو وومنز لاند» في باريس التعرُّف إلى العالم الخاص للنساء الأفغانيات، ومعاينة يأسهن وما ندر من أفراحهنّ.

«الشرق الأوسط» (باريس)
آسيا امرأة يابانية مرتدية الزي التقليدي «الكيمونو» تعبر طريقاً وسط العاصمة طوكيو (أ.ب)

نساء الريف الياباني يرفضن تحميلهنّ وزر التراجع الديموغرافي

يعتزم رئيس الوزراء الياباني شيغيرو إيشيبا إعادة تنشيط الريف الياباني الذي انعكست هجرة السكان سلباً عليه.

«الشرق الأوسط» (هيتاشي (اليابان))

مسؤول إيراني لـ«الشرق الأوسط»: عازمون مع الرياض على إرساء السلام في المنطقة

نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
TT

مسؤول إيراني لـ«الشرق الأوسط»: عازمون مع الرياض على إرساء السلام في المنطقة

نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)

أكد نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي، أن إيران والسعودية تعتزمان إرساء السلام وديمومة الهدوء في منطقة متنامية ومستقرّة، مضيفاً أن ذلك يتطلب «استمرار التعاون الثنائي والإقليمي وتعزيزه، مستهدفين تذليل التهديدات الحالية».

وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» على هامش زيارته إلى السعودية التي تخلّلها بحث العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها وتطويرها في شتى المجالات، بالإضافة إلى مناقشة المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية، خلال لقاء، الاثنين، مع وليد الخريجي، نائب وزير الخارجية السعودي، قال روانجي: «الإجراءات الإيرانية - السعودية تتوّج نموذجاً ناجحاً للتعاون الثنائي ومتعدد الأطراف دوليّاً في إطار التنمية والسلام والأمن الإقليمي والدولي»، مشدّداً على استمرار البلدين في تنمية التعاون في مختلف المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والتجارية والقنصلية؛ بناءً على الأواصر التاريخية والثقافية ومبدأ حسن الجوار، على حد وصفه.

الجولة الثانية من المشاورات الثلاثية عُقدت في الرياض الثلاثاء (واس)

والثلاثاء، رحبت السعودية وإيران «بالدور الإيجابي المستمر لجمهورية الصين الشعبية وأهمية دعمها ومتابعتها لتنفيذ (اتفاق بكين)»، وفقاً لبيان صادر عن الخارجية السعودية، أعقب الاجتماع الثاني للجنة الثلاثية السعودية - الصينية - الإيرانية المشتركة لمتابعة «اتفاق بكين» في العاصمة السعودية الرياض.

وأشار نائب وزير الخارجية الإيراني إلى أن الطرفين «تبادلا آراءً مختلفة لانطلاقة جادة وعملية للتعاون المشترك»، ووصف اجتماع اللجنة الثلاثية في الرياض، بأنه «وفَّر فرصة قيّمة» علاقات متواصلة وإيجابية بين إيران والسعودية والصين.

روانجي الذي شغل سابقاً منصب سفير إيران لدى الأمم المتحدة، وعضو فريق التفاوض النووي الإيراني مع مجموعة «5+1»، اعتبر أن أجواء الاجتماعات كانت «ودّية وشفافة»، وزاد أن الدول الثلاث تبادلت الآراء والموضوعات ذات الاهتمام المشترك وأكّدت على استمرار هذه المسيرة «الإيجابية والاستشرافية» وكشف عن لقاءات «بنّاءة وودية» أجراها الوفد الإيراني مع مضيفه السعودي ومع الجانب الصيني، استُعرضت خلالها مواضيع تعزيز التعاون الثنائي، والثلاثي إلى جانب النظر في العلاقات طوال العام الماضي.

الجولة الأولى من الاجتماعات التي عُقدت في بكين العام الماضي (واس)

وجدّد الجانبان، السعودي والإيراني، بُعيد انعقاد الاجتماع الثاني للجنة الثلاثية السعودية - الصينية - الإيرانية المشتركة لمتابعة «اتفاق بكين» في الرياض، الخميس، برئاسة نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي، ومشاركة الوفد الصيني برئاسة نائب وزير الخارجية الصيني دنغ لي، والوفد الإيراني برئاسة نائب وزير خارجية إيران للشؤون السياسية مجيد تخت روانجي؛ التزامهما بتنفيذ «اتفاق بكين» ببنوده كافة، واستمرار سعيهما لتعزيز علاقات حسن الجوار بين بلديهما من خلال الالتزام بميثاق الأمم المتحدة وميثاق منظمة التعاون الإسلامي والقانون الدولي، بما في ذلك احترام سيادة الدول واستقلالها وأمنها.

من جانبها، أعلنت الصين استعدادها للاستمرار في دعم وتشجيع الخطوات التي اتخذتها السعودية وإيران، نحو تطوير علاقتهما في مختلف المجالات.

ولي العهد السعودي والنائب الأول للرئيس الإيراني خلال لقاء في الرياض الشهر الحالي (واس)

ورحّبت الدول الثلاث بالتقدم المستمر في العلاقات السعودية - الإيرانية وما يوفره من فرص للتواصل المباشر بين البلدين على المستويات والقطاعات كافة، مشيرةً إلى الأهمية الكبرى لهذه الاتصالات والاجتماعات والزيارات المتبادلة بين كبار المسؤولين في البلدين، خصوصاً في ظل التوترات والتصعيد الحالي في المنطقة؛ ما يهدد أمن المنطقة والعالم.

كما رحّب المشاركون بالتقدم الذي شهدته الخدمات القنصلية بين البلدين، التي مكّنت أكثر من 87 ألف حاج إيراني من أداء فريضة الحج، وأكثر من 52 ألف إيراني من أداء مناسك العمرة بكل يسر وأمن خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الحالي.

ورحّبت الدول الثلاث بعقد الاجتماع الأول للجنة الإعلامية السعودية - الإيرانية المشتركة، وتوقيع مذكرة تفاهم بين معهد الأمير سعود الفيصل للدراسات الدبلوماسية ومعهد الدراسات السياسية والدولية، التابع لوزارة الخارجية الإيرانية.

كما أعرب البلدان عن استعدادهما لتوقيع اتفاقية تجنب الازدواج الضريبي (DTAA)، وتتطلع الدول الثلاث إلى توسيع التعاون فيما بينهما في مختلف المجالات، بما في ذلك الاقتصادية والسياسية.

ودعت الدول الثلاث إلى وقف فوري للعدوان الإسرائيلي في كلٍ من فلسطين ولبنان، وتدين الهجوم الإسرائيلي وانتهاكه سيادة الأراضي الإيرانية وسلامتها، كما دعت إلى استمرار تدفق المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى فلسطين ولبنان، محذرة من أن استمرار دائرة العنف والتصعيد يشكل تهديداً خطيراً لأمن المنطقة والعالم، بالإضافة إلى الأمن البحري.

وفي الملف اليمني، أكدت الدول الثلاث من جديد دعمها الحل السياسي الشامل في اليمن بما يتوافق مع المبادئ المعترف بها دولياً تحت رعاية الأمم المتحدة.

وكانت أعمال «الاجتماع الأول للجنة الثلاثية المشتركة السعودية - الصينية - الإيرانية»، اختتمت أعمالها في العاصمة الصينية بكّين، ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي، وأكد خلاله المجتمعون على استمرار عقد اجتماعات اللجنة الثلاثية المشتركة، وعلى مدى الأشهر الماضية، خطت السعودية وإيران خطوات نحو تطوير العلاقات وتنفيذ «اتفاق بكين»، بإعادة فتح سفارتيهما في كلا البلدين، والاتفاق على تعزيز التعاون في كل المجالات، لا سيما الأمنية والاقتصادية.

وأعادت إيران في 6 يونيو (حزيران) الماضي، فتح أبواب سفارتها في الرياض بعد 7 أعوام على توقف نشاطها، وقال علي رضا بيغدلي، نائب وزير الخارجية للشؤون القنصلية (حينها): «نعدّ هذا اليوم مهماً في تاريخ العلاقات السعودية - الإيرانية، ونثق بأن التعاون سيعود إلى ذروته»، مضيفاً: «بعودة العلاقات بين إيران والسعودية، سنشهد صفحة جديدة في العلاقات الثنائية والإقليمية نحو مزيد من التعاون والتقارب من أجل الوصول إلى الاستقرار والازدهار والتنمية».